تصريحات "الغنوشي" تضع "النهضة" في مأزق

الإثنين 19/نوفمبر/2018 - 04:55 م
طباعة تصريحات الغنوشي تضع فاطمة عبدالغني
 
صرح  راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة- الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في تونس - خلال الجلسة العامة السنوية الرابعة لكتلة الحركة بمجلس الشعب أن الحركة "لم تعد الحزب الثاني كما أفرزت انتخابات سنة 2014 بل أصبحت الحزب الأساسي في البلاد لكنها لم تسعى إلى ترجمة ذلك في الحكومة التي تشكلت واكتفت بمجرد تحسين وجودها وبوضع فيتوات على أشخاص ليسوا في أماكنهم"، مضيفًا "كسبنا الأكبر محاربة ما نعتقد انه فساد وقد أزيل الكثير من العناصر الفاسدة ولم يقع تغييرهم بنهضاويين بل بأشخاص أحسن منهم".
هذه التصريحات أثارت انتقادات عدة خصوصًا من قبل الوزراء الذين غادروا الحكومة، حيث أعلن وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق مبروك كورشيد أنه قرر مقاضاة الغنوشي، كما قرر وزير العدل السابق غازي الجريبي رفع قضية ضد الغنوشي على خلفية ذات التصريحات حيث أوضح أنه غير معني بكلام راشد الغنوشي بخصوص تهم الفساد لكن يعتبر تصريحه خطير ومغلوط للرأي العام.
فيما صرح وزير التكوين المهني والتشغيل فوزي عبدالرحمن في تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" "لا أستطيع الصمت عندما أسمع رئيس حزب يستعرض قوته لإعلامنا أنه أكتفى بأخذ ما أخذ حفاظًا على الوضع وأنهم استعملوا فيتو ضد بعض الوزراء الفاسدين ووقع تغييرهم بوزراء صالحين، بدون ذكر هؤلاء وبدون استثناء يذكر، متسائلاً إن كان وزراء النهضة داخل الحكومة كانوا يعلمون بوجود وزراء فاسدين ورغم ذلك واصلوا العمل معهم".
وتابع " الفساد يأخذ أشكالا عديدة ومنها الفساد المتعلق بالفرد أو المسؤول و منها الفساد المؤسساتي الممنهج الذي يستهدف مؤسسات الدولة لتقويض أسسها أو إضعافها. على أي نوع من الفساد يتكلم رئيس الحزب؟"
وأضاف الوزير "نحن ندرك جميعا أن ملف الفساد لم يفتح إلا بصفة جانبية و ذلك لان الفساد عقلية بنيت على الولاء للمصلحة الفردية أو الجماعية و الفئوية (القبيلة الجديدة) على حساب المصلحة العامة و أنه لا يمكن التغلب على الفساد إلا بتقوية الدولة و مؤسساتها. و لن تستطيع أي مجموعة أن تكون صادقة في ذلك ما لم تجعل الدولة قبل التنظيم قولا و فعلا و المصلحة العامة فوق كل إعتبار".
 وأختتم الوزير تدوينته "كان لي شرف التعامل مع رجال دولة لم تشبهم أي شبهة من الباقين أو المغادرين و هم كثيرون. أما فيما عدا ذلك فإنه لا يدخل في باب المعلوم بالضرورة بالنسبة لي إلا فيما تحقق منه، أما من يَعلَم و لا يُعلِم فهو يدخل في باب التستر عن المنكر".
لم تلتزم الحركة الصمت إذ أصدرت اليوم الاثنين بيانًا على إثر التعليقات التي خرجت حول مداخلة رئيس الحركة في اجتماع الكتلة عن التحوير الوزاري، قالت فيه "تؤكد أن كلامه لا يوجه اتهامًا لأحد بالفساد وإنما يتحدث عن المعيار المعتمد في تقييم الترشحات والآداء بالتشاور مع رئيس الحكومة الذي اختار فريقه بملء إرادته وبما يجعله المسؤول الأول والأخير عن نتائجه.
كما تأسف لتسرع البعض في تحميل الكلام أكثر مما يحتمل، خاصة وأنه لم يقصد الإساءة المباشرة أو غير المباشرة للوزراء المغادرين، ومنهم القيادي البارز في الحركة عماد الحمامي، وتؤكد الحركة احترامها للسادة أعضاء الحكومة المغادرين وتتمنى لهم النجاح في مستقبلهم المهني والسياسي".
بيان الحركة يأتي أيضًا في أعقاب انطلاق دعوات تونسية لحل حركة النهضة الإخوانية، لخرقها قانون الإرهاب، عقب الكشف عن وجود وثائق سرية، تثبت وجود جهاز سري موازي للحركة مرتبط باغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. 
وعلى ضوء هذا الكشف عقد البرلمان التونسي اليوم الاثنين جلسة برلمانية من أجل مساءلة وزيري الداخلية والعدل في القضية المعروفة بـ"الغرفة السوداء" لحركة النهضة.
وفي هذا السياق صرح وزير العدل كريم الجموسي خلال جلسة المساءلة "إن العمومية تولت فتح بحث تحقيقي بخصوص ظروف وملابسات المعطيات التي قدمتها هيئة الدفاع عن الشهيدين البراهمي وبلعيد".
وأضاف الجموسي "أن قاضي التحقيق المتعهد بقضية الشهيد محمد البراهمي انتقل يوم 13 نوفمبر الجاري إلى مقر وزارة الداخلية وتولى جلب المحجوز إلى مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب". وتابع "أنه في حال اكتشف معطيات جديدة أو معلومات أو مستجدات ذات أهمية فإنه يحيلها على وكيل الجمهورية لاتخاذ ما يراه صالحًا"، يشار إلى أن الجلسة شهدت حضورًا محدودًا حيث أعلن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر عن حضور 74 نائبا من جملة 217 نائب.
فيما قالت النائبة عن حزب نداء تونس فاطمة المسدي في مداخلتها في البرلمان "إننا نعيش في زمن اختلط فيه الدم الأحمر بالدم الأسود"، مضيفة، "على وزير الداخلية تجميد حزب حركة النهضة إذا ثبت تورطها في التنظيم السري إلى حين كشف الجرائم التي تورطت فيها"، وتابعت "حركة النهضة تهدد الأمن القومي ولدى تنظيمها السري بالجوسسة والاغتيالات السياسية وبشبكات التسفير". وقالت "إن على وزير الداخلية كشف العلاقة بين القيادي الأمني عبدالكريم بالعبيدي وقادة الإرهاب وقيادات حركة النهضة".
فيما انتقد النائب عن حركة النهضة سمير ديلو في مداخلته في البرلمان أثناء الاستماع إلى وزيري الداخلية والعدل "الاتهامات الموجهة ليست مبنية على دلائل واضحة ولم تصدر من القضاء بل من قبل طرف في المعركة وهي هيئة الدفاع عن الشهيدين".
واتهم سمير هيئة الدفاع بالضغط على السلطة التنفيذية وعلى القطاع القضائي لتوجيه قضايا الاغتيال في اتجاه معين خدمة لطرف سياسي، مشيرًا إلى أن التهم طالت وزير الداخلية الحالي، وقال "إن التهم الموجهة للنهضة وصلت إلى حد التهديد والدعوة إلى حلها".
 وعلى الصعيد ذاته، كانت هيئة الدفاع عن السياسيين قد أكدت أمس أنها تلقت تطمينات بأن عملية فتح صناديق ومحتويات الغرفة السوداء ستتم بحضور من يمثلها، وأن ما كشف عنه من وثائق إلى الآن لا يمثل سوى 25% مما تملكة من حقائق حول تورط أعضاء بحركة النهضة وعلى رأسهم الغنوشي في جرائم الاغتيال السياسية، كما أكد رضا الرداوي عضو هيئة الدفاع أن عددًا من الوثائق تم إتلافها وحرقها وأن هيئة الدفاع ستقدم بشكوى قضائية ضد وزير الداخلية الحالي بالمشاركة في إخفاء ملفات ومعطيات ونشر أخبار زائفة.
ويتوقع المراقبون أنه في حالة ثبوت إدانه حركة النهضة بالضلوع في اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أن تكون الخطوة القادمة، هي حل حركة النهضة الإخوانية اعتمادا على قانون مكافحة الإرهاب وتهمة تكوين جماعة للقيام بعملية إرهابية واعتمادا على خرقه الحركة لقانون الأحزاب.

شارك