الخلايا النائمة في إيطاليا.. إرهاب في طور النمو ينتظر الانطلاق

الجمعة 14/سبتمبر/2018 - 03:49 م
طباعة الخلايا النائمة في شيماء حفظي
 
تحصل إيطاليا على علامة منخفضة في مؤشر «الهجمات الإرهابية»؛ لأنها لا تشهد عمليات كثيرة من التنظيمات الإرهابية، لكن لا يبدو هذا نبأً سارًّا حين يتم الحديث عن «الخلايا النائمة» في روما. على مدار الأعوام الأربع الماضية –منذ ظهور تنظيم داعش– لم تسجل إيطاليا حوادث إرهابية كبيرة، لكنها في المقابل تعلن ضبط خلايا إرهابية وترحيل مشتبه بهم في التخطيط لعمليات عنف.

وخلال العام الماضي، واجهت إيطاليا 14 هجومًا إرهابيًّا، لتأتي في المرتبة الرابعة بعد بريطانيا، وفرنسا، وإسبانيا، بحسب تقرير اليوروبول.



ووفقًا لتقارير إعلامية غربية، تتعامل إيطاليا بشكل جيد «أمنيًّا» لمنع الحوادث الإرهابية وإحباط تنفيذها، وهو ما يفسره خبراء أمنيون بأنه ناتج عن خبرة الشرطة الإيطالية في التعامل مع «مجرمي المافيا» لسنوات عديدة.


إيطاليا المنيعة.. الإرهاب يفشل في اختراق بلاد المافيا



وفي حين تنعم إيطاليا بهدوء على مستوى العمليات، تعاني بشكل آخر من زيادة عدد المنتمين لتيارات إرهابية ولكنهم لا يفصحون عن تلك الهوية، وهو ما يظهر في عدد الأجانب الذين ترحلهم إيطاليا بتهمة الاشتباه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية، أو يتم القبض عليهم إذا كانوا مواطنين أصليين.



ويُعتقد أن «أنيس العامري» (منفذ هجوم برلين) كان متطرفًا في سجن صقلية، ومحمد لاهويج بوحليل، التونسي، المسؤول عن هجوم نيس، قد أمضى بعض الوقت في مدينة فينتميجليا الحدودية، بحسب الشرطة الإيطالية.



ففي مايو 2018، أعلنت السلطات الإيطالية، اعتقال 11 سوريًّا و3 مغاربة يشتبه في دعمهم لـ«جبهة النصرة» المرتبطة بالقاعدة في سوريا، بمقاتلين وتمويل مالي بلغ نحو مليوني يورو ( 2.3 مليون دولار) كتمويل.



ووفقًا لما نقلته وكالة رويترز، قال مسؤول مكافحة الإرهاب بالادعاء الإيطالي فدريكو كافييرو: إن التحقيق كشف ارتباطًا بين المتهمين بتمويل الإرهاب والهجرة غير الشرعية، لكنه لم يجد دليلًا على أن مهربي المهاجرين جلبوا إلى البلاد مقاتلين أجانب.



وأوضح أن الأموال نقلت بالأساس باستخدام شبكة غير رسمية تعرف باسم «حوالة»، وهي شائعة في العالم العربي، وتتهرب من التفتيش المعتاد على تمويل الإرهاب.



وقبل هذا بشهرين، أعلنت السلطات الإيطالية، القبض على عبدالرحمن محيي الدين مصطفى، إيطالي الجنسية، من أصل مصري، يبلغ من العمر 59 عامًا، وهو رئيس جمعية «الدعوة الثقافية الإسلامية» في فوجا، جنوب شرق البلاد، بتهمة «الترويج» للإرهاب بين الأطفال وتحريضهم على قتل غير المسلمين، وأنه متهم بممارسة أنشطة متعلقة بالإرهاب.

وبحسب بيان السلطات حينها، كان مصطفى متابعًا لأخبار تنظيم «داعش» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، و«أشاد أكثر من مرة في صفحته على موقع فيسبوك بزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي»، وكان يحاول إقناع الأطفال أن السبيل الوحيد للانتقال إلى الجنة هو الموت في ساحة القتال.

ضبط خلية داعشية في إيطاليا يتزعمها لاجئ

وفي مارس 2018، اعتقلت الشرطة الإيطالية 5 تونسيين في إطار ما وصفته بأنه حملة لمكافحة الإرهاب تستهدف أشخاصًا يشتبه في دعمهم للإرهاب، في وقت يزيد فيه عدد الأشخاص الأجانب، الذين تطردهم إيطاليا من أراضيها.



وتسارع إيطاليا إلى طرد أي شخص له ميول راديكالية متطرفة؛ حيث تم تغيير القانون للسماح بذلك، ففي عام 2017 فقط رحلت إيطاليا أكثر من 100 من الإرهابيين المشتبه بهم.



الدعم الذي يمكن أن يحصل عليه الإرهابيون في إيطاليا لا يقف فقط عند تجنيد مقاتلين؛ حيث أعلن رئيس محكمة جنوب البلاد نهاية 2017، ضبط أكثر من 24 مليون حبة من مخدر «ترامادول» يعتزم متشددو داعش بيعه لتمويل هجمات حول العالم.



وقال بيان للشرطة، حينها إنه تم ضبط الشحنة في ميناء حاويات جويا تاورو -أكبر الموانئ الايطالية- وإن متوسط ​​سعر بيعها يبلغ نحو 2 يورو (2.33 دولار) للحبة الواحدة، ما يعني أن إجمالي المبلغ يصل إلى ما يقارب 50 مليون يورو.



وقال المدعي العام في ريجيو كالابريا، فيديريكو كافييرو دي راهو: إن تجارة المخدرات يديرها مباشرة تنظيم داعش لتمويل الأنشطة الإرهابية المخططة والمنفذة في جميع أنحاء العالم"، مضيفًا أن «جزءًا من الربح غير المشروع من بيعهم كان سيستخدم لتمويل جماعات متطرفة في ليبيا وسوريا والعراق».



ولم تقدم المحكمة أي تفاصيل عن كيفية اكتشاف الشحنة غير القانونية أو وجهتها النهائية، لكنه تم اكتشاف شحنة مماثلة في اليونان العام الماضي، وتم العثور على شحنة أكبر في ميناء جنوة الإيطالي في مايو 2018.

تهديدات «داعش» لــ«رونالدو» تضع إيطاليا في «مرمى» الإرهاب



وواجهت إيطاليا قبل سنوات جماعات إرهاب محلي، والتي عُرِفَت باسم المافيا؛ ما أكسب قوات الأمن خبرةً واسعةً في المراقبة، لكن المشكلة مع بعض الإرهابيين اليوم، هي أنهم ليسوا جزءًا من خلية منظمة؛ لذا من الصعب أن يختبئوا فيها، وفقًا لما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية.



في نهاية يناير الماضي، أعلن الإنتربول قائمة تضم 50 شخصًا مشتبهًا بانتمائهم إلى تنظيم داعش في إيطاليا، وأن جميعهم تونسيون.



وبحسب ما نقلته صحيفة الجارديان، يعتقد الإنتربول أن 50 من المشتبه بهم أنهم من مقاتلي داعش وصلوا إلى صقلية على متن قارب بين شهري يوليو وأكتوبر 2017، محذرة من أن هؤلاء الإرهابيين قد يحاولون الوصول إلى دول أوروبية أخرى.



وتشنُّ السلطات الإيطالية حملات بحرية بصفة مستمرة لمنع الهبوط على الساحل الصقلي، الذي أصبح نقطة هبوط شعبية للمهاجرين التونسيين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.



وبحسب تقرير صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وصل 4500 تونسي إلى الشواطئ الإيطالية العام الماضي، بزيادة قدرها 4 أضعاف عن عام 2016.



وقال كبير المدعين العامين في أغريجنتو، إنه «لا يمكن أن يستبعد المحققون أنه خلف هذه الرحلات، قد يكون موالون لداعش مختبئين بين الناس الذين يسافرون إلى صقلية».



وقال سالفاتوري فيلا، المدعي العام في أغريجنتو، لصحيفة الجارديان: «لا نعرف ماذا كانوا يفعلون قبل وصولهم إلى هنا، ولا نعرف حقيقة من هم وأين كانوا قبل وصولهم إلى صقلية».



وفي يوليو أصدر الإنتربول قائمة مماثلة تضمنت 173 من المشتبه في أنهم من مقاتلي داعش في إيطاليا، يُعتقد أنهم تدربوا على شنِّ هجمات انتحارية في أوروبا.



ووفقًا للأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية، أوقفت سلطات مكافحة الإرهاب واستجوبت 160،593 شخصًا بين مارس 2016 ومارس 2017، وأوقفوا واستجوبوا نحو 34،000 في المطارات، واعتقلوا نحو 550 إرهابيًّا مشتبهًا، كما أصدرت أحكام على 38 منهم بتهم الإرهاب، وتم إغلاق أكثر من 500 موقع وتمت مراقبة ما يقرب من نصف مليون موقع.



هل تصبح إيطاليا الهدف القادم لهجمات «داعش» في أوروبا؟



وتستقبل إيطاليا الكثير من اللاجئين الذين يصلون عن طريق البحر لكن هذا يشكل تحديا أمنيًّا آخر؛ لأنه في الغالب يتم استخدامها كمحطة «ترانزيت» لعبور الإرهابيين لدول أوروبية أخرى.



وتقول فرانشيسكا جالي، أستاذة مساعدة في جامعة ماستريخت وخبيرة في سياسات مكافحة الإرهاب: «الاختلاف الرئيسي هو أن إيطاليا ليس لديها عدد كبير من المهاجرين من الجيل الثاني الذين تم تطرفهم، أو يمكن أن يصبحوا متطرفين».



وتضيف أن الشرطة الإيطالية وقوات مكافحة الإرهاب لا يتعين عليهما التعامل مع عدد هائل من الأشخاص الذين يُحتمل أن يتعرضوا لخطر التطرف، على عكس فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة.

شارك