مسلمو الإيغور.. جذور تركية في أرض الصين يستغلها المتطرفون

الإثنين 05/نوفمبر/2018 - 08:18 م
طباعة مسلمو الإيغور.. جذور شيماء حفظي
 
تقطن مجموعة الإيغور، في إقليم تركستان الشرقية التابع للصين، منذ عام 1949، وهو العام الذي تمكن فيه الحزب الشيوعي من الحكم في البلاد.



ووفقًا لوكالات أنباء، تشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مواطن مسلم في البلاد، بينهم 23 مليونًا من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز الـ100 مليون، أي نحو 9.5% من مجموع السكان.



مسلمو الإيغور.. جذور
الإيغور.. والأمم المتحدة

دعت منظمة الأمم المتحدة الحكومة الصينية للإفراج عن المسلمين الإيغور المحتجزين في معسكرات «مكافحة الإرهاب»، والذين بلغ عددهم بحسب المنظمة نحو مليون مسلم.



وتنكر الصين تنفيذ اعتقالات جماعية، لكنها اعترفت باحتجاز بعض المتطرفين دينيًّا لإعادة تعليمهم وتأهيلهم، كما تتهم الحكومة المتشددين الإسلاميين والانفصاليين بإثارة الاضطرابات في المنطقة.



وتطالب بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، الصين بإنهاء سياستها التي تؤدي إلى نتائج عكسية -على حد وصف المنظمة- والإفراج عن كل المعتقلين بشكل تعسفي.



كما تفرض الصين قيودًا كبيرة على ممارسة المسلمين شعائرهم، ففي سبتمبر 2017، أصدرت السلطات إشعارات للمسلمين بتسليم كل ما لديهم من متعلقات دينية، بما فيها المصاحف وسجاجيد الصلاة، وتوعدت بعقاب المخالفين.



وقال المتحدث باسم منظمة المؤتمر العالمي للإيغور، ديلكات راكسيت: «تلقينا إشعارًا يقول إن كل فرد من عرقية الإيغور، يجب أن يسلم أي مواد بمنزله مرتبطة بالدين الإسلامي، بما في ذلك المصاحف وسجاجيد الصلاة، وأي شيء آخر يرمز للدين».

مسلمو الإيغور.. جذور
الجذور

تعود أصول الإيغور إلى الشعوب التركية، ويعتبرون أنفسهم أقرب عرقيًّا وثقافيًّا لأمم آسيا الوسطى، ويشير تاريخ الطائفة إلى اندماج عدد من عناصرها إلى جماعات مسلحة بينها القاعدة، في خضم مطالبة مسلمي الإيغور باستقلال إقليم تشينجيانغ، وهو ما واجهته الحكومة الصينية بالرفض القاطع والعنف الصريح، ما دفع الطرف الآخر (مسلمي الإيغور) إلى تبني رد مضاد.



ووفقًا لتقارير عن الإيغور، فإن عددًا من مسلمي الصين انضم إلى جماعات إسلامية مثل الإخوان، والسلفية التكفيرية، ما حدا ببعضهم للارتماء في أحضان متشددي ومتطرفي الفكر.



وبحسب دراسة بعنوان «السلفية في الصين وسلالاتها الجهادية - التكفيرية» نشرت في يناير 2018، فإن المسلمين الصينيين الذين تلقوا تعليمهم في الخارج، أو درسوا تعاليم الإسلام على يد معلمين سلفيين، أسهموا -بقوة- في نشر تلك الأفكار بين الصينيين.



ومع تزايد عدد المسلمين الذين يذهبون للحج والعمرة، أعاد بعض العلماء والدعاة المسلمين الصينيين على الناس ما يعتقدون أنه الإسلام الأصلي.. بدرجات متفاوتة، أثرت مدرسة السلفية المتنوعة على المسلمين الصينيين، بحسب الدراسة.



انتقال الفكر المتطرف للصين، أسهم في انتشار الإخوان، وهو ما يرصده الكاتب ماثيو إس أري، في كتابه «الصين والإسلام» China and Islam»» بأن الإخوان استخدموا نفس مبادئ السلفية لتحقيق أهدافهم في الصين؛ حيث كونوا جبهة ترتكز على أيدولوجيتهما المشتركة، في مقابل الصوفية وأتباع الإسلام التقليديين في الصين.



ويعد ما وان فو، (1849 – 1934)، أكثر الوجوه البارزة في الدعوة إلى الأفكار المتشددة في الصين؛ حيث تمركزت الطائفة التابعة له والمعروفة باسم «ياهواني» أو جماعة الإخواني، في محافظة دونغشيانغ ذات الحكم الذاتي.



وبحسب كتاب الصين والإسلام، فإن ما وان فو، أدى فريضة الحج عام 1888، وظل في السعودية عدة سنوات، سافر بعدها إلى أفغانستان، والعراق، وإيران، وعاد مرة أخرى إلى الصين عام 1892 ومعه كتب ونصوص وكتب من مؤلفات محمد بن عبدالوهاب مؤسس الوهابية، ووضع 10 قواعد للتعامل مع القرآن والسنة، تختلف عن الصورة التي يعرفها المسلمون هناك، والذين وصفهم بأنهم ضلوا الطريق المستقيم.



ودعا فو، أتباعه إلى ترك الاحتفالات والطقوس التي لا تتناسب مع الإسلام –على حد وصفهم– والأخذ بنصوص القرآن، وعدم زيارة القبور، وإلزام النساء بالحجاب، بحسب الدراسة.



ويقول الكاتب دروسي جلادني (Dru C. Gladney ) في كتابه Muslim Chinese: Ethnic Nationalism in the People's Republic، إن الجماعة الإخوانية استخدمت مساجد تشبه المساجد العربية، وقصرت الصلاة في مساجدها على اللغة العربية فقط.



ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة بعدد المسلمين في الصين آنذاك، يذكر الكاتب أن عدد المساجد التي كانت توجد في البلاد وصل إلى ألفين و132 مسجدًا، بينها نحو 560 مسجدًا تابعًا لجماعة الإخوان.



ووفقًا للكتاب، فإنه مع حلول العام 1930، انضمت مجموعة من السلفية غير المتشددة وغير المسيّسة إلى المذهب الوهابي، وعلى مدار السنوات التالية، أصبحت الجماعة التابعة للإخوان جماعة مسلمة ذات قوة في الصين، فيما حاول ما دي باو (1867 – 1977) عام 1936 استقطاب المزيد من مؤيدي السلفية.

مسلمو الإيغور.. جذور
الإيغور والإرهاب

تقول دراسة «السلفية في الصين وسلالاتها الجهادية - التكفيرية» إنه بعدما أنشأ حسن محسوم ونائبه عبدالقادر أوبقان، حركة تركستان الشرقية الإسلامية في باكستان في سبتمبر 1997، اتخذت الأمور منحنى جديدًا؛ حيث أقام «محسوم» صلات رسمية مع حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة، واستفادت «حركة تركستان الشرقية الإسلامية» من البنية التحتية لحركة «طالبان».



كان الأوزبك والإيغور أول مجموعتين من آسيا الوسطى تبنيان شراكة استراتيجية مع حركة تركستان الشرقية الإسلامية، حيث تدرب مقاتلو من الإيغور والأوزبك على أساليب الجهاد، بعدما قام شيخ مصري بارز اسمه الجعفري، والمعروف باسم عيسى، منذ عهد حكم طالبان في أفغانستان حتى عام 2007، بتدريس المعرفة الجهادية للإيغور والمجاهدين الأوزبكيين في أفغانستان وباكستان، وفقًا للدراسة.



وبحسب الدراسة، فإن محسوم كان يعمل من كابل بموجب جواز سفر أفغاني، وأنه اجتمع بأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في عام 1999، فيما أنشأت حركة طالبان الأفغانية قرية مخصصة للإيغور في جلال آباد، ووفر له تنظيم القاعدة منشأة تدريب مخصصة في تورا بورا، وفي النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، انضم مقاتلو الحركة إلى لواء 055 التابع للقاعدة، والذي يقاتل التحالف الشمالي من شينجيانغ.



سافر الإيغور في شينجيانغ إلى باكستان عبر كاراكورام والطريق السريع والطيران إلى باكستان، وقد استقبلهم الأمير الخارجي لمعسكر خلدن (واحد من بين مئات معسكرات تدريب القاعدة في أفغانستان، وكان يديرها أفراد من تنظيم القاعدة خلال حكم طالبان) أبو زبيدة في مطار إسلام أباد ونقلهم إلى أفغانستان لتلقي التدريب.



وبالإضافة إلى الاتصال المباشر مع الجهاديين من تنظيم القاعدة، فإن عددًا من الإيغور والأقليات العرقية في الصين قد اكتسب النزعة الإرهابية والكتفيرية في السجون، خاصة خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، ومن خلال الاتصال بالمهاجرين الإيغوريين ومجتمعات الشتات مع القاعدة وطالبان.



ووفقًا للدراسة، انضمت المجموعة إلى جانب تنظيم القاعدة، وحركة طالبان الباكستانية، والحركة الإسلامية لأوزبكستان، الاتحاد الجهاد الإسلامي، جبهة النصرة، وأخيرًا «داعش».

شارك