«إسلام الإخوان».. وحي «البنّا» للجماعة

السبت 21/يوليو/2018 - 09:28 ص
طباعة «إسلام الإخوان».. دعاء إمام وحور سامح
 
خلف طاولة مستطيلة، جلس عدة أشخاص ينتمون لجماعة الإخوان، في مؤتمر ترويجي للجماعة خلال الانتخابات البرلمانية عام 2011، ومن بينهم انطلقت صيحة من صبحي صالح، أحد قادة الجماعة، ربما لو خرجت من غير أفواههم لاتهموا قائلها بازدراء الأديان، إذ قال: «يقولون لماذا الإخوان؟ لولا الإخوان لرحم الله الإسلام».
وفي 10 أغسطس 2016، أطل «صالح»، من جديد في مقطع مصور قائلًا: «اللهم أمتني على الإخوان»؛ ليؤكد بذلك على ما يفعله قيادات ورموز جماعة الإخوان على فترات متباعدة؛ حيث يخرجون عبر وسائل الإعلام، ويؤكدون بطرق مختلفة على معنى واحد، هو «الإسلام يسقط بسقوط الإخوان»، أو «لولا الإخوان ما كان الإسلام».

مَنْ يُنقب في سيرة المؤسس والمرشد الأول للجماعة حسن البنّا (1906-1949)، يجد أن هؤلاء ما نطقوا إلا بما قرؤوه في مذكراته وكتابه «رسالة التعاليم»، التي حملت فكره، ففي فصل معنون بـ«إسلام الإخوان المسلمين»، وضع «البنّا» معالم الإسلام التي استقرت عليها جماعته، فبدأ بنفي أن يكون قصده دينًا جديدًا للإخوان، قائلًا: «إنما أعني أن كثيرًا من المسلمين في كثير من العصور خلعوا عن الإسلام نعوتًا وأوصافًا ورسومًا من عند أنفسهم، واستخدموا مرونته وسعته استخدامًا ضارًّا فاختلفوا في معنى الإسلام اختلافًا».

والإخوان -بحسب البنّا- ليست جماعة وعظية فقط، وليست طريقة صوفية تعلم الناس ضروب الذكر وفنون العبادة، كما أنها ليست جماعة نظرية فقهية تقف عند طائفة من الأحكام تجادل فيها وتناضل عنها.
وقال «البنّا»، عن صورة الإسلام الماثلة في نفوس الإخوان: «نحن نعتقد أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة، وتنظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة، فالإسلام عقيدة وعبادة، وطن وجنسية، دين ودولة، مصحف وسيف، والقرآن الكريم ينطق بذلك كله، ويعتبره من لُب الإسلام، ومن صميمه، ويوصي بالإحسان فيه، وإلى هذا تُشير الآية الكريمة «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ».

مساواة الإخوان بالإسلام
وفي مورد آخر من رسالة التعاليم، وصف «البنّا» جماعته بأنها تساوي الإسلام، قائلًا: «نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة.. نحن الإسلام أيها الناس، فمن فهمه على وجهه الصحيح فقد عرفنا كما يعرف نفسه، فافهموا الإسلام أو قولوا عنا بعد ذلك ما تريدون».

وأردف: «اتصل الإخوان بكتاب الله واستلهموه واسترشدوه، فأيقنوا أن الإسلام هو هذا المعنى الكلي الشامل، وأنه يجب أن يُهيمن على كل شؤون الحياة، وأن تصطبغ جميعها به، وأن تنزل على حكمه، وتساير قواعده وتعاليمه، وتستمد منها ما دامت الأمة تريد أن تكون مسلمة إسلامًا صحيحًا، أما إذا أسلمت في عباداتها وقلدت غير المسلمين في بقية شؤونها، فهي أمة ناقصة الإسلام، تضاهي الذين قال تعالى فيهم: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ».
وعن مصطلح «إسلام الإخوان»، قال الدكتور عبدالحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: «إن رسالة الإسلام شملت جميع الفئات والطوائف، ولم تُزَكِّ طائفة على أخرى»، لافتًا إلى أن تزكية الجماعات لنفسها يُخالف قول الله تعالى: «فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى».

وشدد «منصور» في تصريح لـ«المرجع»، على أن كل الجماعات المتطرفة التي تَنْسِب الإسلام لها دون غيرها، وتقوم على فكرة تكفير المجتمع، هي فئات مضللة للدين، ولا تؤسس للدين الصحيح الذي دعا له رسولنا الكريم.

وردّ على ما كتبه «البنّا» في رسالة التعليم، موضحًا أن تلك الجماعات تقوم على رأي فرد واحد، وهذا الرأي يحتمل الصواب والخطأ، على عكس مؤسسة كالأزهر، تعمل على تقويم الخطأ وتصحيحه وتعديله باستمرار، كما أن المؤسسة لا تُكفر هذه الجماعات حتى لا تتساوى بها.

شارك