مذبحة «مدرسة المدفعية».. طليعة الجهاد الإخواني في سوريا

الأحد 17/يونيو/2018 - 11:39 ص
طباعة دعاء إمام
 
في الساعات الأولى من فجر الأحد 17 يونيو 1979، دخلت قوات المخابرات العسكرية السورية، مدرسة المدفعية الواقعة في مدينة حلب، بعد توارد أنباء عن مجزرة نفذتها كتيبة مسلحة ليلًا، بمساعدة ضابط مناوب يُدعي النقيب إبراهيم اليوسف.

مذبحة «مدرسة المدفعية»..
وبداخل قاعة مخصصة لحضور الندوات، تكومت جثث وأشلاء الطلاب، بينهم عددٌ قليلٌ لجرحى ينازعون سكرات الموت، وفي مقدمة القاعة، لاحظت القوات السورية لوحة حائط تعليمية، مضرجة بدماء الشهداء، مكتوب عليها «الإخوان المسلمون.. الطليعة المقاتلة». 

فقد تمكنت العناصر المنتمية لجماعة الإخوان (1928)، من تنفيذ المجزرة، بتجنيد عددٍ من الطلاب، بينهم «اليوسف»، وعبد الراشد الحسين، إذ توجها إلى مكان قريب من المدرسة، لمقابلة أفراد الطليعة المقاتلة؛ لمدهم بألبسة عسكرية تسهل مهمتم في دخول المدرسة والتجول بحرية دون كشف أمرهم. 

وتولى حسني عابو، قيادة التنظيم، بمعاونة عدنان عقلة، وزهير قلوطة، ورامز عيسى، وأيمن الخطيب، المعروفين بانتمائهم لجماعة الإخوان، التي تشكلت نواتها في سوريا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، على يد مصطفى السباعي (أول مراقب عام للإخوان في سوريا).

ولاحقت الأجهزة الأمنية عناصر الطليعة، ونجحت في اعتقال عدد كبير منهم بعد مداهمات واشتباكات عنيفة كانت تجري بشكل يومي تقريبًا، وكانت الضربة الموجعة التي تلقتها الطليعة في ذلك الوقت، هي مقتل أميرها «عبد الستار الزعيم»، في كمين أمني على مشارف دمشق في صيف 1979.

ومن بعد «الزعيم»" آلت قيادة التنظيم إلى عدنان عقلة، الذي عمل على تكثيف العمليات الجهادية ضد كل الأهداف الحزبية والأمنية الممكنة، لا سيما في حلب وحماه، وانضمت إليه أفواج من الشباب الناقمين على النظام، وتمكن من خلق حاضنة شعبية قوية.


مذبحة «مدرسة المدفعية»..
وكعادتها، أصدرت الجماعة بيانًا بعنوان «بيان من الإخوان المسلمين للواقع والتاريخ حول حادثة مدرسة المدفعية بحلب»، تبرأت فيه من منفذي المجزرة، وجاء فيه: «إن الإخوان المسلمين فوجئوا كما فوجيء غيرهم بالحملة التي شنها عليهم عدنان دباغ وزير الداخلية السوري، متهمًا إياهم بالعمالة والخيانة وغير ذلك، ومحملًا إياهم مسؤولية أمور هو أكثر الناس دراية أنهم برآء منها، لقد حملهم مسؤولية المذبحة التي حدثت في مدرسة المدفعية كما حملهم مسؤولية الاغتيالات التي جرت ومازالت تجري في سوريا».

المقتفي لأثر التنظيم الجهادي الذي خرج من رحم الإخوان، يجد أن الأب الروحي لـ«الطليعة المقاتلة» هو «مروان حديد»، ذاك الرجل الذي ألقي القبض عليه عام 1975، بعدما قاد مواجهات مسلحة مع الجيش السوري، وتوفي في العام التالي؛ فقرر رفاقه من الذين أقنعهم بأن حمل السلاح هو الوسيلة الوحيدة للتغيير. 

وشهدت الأعوام (1976-1979) التحضير والتخطيط للمذبحة، التي تتشابه مع أحداث «الفنية العسكرية»، التي شهدتها مصر في 1974، بقيادة فلسطيني من أصل أردني يُدعي «صالح سرية» وثبت ارتباطه بجماعة الإخوان هو الآخر، واستهدف الحادث طلاب كلية الفنية العسكرية، وحاول أفراد التنظيم الاستيلاء على مخازن الأسلحة والقيام بانقلاب عسكري.

شارك