إيران تلوِّح بورقة «الملاحة البحرية» لتهديد جيرانها وردع الغرب

الجمعة 14/سبتمبر/2018 - 09:02 ص
طباعة إيران تلوِّح بورقة أحمد سامي عبدالفتاح
 
بين الحين والآخر تلوح إيران بعصا التهديد لخصومها (وما أكثرهم سياسيًّا) حيث اعتاد نظام الملالي التهديد باستهداف الملاحة البحرية في مضيق هرمز حال تعرضها لأي هجوم عسكري.

التهديد الإيراني يكشف مدى إدراك نظام الملالي لأهمية خطوط الملاحة البحرية في إطار سياسة التمدد التي تنتهجها على حساب جيرانها من الفواعل الإقليميين، منذ قيام الثورة الإيرانية في 1979، وبصفة عامة، تسعي إيران لترسيخ وجود قوي في خطوط الملاحة الرئيسية في المنطقة، ليس فقط لأن هذا الوجود سوف يسهم في تأمين تجارتها الخارجية، ولكن أيضًا لأن الوجود الإيراني في خطوط الملاحة البحرية يُمّكنها من التلويح بتهديداتها البحرية من وقت لآخر، علاوة على تسهيل التهريب الإيراني للسلاح نحو الميليشيات الموالية لها في المنطقة، وخاصة اليمن. 


في السياق ذاته، تعي إيران أن وجودها القوي في خريطة الملاحة البحرية الدوليَّة يضمن لها شريان الحياة، وعليه فقد انتهجت إيران خطة متعددة الأبعاد، احتل فيها الخليج العربي المكانة الأولى، ليس فقط لأنه يطل على حدود إيران الغربية، ولكن أيضًا لأن دول الخليج كافة تصدر النفط من خلاله، ما يعني أن سيطرتها على هذا الممر الملاحي العام والهام يضمن لها الضغط على القوي الدولية المعتمدة بشكل رئيسي على استقدام النفط من هذه الدول. ويفسر هذا الأمر التهديدات الإيرانية المستمرة باغلاق مضيق هرمز لدى تعرضها لأي تهديد عسكري من قبل دول الخليج أو غيرها من الدول الغربية. 

كلما اشتد التوتر بين كل من إيران والقوي الغربية، فإن الأولي تلجأ إلى إجراء مناورات عسكرية في منطقة الخليج العربي ومنطقة مضيق هرمز، لتبرهن على مدي جاهزيتها وقدرتها العسكرية على منع دول الخليج من تصدير النفط إلى الدول الغربية حال اندلاع حرب تكون طهران طرفًا فيها. 

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، أجرى الأسطول الإيراني في بداية شهر أغسطس 2018،  مناورة عسكرية في منطقة الخليج ردًا على اعتزام الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على إيران.

على صعيد حرب الموانئ الدولية، تحاول إيران استغلال الصراع الدائر بين كل من الصين والولايات المتحدة من أجل كسر العزلة الدولية المفروضة عليها. وفي سبيل تحقيق ذلك، قامت إيران بإجراء توسعات في ميناء تشابهار المطل على خليج عمان بتكلفة 3 مليارات دولار ليكون جزءًا من طريق الحرير الذي تحاول الصين من خلاله تأمين صادراتها إلى دول العالم المختلفة. 

للمزيد: خبير: إيران تستميل باكستان إلى صفها ضد العقوبات الأمريكية

وتأمل إيران أن يكون هذا الميناء منافسًا لموانئ جوادر الباكستاني ودبي الإماراتي وصحاري العماني. وقد أسهمت الهند بمبلغ 235 مليون دولار في تطوير ميناء تشابهار الإيراني من أجل الحد من الدور الذي يلعبه ميناء جوادر الباكستاني- يقع في جنوب غرب باكستان- المدعوم من الصين، ما يبرهن المحاولة الإيرانية لخلق تفاعلات دوليَّة جديدة بهدف تجاوز العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. 

ورغم ما تعانيه الذراع الايرانية المتمثلة في ميليشيات الحوثي، من فشل في بسط السيطرة التامة على المضيق الاستراتيجي لكن إيران لا تيأس وتحاول بكل السبل إحكام سيطرتها على المضيق من خلال ميليشيا الحوثي الشيعية بهدف خلق علاقة ترابطية بين كل من مضيق هرمز وباب المندب. وحال تَحقَق ذلك المستحيل، فإن إيران سوف تتمكن من استهداف السفن المارة من المضيقين.
 
وقد أثبتت ميليشيا الحوثي الشيعية الموالية لإيران قدرتها على تمثيل إزعاج لا يرتقي إلى التهديد القوي للملاحة الدولية في مضيق باب المندب حينما قامت باستهداف ناقلتي نفط سعوديتين في يوليو من العام الحالي، الأمر الذي دفع السعودية لإيقاف تصدير النفط من خلال مضيق باب المندب، قبل أن تعلن استكمال التصدير لاحقا في أغسطس من العام الحالي. 

وبالنظر إلى الدور الإيراني المشبوه في منطقة القرن الإفريقي، يمكن القول إن إيران حضرت صراحة وبنفسها في المشهد لا عن طريق أذرع أو وسطاء كما فعلت بالحوثيين واستغلتهم، ومن أجل السيطرة على باب المندب تقاربت طهران مع إريتيريا، مستغلة  العقوبات الدولية المفروضة على الأخيرة كوسيلة لذلك التقارب البرجماتي البحت، ولخلق أرضية مشتركة تجسدت في توقيع اتفاقية تعاون عسكري في 2009 أرسلت إيران  بمقتضاها شحنات سلاح إلى أسمرة عاصمة إريتريا، وفي وقت من الأوقات كانت إريتريا محطة رئيسية لتهريب السلاح الإيراني إلى ميليشيات الحوثيين في اليمن. 

وفي السياق ذاته،  أشارت تقارير استخبارية أمريكية إلى أن إيران تمكنت من تحويل ميناء عصب الإريتري إلى قاعدة عسكرية بحرية، الأمر الذي يخول لإيران زيادة نشاطها العسكري في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب تحديدًا. 

على صعيد متصل، اعتادت إيران إرسال سفنها العسكرية إلى خليج عدن لمحاربة القراصنة الصوماليين، ومؤخرًا في 21 يونيو من العام الحالي، أرسلت إيران سفينتين حربيتين إلى خليج عدن بدعوي حماية سفنها الناقلة للنفط من القرصنة أو الاعتداء عليها من قبل قوات التحالف العربي الذي يخوض حربًا ضد تنظيم الحوثي في اليمن.

وأخيرًا، يحمل توقيت نشر قطع عسكرية بحرية إيرانية في خليج عدن أهمية كبري؛ خاصة أنه يأتي تزامنًا مع معركة تحرير ميناء الحديدة التي يخوضها التحالف الدولي منذ 13 يونيو من العام الحالي، ما يعني أن إيران تحاول تكثيف محاولات تهريب السلاح لميليشيا الحوثي مجددًا. 

شارك