بسبب الإخوان.. ألمانيا تلوح بوضع "ديتيب" تحت مراقبة هيئة حماية الدستور

الثلاثاء 15/يناير/2019 - 02:16 م
طباعة بسبب الإخوان.. ألمانيا فاطمة عبدالغني
 
رغم المساعي التركية لتحسين علاقاتها مع ألمانيا، إلا أن تركيا كانت غالبا هي السباقة إلى تأجيج العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا.
ولعل أخرها موجة الانتقادات الحادة التي طالت الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في ألمانيا، المعروف اختصارًا بـ"ديتيب"، وذلك على أثر إشراكه ممثلين من جماعة "الإخوان" الارهابية ممن تعتبرهم الاستخبارات الألمانية متطرفين، في فعالية المؤتمر الثاني للمسلمين الأوروبيين في مدينة كولونيا بشكل غير معلن على مدار 3 أيام خلال الأسبوع الأول من يناير الجاري، كما  كان من بين المنظمين للمؤتمر دائرة الشؤون الدينية الحكومية التابعة للدولة التركية، وشارك في الاجتماع نحو 100 شخصية إسلامية من داخل ألمانيا وخارجها، فيما شارك كذلك ممثلون عن إدارات نحو 900 مسجد في ألمانيا يرتبطون بنوع من الشراكة أو التبعية للاتحاد التركي المثير للجدل. 
إشراك ممثلين من جماعة "الإخوان" الارهابية في فعالية المؤتمر غير المعلن، أشعل غضب الحكومة الألمانية، حيث بدا الأمر كأنه تواطؤ من جانب كيان تركي مع جماعة ترى برلين أن لها أذرعاً إرهابية عدة، وذلك حسب صحيفة «دي فيلت» الألمانية. 
وفي هذا الإطار، لمّحت وزارة داخلية ولاية بافاريا إلى أنها لم تعد تستبعد وضع الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" تحت مراقبة هيئة حماية الدستور، حيث قال يواخيم هيرمان وزير داخلية ولاية بافاريا في تصريح نشرته صحيفة "أوغسبورغر ألغماين" المحلية "إن الاتحاد الإسلامي التركي قد يخضع مستقبلا لمراقبة هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية). 
واستطرد بهذا الصدد "إن ما ينذر بالخطر بشكل خاص، هو دعوة "ديتيب"  لممثلين عن الإخوان المسلمين (لحضور ندوة نظمت مؤخرا في مدينة كولونيا)، فالجماعة تتبنى مواقف لا يمكن التوفيق بينها وبين مقتضيات الدستور الألماني، لذلك يتعين على الدولة أن تكون يقظة بهذا الشأن".
كما طالبت حكومة شمال الراين ويستفاليا، أكبر ولايات ألمانيا من حيث عدد السكان، اتحاد المساجد الإسلامية التركية "ديتيب" بالتحرر من التبعية للدولة التركية والخروج من نفوذها المباشر.
وقال متحدث باسم حكومة شمال الراين ويستفاليا، في تصريحات صحفية مطلع الأسبوع الجاري، إنه "فقط عندما تكون هناك خطوات ملحوظة على هذا الطريق (التحرر من تبعية أردوغان)، يكون من الممكن البت في أشكال مختلفة من التعاون".
وفي سياق متصل، انتقد القيادي في حزب الخضر جيم أوزدمير "ديتيب"، معتبرا أن ندوة كولونيا "تظهر أن الرئيس أردوغان "يواصل تمديد ذراعه في أوروبا". 
ماركوس جروبل، مفوض الحكومة الألمانية للحرية الدينية، سلك ذات الاتجاه رافضا "التأثير السياسي من الخارج على المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا".
وأعلن مدير فرع الاستخبارات الداخلية، بوركهارد فرايير، في ولاية نوردراين فيسفالين، أن الإقبال على مراكز إسلامية ومساجد تابعة للإخوان أصبح ملموسًا، ناهيك عن اختراق الجماعة للمجلس الأعلى للمسلمين (الاتحاد التركي)، حتى أصبح واجهة الإخوان الرئيسة في ألمانيا.
من ناحية أخرى، أكد تقرير نشره موقع "فوكوس" الألماني، في ديسمبر الماضي، أن "سلطات الأمن الألمانية تعد تنظيم الإخوان على المدى المتوسط أخطر من تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين على الحياة الديمقراطية في ألمانيا"، كما أن السلطات الأمنية ينتابها قلق من حصول تأثير كبير من قبل الإخوان على "المجلس الأعلى للمسلمين" ببرلين.
موجة الانتقادات تجاوزت المسؤولين وشملت أيضا قيادات إسلامية بارزة، حيث قال رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، أيمن مزيك، في تصريحات صحفية، إنه "سيكون من المؤسف حقا إذا لم يفهم اتحاد ديتيب مؤشرات العصر ويعمل كل شيء من أجل تطوير وترسيخ طائفة مسلمة ألمانية".
وتابع مزيك، بحسب موقع دويتشه فيله، أنه "في تاريخ الإسلام على مدى 1400 عام كانت هناك دائما مفاهيم بطبائع مختلفة على الأقل من الناحية الحضارية (..) كما أن هناك مفاهيم مختلفة فيما يخص تأهيل أئمة المساجد". وبحسب مزيك، فإن وزارة الشؤون الدينية التركية "ديانات" تعد حاليا 400 إمام يتكلمون اللغة الألمانية في تركيا، مشيرا إلى "أننا نرغب في إعداد وتأهيل الأئمة هنا في ألمانيا".
يشار إلى أنه سبق وأن طالب رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا آرمين لاشيت جمعية "ديتيب" في مايو الماضي، بالتركيز على مهامها الدينية منبهاً الى ضرورة نأيها عن توظيف الدين سياسياً.
جاء ذلك في أعقاب تعقد العلاقة بين الجمعية المذكورة وبين حكومة الولاية على إثر ما عرف بقضية التجسس، المرتبط بمزاعم متصاعدة بتعرض مؤيدي المعارض التركي فتح الله غولن إلى عمليات تجسس وملاحقة ينفذها عناصر من مساجد جمعية "ديتيب".
وبحسب دويتشه فيله تلقى "ديتيب" أموالاً في السنوات الماضية من صناديق مالية مختلفة تابعة للدولة الألمانية، على رأسها صندوق خاص بالدعم في إطار الخدمة التطوعية لدى الجيش الألماني، وبرنامج "أن تعيش الديمقراطية!" الذي تشرف عليه وزارة شؤون الأسرة الألمانية، ومن بين أهداف هذه المشاريع منع التطرف بين الناشئة المسلمة.
غير أن الحكومة الاتحادية سبق وأن أكدت أنها راجعت آلية الدعم المعمول بها و لم توافق منذ عام 2017 على طلبات جديدة لدعم مشاريع تابعة لـ"ديتيب" وحده.
وفي إطار جهود ومساع ألمانيا لتجفيف منابع تمويل الإسلاميين المتشددين، لاسيما الاتحاد الإسلامي التركي، يعتزم المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا مناقشة تمويل المساجد عبر تطبيق "ضريبة مسجد".
وبحسب المراقبون يبدو أن هناك حالة من الإفاقة انتابت ألمانيا ودول الغرب الأوروبي مؤخرًا، إذ انتفضت الاستخبارات الألمانية والغربية في مواجهة تغلغل الإسلام السياسي القادم من تركيا في المجتمع الألماني، باعتباره السبب الأساسي في نشر التطرف والإسلام المتشدد والإرهاب في البلاد.
خاصة أنه وسط تحذيرات مشددة للاستخبارات الألمانية، أكدت التقارير الرسمية مخاوف من تبعية الأئمة والمؤسسات الدينية للاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا أو ما يعرف بـ"ديتيب"، فضلاً عن ارتباط تنظيم الإخوان الإرهابي بـ"ديتيب" داخل ألمانيا، أخذًا في الاعتبار أن حزب "العدالة والتنمية" الإخواني في تركيا ورئيسه أردوغان يعتمدون بشكل واضح على المساجد التابعة لتركيا في ألمانيا للتأثير على المسلمين وبث خطاب سياسي إسلامي متشدد يدعو إلى الفوضى والتطرف وكراهية الآخر. 

شارك