"الإخوان" والميلشيات المسلحة.. تحالف الشر القطري للتدخل في ليبيا

السبت 15/ديسمبر/2018 - 03:04 م
طباعة الإخوان والميلشيات فاطمة عبدالغني
 
في إطار اختتام مؤتمر "اللجنة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الليبي" أول أمس الخميس، دعت اللجنة الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها بإعادة الاستقرار والبناء في ليبيا، وطالبت المجتمع الدولي بإيقاف "سلوك قطر الشيطاني في ليبيا ومناطق أخرى"، حيث استنكر المشاركون في المؤتمر دور قطر التخريبي من خلال دعمها للميليشيات المتطرفة والإرهابية في ليبيا، و ناشد المؤتمر فرنسا بالضغط على الميليشيات الليبية المدعومة من قطر من أجل إطلاق سراح المعتقلين لديها.
لم تكن هذه هي المرة الأولى للمطالبة بوقف التدخل القطري في الشأن الليبي حيث طالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، نوفمبر الماضي مكتبي المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، "بضرورة فتح تحقيق دولي شامل حيال التدخل القطري"، حيث أكد بيان اللجنة أن "التدخل من جانب قطر في الشؤون الداخلية في ليبيا منذ سنة 2011، كان تدخلاً مشبوهاً، وأذكى الصراع المسلح، وجرّ ليبيا إلى حرب أهلية، وفاقم من المعاناة الإنسانية والأمنية، وأدى إلى تصاعد العنف، وتصاعد خطر الإرهاب والتطرف".
وفي هذا السياق، طالب سراج سالم التاورغي، محامي أهالي ضحايا مدينة تاورغاء الليبية خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عنه سعيد عبدالحافظ، رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان في الندوة التي عقدت بجنيف، على هامش اجتماعات الدورة الـ39 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان، "المجتمع الدولي بملاحقة قطر وإجبارها على عدم التدخل ووقف تقديم الدعم اللوجيستي إلى المليشيات المسلحة، كما أشار إلى أن قضية حقوق الإنسان في ليبيا ملف مسكوت عنه دوليا، رغم أن هذا البلد يشهد يوميا أبشع الانتهاكات التي تتم بصورة ممنهجة من قبل الجماعات الإرهابية ويدفع ثمنها الضحايا المدنيون". 
وأوضح أن "المجتمع الدولي، خصوصا أوروبا، لا يهتم إلا بقضية الهجرة غير الشرعية، أما انتهاكات حقوق الإنسان للمواطن والمقيمين على الأراضي الليبية فلا أحد يتضامن معهم"، وأكد التاورغي "نمتلك كل الأدلة والمستندات التي تدين تدخلات قطر وتركيا في الشأن الليبي، وسيأتى اليوم الذي نقدم فيه كل المتورطين للمحاكمة".
  وبحسب المراقبون لا تتوقف المحاولات القطرية الساعية لإطالة أمد الأزمة الليبية عبر استمرار تدخلات نظام الحمدين في الشأن الليبي وإرباك أي توافق أو تقارب ليبي بين الفرقاء السياسيين وإيعاز اتباع نظام الحمدين من قيادات جماعات الإسلام السياسي بالمضي في مؤامراتهم التخريبية ضد هذا البلد المأزوم، هذا فضلاً عن استمرار التدخل القطري السعي لتوطين المليشيات المسلحة والجماعات الضالة وعلى رأسها الإخوان المسلمين سعيًا لقيادة البلاد نحو المصير المجهول في وجود الانقسامات السياسية، خدمة لمطامع قطر وتنظيم الإخوان الرامية إلى الاستيلاء على النفط والغاز الليبي، عبر تأجيج الصراعات في المنطقة ونشر الفوضى والاقتتال فيها، وإلهائها عن الأخذ بأسباب التقدم والازدهار.
وعلى ضوء استمرار نظام الحمدين في تحريض أتباعه لتنفيذ مؤامراته بتفكيك ليبيا، عبر تغذية الصراع بتمويل الجماعات المتطرفة والميليشيات المسلحة لإطالة الأزمة، أثار التدخل القطري غضب الليبيين الذين طالبوا القصاص، ما دفع الباحث الليبي جبريل العبيدي كشف الوجه القطري القبيح، فأيد لجنة حقوق الإنسان الليبية في دعواها أمام المحكمة الجنائية، وطالب بفتح تحقيق دولي في دور قطر المشبوه في طرابلس، لكن الدوحة عملت على تذكية الصراع المسلح وجر ليبيا إلى حرب أهلية، حيث فاقم الدور القطري من المعاناة الإنسانية والأمنية للشعب الليبي، كما سرق الحمدين أرشيف المخابرات الليبية طوال 42 عامًا، حيث قامت السلطات القطرية بسرقة أرشيف المخابرات الليبية، بمساعدة مليشيات ليبية، لاستغلال الأرشيف وابتزاز شركاء القذافي السابقين، من خلال كشف تعاملاتهم مع القذافي، إضافة إلى سعيه للاستيلاء على ثروات ليبيا من النفط والغاز. 
وتأكيدًا على مساعي قطر وتركيا لتدمير ليبيا‎ من خلال دعمهما لجماعة الإخوان الإرهابية والتيارات المتطرفة، صرح النائب السابق بالبرلمان الليبي الدكتور محمد عامر العباني،  وأضاف العباني، "أن قطر وتركيا تهدفان إلى عدم توحيد الصف الليبي وخصوصا المؤسسة العسكرية".
المدعي العام الليبي أيضًا رد على الإرهاب القطري عبر إصدار مذكرة توقيف بحق 826 إرهابيًا ليبيًا متواجدون في تركيا وقطر وينعمون بدعم الدوحة غير المحدود.

وفي إطار تصريحات خبراء ومتابعي الشأن الليبي التي أكدت استخدام قطر للميليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة من أجل نهب ثروات ليبيا فضلا عن أن سبب أزمات العاصمة الليبية هو انتشار  تلك المليشيات، صرح عيسى رشوان، الخبير في الشؤون السياسية الليبية إنه "يجب إخراج مؤقت لجميع مراكز المال والسلطة من مناطق نفوذ المليشيات المسلحة" من أجل تقليم أظافرهم كخطوة أولى لحل تلك المليشيات بشكل نهائي. 
وأكد رشوان "أن قطر تمول تلك المليشيات بشكل كامل؛ من أجل استمرار نهب الغاز الليبي، بينما تركيا تدعمها من أجل السيطرة على مراكز المال في طرابلس، ومن ثم تحويل الدولارات من ليبيا إلى أنقرة؛ للمساهمة في حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تسبب فيها رجب طيب أردوغان" 
وأضاف الدكتور صالح الزوبيك، المحلل السياسي الليبي أمين رابطة الإعلاميين الليبيين بالقاهرة، "إن الوضع الطبيعي لحل الأزمة الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس هو وجود مؤسسة عسكرية نظامية قوية، وشرطة مدنية ومؤسسات أمنية ذات كفاءة عالية تحفظ أمن وحياة المواطنين الليبيين".
وتابع الزوبيك، "أن الإرهاب المدعوم من قطر وعناصرها من تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا، سيستمر في العاصمة حال عدم توحيد المؤسسات العسكرية وإنهاء تواجد المليشيات المسلحة، بالإضافة لإنهاء حالة الانقسام الحالية، مؤكدا أنه: "بدون عودة المؤسسات الرسمية؛ لا يوجد أي ضمان للقضاء على الإرهاب".
وأشار الزوبيك إلى أن "استمرار حالة الانقسام وفشل المجلس الرئاسي، بقيادة فايز السراج، في فرض الأمن، يجعل الجماعات الإرهابية تعمل بأريحية وتنظم صفوفها من حين لآخر؛ لاستهداف الليبيين وثرواتهم". وأضاف الزوبيك أن حدود ليبيا خارج سيطرة السلطات الليبية، كما أن نقل الجماعات الإرهابية لعناصرها وأسلحتها بات سهلا في ظل هذا الوضع الأمني الهش، مشددا على أن المجتمع الدولي يتحمل مسئولية ما حدث في ليبيا من دمار وعبث. 
من ناحية أخرى قال الدكتور عثمان بركة، المحلل السياسي الليبي، "إن خروج المليشيات مرهون بخروج الجهات الأجنبية كافة من كامل التراب الليبي، في إشارة إلى التدخل القطري فى ليبيا"، وأكد بركة أن قطر تنهب ثروات ليبيا بواسطة المليشيات المسلحة، وأن الشعب الليبي قادر على حل مشاكله بنفسه، مطالبا بإنهاء التدخل القطري في ليبيا ووقف دعم الدوحة للجماعات الإرهابية.
هذا كما أكد العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، في وقت سابق خلال نوفمبر الماضي، أن قطر مولت جماعات على علاقة بتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة من أجل محاصرة الموانئ النفطية، متهما البنك المركزي بطرابلس بتوجيه الأموال للجماعات المتطرفة وجماعة الإخوان المسلمين وزعماء الميليشيات لمحاصرة تلك الموانئ.
يشار إلى أن المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس تفرض قيودا على عمل المؤسسات الوطنية التابعة للدولة، وعلى رأسها المؤسسة الوطنية للنفط، وتمنع وصول الوقود إلى مناطق في ضواحي العاصمة باستعمال القوة؛ لمنع وصول شاحنات الوقود إلى مناطق حيوية، هذا وقد بدأ دور الجماعات والمليشيات المسلحة في ليبيا ينشط عام 2014، مع تشكيل الكتائب المسلحة لدعم أطراف سياسية ليبية، لا سيما جماعة الإخوان الإرهابية، التي استخدمت هذه الكتائب في تصفية الخصوم السياسيين، وتنفيذ أجندات أجنبية مشبوهة.
أما التدخل القطري فكان منذ مخطط إسقاط الدولة الليبية في فبراير 2011، وهذا ما تعلنه قطر ونظامها، وتجاهر به، وإن كان اقتصر على إسقاط القذافي، وهو ما أكده وكشف عنه رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، اللواء العطية، بالقول: "قطر أشرفت على خطط الثوار لأنهم مدنيون، وليس لديهم الخبرة العسكرية الكافية. لقد كنا نحن حلقة الوصل بين الثوار وقوات الناتو، فقد كنا موجودين بينهم".

شارك