جنوب أفريقيا على بوصلة الاستهداف الداعشي داخل القارة السوداء

السبت 16/يونيو/2018 - 09:38 ص
طباعة نهلة عبدالمنعم
 
قُتل شخصان،أمس الخميس، إثر عملية طعن بالسكين في مسجد بمنطقة «مالزبري» في جنوب أفريقيا، إضافة إلى عدة مصابين آخرين، فيما أفادت الأجهزة الأمنية بقتلها لمنفذ العملية بعد إطلاق النار عليه، ويأتي هذا الحادث بعد شهر تقريبًا، من هجوم مماثل في مسجد بمنطقة «فيرولام» بمقاطعة «كالزولونتال» قُتل على أثره أحد المصلين بينما أصيب اثنان آخران بجروح بالغة.

وعلى الرغم من اعتبار جنوب أفريقيا من الدول خافتة الصيت الإرهابي، فقد أصدرت الحكومة البريطانية في فبراير الماضي تحذيرًا لمواطنيها الذين يسافرون إليها من خطر جرائم الخطف وتزايد العمليات الإرهابية المحتملة، وذلك في أعقاب عملية خطف لشخصين من مواطنيها في منطقة «كالزولونتال» (التي تم فيها عملية الطعن في شهر مايو الماضي)، وتتكهن بريطانيا بأن خاطفيهم يعتنقون الفكر الداعشي ولهم صلة وثيقة به، ولقد انتهجت دول أخرى نفس الطريقة البريطانية بالتحذير من عمليات إرهابية في البلاد.

كما أشارت دراسات وتقارير إلى وجود اتجاه واضح لتمركز يسعى له التنظيم الإرهابي في جنوب أفريقيا؛ حيث أفادت دراسة لمعهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا بأن الدولة قد أصبحت من عشر دول هم الأهم على بوصلة الاستهداف الداعشي داخل القارة السوداء.

وأفادت الدراسة بأن جنوب أفريقيا من أهم الدول الجاذبة للجماعات المتطرفة خاصة «داعش»، وأرجعت ذلك لعدة أسباب منها، الخسائر التي مُني بها التنظيم في معقله بسوريا والعراق، فلذلك يجتهد في البحث عن مكان آخر ينشر به التطرف والعنف، إضافة إلى عودة العناصر الداعشية لديارهم بالدولة مرة أخرى والتي تقدر الدراسة عددهم بحوالي 60 إلى 100، تركوا جنوب أفريقيا (التي تعد من أشهر الدول في حوادث الخطف والسرقة والإجرام) للانضمام للتنظيم بينما عاد أكثر من نصفهم خلال عام 2016، وذلك وفقًا لمعهد الدراسات الأمنية.

وبشكل نسبي يمثل القمع والتضييق السياسي عاملًا لجذب التعاطف مع تلك الجماعات، إلا أن النجاح الذي حققته الدولة في كفاحها ضد الفصل العنصري، عزز ولاء المواطنين للبلد، والذي قد يساهم في تقليل حدة الرغبة في الالتحاق بصفوف التنظيم أو اعتناق فكره للإساءة للدولة طبقًا لما ذكره البحث.

كما أشارت الدراسة لخطورة الاستخدام العاطفي الذي تقوم به الجماعات الإرهابية في توظيفها للقضايا الفلسطينية والسورية والعراقية على أنها كفاح لمحاربة ظلم يقع على المسلمين هناك، كما أنها تطرح نفسها كمدافع عن المجتمع الإسلامي نيابة عن العالم، ويساهم ذلك في زيادة عملية التوظيف التي يقودها التنظيم.

وتبعًا لهذه العوامل حددت الدراسة بعض الحلول التي من شأنها الاستعداد لعودة عناصر «داعش»، وكيفية التعامل معهم، إضافة إلى ضرورة دمج الشباب المسلمين في المشاركات السياسية، ما يمنح الدولة هوية مستقرة ويبعدها عن الاضطرابات.

استهداف المساجد

تتعدد الهجمات الإرهابية التي أصابت البلاد في الفترة الماضية، فتفيد الإحصائيات بوقوع حوالي 27 عملية خلال عام 2016 قتل نتيجتها 21 شخصًا بينما أصيب 11 آخرون.

وغالبًا ما تتركز الحوادث الإرهابية حول المساجد وزوارها، مصلين أو أئمة، إضافة إلى الحوادث سالفة الذكر، فقد أدى انفجار عبوة ناسفة في مايو الماضي في أحد مساجد «كانو» إلى قتل 5 أشخاص، وفي الشهر نفسه قُتل إمام مسجد يقع بالقرب من «ديربان» من قبل مسلحين استطاعوا الهرب بعد التنفيذ.

فيما يمثل استهداف المساجد أحد الركائز التي تعتمد عليها التقارير التي تؤكد وجود المد الداعشي بالبلاد، فقد اشتهر التنظيم بارتكاب هذه الحوادث المنكرة، مثل قيامه في 11 يونيو 2016، بتفجير ضريح السيدة زينب بدمشق عن طريق عملية انتحارية راح ضحيتها 8 أشخاص، إضافة إلى استهدافه مسجد النووي الكبير بالموصل العراقية في 20 يونيو 2017 وغيره من المساجد في الكويت وأفغانستان.

فطبقًا للعقيدة الداعشية المثبتة بالتاريخ المظلم للجماعة، فهو يكفر كل العبادات والمقدسات التي لا تتبع نهجه؛ حيث إنه يصدر نفسه للعالم كمسؤول أول عن الإسلام، وذلك مثل عدم اعترافه بصلاة أو صيام من يكره التنظيم أو لا يتبعه، في فقه استمده من آراء «أبو محمد المقدسي» أحد أهم منظري السلفية الجهادية (وهي تيار إرهابي يتبنى منهجًا خاصًا للجهاد المزعوم)؛ حيث يرى أن المساجد التي تقوم الحكومات بإنشائها أو رعايتها، هي مساجد أسسها الكافرون.

وعن تلك العقيدة قال مرصد الإفتاء لمقاومة التكفير إن نهج «داعش» في تفجير المساجد واستهدافها نابع من عقيدة فاسدة يتبناها التنظيم، تبعًا لتفسيرات مكذوبة لا تمت بصلة لصحيح الدين، بينما تعظيم شعائر الدين وبيوت الله وإجلالها هي من القيم الأصيلة للدين الإسلامي.

جدير بالذكر أن «جنوب أفريقيا» تشهد انتشارًا كبيرًا للمساجد على أرضها حيث يبلغ عددها نحو 250 مسجدًا.

شارك