"حلفاء السنة".. ورقة ضغط "حزب الله" لتحقيق مكاسب إيران في الحكومة اللبنانية

الأربعاء 28/نوفمبر/2018 - 03:05 م
طباعة حلفاء السنة.. ورقة أميرة الشريف
 
ما زالت مساعي تشكيل الحكومة اللبنانية تشهد عرقلة من جانب ميلشيات حزب الله اللبناني، مما يؤدي إلي تعثر المفاوضات وزيادة الأزمة  وتدهور الوضع الاقتصادي أكثر ما هو عليه.
وتعرقل ميليشيات حزب الله تشكيل الحكومة اللبنانية من خلال تمسكها بتمثيل السنّة من حلفائه في "قوى 8 آذار" في الحكومة الجديدة، مما يؤشر بتأخير الإعلان عن تشكيل الحكومة، ويصر حزب الله على تمثيل أحد النواب السنة في تحالفه بالحكومة، وهو على الأرجح نائب طرابلس فيصل كرامي.
وعلي الرغم من الدعوات المتزايدة من المسؤولين لتأليف الحكومة؛ كانت آخِرها من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس اللبناني العماد ميشال عون، مؤكداً أنه لم يعد هناك من مجال للترف على الإطلاق وأنه يجب علينا أن نكون أمام حكومة، ليس اليوم؛ إنما البارحة، يقف حزب الله اللبناني حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة.
وشهد شهر سبتمبر الماضي انفراجة مؤقتة، بعدما تمت إزالة عقبة رئيسية بشأن التمثيل المسيحى مع حزب القوات اللبنانية المسيحى المعارض لحزب الله والذى قدم تنازلات للرئيس ميشال عون والتيار الوطنى الحر المتحالف مع الجماعة الشيعية، لكن حزب الله يصر على تمثيل أحد حلفائه السنة فى الحكومة المؤلفة من 30 وزيرا بما يعكس المكاسب التى حققوها فى الانتخابات البرلمانية.
ويمتلك "حزب الله" القدرة علي تسهيل تشكيل الحكومة، لتعيين بعض شخصيات الموالية من تيار السنة في مناصب بالحكومة، ومن جهة أخرى تحافظ على تثبيت الوضع القائم منعا لتغيرات تضرب جمود المشهد السياسي.
ووفق محللون فإن ميلشيات حزب الله الموالية لإيران، تسعي لاستمرار الجمود في المشهد السياسي مما يصب في مصلحة طهران الحليفة الكبرى للحزب الإرهابي التي تبقي لبنان ورقة معلقة لاستخدامها في محاولاتها الإفلات من أقفاص العقوبات الأمريكية أو أي ضغوط أخرى يخطط لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولا توجد أي مؤشرات في الوقت الراهن، لتشكيل الحكومة وبالأخص في ظل الصراعات مع حزب الله والتعنت التي تشهده المفاوضات بين الطرفين، وتمسك المليشيات بتوزير حلفائها السنة نواب "8 آذار" المعروفين بـ"النواب السنة المستقلين" الموالين للحزب والذين لا ينتمون لأي أحزاب أخري، وهو ما يرفضه بشدة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلا أن مواقف المسئولين في حزب الله بدأت تأخذ منذ أيام اتجاه تصعيدي تجاه الحريري وذلك عبر تحميله شخصيا مسئولية حل هذه العقدة السياسية.
ويرفض رئيس الوزراء المكلف سعد الحريرى الاستسلام لضغوط حزب الله وحلفاءه داخل لبنان، وهو ما ظهر جليا فى رفضه استقبال النواب المستقلين، وهو ما فسره مراقبون بأن فى استقبال الحريرى لهم اعتراف بكونهم كتلة سياسية وحزبية، وهو ما يتنافى مع طبيعة المشهد اللبنانى بشكل عام.
حيث اتهم الحريري قيادة "حزب الله" بعرقلة إعلان الحكومة، مشددا على أن الدستور يعطي حق تشكيل الحكومة لرئيس الوزراء المُكلف، ورئيس الجمهورية فقط.
وأعرب الحريري عن أمله في أن يتم التوصل إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة الجديدة، مشددا على أن الجميع يجب أن يدرك أن الدستور اللبناني هو الذي يجمع الكل في لبنان.
وقال الحريري "أرى أن قيادة حزب الله تريد عرقلة تشكيل الحكومة"، متابعا "أنا عملت ما عليّ، الحكومة جاهزة… وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته أمام البلد"، مضيفًا أن "الدستور يعطي حق تشكيل الحكومة للرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية فقط، وليس معهم أي شخص ثالث".
واعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أن أزمة تأليف الحكومة قد كبرت ولم تعد صغيرة، يأتي ذلك بعد أن توقفت كل مساعي التشكيل عقب بروز أزمة تمثيل النواب السنة المستقلين.
ووجه عون رسائل لفرقاء السياسة فى كلمته بمناسبة ذكرى الاستقلال قائلاً: "إذا كنتم تريدون قيام الدولة، فتذكروا أن لبنان لم يعد يملك ترف إهدار الوقت"، مشددًا على أن دخول العنصر الخارجى، متابعًا: "يفقدنا حرية القرار، فيضيع جوهر الاستقلال وتصبح السيادة أيضا فى دائرة الخطر".
وأشار الرئيس اللبنانى، إلى أن استقلال لبنان وسيادته يجب أن يبقيا خارج معادلة المعارضة والموالاة، وخارج نطاق الصراع على السلطة، مشددًا على أن الخلافات لا يجب أن تكون على الوطن بل فى السياسة، وهي مقبولة ما دام سقفها لا يطال حدّ الوطن ومصلحته العليا.
وحذر عون، من محاولات إضعاف رئيس الوزراء المقبل، متابعًا أن ما يهم اللبنانيون هو أن يكون هناك رئيس حكومة قويًا وليس من مصالح لبنان إضعاف رئيس حكومته لأن المسئوليات الملقاة على عاتقه كبيرة، وتستوجب الدعم.
ووفق تقرير بثته قناة  سكاي نيوز، فإن مليشيات حزب الله تحاول الضغط على الحريري من خلال طرح أسماء بديلة لرئاسة الحكومة وهي محاولة غير جدية، فحزب الله يعلم أنه لا بديل عن الحريري في الوقت الحالي لكنه يريده ضعيفا، وهذا موقف يرده البعض على انتظار حزب الله لضوء أخضر إيراني لتأخير تشكيل الحكومة الذي لا يبدو حزب الله مستعجلًا اليوم في تسهيل تشكيلها.
وكان جدّد حزب الله على لسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد، تمسّكه بتمثيل النواب السنّة، وقال: اتفق 6 من 10 نواب من الذين انتخبهم الناس من أبناء الطائفة السنية ومثلوا شريحة واسعة منها أن يتمثلوا في الحكومة، وهذا حق لهم وتمثيلهم ليس منة من أحد، ولم يقدر أحد أن يتجاوزهم.
وزعم رعد في أن تتشكل الحكومة في أسرع وقت، والمسألة مرتبطة بحسن النية وليست مسألة حسابات، لأنه إذا أردنا أن نفعل حسابات بحسب حق الناس بالتمثيل فتكون الحسابات خاسرة لجهة الطرف الذي لا يرضى بالتمثيل، دعونا نعمل حسابات النيات، فحسنوا نياتكم تصلون للحلول.
وتسعي أمريكا لفرض عقوبات جديدة على إيران، ما يبرهن علي أن حزب الله يعرقل تشكيل الحكومة كورقة ضغط تلعبها إيران والتي تريد تحقيق بعض المكاسب بسبب العقوبات الأمريكية، وفي المقابل أكدت مصادر مقربة من الحريري أنه لن يرضخ للضغوط وسيبقى متمسك بموقفه الرافض لتمثيل ما يسمى بسنة "8 آزار" حلفاء حزب الله، وأن تشكيل حكومة بشروط المليشيات يعنى القبول بسياساته الهادفة إلى مبدأ "الأمر لي" وهذا الضغط لن يقبل به سعد الحريري.
ووفق تقارير صحافية، يحاول حزب الله تطويع الحريري وفرض شروطه عليه، وتضع المعلومات حول البديل في خانة الضغوط، مضيفة أن رئيس الحكومة المكلف لن ينصاع للضغوط.
ويري مراقبون، أن حزب الله يسعى إلى عرقلة جهود تشكيل الحكومة الجديدة، والدخول بلبنان فى فترة طويلة وممتدة من "حكومة تصريف الأعمال" لخدمة الأجندة الإيرانية وإضعاف لبنان والكتل السنية داخل بيروت بشكل لافت، فى محاولة للرد على العقوبات الأمريكية التى أضعفت الحزب الشيعى فى الآونة الأخيرة.

شارك