بعد 40 عامًا: سياسة دولة الملالي .. التخريب والإرهاب باسم الإسلام

الجمعة 18/يناير/2019 - 11:10 ص
طباعة بعد 40 عامًا: سياسة روبير الفارس
 
تستغل دولة الملالي الدين  في جولاتها السياسية  وكان الرئيس العراقي  صدام حسين قال: إن الخميني رجل سياسة لا رجل دين، وقليل من الناس من صدق هذا القول انذاك، ولكن ماجرت به الايام ثبتت ما قاله الرجل بعد سنوات، فالجمهورية الايرانية تصور نفسها، على صعيد السياسة الخارجية، على أنها مركز الإسلام السياسي، ومكانتها الجماهيرية حقيقية عند الشعوب الإسلامية، لكن معظم الأنظمة القائمة في العالم العربي والإسلامي تأخذ على طهران خيانتها للإسلام وتحريكها لـلأممية الإسلامية، بسبب لجوئها إلى التخريب والإرهاب باسم الاسلام. وفي دراسة مهمة للدكتور مهند يوسف مستشار مركز العراق الجديد جاءت تحت عنوان "دولة ايات الله… السلطة لخدمة الإسلام ام الإسلام للولاية على السلطة؟" كشف فيها عن اجوانب الاستغلال الايراني للدين الاسلامي حيث كتب يقول 
لنعود الى بداية القصة حتى نتبين اين الاسلام من الاحداث وهل من اجله كان ما كان وما سيكون، ام ان ايات الله استخدموه للوصول الى السلطة، اذا انه وباسمه حدث وخلال أسابيع حاسمة تم فيها إسقاط سلالة بهلوي وإلغاء الشاهانية والتي امتد عمرها الى اكثر من 2000 سنة، لما اعتبر بانه أوسع انتفاضة اجتماعية في التاريخ المعاصر… هي انتفاضة تشبه الى حد بعيد ثورة أكتوبر للينين في روسيا، والثورة الصينية لماوتسي تونغ او حتى تشبه الثورة المصرية من حيث انها نجحت في إنزال ملايين الناس إلى الشارع، وفي  استخدامها تقنيات معينة للاحتجاج.
الزلزال الإيراني امتد أشهر واجه فيه شعب عاري اليدين، من طهران إلى المحمرة، ومن أصفهان إلى قم، ومن مشهد الى تبريز، خامس جيش في العالم، وتحدى الدولة الأعظم في الشرق الاوسط، وكان نضاله رمزا وأملا عند البعض في للعالم الثالث؟ حيث كان العالم امام انعطافة عالمية في مسائل دولية عديدة منها تغيير ميزان القوى في الخليج العربي، وعلى النزاع العربي -الإسرائيلي، وعلى تأثير هذه الثورة على الجماهير الإسلامية، وبداية الهيمنة لرجال الدين، وإحياء للفكر الديني الاصولي؟وكل هذا تاكد  وبعد 40 عاما من هذه الثورة انه محض هراء 
ويقول الدكتور مهند بدأت المرحلة الثورية للثورة الإيرانية في مايو 1977 بالرسالة المفتوحة إلى الشاه من علي أصغر سيد جوادي، واستمرت بعدها سلسلة من المظاهرات، والمواكب والانتفاضات حتى وصلت ذروتها في 10 – 12 شباط 1979. حين عرض التلفزيون تلك الحركات الجماهيرية الهائلة والتي اعطت تلك الصور فكرة حجم وقوة هذه الثورة.
ويوميات ودوريات هذه الفترة تمثلت بمظاهرات عامة تطالب بحرية التعبير وأمسيات ثقافية للمثقفين في نقد النظام الحاكم وتمجد الحرية، ثم جاءت الايام بالوانها كالأحد الأحمر والجمعة الأسود ، ثم دورة من العصيانات الدموية، والتمرد الشعبي، ثم جاء استخدام المناسبات الشيعية كموكب التحذير، وموكب الاحتجاج وموكب التحدي، والتاسوعاء والعاشوراء، وهتافات مارغ بار شاه اي (ليمت الشاه) ثم جاء موكب النصر الأول وموكب الحماس وموكب الثورة، حين لبس المتظاهرون الكفن وشريطا أبيض حول الرأس، إشارة إلى أنهم مستعدون للموت.
في كل ذلك وحتى ذلك الحين كان دور رجال الدين، دورا غير مسيطر على الاحداث اذ ان التجمعات الاجتماعية والسياسية المختلفة هي شاركت ونظمت الانتفاضات، كمجاهدي خلق، وفدائيو الشعب، والماركسيون، وآخرون كانوا هم رأس الحربة، ثم تأتي بعدها الأحزاب السياسية كالجبهة الوطنية والجبهة الوطنية الديمقراطية، والعصبة الاشتراكية، وحزب الأمة الإيرانية، وحركة تحرير إيران لمهدي بازركان، وبالتاكيد حزب توده الشيوعي، بالإضافة إلى ديمقراطيين وعلمانيين من الجمعية الإيرانية للدفاع عن حريات الإنسان وحقوقه، التي أسسها بازركان.
اما رجال الدين فقط سيطروا على شبكة فعالة ومخيفة على الطائفة الشيعية التي تضم 550 ألف سيد، و700 ألف ميرزا أو نصف سيد من جهة الأم. وتضم أيضا 130 ألف من الملالي وهم ينقسمون إلى عدة فئات، وهذه القوة تلعب وتدير وتسيطر على 66 ألف مسجد وحسينية عملت كخلايا سياسية حقيقية وأثبتت قدرتها على الدعوة والتعبئة.
لكن هذه الحركة المذهبية التي يقودها رجال الدين كانت منقسمة بدورها الى قسمين: احدهما تقدمي متاثر بفكر علي شريعتي الجسور الذي يفكر بالمستقبل والذي يبحث عن الإيديولوجية والمذهب الشيعي، وبين قسم محافظ متاثر بفكر الخميني المتشدد والمؤسسي والذي يبحث عن حكومة ولاية الفقيه والحكومة الدينية.
في البداية تشاركت الاتجاهات المختلفة للحركات الدينية لمواجهة سلطة الشاه الذي احتقر رجال الدين جميعا واسماهم بالرجعية السوداء، الأميين وذوي النوايا السيئة، والذين  لم يتطور فكرهم منذ ألف عام، والذين يتمرغ زعماؤهم في برازهم، وهم يقرقرون كالديدان في القذارة والوحل، والذين لم يستيقظوا من سباتهم بعد.
لكن الشاه أساء استغلال سلطته ايضا تجاه شعبه، فتحالفت ضده أربع قوى، هم رجال الدين والبازار والمثقفون التقدميون والعمال. لكن في هذه المرة كانت هذه التحالفات مختلفة، اذ انه في كل مرة يثور الشعب ضد السلطة كما حدث في إضراب التبغ عام 1891، وفي عام 1906 حين جرى تبني الدستور، وفي عام 1951 في ثورة مصدق الذي أمم النفط نجد ان رجال الدين في النهاية يرضخون لسلطة الشاه، أو السير خلف المعارضة القومية والحديثة التي تدعو للتعددية وتنادي بالديمقراطية.
في هذه المرة، لم ينو الجهاز الديني تكرار أخطاء الماضي. فالزعيم الديني المنفي الخميني، الذي كانت تحركه روح الثأر، قرر ألا يُحرم من النصر بعد الظفر به، والمهم في هذا الموضوع انه في البداية كان ينوي المشاركة به مع القوى أخرى، ولذلك كان عليه ان يتصرف كاستراتيجي محترف، يقود قواته إلى الانتصار، وبالتالي فهو لم يكتف بدعم رجال الدين امثاله هذه المرة بل استغل المعارضين ذوي التوجهات العلمانية والقومية المختلفة.
وحينما كان في فرنسا كان الخميني يتكلم بلغة مزدوجة، لا تصطدم مع فكر الغرب وتكسب قوى التقدم فيه، حيث كان يؤكد على انه بعد رحيل نظام الشاه، سوف يقدم برنامجه الذي يستلهم الأفكار التقدمية الكبرى للإسلام، وسوف يري العالم حقيقة الإسلام وخاصة في موضوع النساء والأقليات الدينية والحرية والتحديث، وحق الاختيار والنقد، وكان الأوروبيون يفسرون تلك المقالات بصورة ايجابية.
اما حينما وصل إيران، وبعد النصر، فقد بدأ الخميني يعمل بشكل محترف، في البداية غيَر لقبه واصبح يعرف بين اتباعه بالإمام، وبدأ اتباعه يضفون عليه ألقابا أخرى جديدة مثل الزعيم الأسمى، المرشد الأعلى، موسى العصر، محطم الطغاة، محرر البشرية، مرشد الثورة، وبدأت الصحافة تشدد على الطابع الشامل للثورة، وعلى الرسالة الربانية وهي إعادة تشكيل الأمة حول إيران التي ستصبح مركز الامة الاسلامية. كما كان يظن لتصبح ايران  مصدر الارهاب في العالم ؟

شارك