بعد جدل «الغليظ».. «المرجع» يحل معضلة النقاب

الجمعة 17/أغسطس/2018 - 03:48 م
طباعة بعد جدل «الغليظ».. محمود محمدي
 
◄ السلفيون للفتيات: «البسيه متخافيش»
◄ «الغليظ»: «المنتقبات تحولوا إلى متبرجات»
◄ «طنطاوي»: النقاب «عادة» ولا علاقة له بالدين الإسلامي
◄ شيخ الأزهر: النقاب ليس فرضًا ولا سنةً ولا مندوبًا.. مثل أن تلبس خاتم أو تخلعه

من حروف كلمة «إعجاز» يمكنك كتابة «إزعاج»، ورغم تشابه الحروف فإن المعنى مختلف تمامًا بين الكلمتين، من هنا اختارت صفحة «إزعاج علمي» اسمها؛ لتنشر فيديوهات لا تخلو من السخرية الهادفة –على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»- لمن يصفون أنفسهم بالعلماء، رغم ضعف المادة العلمية التي يقدموها.

وفي إطار حرص الصفحة على انتقاد التشدد الديني والفتاوى الخاطئة، نشرت مقطع فيديو للداعية السلفي، محمد الغليظ، يقول فيه: «النقاب أصبح شكله عجيبًا، فنجده ملونًّا ويشف فتظهر منه عين الفتاة وحواجبها»، مضيفًا: أعمل على إصدار كتاب عنوانه «تبرجت ونسيت إنني منتقبة».

الداعية السلفي الذي أبدى اعتراضه على نشر الفتيات صورهن بالنقاب أو دونه على مواقع التواصل الاجتماعي، يرى أنه على المنتقبات ألا ترتدي «حقيبة ظهر»؛ لأنها تجسد الملابس على ظهرها، مشددًا على أن الفتاة التي لا ترتدي النقاب لا تعرف معنى الحياء.
اقتحام الـ«فيس بوك»
الجماعات الإسلاموية، خاصة التيار السلفي المتشدد، ترى في ارتداء -قطعة القماش السوداء التي تغطي الوجه- انتصارًا للدين، رغم أن هذه المشاهد التي لا تفرح القلب أو العين، لا علاقة للإسلام بها.

ومن هذا المنطلق، دشنت تلك الجماعات، عدد من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»؛ لحث الفتيات على ارتداء النقاب، فضلًا عن مهاجمة غير المنتقبات واعتبارهن متبرجات، وتكفير الفنانات وكذلك طالبات الجامعات اللواتي لا يلبسن النقاب أو الحجاب.

إحدى تلك الصفحات اسمها «البسيه.. متخافيش»، تلك الصفحة التي تحمل اسمًا أكثر غرابة من المحتوى الذي تقدمه، تنشر الفكر السلفي المتشدد الذي ينظر إلى المرأة باعتبارها جارية أو أمة لزوجها يستعبدها كيفما يشاء، في أي وقت يشاء، وله الحق أن يحرمها من العيش بحرية.

ولا تكتفي تلك الصفحات بذلك، بل تهاجم بشكل مستمر النساء الأخريات، بما في ذلك المحجبات؛ حيث يرون أنه من حقهم أن يهاجمن النساء والفتيات حتى يشعروا بالذنب، ويعودوا إلى الصواب –ارتداء النقاب- وفي ذات الوقت، يمنعن عن الأخريات الحق في انتقاد النقاب، أو توضيح رأي الدين في مسألة ارتدائه.

ليس من الإسلام
عددٌ من علماء الإسلام، أكدوا أن النقاب يعتبر عُرف جائز، وليس بدعة محرمة، كما أصدر علماء آخرون فتاوى بأن النقاب ليس من الإسلام، من بينهم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر السابق، الدكتور محمد سيد طنطاوي، حيث قال: «النقاب عادة لا علاقة له بالدين الإسلامي، لا من قريب أو بعيد».

تصريحات «طنطاوي»، جاءت في أعقاب حادث شهير، أجبر فيه فتاة بإحدى المعاهد الأزهرية على إزالة النقاب، واعتزم إصدار قرار يمنع دخول المعلمات والطالبات المنتقبات المعاهد الأزهرية، بعد أن أوضح وقتها أن الفتيات المسلمات فقدن الاتصال مع الهوية الإسلامية تحت تأثير الأئمة من السلفية المتشددين.
«الطيب» يحسم الجدل
في لقاء تلفزيوني عام 2011، من تقديم الإعلامي محمود سعد، قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب: إن هناك دائرة اسمها «دائرة الحلال»، وهي أوسع الدوائر؛ حيث إنه في الفلسفة الإسلامية «كل شيء طاهر إلا ما قيل فيه إنه نجس، وكل شيء مباح إلا ما قيل فيه إنه حرام».

وفي إحدى حلقات برنامج «الإمام الطيب»، تقديم الإعلامي الدكتور محمد سعيد محفوظ، أوضح فضيلة الإمام، أن مسألة النقاب تثار دائمًا، رغم أن العلماء تحدثوا فيها، وحددوا في كلامهم المقصود الشرعي في هذه المسألة، حتى الفتيات والنساء اللائي يردن أن يعرفن ما هو الحكم الشرعي في هذا الموضوع، انقلب الموضوع عندهن إلى ما يشبه النزاع بين مذهبين، بين المذهب النقابي، ومذهب الحجاب.

ويرى شيخ الأزهر، أن المعركة ليست معركة البحث عن الحكم الشرعي، بينما هي من أجل الانتصار لهذا الرأي أو ذاك، ومن يكسب فيها أتباع ومريدين ومُريدات أكثر من الآخر، وكأن المسألة -إذا صح التشبيه- هناك شركات لهذه الأحكام تتنافس في من ينفذ هذا أو ذاك، أو عدم الإثنين.

وأوضح «الطيب»، أن النقاب ليس فرضًا ولا سنةً ولا مندوبًا، لكنه ليس مكروهًا ولا ممنوعًا، فهو أمر مباح، وهناك فرق بين الأمر المباح، والأمر المطلوب، مفسرًا أن درجات الطلب بالشريعة الإسلامية، أن يكون مندوبًا، أو سنةً، أو واجبًا، أو فرضًا.

وتابع: «لا أستطيع أن أقول لمن تلبسه أنتِ تزيدتي على حدود الله؛ لأن الله أباحه، ولا أستطيع أن أقول لمن تلبسه أنتِ تفعلين أمرًا شرعيًّا فأنتِ مثابة عليه»، مؤكدًا أن التي تلبس النقاب، لا يمكنها أن تقول: «أنا ألبسه شرعًا»، وكذلك التي تخلعه، لا تقول: «أنا أخلعه؛ لأن الشرع أمرني أن أخلعه».

ووصف شيخ الأزهر الأمر بأنه كما تلبس خاتم أو تخلعه، مشددًا على أن النقاب من باب العاديات، أو من باب المباحات، فلا يتعلق به أمر ولا نهي، ولا يتعلق به ثواب ولا عقاب.
فريضة الحجاب
على صعيد متصل، أكد فضيلة الإمام الأكبر، أن الحجاب بمعنى غطاء الشعر والرأس، فهذا أمر مُلزِم لنساء المسلمين في القرآن الكريم، وأجمعت الأمة على أنه أمر مطلوب، منوهًا بضرورة ألا نعتبر المرأة التي لا تلبس الحجاب، أنها امرأة خارجة عن الإسلام.

وعن حكم المرأة التي لا تلبس الحجاب، قال فضيلته: إن «المرأة التي لا تلبس الحجاب، امرأة عاصية، مثلها مثل من تكذب، أو أقل من الكذب؛ لأن الكذب إجرام شديد، ويجب الانتباه إلى أن المعاصي درجات، وعدم ارتداء الحجاب ليس من الكبائر».

وأضاف أن المرأة التي لا تلبس الحجاب، لكن تحفظ لسانها من الحديث في أعراض الأخريات أو ما إلى ذلك من ذنوب، قد تكون أفضل من أخرى تلبس الحجاب، لكنها لا تترك أحدًا، وترتكب المعاصي، فالأخيرة أشد إثمًا.

في نهاية حديثه، قال «الطيب»: إن العبادة في الأصل أخلاق، والعبادات دون خلق تكون في مهب الريح، وهذا أهم من مسألة ارتداء النقاب.

شارك