رغم مساعي المفاوضات.. طالبان باقية وتتمدد في أفغانستان

الأربعاء 26/ديسمبر/2018 - 01:34 م
طباعة رغم مساعي المفاوضات.. أميرة الشريف
 
مواصلة للعمليات الإرهابية التي تستهدف أفغانستان من قبل حركة طالبان، أعلن الجيش الأفغاني اليوم الأربعاء 26 ديسمبر 2018،  أن ثمانية مسلحين على الأقل قُتلوا في قصف بطائرات من دون طيار بإقليم لوغار وسط أفغانستان، وفق ما ذكرته وكالة "خاما برس "الأفغانية.
وجاء في بيان صادر عن فيلق الرعد 203، التابع للجيش الأفغاني أن طائرات من دون طيار تابعة لقوات التحالف نفذت عمليات قصف جوي بمنطقة محمد أغا، مما أسفر عن مقتل ثمانية مسلحين على الأقل، مضيفا أنه تم استهداف المسلحين بالقرب من منطقة سورخاب.
وإقليم لوغار من بين الأقاليم المضطربة نسبياً في الأجزاء الوسطى من البلاد، حيث يعمل المسلحون المناهضون للحكومة بشكل نشط في بعض من مناطقه.
ويحاول مسلحو طالبان استهداف المؤسسات الحكومية وقوات الأمن، في إطار حملتهم المستمرة ضد الحكومة.
ووسعت حركة طالبان في السنوات الثلاث الماضية نطاق سيطرتها في أفغانستان ضمن إستراتيجية تقوم على التمدد السريع، في المقابل تقلصت سيطرة الحكومة إلى أكثر بقليل من نصف مساحة البلاد.
وفي الأشهر القليلة الماضية، كثفت طالبان هجماتها على القواعد العسكرية للحكومة الأفغانية، مما سمح لها بالتوغل في مراكز عدد من الولايات لتتدخل عندها القوات الأمريكية بالطيران.
وبدا أن الضغط العسكري المتصاعد للحركة يدفع حكومة الرئيس أشرف غني للتفاوض معها، حيث أرسلت كابل في نوفمبر الماضي وفدا إلى موسكو لحضور جولة المحادثات التي ترعاها روسيا.
لكن طالبان التي التقت في الدوحة المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاده، أعلنت خلال محادثات موسكو أنها تريد التفاوض مع الأميركيين وليس مع الحكومة الأفغانية للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ 17 عاما والوجود العسكري الأميركي في أفغانستان.
وتشير العمليات الأخيرة التي تقوم بها حركة طالبان في أفغانستان، إلي أن الحركة الإرهابية لا تسعي إلي  الجلوس علي طاولة المفاضاوت، ما يشير إلي أن الحركة مستمرة في التخريب والتدمير، وكان دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسى (ناتو) ينس ستولتنبرج حركة طالبان والجماعات المسلحة الأخرى إلى وقف الأعمال القتالية والانضمام إلى محادثات السلام.
وفي 28 نوفمبر الماضي، قتل عشرة أشخاص، وأصيب 19 بجروح في هجوم تبنته طالبان على مجمع شركة أمنية خاصة في كابول.
وكان كشف تقرير جديد سلمه المفتش الأميركي الخاص بالإعمار في أفغانستان، للكونجرس الأمريكي، أن الحكومة الأفغانية تسيطر حاليا أو لها نفوذ على 56%من المقاطعات، وكانت هذه النسبة عند 72% عام 2015.
أما حركة طالبان فكانت تسيطر في العام نفسه على 7% فقط من المقاطعات، لكن نطاق سيطرتها توسّع حاليا إلى 14%، وفق المصدر ذاته، وبالأرقام كانت الحكومة تسيطر في يناير/كانون الثاني الماضي على 229 مقاطعة (الولايات أو الأقاليم مقسمة إلى مقاطعات)، وطالبان على 59 مقاطعة، في حين أن 119 مقاطعة يتنازعها الطرفان.  
في الإطار نفسه، أوردت مجموعة الأزمات الدولية تقديرات للقوات الأميركية في أفغانستان تفيد بأن المناطق التي تسيطر عليها طالبان أو هي محل نزاع بينها وبين القوات الحكومية ارتفعت منذ يناير 2016 من 29% إلى 44%.
ووفق خريطة محدثة نشرها موقع "" (Longwar Journal) الأميركي في أكتوبر الماضي، فإن المناطق التي تسيطر عليها طالبان كليا أو جزئيا تمتد حتى حدود إيران غربا، وتركمان وأوزباكستان وطاجيكستان شمالا، وباكستان جنوبا وشرقا.
وفي مطلع العام الحالي نشرت "بي بي سي" تحقيقا قالت فيه إن الحركة تنشط في 70% من الأراضي الأفغانية، مما يعني أن تلك الأراضي مهددة بأن تسقط في قبضتها.
وشنت الحركة مؤخرا هجمات استهدفت مراكز ولايات على غرار الهجوم على مركز ولاية غزني جنوب كابل في أغسطس الماضي، وكانت دخلت قبل ذلك مركز ولاية فراه (غرب) وقندز (شمال).
وتعتبر حركة "طالبان" من أكبر الحركات الإسلامية التي حكمت أجزاء كبيرة من أفغانستان مطلع سبتمبر 1996، وقد أعلن الملا عمر منذ سيطرته على مساحات واسعة من أفغانستان، تأسيس إمارة إسلامية في أفغانستان.
ونشأت حركة "طالبان" في ولاية قندهار الواقعة جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994م، وقال الملا عمر إنه استهدف من إعلان أفغانستان إمارة إسلامية هو القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي، وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994م.
وكشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2018، أن ضحايا التنظيمات المتطرفة والمتشددة بمختلف أنحاء العالم، قد بلغ 18،814 ضحية خلال عام 2017.
وأوضح المؤشر أن أكثر من نصف الضحايا قضوا على يد أربع جماعات إرهابية هي تنظيم داعش، وحركة طالبان، وحركة الشباب الأصولية، وجماعة بوكو حرام، في حين تكبد العالم خسائر زادت على 52 مليار دولار من جراء تلك العمليات الإرهابية.
وكشف المؤشر الذي يشرف عليه معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، أن الجماعات الإرهابية الأربع قتلت 10632 شخصا في عام 2017، وسقط 44 بالمئة من ضحايا الإرهاب في أفغانستان والعراق ونيجيريا والصومال وسوريا خلال الأعوام الأخيرة.
ويقول التقرير إنه اعتبارًا من منتصف عام 2017، باتت طالبان تسيطر بشكل كامل على 11 بالمئة من مساحة أفغانستان، فيما تخوض حرب عصابات على مساحة تقدر بـ 29 بالمئة من البلاد، وفعليا تنشط ضمن مساحة 70 بالمئة من مساحة المقاطعات الأفغانية كافة. 
وفي عام 2017 ، كانت طالبان مسؤولة عن 699 هجومًا إرهابيا ، وتسببت في مقتل 5771 شخصًا بحسب إحصائيات أخرى بعيدا عن إحصائيات مؤشر الإرهاب العالمي.
وكانت عمليات التفجير أكثر أشكال هجماتها شيوعًا، بالإضافة إلى ذلك، فإن حركة "طالبان باكستان" في البلد المجاور مسؤولة أيضا عن 56 اعتداء إرهابيا، و 233 حالة وفاة.
وبحسب المؤشر العالمي، فقد أصبحت هجمات طالبان أكثر فتكًا في العام الماضي، فقتلت ما معدله 5.1 أشخاص لكل هجوم في عام 2017، مقارنة بمعدل 4.2 شخصًا في العام السابق، وغيرت الجماعة الإرهابية تكتيكاتها في السنوات الأخيرة ، فحولت تركيزها بعيداً عن الهجمات على الأهداف المدنية، وباتت تستهدف بشكل أكبر أفراد الشرطة والجيش.
وقتلت حركة طالبان 2419 من أفراد الشرطة والجيش في عام 2017، بعد أن كانت قد قتلت 1،782 في العام السابق.
كما ارتفع عدد الهجمات على هذه الأهداف من 369 في عام 2016 إلى 386 في عام 2017، بينما انخفض انخفض عدد وفيات المدنيين التي تسببت فيها طالبان إلى 548 في عام 2017 ، مقارنة بـ 1،223 في عام 2016.
وفي سياق متصل، زعمت دولة الشر الإيرانية أنها أجرت محادثات مع حركة طالبان الأفغانية، دون تحديد موعد انعقادها.
 ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على شمخاني أن طهران أبلغت الحكومة الأفغانية بتلك المحادثات، مؤكدا أن "هذه العملية ستتواصل".
في ذات السياق، أعلنت باكستان، التزامها بالسعي نحو جمع حركة طالبان الأفغانية مع حكومة كابل، على طاولة التفاوض، ضمن مساعي إحلال السلام في البلاد، جاء ذلك في تغريدة نشرها وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي على حسابه في موقع "تويتر"، بعد وصوله كابل لبحث جهود السلام مع الرئيس الأفغاني أشرف غني.
وتشير العمليات الأخيرة التي تقوم بها حركة طالبان في أفغانستان، إلي أن الحركة الإرهابية لا تسعي إلي  الجلوس علي طاولة المفاضاوت، ما يشير إلي أن الحركة مستمرة في التخريب والتدمير.

شارك