لبيبة أحمد.. من التحرر إلى رئاسة «الأخوات المسلمات»

الثلاثاء 26/يونيو/2018 - 01:59 م
طباعة لبيبة أحمد.. من التحرر دعاء إمام
 
عقب اندلاع ثورة 1919 بمصر، وخروج أفواج من الرجال في مسيرات؛ تنديدًا بالاحتلال الإنجليزي لمصر منذ العام 1914، كانت هناك 3 سيدات يسطرن تاريخًا جديدًا للمرأة المصرية، التي كانت محرومة من ممارسة أي حقوق سياسية، ومحظورًا عليها الخروج من منزلها إلا للضرورة القصوى، تقدمت كل من هدى شعراوي -رائدة حركة تحرير المرأة في عشرينيات القرن الماضي- ونبوية موسى -أول ناظرة مصرية- ولبيبة أحمد؛ أول تظاهرة نسائية في مصر، جمعت نحو 300 امرأة.

وفي العام 1921 أسست «لبيبة» -المولودة في العام 1875- جمعية نسائية ذات طابع إسلامي باسم «جمعية نهضة السيدات المصريات»، موضحة أن الهدف منها جعْل التعليم إلزاميًّا للفتيات في المرحلة الابتدائية، وتربيتهن على مبادئ الدين الإسلامي، إضافةً إلى العناية بأحوال الطبقة العاملة، وتشجيع الصناعات والمشروعات الصغيرة، وصدرت عن الجمعية مجلة «النهضة النسائية» لتعبر عنها.

واستمرت المجلة في الصدور مدة 20 عامًا، ثم توقفت في العام 1942، وتولت «لبيبة» رئاسة تحريرها، واهتمت بالكتابة عن إصلاح أحوال المرأة وترقيتها وتعليمها، كما كتبت عن الحجاب والسفور، ومناهج التربية في مدارس الفتيات، ولقيت نجاحًا في أوساط المثقفين، وانضم إليها الكُتَّاب من داخل مصر وخارجها، وعملت على إعادة تأهيل السيدات على قيم الإسلام ومبادئ الوطنية، والمفاهيم الصحيحة للعلاقات الاجتماعية والجنسية، كذلك تحضيرهن للمشاركة في الحركات الوطنية.

ومثَّل العام 1933 علامة فارقة في حياة المدافعة عن المرأة وتعليمها وعملها؛ إذ كلفها حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، برئاسة لجنة «الأخوات المسلمات» في القاهرة، التي كانت كبرى لجان الأخوات، ويشرف عليها «البنا» مباشرة، فقبلت التكليف على الفور.

وأصبحت «لبيبة» -التي دافعت عن حق المرأة في التعليم وممارسة حقوقها السياسية كافة- مرؤوسة ممن يعتبر تعليم الفتاة اللغات ودراسة القانون والآداب «عبثًا لا طائل من ورائه»، موصيًا أن «يتعلمن ما لا غنى لهن عنه من لوازم مهمتهن، كالقراءة والكتابة والحساب والدين وتاريخ السلف الصالح رجالًا ونساءً، وتدبير المنزل والشؤون الصحية، ومبادئ التربية وسياسة الأطفال، وكل ما تحتاجه الأم في تنظيم بيتها ورعاية أطفالها».

رسالة إلى «الأخوات المسلمات»
وفور قبولها دعوة «البنا»، بعثت رسالة إلى «الأخوات المسلمات» قالت فيها: «على الفتاة المسلمة أن تفهم أن مهمتها من أقدس المهمات، وأن أثرها في حياة أمتها أعمق الآثار، وأن في مقدورها أن تصلح الأمة إذا وجهت عنايتها لهذا الإصلاح»، مبينةً أن الدافع لتولي تلك المسؤولية هو إصلاح الأمة من التدهور الخُلقي والاجتماعي.

وذيلت رسالتها بـ«المرأة أستاذ العالم، ولأن المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسارها»، وكان من المفارقات وصف إمام جماعتها للمرأة في رسالة حملت اسم «المرأة المسلمة»، يقول فيها: «ستعلمون عن قريب أن المرأة للمنزل أولًا وأخيرًا، وظيفتها التي خلقها الله لها تدبير المنزل ورعاية الطفل».

كان ارتباطها بجماعة الإخوان ومؤسسها سببًا رئيسًا في تواصلها مع «الأخوات»، وتلقينهن أفكار الجماعة، من خلال المقالات التي كتبتها في مجلة «الإخوان المسلمون» -أسستها جماعة الإخوان في العام 1933- وتولى رئاسة تحريرها محب الدين الخطيب، وكانت دائمة الحضور في جلسات الشُّعَب والأسر- وتمكنت «لبيبة» من إحداث طفرة في عدد لجان الأخوات؛ إذ وصلت 50 لجنة قبل حلِّها في العام 1948، كما استمرت في العمل التنظيمي حتى بلوغها سن السبعين، ثم آثرت الاعتكاف في أواخر عمرها، وأقامت في المملكة العربية السعودية سنوات عدة، قبل وفاتها عام 1955.

واستمرت لجان الأخوات في العمل السري، حتى عُقد أول مؤتمر علني لهن، عقب ثورة 25 يناير 2011، حين قرر قادة جماعة الإخوان أن تخرج المرأة إلى النور بعد 60 عامًا من تأسيس تلك اللجان، وحضر المؤتمر نحو 5 آلاف من الأخوات، من بينهن «استشهاد» و«سناء» ابنتا حسن البنا، كما حضره مرشد جماعة الإخوان محمد بديع، والنائب الأول له آنذاك خيرت الشاطر.

وعلى نحو مغاير لرغبة «البنا» في بقاء السيدات بمنازلهن والتفرغ لإنجاب وتربية الأطفال، وعدم تعلمهن القانون واللغات، إضافة إلى اعتباره حق المرأة في الانتخاب «ثورة على الإسلام»- قال «بديع» خلال كلمته بالمؤتمر: إن «الجماعة تسعى لإتاحة الفرصة للمرأة المصرية؛ للمشاركة في ميادين العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واستغلال كل طاقاتها».

شارك