"أخر المسيحيين".. وثائقي يكشف خطورة تهجير الأقليات بتركيا والعراق

الخميس 15/نوفمبر/2018 - 02:50 م
طباعة أخر المسيحيين.. وثائقي روبير الفارس
 
فجرت سلسلة افلام وثائقية انتجتها هيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي عن الوضع المؤلم الذي يقاسي منه المسيحيين وخاصة في تركيا اردوغان . حيث حذرت الافلام من اختفاء المسيحيين وزوالهم من بلدان عاشوا فيها لاكثر من 2000 عاما وجاء بالسلسلة التى تعرضت ايضا لوجود المسيحيين بالعراق .الذين حافظوا على وجودهم وثقافتهم على مدى ألفي عام، لكنهم أصبحوا مهددين بالزوال. فقد انحدر عددهم من مليون ونصف المليون قبل الاجتياح الأمريكي إلى نحو ثلاثمئة ألف حالياً. ووثق الفيلم ما تعرضت له المجموعات المسيحية من تهجير من قبل تنظيم داعش في سهل نينوى شمالي العراق وليكشف عن ضغوط مستمرة تمارس على من تبقى منهم من قِبل بعض جيرانهم الذين ترك داعش بصماته علي تفكيرهم من تعصب ورفض للاخر الامر الذى يدفع بهم الى اللحاق بركب من هاجر منهم الى الخارج.
تركيا 
وفي تركيا، بدى أن المسيحيين اصبحوا على شفير الانقراض بعد ما كانوا ضحية مجازر قبل قرن ، يكشف الوثائقي النقاب عنها، وهم عرضة اليوم ايضاً لضغوط من قبل جيرانهم الاقوى. بدعم مباشر من اردوغان  
كانت نسبة المسيحيين في تركيا تتراوح ما بين عشرين إلى خمسة وعشرين بالمئة من السكان في عام 1914. وبنهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 انحدر عددهم ليشكلوا أقل من واحد في المئة من السكان. وهؤلاء المسيحيون كانوا بمعظمهم من الأرمن واليونانيين ومن طوائف شرقية من المذهب  السرياني.
كانت الكنيسة الكاثوليكية في روما تسعى٬ منذ نحو خمسة قرون٬ لاستمالة هؤلاء إلى معتقدها٬ من خلال إرساليات انصبّ مجهودها على ميادين التبشير والتعليم. ونجح الفاتيكان في مسعاه٬ حيث نشأت في تركيا وعلى امتداد بلاد المشرق والعراق٬ كنائس كاثوليكية خرجت عن التقليد الشرقي، مثل السريان الكاثوليك والأرمن الكاثوليك والروم الكاثوليك والكلدان.وكان الرهبان الكبّوشيون من أنشط الإرساليات التي رسّخت حضورها في جنوبي تركيا، حيث الوجود المسيحي الكثيف الناطق بالسريانية والعربية.
وفي مطلع الحرب العالمية الأولى٬ الدائرة بين السلطنة العثمانية والامبراطورية الروسية٬ على الجبهة الشرقية للسلطنة٬ أي حيث تقع أرمينيا٬ قررت حكومة "تركيا الفتاة" الحاكمة آنذاك٬ نقل الارمن الى مناطق بعيدة عن الجبهة داخل السلطنة٬ توجّسًا من تحالف محتمل بينهم وبين الروس٬ من منطلق خلفيتهم المسيحية الارثوذوكسية.
لكن، عملية نقل السكان الأرمن٬ في واقع الأمر٬ أخذت شكل قوافل بشرية معظمها من النساء والأطفال والعجّز٬ تعرّض معظمهم للتجويع والسبي والذبح والقتل، على يد الجنود العثمانيين والبعض من القبائل الكردية التي عبرت هذه القوافل أراضيها.
وسرعان ما امتدّت موجة اضطهاد الأرمن لتشمل باقي الطوائف المسيحية٬ لدرجة إفنائها في بعض المناطق بحيث فقدت بعض الطوائف ما يقارب ثلث او حتى نصف عددها. عُرفت هذه النكبة في اوساط السريان والآشوريين بالسيفو أي سنة السيف.
ماردين
ماردين مدينة تفتخر بتاريخ عمره آلاف السنين. واسمها بالآرامية يعني العاصية أو المتمردة أو القلعة. وقبل الحرب العالمية الأولى٬ كانت مدينة مزدهرة وتضم كل المكونات العرقية للسلطنة العثمانية٬ من أتراك وأكراد وأرمن وسريان وكلدان. وكان مسيحيّوها يشكلون أكثر من ثلث سكان المدينة.
أما اليوم٬ فالوجود المسيحي يكاد يكون معدوماً. وشاء القدر أن التقي بسيدة تحتفظ بمعلومات عن الأديرة والكنائس التي غاب آثرها. ومنها الدير ومدرسة الأب ليونار. دير الكبوشيين الذي كان قبل قرن من الزمن مركزاً تعليمياً مرموقاً أضحى موقفاً للسيارات! ولم يبقي منه غير مبنى حمام ليس إلا 
خسارة لم تُعوض
حاول مسيحيو تركيا العودة إلى ديارهم بعد نهاية الحرب، لكن الجمهورية التركية الفتية حافظت على موقف السلطنة العثمانية من رعاياها المسيحيين٬ ولم تسمح بوجود إلا العدد القليل الذي نجى مما حلّ بهم من ويلات. ودفعت الأجواء السلبية لاحقاً٬ كالحرب بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني والتهميش من قِبل السلطات٬ بمن بقي نحو الهجرة.ولم يبق من شعب عاش لآلاف السنين في تلك الأرض سوى حوالي ألفين وخمسمئة شخص وتراث معماري وثقافي بات اليوم مجرد آثار.
تفتح سلسلة افلام " اخر المسيحيين " ملف تعامل اردوغان مع المسيحيين بتركيا والذى فتح بلاده لكل الجماعات الارهابية من اخوان وجبهة النصرة وداعش الامر الذى خلق واقع شديد التعصب والاضطهاد لهم .كذلك ادخلهم ماسمي بالانقلاب الفاشل في دائرة المرفضين والمكرهون من السلطة الحاكمة وطبقا لدراسات مختلفة، تتراوح أعداد المسيحيين في تركيا بين 120,000-310,000، فضلا عن  تواجد أقلية من المجتمع المسيحي التركي البروتستانتي.

شارك