إرساء دعائم "دولة الخلافة" وتغيير النظام السياسي التونسي.. حملة جديدة يطلقها حزب "التحرير"

الأحد 09/ديسمبر/2018 - 12:27 م
طباعة إرساء دعائم دولة فاطمة عبدالغني
 
صدام محتمل تنذر به الأيام القادمة بين الحكومة التونسية وحزب التحرير ذو المرجعية الإسلامية، الذي أعلن عن إطلاق "حملة تعبئة وإنقاذ" من أجل تغيير النظام السياسي التونسي وإرساء دعائم دولة الخلافة، عبر دعوة أنصاره إلى الالتفاف حول الحزب ودعم توجهاته للمرحلة القادمة، كبديل لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وإرساء الدولة الإسلامية التي تتبنى حكم الله في رعاية شؤون الأمة.
جاء ذلك في أعقاب ندوة صحفية عقدت الجمعة بمقر الحزب بمنطقة سكرة في ولاية أريانة، قدم خلالها رئيس المكتب الإعلامي للحزب محمد مقديش توجهات حزبه للمرحلة القادمة، قائلاً "إنها تعتمد على توعية أفراد المجتمع بأهمية الانخراط في التحركات السلمية للحزب، لتغيير نظام الحكم والقطع مع الإملاءات الخارجية والارتهان للهياكل المالية الأجنبية".
وأضاف مقديش "إنه سيتم خلال هذه الحملة التحسيس بتوجهات الحزب عبر المطارحة الفكرية والسياسية القائمة على أحكام الله والشريعة الإسلامية"، كما انتقد مقديش الأطراف الحاكمة في إدارة شؤون البلاد في قطاعات كالتربية والصحة، وتابع "إن ميزانياتها تعتمد على توفير أجور العاملين دون أية استثمارات أو خدمات تذكر".
من ناحية أخرى، صرح محمد علي بن سالم عضو لجنة الاتصالات المركزية للحزب "أن دولة الخلافة هي الحل لكل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والآلية المثلى لإنقاذ البلاد من التبعية الغربية ومنع استغلال ثرواتها الطبيعية والارتهان للنظم الرأسمالية التي تقرر مصير الأمة الإسلامية وفق توجهاتها الاستعمارية".
في مقابل ذلك وفي رد فعل على الحملة التي أطلقها حزب التحرير، أعلن الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر أمس السبت أنه سيتوجه بمراسلة لرئيس الحكومة لمطالبته باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحل حزب التحرير.
وفي أعقاب اجتماع عقده الديوان السياسي أمس السبت، اعتبر أن حزب التحرير  تنظيمًا خطيرًا على الدولة وأمنها، ودعى خلال بيان له رئاسة الحكومة إلى "تصحيح أخطاء حكومات الترويكا التي منحت التأشيرة لأحزاب غير مدنية تناهض النظام الجمهوري وتنشر الفكر المتطرف لدى الرأي العام وتتاجر بالدين لتحقيق أغراض سياسية ضيقة"، وأضاف الديوان السياسي للحزب الدستوري في بيانه "إنه اتخذ هذا القرار على خلفية ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن حزب التحرير والذي تضمن إطلاق حملة سياسية بقصد الانقلاب على الدولة المدنية وإرساء حكم الخلافة".
واعتبر الديوان أن المصطلحات التي استخدمها حزب التحرير في بيانه مثل "التحرر من الطغاة وكلاء الاستعمار" وأهل القوة" بمثابة مصطلحات داعشية تمثل تهديدًا للأمن القومي ودعوة مبطنة للعنف والإرهاب ومخالفة واضحة للفصل الأول من الدستور والمرسوم المنظم للأحزاب السياسية.
يذكر أن وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان السابق مهدي بن غربية، صرح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء مطلع العام الماضي، بأن الوزارة راسلت طلب توضيحات لحزب التحرير بخصوص التصريحات الإعلامية المتتالية التي يطلقها الحزب، والتي تفيد بعدم إيمانه بمبادئ الجمهورية، وأكد بن غربية خلال تصريحاته أنه في حال عدم رد الحزب على هذه المراسلة، فإن الحكومة ستلجأ إلى القضاء للنظر في مسألة حله. 
وأضاف الوزير أنه من غير المقبول وجود أحزاب لا تؤمن بمبادئ الجمهورية وبالعلم التونسي وبدستور 2014، مذكرا بأن المرسوم 87 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، يقر في فصله الثالث من باب المبادئ العامة ضرورة احترام مبادئ الجمهورية والتعددية والتداول السلمي على السلطة.
يشار إلى أن حزب التحرير الذي يعتبر نفسه فرعا لحزب التحرير العالمي في ولاية تونس، هو حزب ذو مرجعية إسلامية، وكان حصل على ترخيص العمل القانوني سنة 2012، بدعوى إقامة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة في البلاد، وقد تم تعليق نشاطه سابقا لمدة شهر بموجب قرار قضائي، بسبب التحريض على الكراهية والدعوة إلى إقامة دولة الخلافة.
خاصة بعد  إثارته جدلًا واسعًا بحكم عدم اعترافه بالديمقراطية وبالانتخابات وبدستور 2014 المدني الذي يكاد يكون المكسب الوحيد للتونسيين منذ انتفاضة يناير 2011، كما يرفض الحزب العلم الوطني ويتمسك بالراية السوداء التي تتبناها الجماعات المتشددة، ويعارض أيضًا النظام الديمقراطي وينادي بدولة الخلافة وبتطبيق صريح للشريعة.
وفى هذا السياق تصف القوى العلمانية في تونس حزب التحرير بأنه "جزء من تنظيم الدولة الإسلامية ولكنه بدون سلاح"، مطالبين بالتصدي لمخاطره، معتبرة الحزب لا يعد سوى "الذراع السياسية للتنظيمات السلفية الجهادية التي قويت شوكتها في البلاد".
وقال عميرة الصغير الأخصائي في الجماعات الإسلامية أن "الأحزاب الدينية في تونس من النهضة وحزب التحرير مرورا بأخواتهما من مشتقات الدواعش ومفرزاتها العديدة كلها تؤمن بنفس المنطلقات والغاية وهي تطبيق الشريعة الإسلامية وبناء داعش أو دولة الخلافة".، وأضاف الصغير "أن الترويكا منحت الترخيص القانوني لحزب التحرير في مسعى إلى توسيع قاعدة الإسلام السياسي"، واصفا إياه بـ"التنظيم السلفي الذي يروج للكراهية والعنف والتمرّد على الدولة الوطنية وعل دستورها".
وفي هذا الصدد يرى المراقبون  أنه كان من الأجدر على الحكومة حل حزب التحرير منذ مجاهرته برفض الدستور المدني وخرقه له في العديد من المناسبات وفق الفصل الثالث الذي ينص على ضرورة حل كل حزب لا يحترم القيم الوطنية المدنية، ومبادئ النظام الجمهوري، وفي مقدمتها مدنية الدولة.
للمزيد حول حزب التحرير اضغط هنا

شارك