بالعمامة والجلباب.. الأزاهرة يواجهون «الإسلاموفوبيا» في أوروبا

الإثنين 09/يوليو/2018 - 09:01 م
طباعة بالعمامة والجلباب..
 

خلال العشرية الأخيرة، شهدت القارة العجوز عددًا من حوادث الكراهية تجاه المسلمين، فلم يكن مستساغًا لدى أصحاب البشرة البيضاء والشعر الأشقر، أن يتعايشوا مع المهاجرين إلى بلدانهم لطلب العلم أو العمل، وفي أعقاب ثورات الربيع العربي، سادت حالة جديدة عُرفت بظاهرة «الإسلاموفوبيا»؛ جعلت الغرب يربط بين الإسلام والإرهاب.

 

لم تقف المؤسسة الدينية المصرية مكتوفة الأيدي، بل عمل الأزهر على التأصيل لقبول التعددية وتبرئة الأديان السماوية من التطرف والإرهاب، ومخاطبة الغرب بالبرهان والحجة التي أدت إلى تغيير الصورة النمطية عن مرتادي الجلابيب والعمائم.

جولات الشيخ الطيب

في العام 2016، كان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يطوف دول أوروبا لمحو كل سيء لحق بالإسلام؛ إذ وقف بعمامته وجلبابه في مجلس النواب الألماني «البوندستاج»؛ ملقيًا كلمة فحواها «الجهاد في الإسلام ليس منحصرًا في القتال الذي هو رد عدوان، والجهاد الأكبر في الإسلام هو جهاد النفس والشيطان ونوازع الشر».

وكانت إيطاليا وجهة فضيلة الإمام الطيب الثانية، وذلك لمدّ الصلات مع الفاتيكان بعد قطيعة دامت خمس سنوات، وشهدت الزيارة قمة تاريخية مع البابا فرانسيس الثاني، بابا الفاتيكان، كانت هي الأولى من نوعها، اتفقا خلالها على استئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان، والعمل معًا لمكافحة الفقر والتطرف والإرهاب وعقد مؤتمر دولي للسلام يجمع المسلمين والمسيحيين لتبني رؤية موحدة لعلاج القضايا الملحة.

وخلال النصف الأول من العام ذاته، استقبل الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، فضيلة الإمام الأكبر، ضمن جولته الأوروبية لحضور فعاليات الحوار الحضاري بين الشرق والغرب، فطالب بضرورة تحسين العلاقات مع المسلمين ودمجهم بصورة تسمح لإزالة التوتر والحدة، مبرئًا الإسلام من ارتكابه للجرائم التي تشهدها باريس وضواحيها.

أزاهرة في القارة العجوز

الاحتفاء بفضيلة الإمام الأكبر في المحافل الدولية، فتح بابًا لابتعاث أئمة الأزهر إلى الدول الأوروبية، إضافة إلى الاستعانة بهم في نشر الوسطية ودحض حجج الجماعات المتطرفة، والتعريف بالدين الإسلامي، وإحياء قيم المواطنة والتعايش مع الآخر.

وفي شهر رمضان الماضي، قدّم مواطنون طلبًا للسلطات الألمانية، لاستدعاء أئمة من الأزهر للصلاة برواد مسجد «السلام»، الكائن بمدينة «فوبرتال» غرب ألمانيا، وبالفعل وافقت السلطات وسافر 4 أئمة من الأزهر وقارئ للقرآن، بقي منهم في مسجد السلام القارئ وإمامان، بينما انتقل الإمامان الآخران إلى مساجد أخرى.

وأوضح الأئمة أنهم يتجولون في العاصمة الألمانية، بالعمامة والجلباب فيذهب إليهم الألمان؛ لالتقاط صور تذكارية، دون أن يخيفهم الزي كما كان في السابق، مؤكدين أنهم اجتازوا مسابقات أعلنت عنها وزارة الأوقاف؛ كشرط للحصول على تأشيرة ألمانيا، لا سيما أنهم سبق لهم السفر إلى بلجيكا وأستراليا للقيام بالدور نفسه.

تدريب أئمة الاتحاد الأوروبي

فيما أبدى الأزهر استعداده لتدريب أئمة الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا، وفق برنامج تدريبي خاص يلبي احتياجات مجتمعاتهم ويؤصل فيهم الانتماء ويمنع الاستقطاب ويؤهلهم لمواجهة التحديات المعاصرة ويغرس فيهم صحيح الإسلام الذي يقوم الأزهر على تدريسه منذ أكثر من ألف عام.

من جانبه، طالب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، تعزيز وتكثيف التعاون مع الأزهر، وهو ما لاقى استجابة وترحيب فضيلة الإمام الأكبر، إذ تم إيفاد 14 إمامًا خلال العام الماضي؛ لتحقيق المزيد من التواصل مع مساجد فرنسا وتقديرًا لدور الأزهر في مكافحة التطرف ونشر صحيح الدين والرد على الفتاوى المغلوطة التي تطلقها الجماعات الإرهابية.

وسطية الأزهر تواجه الإرهاب

قال الدكتور عبدالمقصود عبدالحميد باشا، رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر، إن الغرب أنفق الكثير على صناعة الإرهاب، فلم يعد الإرهاب مجرد اجتهاد فردي، بل له مؤسسات ترعاه وتنفق عليه بسخاء، وتخصص له علماء وأباطرة في الكيد، وهؤلاء ألصقوا تلك التهمة بالإسلام والعرب.

وأضاف «باشا»، في تصريحات لـ«المرجع»، أن الأزهر يحمل على عاتقه مواجهة موجة التطرف بالفكر، مشيرًا إلى أن إيفاد أئمة ودعاة إلى أوروبا يواجه ما تقوم به بعض المؤسسات التي تعيد نشر كتب سيد قطب؛ لكي تصدر صورة أن الإسلام هو الموجود في كتب منظر جماعة الإخوان.

وأوضح رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر، أن الدول الأوروبية كانت تحاول إلصاق الإرهاب بالمسلمين والعرب؛ مما أدى إلى زيادة الكراهية وحوادث القتل التي استهدفت مسلمين، ومن أجل هذا يوفد الأزهر علماءه للتعريف بالدين ووسطيته.

فيما أكد السفير البريطاني بالقاهرة، جون كاسن، خلال لقائه بشيخ الأزهر أمس الأحد، أن الدول الأوروبية في حاجة إلى خطاب الأزهر ومنهجه الوسطي في تحقيق الاستقرار الاجتماعي في ظل التعدد الثقافي الذي تشهده هذه المجتمعات، مشيرًا إلى أن رسائل فضيلة الإمام الأكبر وخطاباته إلى الغرب تحقق هذا الهدف من خلال دعوته الدائمة للمسلمين في الغرب للاندماج الإيجابي في مجتمعاتهم.

شارك