في إطار من الغلو والانحراف عن وسطية الإسلام خرج عدد من شيوخ التيار السلفي المدخلي، نسبة إلى الداعية السعودي ربيع بن هادي المدخلي، بعدة فتاوى يقدسون فيها شيخهم، وتقديس رفقاء الشيخ، زاعمين أن الطعن في رفقاء الشيخ طعن فيه شخصيًّا، وأن الاستدراك على أخطاء الشيخ تجريح فيه شخصيًّا وبدعة في الدين.



التقديس والغلو..
وأتى على رأسهم الداعية عرفات المحمدي، الذي اعتاد أن يثير الشبهات بفتاويه التي يطلقها عبر قناته الرسمية بتويتر، فخرج المحمدي بفتوى عجيبة يحرم فيها الاعتراض على رأي الشيخ أو أن يقال أن طلبته غير أمينين في نقلهم المشهد الديني للشيخ ربيع المدخلي.

وشبه المحمدي في فتواه شيخه «ربيع» بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابييه الجليلين أبي بكر وعمر، قائلا: «القدح في أخص أصحاب الشخص قدح فيه، كما قال العلامة العثيمين -رحمه الله-: «اعلم أن القدح في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قدح في الرسول ﷺ؛ إذ إن أبا بكر وعمر هما أخص أصحابه به، فالقدح فيهما قدح في الرسول ﷺ».

كما اتبعها بتغريدة أخرى ينص فيها على أن الطعن في الأصحاب طعن في المصاحب.
التقديس والغلو..
ويتبين من التغريدة السابقة مدى الغلو الذي وقع فيه «المحمدي»، ونفيه أن يكون حول الشيخ بطانة فاسدة في حين أن شيخه الذي يدافع عنه نفسه سبق واتهم رفقاء شيخه «مقبل بن هادي الوادعي» وطعن في أمانتهم في نقل المشهد الديني لشيخهم.

وتاتي فتوى «المحمدي» بالمخالفة للنص الديني الصريح في أن لكل عالم بطانة سيئة، فعن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وَتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وَتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله (البخاري7197)»، كما أن القرآن الكريم نهى صراحة عن الغلو قال تعالى: (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) النساء: 171.
للمزيد اقرأ أيضا: »الصعافقة».. الفتنة التي ضربت «المدخلية» في مقتل

التقديس والغلو..
غلو ممنهج
ولم تكن هذه هي الحالة الأولى أو الوحيدة التي يغالي فيها «المحمدي» في مدح شيخه، إذ سبق إطلاقه قاعدة فقهية جديدة، يقول فيها إن «ردك لجرح العالم جرح فيه»، بمعنى أن ردك لتحذير شيخك من طالب علم أو أي فتوى له معناه أنك تهاجمه وتشكك فيه.

وينكر «المحمدي» في هذه القاعدة أصلًا أصيلًا من قواعد علم الحديث والفقه والدين الإسلامي، الذي يؤمن بأن كل إنسان يؤخذ منه ويرد في الدين إلا النبي محمد فيما ثبت عنه.

وقد سبق إلى الغلو في «ربيع» بعض تلامذته الآخرين، وإن كان قد تبرأ منهم الشيخ نفسه فيما بعد مثل «علي الحلبي» الذي قال إن: «من حج ولم يزر الشيخ ربيع دون عذر يمنعه مغموس وفي قلبه شيء، وإنه لم يتم نسكه، أي لا تصح حجته».

للمزيد : حج المداخلة.. زيارة ومباهلة


الشيخ ربيع المدخلي
الشيخ ربيع المدخلي
ووصل تلميذه الآخر «سالم الطويل» بالشيخ ربيع إلى مرتبة أهل بدر-الصحابة الذين قاتلوا مع النبي في غزوة بدر، وقد بشرهم النبي بأن الله غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر- شبهه بأهل بدر في أن الله يغفر له ذنوبه لتحذيره الناس من «سيد قطب» منظر الإخوان، وغيره من الجماعات، وذكر ذلك في رسالة طويلة بعنوان «كاد الشيخ ربيع المدخلي أن يكون بدريًّا»، وأوضح ان مقصده من الكتاب أن حسنة المشاركة في غزوة بدر شفعت للصحابي خطأه الذي وقع فيه، فكذلك حسنة الشيخ ربيع في إسقاطه لسيد قطب تشفع له أخطاءه أو بعض الألفاظ التي قد تصدر منه».

يذكر أن السلفية المدخلية هي إحدى أوسع التيارات السلفية انتشارًا على مستوى العالم، من إندونيسيا شرقًا إلى الولايات المتحدة وكندا غربًا، وتؤمن المدخلية بعدة قناعات خاصة بدءًا بطاعة ولي الأمر وعدم جواز الخروج عليه، وتحريم العمل السياسي ضمن النظم الديمقراطية، وما يليها من تحريم الأحزاب والانتخابات والدساتير، والغلو في شيوخهم، خاصة الشيخ ربيع الذي يصفونه بإمام الجرح والتعديل في هذا العصر، والتشدد على المخالفين، من التيارات الأخرى، تحت بند علم الجرح والتعديل.
اقرأ أيضًا..
«كعبة المدخلية في أوروبا» ينظم مؤتمره الدولي الـ23
السلفية المدخلية في إندونيسيا.. فتنة الانقسام وأسبابها
الصراع على السلفية.. تحولات ما بعد «الربيع العربي»
«المرجع» يكشف خريطة غزو «التيار المدخلي» للعالم