انتهاكات "الحوثيين" تطال منظمات المجتمع المدني

الثلاثاء 27/نوفمبر/2018 - 12:53 م
طباعة انتهاكات الحوثيين فاطمة عبدالغني
 
في أعقاب الظروف المعيشية السيئة التي يتكبدها اليمنيون من زيادة نسبة البطالة وارتفاع الأسعار وانقطاع الأجور وتشريد ونزوح الكثير من العائلات من مناطق الصراع إلى مناطق أمنة وظهور الأوبئة وغيرها من الآثار الكارثية الناتجة عن الحرب، حيث تشير التقديرات إلى أن 21 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات جراء النزاع الذي أسفر عن مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص، وإصابة نحو 35 ألفا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي كان ضروريًا أن يبرز دور منظمات المجتمع المدني كي تستطيع خدمة المجتمع وإغاثة الشعب الملكوم والدفاع عن الحقوق والحريات وخصوصًا في ظل غياب مؤسسات الدولة الفاعلة. 
ولكن جاء الواقع عكس المأمول، ففي ظل بيئة يمارس فيها كل أنواع الانتهاكات الإنسانية والحقوقية والتعسف غير القانوني وغير المبرر من قبل ميليشيا الحوثي ضد منظمات المجتمع المدني قيدت قدرتها في الاطلاع بدورها بحيادية وخاصة في الجانب الحقوقي فقد تتعرض للملاحقة والإغلاق والتجميد وقد تمارس ضدها الضغوط من أجل تحسين صورتها أمام المجتمع بجانبيه المحلي والدولي، وقد تجبر في نهاية المطاف على التخلي عن العمل المدني على الرغم من حاجة المجتمع إلى كل عمل تطوعي ودعم إغاثي وبالذات أثناء الحرب، ولسوء الحظ قد تصبح منظمات المجتمع المدني هدفًا للحكومات الشمولية والجماعات المسلحة تستفيد منها خلال الصراع لتنال منها وتعطل نشاطها وتبدد ثروات البلاد بشكل عام.
وهو ما أكده تقرير لصحيفة الحياة السعودية  العام الماضي أن 128 منظّمة وجمعية خيرية في اليمن، تعرّضت إلى انتهاكات فجّة وكبيرة من قبل ميليشيات الحوثي، وأوضح التقرير "أن مؤسسة اليتيم الخيرية في صنعاء وحدها قدّرت خسائرها بـ100 مليون دولار، في ما لا يمكن تقدير قيمة الأضرار التي تعرّض لها المدنيون، فالأيتام والأرامل والمعوزون كانوا يستندون إلى جمعيات محلّية يستطيعون العيش من خلالها وهذا يفوق المبلغ المقدّر لخسائر المنظّمات وحالات النهب فيها"، وأضاف التقرير "أن الميليشيات الانقلابية نهبت المنظّمات العاملة وأثاثها وصادرت أموالها، وحوّلت بعضها إلى ثكنات عسكرية وأماكن لتدريب مقاتليها والبعض الآخر إلى مخازن أسلحة كالمدارس والمستشفيات وأماكن مدنية عدة بما فيها المنازل والمساجد".
وعلى صعيد متصل وفي مقابل وجود مبدأ دولي يشرع لمنظمات المجتمع المدني الحق في التماس التمويل من مصادر قانونية، هناك حكومات شمولية وجماعات مسلحة تصنف هذا الحق على أنه عماله للخارج الغرض منه السيطرة على الدولة، وفي هذا الإطار عمدت مليشيا الحوثي إلى إغلاق ومصادرة المؤسسات المدنية والجمعيات الخيرية التي لا يضمنون ولاءها وعملها لصالحهم، حتى الجمعيات التي قدر لها البقاء فرضت عليها موظفين موالين لسلطات الانقلاب من أجل ضمان بقاء هذه الجمعيات تحت الرقابة والسيطرة المباشرة لهم، كما قلصت عمل الجمعيات القديمة لصالح جمعيات جديدة تابعه لسلطات الانقلاب. 
وفي إطار أحدث ما قامت به ميليشيا الحوثي من انتهاكات لمؤسسات المجتمع المدني اليمنية، أصدر ما يسمى المجلس السياسي الأعلى "أعلى سلطة حوثية شكلية لحكم البلاد"، قرار يقضي بتجميد عمل منظمات المجتمع المدني في المناطق التي لاتزال تحت سيطرتها، ونصت وثيقة القرار الموجهة من رئيس المجلس السياسي الأعلى إلى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الحوثيين على "عدم منح أي ترخيص أو تجديد لأي تكوينات (منظمات- مؤسسات- جمعيات- ائتلافات- اتحادات نقابات.. وغيرها) خلال هذه الفترة وحتى إشعار أخر والرفع بالحالات الطارئة في تقارير الوزارة الشهرية"، ولم تحدد الوثيقة مدة تجميد عمل منظمات المجتمع المدني.
وفي السياق ذاته، اعتبرت مصادر حقوقية هذه الخطوة بمثابة "تطورًا خطيرًا يمهد لمرحلة جديدة من القمع وانتهاكات حقوق الإنسان وعسكرة الحياة المدنية وسلب المجتمع ما تبقى له من حقوق وحريات. وأفاد مصدر حقوقي "بأن إقدام ميليشيا الحوثي على إنها وجود المجتمع المدني يهدف إلى السطو على المساعدات الإنسانية والغذائية للمحتاجين، واحتكار توزيعها داخل الجماعة، إلى جانب منع أي تحرك ضد ممارسات وانتهاكات حقوق الإنسان".
وعلى صعيد متصل، التقى وزير حقوق الإنسان اليمنى محمد عسكر في مطار عدن الدولي ، أمس الاثنين، وفدًا أممىًا برئاسة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أندرو جيلومور وعضوية مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا محمد على النسور، ومدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى اليمن العبيد أحمد العبيد، وبحث تطورات الأوضاع فى اليمن. 
وعبر الوزير عسكر - وفقًا لوكالة الأنباء اليمنية، خلال اللقاء – "عن أمله فى أن تسهم هذه الزيارة فى تخفيف معاناة الشعب اليمنى جراء انقلاب ميليشيات الحوثى الانقلابية المدعومة من إيران، على الدولة والسلطة الشرعية وما تسببت به من أوضاع إنسانية غاية فى الصعوبة ناهيك عن انتهاكاتها المستمرة ضد المدنيين والدمار الذى طال البنى التحتية".
وأكد الوزير أن زيارة الفريق الأممي إلى العاصمة المؤقتة عدن تأتي في إطار بناء قدرات الآليات الوطنية والاطلاع على الأوضاع الإنسانية وأوضاع حقوق الإنسان وكشف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الانقلابية بحق أبناء الشعب اليمني، مشيرًا إلى أن الوفد الأممي سيلتقي الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني.

شارك