بين الحل والتجميد.. حركة "النهضة" تواجه مأزقًا قضائيًا

الأحد 02/ديسمبر/2018 - 12:19 م
طباعة بين الحل والتجميد.. فاطمة عبدالغني
 
عقب الكشف عن وجود وثائق سرية، تثبت وجود جهاز سري موازي لحركة النهضة الإخوانية مرتبط باغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، انطلقت دعوات تونسية لحل الحركة لخرقها قانون الإرهاب.
وعلى ضوء هذا الكشف عقد البرلمان التونسي نوفمبر الماضي جلسة برلمانية من أجل مساءلة وزيري الداخلية والعدل في القضية المعروفة بـ"الغرفة السوداء" لحركة النهضة.
كما أكدت هيئة الدفاع عن السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أنها تلقت تطمينات بأن عملية فتح صناديق ومحتويات الغرفة السوداء ستتم بحضور من يمثلها، وأن ما كشف عنه من وثائق إلى الآن لا يمثل سوى 25% مما تملكه من حقائق حول تورط أعضاء بحركة النهضة وعلى رأسهم الغنوشي في جرائم الاغتيال السياسية، كما أكد رضا الرداوي عضو هيئة الدفاع أن عددًا من الوثائق تم إتلافها وحرقها وأن هيئة الدفاع ستقدم بشكوى قضائية ضد وزير الداخلية الحالي بالمشاركة في إخفاء ملفات ومعطيات ونشر أخبار زائفة.
وفي تطور جديد أعلنت هيئة الدفاع عن السياسيين أمس السبت، أنها ستتقدم بدعوى قضائية للمطالبة بحل حزب "حركة النهضة" بدعوى ارتباطه بـ"الإرهاب"، أو تجميد نشاطها خمس سنوات، استناداً لقانون مكافحة الإرهاب الذي يخول حل أي حزب أو جمعية يثبت ارتباطها بالإرهاب.
وصرح عضو هيئة الدفاع، علي كلثوم، "بأن الهيئة سترفع قريبا دعوى قضائية ضد حركة النهضة للمطالبة بحلها وذلك حسب الفصل السابع من قانون "مكافحة الإرهاب" الذي يخول حل أي حزب أو جمعية لارتباطها بالإرهاب".
وأوضح كلثوم "أن هيئة الدفاع أعلنت ذلك خلال مرافعة أمام هيئة المحكمة التي نظرت في قضية الشهيد شكري بلعيد يوم الجمعة".
وأضاف الخبير القانوني والناشط الحقوقي، عماد بن حليمة، "إنه وعلى خلفية المعطيات التي تمّ الكشف عنها من قبل هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي والمتعلقة بوجود جهاز سري لحركة النهضة، يمكن التوجه نحو حل حركة النهضة حال سارت الإجراءات في المسار الصحيح"
وتابع عماد "وفقًا للفصل 30 من المرسوم المنظم لقانون الأحزاب، فإن الشخص الوحيد الذي يمكنه حل الحزب هو رئيس الحكومة، يليه الحل عبر التقدم بدعوى قضائية، وذلك إذا ثبت أن الحزب قد حاد عن النشاط الذي أُسس من أجله، على غرار ما حدث مع رابطة حماية الثورة، التي تم حلها بعد مبادرة أولى قام بها رئيس الحكومة ثم تم حلها قضائيا".
هذا فيما أجلت الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية بتونس المختصة في "جرائم الإرهاب" النظر في قضية اغتيال الأمين العام السابق لـ"حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد" شكري بلعيد إلى يوم 30 مارس 2019 وفق ما أفاد به عضو هيئة الدفاع نزار السنوسي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية.
وبحسب مراقبون فإن الأسابيع القادمة ستكون صعبة على الحركة في الظل التهم الموجهة لها بإدارة جهاز سري لاستهداف خصومها، وتحالفها مع تنظيم أنصار الشريعة المحظور، واختراقها مؤسسات الدولة السيادية، وتنصتها ورصدها لشخصيات سياسية وإعلامية وثقافية، فضلاً عن تجسسها على دول شقيقة وصديقة، وتعاونها على ذلك مع عناصر من جماعة الإخوان المصرية المحظورة، وتخطيطها في العام 2013 لاغتيال الباجي قائد السبسي قبل أن يصبح رئيساً للبلاد والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته لتونس في يونيو من ذات العام.
تزايد الضغوط على حركة النهضة يأتي في أعقاب اتهام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الحركة برئاسة راشد الغنوشي، بتهديده، حيث صرح السبسي في كلمة افتتح بها الخميس الماضي، اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي التونسي، إن بيان حركة النهضة الذي أصدرته بخصوص لقائه بهيئة الدفاع عن السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي “تضمن تهديدا له"، وأضاف أن لقاءه بالهيئة المذكورة أثار "حساسية وحفيظة بعض الجهات، ومنها حركة النهضة"، وتابع الرئيس التونسي "استمعت إلى المحامين (من الهيئة) وكلامهم كان معقولا وقدموا وثائق. هل أغمض عينيّ؟ ليس هناك سر. التنظيم لم يعد سريا. يبدو هذا ما أثار حفيظة النهضة". مؤكدًا أن ذلك البيان "تضمن تهديدا لي"، متسائلاً "هل سأسمح بذلك؟ لا… وستنظر فيها (الوثائق المقدمة من الهيئة) المحاكم".
تجاهلت حركة النهضة، الرد مباشرة على تصريحات الرئيس الباجي قائد السبسي وأكدت في بيان حمل توقيع رئيسها راشد الغنوشي، أصدرته الجمعة، في أعقاب اجتماع مكتبها التنفيذي، على "ضرورة الحفاظ على حيادية مؤسسات الجمهورية والنأي بها عن التجاذبات الحزبية والسياسية والانتخابية".
كما جددت في ذات البيان “على ثقتها في حرص رئيس الجمهورية على السهر على احترام الدستور، وضمان علوية القانون والتصدي لكل الممارسات التي من شأنها إقحام مؤسسات الدولة في التجاذبات".
ويرى مراقبون أن تضارب مواقف النهضة إلى حد التناقض، لا يعد تعبيرًا عن مقتضيات التغيرات السياسية، بقدر ما يعكس منهج عمل يتناسب مع خصائص المرحلة الراهنة، خاصة في ضوء  تزايد الضغوط على الحركة، ما يدفع بها إلى وضع  أكثر حساسية لانعكاسات ربما باتت تهدد بانفجار داخلي قد يعجز الغنوشي عن احتوائه.

شارك