ظلامية الماضي تُخيِّم على مستقبل مقدونيا

الثلاثاء 21/أغسطس/2018 - 02:37 م
طباعة ظلامية الماضي تُخيِّم نهلة عبدالمنعم
 
على أطراف الجنوب الأوروبي، تقع دولة مقدونيا، التي ينظر لها البعض على أنها معقل بلقاني آخر للإرهاب، فتتوالى الأخبار والتقارير حول العناصر الإرهابية التي يتم القبض عليها في هذا البلد بعد عودتهم من «داعش».
فمنذ أسبوع، أعلنت السلطات المقدونية، القبض على سبعة إرهابيين للاشتباه بقيامهم بنشاط متطرف خارج الحدود (أي في سوريا والعراق)، وهو ما يجرمه القانون المقدوني.

علاوة على ذلك، تعاني البلاد من بعض التشدد والتطرف، والذي يعزى إلى مناهج السلفية الجهادية (تيار راديكالي متطرف، لديه مفهوم خاص للجهاد والقتال) التي انتشرت في بلاد البلقان بشكل عام في أثناء حروبها الانفصالية عن جمهورية يوغوسلافيا في التسعينيات.

حيث استخدمت تلك الحروب السياسية لجلب الراديكالية السنية والشيعية للمنطقة، وذلك مثلما حدث في صراعات البوسنة، واستغلال نظام الملالي لها، وهو الأمر الذي لاتزال تعاني منه المنطقة بأكملها ومنها مقدونيا.

للمزيد: تمدد إيران بـ«البلقان».. تهديد جديد للاستقرار الأوروبي
كما أن حركات القتال، فيما عرف بـ«الجهاد الألباني»، التي نشأت في أثناء تلك الحروب، قد أفرزت جيلًا جديدًا من السلفيين الجهاديين بالمنطقة، يسيطر بعضهم على عدد من المساجد بمقدونيا.

فذكرت دراسة بعنوان: «التطرف في مقدونيا»، أعدها مركز كوسوفو للدراسات الأمنية، أن أهم عناصر التطرف العنيف في الدولة تم تشجيعهم والتغرير بهم من قبل مجموعة من الأئمة غير الشرعيين ممن كانوا في البلاد أثناء هجرة العناصر الشرق أوسطية للقتال بالمنطقة.

فجلب هؤلاء الأفراد أيديولوجية متشددة للغاية، تختلف عن النسخة المتسامحة للإسلام، وذلك عن طريق استخدام عبارات وشعارات تحض على الكراهية والعنف.

وأشارت الورقة البحثية إلى دور المنظمات غير الحكومية التي دعمت هؤلاء الأفراد، والتي وصلت للبلاد تحت شعار الإنسانية، خاصة خلال الحرب في كوسوفو وصراع عام 2001 في مقدونيا، ولكن نشرت هذه المنظمات الأيديولوجية المتطرفة، إضافة إلى أن بعضها لايزال يعمل في الخفاء.

لفتت الدراسة إلى أن الأقلية الألبانية بالبلاد، وما تعانيه من تهميش بعد تفتيت دولتهم ما بين أكثر من جهة قد ارتمت في أحضان الجماعات الإرهابية التي دفعتهم نحو داعش.

وهنا تجدر الإشارة إلى «جيش التحرير الوطني الألباني» وهي الجماعة المتمردة التي تقاتل الحكومة المقدونية وتعارضها دفاعًا عن الأقلية الألبانية بالبلاد، وتتهمها السلطات المقدونية بالتبعية لتنظيم القاعدة الإرهابي وتلقي الدعم المالي منه.

إضافة إلى ذلك، انضمت جماعة متمردة أخرى إلى خط المواجهة بين الحكومة والألبان وهي جماعة «الجيش القومي الألباني» التي ظهرت في عام 2017.

للمزيد: «داعش» في ألبانيا.. جهاد المخدرات والتعاون مع المافيا
وبالطبع تعتبر دراسة مركز كوسوفو أن الصراعات السياسية والاجتماعية والعوامل التي نشأت في أعقاب الحروب تجعل من مقدونيا أرضًا خصبة للإرهاب، تمنعها وأغلب دول البلقان من الانضمام للاتحاد الأوروبي.

للمزيد: كوسوفو.. عاصمة الإرهاب في أوروبا

فيما ينتشر بالدولة أيضًا عناصر جماعة «التبليغ والدعوة»، وهي مجموعة متشددة يرجع البعض تاريخ ظهورها إلى بضعة أعوام قبل ظهور جماعة الإخوان في عام 1928؛ حيث أصدرت الجماعة عددًا من الكتابات والقصائد تحث فيها أتباعها على الجهاد في مقدونيا قائلة إن في ذلك يتحقق طريق السعادة.

ونظرًا للظروف التي تعاني منها مقدونيا، تعتمد الدولة التي يبلغ تعداد المسلمين بها نحو 40% من مجموع السكان على استراتيجية متجددة لمحاولة تهدئة الأوضاع والحيلولة دون انزلاق المواطنين إلى هاوية الإرهاب والتطرف.

وتعتمد آليات مكافحة الإرهاب على التعاون الوثيق مع دول الجوار كوسوفو وألبانيا لمنع تدفق العناصر إلى تنظيم داعش، والذي تعترف الحكومة بتعاطف بعض مواطنيه معه.

وفي مارس عام 2016، تم إجراء تدريب مشترك مع القوات الخاصة الأمريكية لتحسين قدرة مقدونيا على حماية الأهداف السهلة من الوقوع فريسة للهجمات المحتملة.

شارك