«حزب الله» في الأرجنتين.. من الجهاد إلى تجارة المخدرات

السبت 21/يوليو/2018 - 09:30 ص
طباعة «حزب الله» في الأرجنتين.. أحمد عادل
 
وجدَ «حزب الله» اللبناني ملاذًا لنفسه في قارة أمريكا اللاتينية لنشر أفكاره المتطرفة، وكان ذلك يتم عن طريق تجارة المخدرات التي هي بمثابة الأكل والشرب في القارة الجنوبية، وكان هذا ملاذًا آمنًا لها لتجنيد العناصر ونشر أفكارها، كما شرعت في الدخول إلى عصابات غسيل الأموال وإلى المنظمات التي تدعو إلى الثورية، حتى تقيم علاقات معها، ولكن بشكل غير مباشر حتى لا تقع تحت طائلة القانون.
الأرجنتين تجمد أصولًا لمجموعة «بركات»:
أصدرت الحكومة الأرجنتينية، أمس الخميس 19 يوليو 2018، قرارًا بتجميد أصول لمجموعة بركات، التابعة لـ«حزب» الله اللبناني، التي يقودها أسعد أحمد بركات (مصنف ضمن لائحة الإرهاب الأمريكية منذ عام 2004)، وذلك بعد تقرير من وحدة المعلومات المالية المكلفة بمكافحة تمويل الإرهاب في الأرجنتين.

وذكر البيان الصادر عن الحكومة الأرجنتينية، أن 14 شخصًا ضمن هذه الشبكة كانوا يعبرون الحدود من البرازيل دون الإفصاح عما يحملونه من أموال، ويقومون بتصريف ما يزيد على 10 ملايين دولار في أحد الكازينوهات كوسيلة لتمويل مليشيا حزب الله الإرهابية.

وأشار البيان إلى أن مجموعة بركات، أو عشيرة بركات كما تعرف أيضًا، متورطة في جرائم تهريب وتزوير الأموال والوثائق وتجارة المخدرات والابتزاز وتجارة السلاح وتبييض الأموال.
لبنان تُشرع زراعة الحشيش:
أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، يوم الأربعاء الماضي، أن المجلس يحاول سن قانون لتشريع زراعة الحشيش في إطار جهود الحكومة اللبنانية للنهوض بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها البلاد.

ومنذ عام 2011، يعيش الاقتصاد اللبناني حالة من الاضطراب بسبب الانقسام السياسي، ما يفتح المجال أمام بعض الجماعات الإرهابية المسلحة لنشر أفكارها وتجنيد الشباب، وذلك عن طريق المخدرات التي يعتبرها «حزب الله» (شيعي المرجع) ليست من المحرمات، وأنها مثلها مثل الحشائش التى تأكل من الارض.
واشنطن تُساعد أمريكا اللاتينية لمحاربة «حزب الله»:
قامت وزارة الخزانة الأمريكية، في عام 2011، بوضع أسعد أحمد بركات على قوائم الإرهاب، كما جمدت كل الأصول والممتلكات التي يمتلكها داخل الولايات المتحدة.

وقد علق «بركات» على هذا التجميد، مدعيًا أنه بريء من ممارسة أي أعمال إرهابية اتهمته بها الوزارة الأمريكية، ولكنه أيضًا متعاطف مع «حزب الله» اللبناني لأنه مرجعه الفكري.

وفي عام 2006، أعلنت القيادات بالولايات المتحدة الأمريكية أنها تسعى إلى إصدار بيان توضح فيه علاقات تجارة المخدرات بـ«أسعد بركات»، وقال مدير مكتب أوفاك التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، آدم زوبين -وقتها: «إن شبكة أسعد أحمد بركات موجودة في منطقة الحدود الثلاثية، حيث يستغل هذه المنطقة الواقعة بين بوليفيا والأرجنتين وتشيلي في تمرير المخدرات منها، وهي المنفذ الرئيسي لحزب الله هناك».

كما صنف مكتب أوفاك -حينها- «أسعد بركات» على أنه إرهابي، ولا يمكنه العمل ماليًّا داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
الهتيمي يكشف كواليس تورط حزب الله في تجارة المخدرات:
قال أسامة الهتيمي، الباحث في الشأن الشيعي، إن تورط «حزب الله» اللبناني في تجارة المخدرات والترويج لها ليس جديدًا، فقد أكدت التحقيقات في العديد من دول أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى والمكسيك، فضلًا عن بعض البلدان الأوروبية، أن الحزب يُدير العديد من شبكات تجارة المخدرات، والتي أصبح يعتمد عليها بشكل أساسي كأحد أهم مصادر التمويل، حتى إن بعض التقارير تشير إلى أن مدخولات الحزب من هذه التجارة يصل إلى نحو 6 مليارات دولار، وبعيدًا عن مدى صحة هذا الرقم إلا أن ما يتحصل عليه الحزب من هذه التجارة يفوق بكثير ما يتحصل عليه من الدعم الإيراني، وهو ما يعني أن الحزب لا يمكنه على الإطلاق التخلي عن هذه التجارة، خاصة أن حجم الدعم المالي الإيراني للحزب مرهون بالتطورات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي وطبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية.

وأكد الهتيمي، في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن لجوء «حزب الله» إلى هذه التجارة يعود لأسباب عديدة، منها ضرورة أن يكون لدى الحزب مصدر تمويل مالي يمكنه من مواصلة الإنفاق على تحركاته العسكرية والسياسية والاجتماعية، فضلًا عن صرف رواتب المجندين والعاملين في صفوفه، إذ إن عدم قدرة الحزب على توفير هذه النفقات يعني تراجع قدراته داخل لبنان، الأمر الذي يفقده السيطرة على الأوضاع، وربما سحب البساط من تحت قدميه، ليصبح مجرد تنظيم سياسي عادي، وهو بالطبع ما لا تغرب فيه قيادات الحزب أو الدولة الإيرانية التي يواليها.

وأشار الهتيمي إلى أن الموضوعية تقتضي أن نشير إلى أن ثمة عاملًا اجتماعيًّا ربما أسهم في إقرار الحزب لتجارة المخدرات ومحاولة استغلالها، يتعلق بأن المنطقة التي يسيطر عليها الحزب تعد من أهم المناطق التي تزرع نبات القنب الهندي، التي ينتج منها مادة الحشيش المخدرة، والتي يبدو أنها ستصبح -بعد النقاشات التي يشهدها البرلمان اللبناني هذه الأيام- مادة مباحة من الناحية القانونية والأخلاقية والطبية.

وأرجع الباحث في الشأن الشيعي تركيز «حزب الله» على تجارة المخدرات بدول أمريكا الجنوبية إلى عاملين أساسيين، أولها أن هذه التجارة رائجة في هذه الدول. إذ تضم العديد من العصابات والشبكات الخاصة بصناعتها والتجارة فيها. والعامل الثاني أن ثمة علاقة قوية تربط بين إيران وحزب الله ودول أمريكا اللاتينية، وهو ما يسهل بطبيعة الحال حركة عناصر الحزب دون رقابة شديدة من قبل الأجهزة الأمنية في تلك الدول.

وأضاف الهتيمي أن شبكات تهريب المخدرات اعتادت على اتخاذ العديد من الشركات الوهمية والصورية ستارًا لحركتها وتجارتها وغسيل أموالها، حتى تخفف من المتابعة الأمنية، وهو ما يتبعه «حزب الله» في أمريكا اللاتينية، خصوصًا في الأرجنتين.

شارك