"أزمة الفكر الإسلامي المعاصر "بين الجمود والتجديد

الخميس 02/أبريل/2020 - 01:36 ص
طباعة  أزمة الفكر الإسلامي روبير الفارس
 
قامت مجلة الازهر في نوفمبر 2018 بتوزيع كتاب  «هوامش علي أزمة الفكر الإسلامي المعاصر: نظرة نقدية»  من تاليف الاستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق  وزير الاوقاف الاسبق وعضو هيئة كبار العلماء  .كهدية مجانية مع المجلة وهو كتاب بالغ الاهمية علي صغر حجمه وعمق اسلوبه وافكاره 
الكاتب 
محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري السابق وداعية إسلامية. ولد بقريه الضهرية التابعة لمركز شربين بمحافظه الدقهلية عام 1933 حصل علي الإجازة العالمية من كلية اللغة العربية بالأزهر - عام 1959.
والشهادة العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر - عام 1960.
ودكتوراه الفلسفة من جامعة ميونخ بألمانيا - عام 1968.
الكتاب 
والكتاب يقع في 136 صفحة من الحجم الصغير .ويتضمن ثلاثة فصول الفصل الاول بعنوان مقدمات عامة ويشمل  تحديد معني الفكر والعقل الانساني والطابع الانساني للفكر الاسلامي وملامح ازمة الفكر الاسلامي المعاصر والاسلام والفكر الاسلامي والتجديد والاجتهاد اما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان من  مظاهر الجمود في الفكرالاسلامي المعاصر وتعرض للدراسات الفقهية والاجتهاد والتقليد وفقه الواقع والقضايا التى في حاجة الي اجتهاد جديد  ومجالات الدراسات العقدية والتفسير وعلوم القران والحديث النبوي والفكر الاسلامي والتيارات المعاصرة والاسلام والعولمة واحتوي الفصل الثالث علي الجانب الحضاري في الاسلام والفرائض الغائبة ودور الاسلام في تطوير الفكر الحضاري لدي المسلمين  من خلال الحضارة فريضة اسلامية ومفهوم العلم في الاسلام ودور العقل في الابداع الحضاري والمسلمون والحضارة في عالم اليوم والعطاء القراني متواصل واستعادة الثقة بالنفس  

يقول الكاتب  حول ملامح أزمة الفكر الإسلامي المعاصر من الامور التى لاتخفي علي كل غيور علي مسيرة الاسلام ان الفكر الاسلامي في عالمنا المعاصر يعيش حالة من الركود ويعاني ازمة خانقة  وتتجاذبه تيارات متناقضة يزعم كل منها انه يسعي لانقاذه  من هه الازمة فهناك تيارات فكرية تحاول أن تشد هذه المجتمعات إلى الوراء متعامية عن مستجدات العصر وما طرأ على العالم من تغيرات جوهرية، وهناك في الوقت نفسه تيارات تحاول أن تجذبها من وهدتها بطريقة قد تفقدها توازنها وتقتلع معها جذورها بل وتفقدها هويتها، ويبدو الأمر وكأنه خيار بين تيارين متطرفين يمثلان إفراطاً في جانب وتفريطاً في جانب آخر. وفي هذا  المعنى يقول  شكيب أرسلان، «من أكبر عوامل انحطاط المسلمين الجمود علي القديم فكما ان افة الاسلام هي الفئة التى تريد ان تلغي أي شيء قديم بدون نظر فيما هو ضار منه او نافع كذلك افة الاسلام هي الفئة الجامدة  التي لا تريد أن تغير شيئاً ولا ترضى بإدخال أقل تعديل على أصول التعليم الإسلامي ظنا منهم بان  بأن الاقتداء بالكفار كفر وأن نظام التعليم الحديث من وضع الكفار». ولاشك في ان المظلوم في ظل هذا الصراع هو الاسلام ذاته الذي يدعي كل فريق انه يريد انقاذه والحفاظ عليه وهكذا اصبحنا نحن المسلمين سببا في توقف العطاء الحضاري للاسلام 

وقدم الكاتب توضيح فرق فيه بين الاسلام والفكر الاسلامي مؤكدا ان الاسلام يقوم علي اصلين اساسيين هما القران الكريم والسنة النبوية الصحيحة اما الفكر الاسلامي فهو اجتهادات المسلمين في مختلف مجالات العلوم والامور الدينية والدنيوية وهي اجتهادات بشرية غير معصومة من الخطا ويؤكد الكتاب علي  ان العلوم الإسلامية يعرف أنها لم تتطور كثيراً عما كانت عليه منذ قرون ولا تزال تعيش في عصر وإذا كان هذا هو الواقع المر بما يشتمل عليه من جمود فكري عقيم، فإن الضرورة تقتضي تجاوزه، تلبية لمتطلبات العصر. ومن أجل تنشيط الفكر الإسلامي وتجديده، وتحت عنوان التجديد والاجتهاد ، يؤكد الكاتب ان هناك سوء فهم كل فريق لحديث التجديد الوارد عن النبي "ص " الذي يقول فيه " ان الله يبعث لهذه الامة علي راس كل مئة سنة من يجدد لها دينها " فكلا الفريقان علي مايبدو لايعترضان علي صحة هذا الحديث ويقران بضرورة التجديد ولكن كلا منهما يفهم التجديد فهما مختلفا تماما عن الاخر فالفريق المحافظ يفهم التجديد في الحديث المشار اليه بانه يعني احياء السنة واماتة البدعة واما الفريق الاخر فانه يفهم التجديد هنا بانه يعنى التغيير
فالفريق الاول يغفل الحاضر والمستقبل  والثاني يغفل ثوابت الدين التى لا تتغير بتغير الازمان 
وفي مجال الدراسات الفقهية  قدم الدكتور زقزوق نماذج حول الاجتهاد والتقليد وفقه الواقع فكتب يقول ومن المعروف  أن النصوص التي يرجع إليها الفقهاء محدودة، ولكن وقائع الحياة و مستجدات كل عصر لا تنتهي، ومن اجل ذلك فان انزال النصوص  علي واقع الحياة عقلاً راجحاً وأفقاً واسعاً وفقها واعيا في فهم النصوص. وقد ادرك علماء الامة وفقهاؤها ذلك جيدا منذ الصدر الاول للاسلام واعملوا عقولهم في فهم النصوص من جانب وفي انزالها علي واقع الحياة من جانب اخر والتمكن من هذين الجانبين يعد امرا ضروريا للتوصل الي فقهي سديد وهكذا كان مبدا الاجتهاد فتحا جديدا في تاريخ التشريع الاسلامي وهذا  ما جعل المفكر الإسلامي المعروف محمد إقبال يصف الاجتهاد بأنه مبدأ الحركة في الإسلام. 

الاسلام والعولمة 
ناقش الكتاب موقف فريقين ايضا من العولمة الفريق المحافظ الذي يخشي علي الاسلام باعتباره غزو فكري وثقافي  وفي المقابل فريق اخر في عالمنا الاسلامي يتقبل كل ما ياتي من الشرق او من الغرب دون تمحيص ويتحمس له ويتهم الرافضين بالجهل والتخلف والرجعية 
اما الكاتب فيقول لسنا  مع أو ضد العولمة ولكننا  مع النظرة النقدية الواعية للعولمة ولغيرها من التيارات الوافدة، وكتب ملاحظات  مهمة 
اولا  أن الاسلام كدين ليس تياراً فكرياً أو ظاهرة وقتية حتى يخشى عليه من التيارات الوافدة مهما كانت قوتها انه دين له جذور ضاربة في اعماق الكيان الاسلامي واصول راسخة لاتستطيع ان تنال منها التيارات الوافدة 
ثانيا  االعولمة واقع لا يجدي معه أسلوب الرفض. انه تيار بدا بالمجال الاقتصادي وامتد الي المجال السياسي والمجال الثقافي وهذا الواقع يعد حقيقة ماثلة امامنا لا مجال لانكارها وهو واقع يمثل حقيقة ماثلة أمامنا ولا مجال لإنكارها.
ثالثا لايجوز لنا ان نتجاهل اننا لانعيش وحدنا في هذا العالم واننا نعيش في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات والثورة التكنولوجية وفي عصر السماوات المفتوحة وهذا يعنى انه لامجال للانعزال او التقوقع 
ويضيف قائلا ان العولمة تمثل بالنسبة  للمسلمين دعوة غير مباشرة لممارسة النقد الذاتي ليعيدوا النظر في حساباتهم ويعيدوا ترتيب البيت من الداخل. وهذه الدعوة تاتي بطبيعة الحال دون قصد من اصحاب العولمة وقد يري البعض  أن العولمة تمثل استفزاز للمسلمين، ونري انه استفزاز مفيد إذا أحسن المسلمون التعامل معه بأسلوب عقلاني، بعيداً من التشنج والانفعال.موكدا علي ان الاسلام حرص علي التعدد السياسي وحقوق الانسان كما ان دعوة الاسلام دعوة عالمية وقد اعتبر الكتاب ان الحضارة والعلم من الفرائض الغائبة الان  فقال ان مشكلة الاسلام في عالم اليوم مشكلة حضارية في المقام الاول فكل الدول الاسلامية التي يشكل سكانها حاليا اكثر من خمس سكان العالم مندرجة تحت عنوان الدول النامية  والقشرة الحضارية لاتعني التحضر فالتحضر الحقيقي ينبع من الداخل ولا يمكن استيراده فالحضارة الاسلامية لاتقل اهمية عن فريضة الصلاة والصوم فالقران الكريم يتحدث عن التمكين للمسلمين في الارض وهذا في راي الدكتور زقزوق يعني تحقق الحضارة 

شارك