إيران وتصدير الصراعات المذهبية.. التشيع في الجزائر والدور الإيراني (2-3)

السبت 22/ديسمبر/2018 - 04:24 م
طباعة إيران وتصدير الصراعات كتب: حسام الحداد – هند الضوي – فاطمة عبد الغني
 
مدخل:
يتصاعد المد الشيعي بشكل لافت للنظر، في دول المغرب الغربي وشمال إفريقيا عموما، في غياب تام لاستراتيجية المواجهة، في مقابل مشروع كامل متكامل من جانب دولة إيران في نقل التشيع إلى أقصى البقاع، ضمن خطة تصدير الثورة التي انطلقت بعد نجاح الثورة الخمينية.
تناولنا في الجزء الأول من هذا التقرير التمدد الشيعي في تونس ، ودور إيران الداعم والمهيئ لتنامي الجماعات والجمعيات المذهبية "الشيعية" هناك.
ونعرض في هذا الجزء من التقرير الحالة الجزائرية

أصبحت الجزائر في مرمى التخوفات من انتشار المذهب الشيعي الاثني عشري المدعوم من إيران، فقد رصد مراقبون ورجال الأمن العديد من المدن التي ينشط فيها مروجو المذهب الشيعي بين الشباب الجزائري.وقد استغل النظام الايراني العلاقات الرسمية الدافئة مع الجزائر ، في تمرير مخططه الرامي لتزايد النفوذ الشيعي في الجزائر بشكل خاص ، وفي عموم الشمال الافريقي .

لمحة تاريخية:
الغالبية من سكان جمهورية الجزائر مسلمون على المذهب المالكي، وهو المذهب الرسمي في الجزائر، وهناك أقليات تتبع مذاهب أخرى ، ومن ذلك المذهب الإباضي الذي يعد مذهب أهل منطقة مزاب في الجنوب الجزائري. كذلك يوجد في الجزائر بضعة آلاف من المسيحيين. أما الشيعة في الجزائر اليوم فهم أقلية آخذة في الازدياد في العقود الثلاثة الأخيرة
فقد كان للمذهب الشيعي تواجد كبير في الجزائر خلال مرحلة الدولة الرستمية (776-908 م) التي أسسها الإباضيون وجعلوا من تيهرت (تيارت حاليا) عاصمة لهم ومهدًا لثقافتهم وفكرهم في الشمال الإفريقي، حتى قام الداعية الشيعي أبو عبيد الله الشيعي صاحب الفاطميين بالقضاء على دولتهم عام 908 م. وتحول الإباضيون نحو الجنوب الجزائري، واستقروا في منطقة وادي ميزاب (غرداية). وكانت هناك دويلة أخرى قامت في الجنوب الغربي للجزائر وجنوب المغرب إلى جانب الدولة الرستيمة، سميت دولة سجلماسة (أو الدولة المدارية) (758 - 909 م) وهي دولة كالرستمية أسسها شيعة لكنهم على المذهب الصفري، وقد قضى الفاطميون عليها كذلك.
ومع قيام الدولة الفاطمية في منطقة شمال إفريقيا (910 – 973 م)، كانت محضنًا للمذهب الشيعي الذي كان يعتنقه الفاطميين قبل أن يقوموا بغزو مصر واحتلالها.. وقد لعب الفاطميون حسب مصادر أخرى دورًا خبيثاً في محاربة المذهب السني ونشر التشيع من خلال الترويج لمذهب الإسماعيلية، نسبة للإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، إبان حكم الأدارسة عام 172 هجرية. وتذهب تلك المصادر إلى تأكيد أن بربر شمال إفريقيا اعتنقوا المذهب الشيعي وبايعوا الفاطميين على النصرة والولاء.
وأول دولة أسسها الشيعة في التاريخ كانت بــ (سطيف) وتحديدا بدائرة (العلمة)، وبالضبط في بني عزيز (في الجزائر). هذه حقيقة يذكرها المؤرخون، ومنهم (ابن خلدون)، ويرى هؤلاء أن دخول الشيعة إلى قارة إفريقيا كان بأمر من الإمام جعفر بن محمد الصادق الذي كلف اثنين من أتباعه بالذهاب إلى المغرب العربي لنشر الفكر الإسلامي الشيعي فيه، فدخلا الجزائر واتجها إلى قبيلة (كتامة) الممتدة ما بين (بجاية) إلى (غاية دلس) غربا، و(عنابة) شرقًا إلى حدود (الحضنة والاوراس) من ناحية الجنوب والجنوب الشرقي، و(فالمة وسوق اهراس) شرقًا، وكانت لهم مواطن في هذه المنطقة، منها الحواضر الكبرى المعروفة اليوم مثل: فالمة، سوق احراس، القالة، عنابة، سكيكدة، العقل، جيجل، قسنطينة، سطيف، وبضمنها الحواضر الصغيرة الموجودة بنواصر الاوراس، اقجان، ومواطن أخرى.
وبعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979، بدأت ملامح المشهد السياسي في الوطن العربي عموما والجزائر خصوصا تأخذ شكلًا جديدًا، متأثرة بأفكار الثورة الاسلامية الخومينية ،
وتشير دراسة الدكتور عبد الحفيظ غرس الله المختص في سوسيولجيا الإسلام بجامعة وهران "الوجود الشيعي في الجزائر"، إلى أن التواجد الشيعي في الجزائر لم يكن له وجود واضح قبل فترة الثمانينيات؛ حيث كان المجتمع الجزائري يعيش بمعزل تام عن أي تأثير طائفي خارجي، إلى غاية بداية البعثات الدراسية من الجامعات الوطنية نحو مؤسسات للتعليم العالي في دول بالمشرق العربي، خاصة تلك التي لديها نسبة كبيرة من أتباع المذهب الشيعي مثل سوريا ولبنان والعراق.
ويضاف إلى عامل الهجرة في إطار المنح الدراسية، كذلك عامل آخر، حسب دراسة الباحث غرس الله، وهو السفارة الإيرانية بالجزائر، والتي وصف دورها بالمركزي في نشر التشيع ببلادنا، وهذا من خلال تسويق النموذج السياسي للإسلام السياسي في إيران، واعتباره نموذجًا للعدالة الاجتماعية وفق الشريعة الإسلامية، وكقائد لدول المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني في المنطقة والامبريالية الغربية، وهذا من خلال النشاطات الكثيرة التي تقيمها، وبرعاية موظفين كبار على مستوى السفارة، وتشمل كذلك رحلات دراسية إلى المؤسسات الدينية العليا في إيران في كل من طهران وقم. وهذه النشاطات "الدعوية" ليست ذات طابع ديني فقط، فقد أشارت الدراسة من خلال مجموعة من الاستجوابات مع المتحولين إلى المذهب الشيعي، أنها تقتضي من جميع اتباع هذا المذهب الولاء التام للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، الخميني ثم الخامنئي من بعده، وهو ما قام به ما يعرف بـ "الوكيل الشرعي لخامنئي" في الجزائر المدعو الشيخ فاضل الجزائري، الذي يتولى تأطير الجماعات الشيعية.
ومن الأسباب التي اعتمد عليها المروجون للمذهب الشيعي في الجزائر، ذكر الدكتور عبد الحفيظ غرس الله أن الجانب الذي يعتمد عليه دعاة التشيع في الجزائر هو الارتباط الكبير للشعب الجزائري بأهل بيت رسول الله، الذين يحظون بمكانة كبيرة بينهم؛ حيث يكنون لهم حبًّا نظرًا لدورهم في حياة الرسول الكريم، من دون أي تسييس للرواية التاريخية ولا التقديس الذي يتنافى مع رسالة التوحيد التي جاء بها الإسلام.

خريطة الوجود الشيعي في الجزائر:
إذا كان الحضور الشيعي في الجزائر محتشمًا، ويمكن ملاحظته في بعض الولايات والمدن مثل الجزائر العاصمة، باتنة، تبسة، خنشلة، تيارت، سيدي بلعباس. غير أن عددًا من المواقع الشيعية عبر شبكة الانترنت، من بينها موقع مركز الأبحاث العقائدية، وهو أكبر المواقع الشيعية، بالإضافة لـ "شبكة شيعة الجزائر" التي ترفع شعار "من المدرسة المصالية إلى المدرسة الخمينية"، تقول عبر تقارير نقلتها - هذه المواقع الإلكترونية - بأن المذهب الشيعي "يزداد انتشارا بشكل سرّي في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري، بعد أن نقله إليهم مدرسون وموظفون قدموا للعمل من العراق وسوريا ولبنان". ويرى المشرف العام على "شبكة شيعة الجزائر" والذي يسمي نفسه "محمد العامري" (30 عاما) أن الاستبصار - التشيع - في الجزائر "مستمر بحمد الله والاستبصار أكثر من منتشر بل منفجر في كامل أرجاء التراب الجزائري متنقلا عبر كل الطبقات الاجتماعية فسابقا كان يدور بين الشبان والآن ببركة صاحب العصر والزمان (عليه السلام) دخلت بيوت بكاملها في التشيع وسمعت أن أكبر متشيع عمره 69 سنة"
وذكر المهتم بقضايا التشيع في الجزائر الباحث نور الدين المالكي ما يزيد عن  150 تجمعا سنويا للشيعة، في مختلف مناسباتهم الدينية، مؤكدا أن شهر محرم هو شهر ”المآتم” بالنسبة للشيعة، وهو الذي يكثر فيه تجمع هؤلاء المتشيعين الجدد منهم والقدامى.
منن جهتها أكدت وكالة أنباء "براثا" العراقية الشيعية (تتبع رجل الدين جلال الدين الصغير)، أن "آلاف الجزائريين تشيّعوا بفعل أنشطة جمعيات رسمية، وأخرى تنشط في سرية".وذكر تقرير للوكالة، نقلاً عمّا وصفته بمصادرها الخاصة في الجزائر، أن "التشيع ينتشر بسرعة كبيرة في عدد من المدن الجزائرية الكبرى، كالعاصمة، ووهران، وسطيف، وباتنة". وأن "الأنشطة الثقافية وخطاب المقاومة من أسباب تحول الجزائريين إلى المذهب الشيعي". وبحسب التقرير، ترعى جمعيات وتنظيمات أهلية وثقافية هذا التبادل، وبعضها تمت تسوية وضعه القانوني، والآخر يعمل دون اعتراف رسمي، وأمام أعين السلطات.
والتشيع في الجزائر، بعدما كان مستترا بدأ في الظهور العلني، كما وقف عليه البعض من خلال عدة شواهد، سواء فيديوهات أو حتى "كتابات حائطية"، إحداها تم تسجيله في ولاية خنشلة شرق البلاد. ورصدت وسائل الإعلام الجزائرية الظاهرة، وقالت إن الأمن الجزائري فتح تحقيقا في منشورات تدعو للتشيع، خصوصا في ولايتي غرداية وبسكرة جنوب البلاد، بحسب جريدة "الشروق". 
وفي هذا السياق، نشر مركز الأبحاث العقائدية الشيعي، عبر موقعه الإلكتروني ضمن ركن "المستبصرون"، عدد من المداخلات لجزائريين اعتنقوا هذا المذهب، يتحدثون عما يسمونه بـ"القمع" و"المضايقات"، ويطالبون القائمين على هذا المركز بدعمهم بالكتب والمرجعيات الشيعية الدينية، 
الدور الإيراني في دعم شيعة الجزائر:
يعد الدور الإيراني عاملًا مهما في انتشار التشيع في الجزائر، ففي شمال مدينة طهران وفي شارع ميرداماد (وهو فيلسوف إيراني برز في بداية عهد الصفويين)، يثير مبنى صغير اهتمام سكان الحي؛ حيث لا تعلوه لافتة تفصح عن هويته رغم أن طبيعته توحي بأنه مبنى إداري حكومي. في ذلك المبنى تعمل وحدة تابعة لمكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله على خامنئي. تحمل هذه الوحدة اسم "كتامة" 
الباحث عبدالعزيز الخميس يسلط الضوء على تلك الوحدة ودورها كذراع إيرانية خفية تعبث في المشهد المغاربي. و"كتامة" اسم ليس غريباً على الإيرانيين؛ فهي مفردة مشتقة من فعل "كتم" في اللغة العربية ولعلها تنطبق على طبيعة عمل موظفي وحدة "كتامة" من حيث الكتمان، لكنهم في هذا المبنى يعنون اسم منطقة في المغرب يعدها مؤرخو الشيعة أقدم قاعدة لنشر التشيع في شمال إفريقيا تاريخياً، حيث سكن فيها أبو عبدالله الشيعي أحد دعاة الإسماعيلية، وعمل منها على نشر المذهب الإسماعيلي الشيعي. يعمل موظفو وحدة "كتامة" على الرغم من أنهم ليسوا إسماعيليين، بدأب على إعداد خطط تحت إشراف مكتب المرشد العام لنشر التشيع الاثني عشري الجعفري في المغرب العربي. وتتضمن هذه الخطط الدعم المعنوي والمادي لشبكات تشييع منتشرة في المغرب العربي وتكثيف النشاط التبشيري عبر أوروبا حيث تستهدف الجاليات المغاربية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا. 
. وكشفت صحف ومواقع إعلامية عن تحركات دؤوبة تقوم بها السفارة الإيرانية في الجزائر لتصدير الفكر الشيعي واختراق النظام المجتمعي المعروف بتمسكه بالمذهب المالكي "السني" هناك. وعمد ناشطون حقوقيون على إطلاق حملة على شبكات التواصل الاجتماعي تبنوا فيه المطالبة بطرد الملحق الثقافي بسفارة إيران في الجزائر أمير موسوي، لأنه كما يقولون "يسعى بقوة إلى نشر التشيع" تحت غطاء التقارب بين البلدين في المجال الاقتصادي.
وقال الناشطون: إن أمير موسوي تجاوز مهمته الدبلوماسية فصار ينسق سرياً مع متشيعين جزائريين، ونظم لعدد منهم رحلات إلى طهران وقم والنجف، وهناك بالتأكيد التقوا مع جهاز المخابرات الإيراني والحرس الثوري ورجال دين شيعة. ونقلت صحيفة أخبار اليوم الجزائرية عن زعيم تنظيم صحوة المساجد الحرة عبد القتاح حمداش قوله: "إن سفارة إيران في الجزائر تنشر التشيع بأساليب أخطبوطية".
من جهته ذكر الكاتب والحقوقي الجزائري، أنور مالك، في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، بعد حملة لطرد أمير موسوي، الملحق الثقافي الإيراني في الجزائر، بعد اتهامه بتجاوز حدود مهمته الدبلوماسية، وإدارة شبكة خطرة لنشر التشيع بين الجزائريين مطلع العام، إن "موسوي يقوم بنشر التشيع في الجزائر من خلال تنظيم زيارات لجزائريين إلى قم وطهران". ورأى مالك أنه "جرى اختيار موسوي بعناية؛ لكونه كان يتردد على الفضائيات العربية، وبات معروفاً للجمهور العربي، وتم استغلال ظهوره لنشر التشيع". وكشف مالك عن وجود "خلايا سرية لنشر التشيع في الجزائر"، مشيراً إلى أن "موسوي التقى بضباط في جهاز الاستخبارات"، معتبراً في الوقت نفسه أن "ما يقوم به يهدد الأمن القومي الجزائري". وأكد الحقوقي الجزائري، في تغريدة له أن "ما حققته إيران من مكاسب في نشر التشيع بين الجزائريين خلال 15 عاماً ، لم يسبق له مثيل في الجزائر التي بلغت مرحلة الخطر".وأضاف في تغريدة أخرى: أن "الخطر الصفوي يتحدى الجزائريين: الشيعة في الجزائر يلبسون السواد علنا بالشوارع في عاشوراء وبينهم من سمّى ابنه الخميني"
ويعد نشر التشيع من محاولات الاختراق السياسي الإيراني، فقد سعى المتشيعون مع الانفتاح السياسي الذي عرفته الجزائر في أواخر ثمانينيات القرن الماضي التغلغل بين قواعد حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي كان يسيطر على الساحة والترشح في الانتخابات المحلية والبرلمانية غير أن تلك المحاولات لم تتوج بوصول عناصر متشيعة إلى أي منصب قيادي. وفي نفس الفترة وقفت إيران إلى جانب الجبهة الإسلامية للإنقاذ والذي تطور لاحقا إلى أزمة سياسية بين البلدين انتهت إلى قطع العلاقات بينهما حتى 1999 مع وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة، وتذهب بعض المصادر إلى تورط الحرس الثوري الإيراني في دعم الحركات المسلحة وتدريب أشخاص، وبعض القيادات التي تتهم بالتشيع، ومحاولة السيطرة على التنظيمات وتوجيهها. وتقوم السفارة الإيرانية بالجزائر بتنظيم رحلات دراسية إلى المؤسسات الدينية في إيران، ولا تبقى محصورة عن الحد الديني، وإنما تقتضي الولاء للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، الخميني ثم الخامنئي من بعده وهو ما قام به من يعرف ب"الوكيل الشرعي للخامنئي" بالجزائر الشيخ فاضل الجزائري الذي يتولى تأطير الجماعات الشيعية 
وتقوم مؤسسة الإمام الحسين والتي مقرها قم في إيران بمساعدة طلاب العلوم الدينية من مختلف دول العالم ومن بينها الجزائر. ويؤكد المتشيع التونسي السيد عماد الحمروني أهمية دور هؤلاء الطلبة؛ حيث يقول في مداخلة له على الموقع الإلكتروني لـ"شيعة الجزائر" بتاريخ 8 ماي 2004: "أعلمك أني التقيت بإخوتنا من طلاب العلم في قم المقدسة من تونس والجزائر والمغرب ودعوتهم إلى الاهتمام بشئون التبليغ والتواصل مع إخوتهم من بني قومهم إننا ومن خلال تكليفنا الشرعي خصصنا هذا العام جمعية أهل البيت الثقافية بتونس حتى تكون صوت المؤمنين الموالين في بلادنا وهي خطوة أولى لإحياء التشيع في بلاد المغرب الإسلامي. وتفيد بعض الأصداء أنه يتم سنويًّا صرف مبالغ مالية مهمة لنشر هذا الفكر ومساعدة المتشيعين في تغطية تكاليف سفرهم للحج سنويا إلى منطقة كربلاء في العراق، والتواصل مع أعلام هذا الفكر هناك. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن القنوات الشيعية تعرض الكثير من اللقاءات في تغطيتها لعاشوراء في كربلاء كل سنة ويكون من بين الوفود مغاربة يقيمون في دول المهجر بلغ عددهم في إحداها قرابة الخمسة مائة. وأشار السفير السعودي السابق في الجزائر عبد الله الناصر إلى أن إيران "تقدم ألف منحة دراسية سنويا للطلاب الجزائريين". كما تحدثت جريدة الشروق عن وجود 50 متشيع جزائري في قم. ويبدوا هذا الرقم صغير جدا فوفقه يمكن القول أنه كان ينتقل من (1980 إلى 2010) جزائريين فقط للدراسة في قم. وبغض النظر عن هذا؛ فإن هؤلاء أمضوا سنوات عديدة من الدراسة في الحوزة؛ وبالتالي فهم مشاريع دعاة في المستقبل المتوسط أو البعيد، ووكلاء للمراجع الدينية في الوقت الحالي، وقد بدؤوا في الظهور على القنوات الشيعية كدعاة وأيضا تقديم برامج، أو نقل تجربتهم مع التشيع (استبصارهم). وكلما سنحت الظروف للنشاط فسيحاولون ملأ الفراغ أو الفرص المتاحة، خاصة مع اتجاه المجال الديني نحو الحريات الفردية.(36)
ويعتبر ملفا التعاون الاقتصادي والمد الشيعي أهم التحديات التي تواجه الجزائر في العلاقات مع إيران؛ فالمد الشيعي لإيران انعكس على جميع البلدان التي نجح في بناء حاضنة مجتمعية بها بالوبال والاقتتال الطائفي مثلما يحدث في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. وتبحث إيران، عن طريق الجزائر؛ على بوابة لها في الشمال الإفريقي اقتصاديًّا وفكريًا.
كما يُعد تعزيزُ الحضور الاقتصادي لإيران إقليميًّا أحد أهم ثوابت السياسة الإيرانية، فهناك أكثر من 15 شركة إيرانية بالجزائر وفقا لسفير الجزائري في طهران سفيان ميموني.

كلمة أخيرة:
أولا : التشيع أصبح موجودا في الجزائراعتمادًا على سياسية التقارب بين الجزائر وإيران.
ثانيًا: أن حالة من النشاط الشيعي شهدتها الجزائر ما بعد ظاهرة الربيع العربي، وهو ما كان واضحًا من خلال ظهور العديد من الفيديوهات التي تظهر احتفالاتهم بالمناسبات الشيعية.
ثالثًا: وجود نشاط قوي بين المحلق الثقافي الإيراني في الجزائر والذي يشير إلى أن الملحقية الثافية الإيرانية أصبحت مركزًا لنشر التشيع بالبلاد.
رابعًا: يبدو أن إيران مصممة على أن يكون لها موطئ قدم في شمال إفريقيا العربي، فبعد محاولات حثيثة لنشر التشيّع في مصر والمغرب وتونس لم تسجّل نجاحات تذكر، جاء دور الجزائر، لعلها تستطيع أن تمرّر مخططها في الدخول إلى ساحتها الداخلية الهيمنة على القرار السياسي لاحقًا عبر استغلال النعرات العرقية بين الأمازيغ والعرب، 
خامسًا: اللعب على ثنائية المذهب والعقيدة عبر استهداف نشر التشيع بين البرر هو بمثابة ورقة ومخطط إيراني من اجل احداث صدام بين ابناء الوطن الواحد.
سادسًا: يجب أن يكون هناك تحرك قوي ضد الوجود الإيراني في الجزائر ، مع العلم أن الملحق الثقافي الإيراني أمير موسوي عمل بالسودان في وقت سابق، وهو ما أدى إلى خلاف بين الخرطوم وطهران لنشاط موسوي المشبوه في البلاد.

للمزيد عن التشيع في الجزائر.. أضغط هنا

يتبع : الجز الثالث : التشيع في المغرب والدور الإيراني

شارك