عودة الاشتباكات.. سنوات من الضياع في العاصمة طرابلس

الجمعة 18/يناير/2019 - 01:58 م
طباعة عودة الاشتباكات.. أميرة الشريف
 
ما زالت ليبيا تشهد صراعات واشتباكات تتزايد يوم بعد يوم، ومع انتشار الميليشيات المسلحة في عدة مناطق ليبية فإن الحرب الدائرة في ليبيا ستظل مستمرة بل وتتزايد مع تزايد عناصر التنظيمات الإرهابية في عدة مدن، وعلي رأسهم العاصمة طرابلس والتي شهدت سنوات من الضياع منذ سقوط معمر القذافي في 2011.
ولم تنجح حتي الأن المساعي الأممية في إحداث تغيير أو توافق أطراف النزاع، وبالأخص مع تمسك كل طرف برأيه وشروطه، الأمر الذي أدي إلي تزايد الفجوة في البلاد واتساع الصراعات وتشعبها من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب.
وعلي الرغم من اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه قبل أربعة أشهر وأوقف المعارك الدامية في المدينة، اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة طرابلس، بين الميليشيات التى تسيطر على العاصمة واللواء السابع مشاة، أدت إلي نزوح عدد من العائلات من المنطقة قصر بن غشير خوفا من أى توترات أمنية فيها.
وأدت الاشتباكات إلى مقتل 10 أشخاص، وجرح 41 آخرين، حسب وزارة الصحة الليبية، وقال مصدر طبي إن الاشتباكات دارت الخميس في منطقة تقع على بعد 50 كيلومترا جنوبي طرابلس، غداة مواجهات في محيط المطار على بعد 25 كيلومترا من العاصمة.
وتدور المواجهات بين قوة حماية طرابلس، وهي تحالف عسكري يضم فصائل مسلحة من المدينة، واللواء السابع مشاة من بلدة ترهونة.
وبين أغسطس وسبتمبر الماضيين، أسفرت المعارك المسلحة عن مقتل 117 شخصا على الأقل وخلّفت أكثر من 400 جريح.
من جهتها أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا "التحركات العسكرية" في جنوب طرابلس، وحذرت الفصائل المسلحة من مغبة خرق وقف إطلاق النار الذي رعته في سبتمبر والإخلال بأمن العاصمة.
وأعلنت الحكومة عن ترتيبات أمنية في أعقاب المعارك وسفك الدماء العام الماضي، وذلك بهدف كسر سطوة الفصائل المسلحة في طرابلس، فيما تدفع الأمم المتحدة باتجاه إجراء انتخابات للمساعدة في تأمين الاستقرار في ليبيا، لكن العنف المستمر دفعها لتأجيل خططها. 
وتنقسم ليبيا منذ سقوط بنظام معمر القذافي في 2011، بين عدة حكومات، أدت إلي انبثاق عدد لا يحصى من الفصائل.
وعاشت العاصمة طرابلس منذ ذلك الحين، حالة من التوتر والحروب المستمرة، لم تشهد فيها هدوءا، حيث سادت فيها لغة الحرب، إذ أدت كثرة الكتائب المسلحة وبمسمياتها المختلفة، منها من داخل طرابلس ومنها من خارجها، إلى صدام بين الحين والآخر تسبب بتعكير صفو الحياة في المدينة.
ومن أبرز المعارك والاشتباكات التي عاشتها طرابلس كانت بدايتها في 15 نوفمبر عام 2013، حين خرجت مظاهرة سلمية بعد صلاة الجمعة واتجهت إلى منطقة غرغور مطالبة بخروج التشكيلات المسلحة منها لتواجه تلك المسيرة برماية مسلحة مجهولة أدت إلى تفاقم الوضع وسقوط العشرات من الضحايا والمئات من الجرحى.
كما اندلعت بعدها أحداث "فجر ليبيا" التي كانت شرارتها في 13 يوليو عام 2014 وجاءت على خلفية انتخاب مجلس النواب وحل المؤتمر الوطني العام الذي تسيطر عليه مجموعة من المحسوبين على الإسلام السياسي، وبدأت الأحداث بالاستيلاء على مطار طرابلس العالمي في أكبر المعارك التي عاشتها طرابلس بين عدد من التشكيلات المسلحة المحسوبة على تيارات إسلامية متحالفة مع مجموعات من بينها درع الوسطى وكتيبة ثوار ليبيا ضد كتائب القعقاع والصواعق، وكان من أبرز قادة تلك المعركة الدامية صلاح بادي الذي ظهر في فيديو يعلن فيه احتراق مطار طرابلس.
وشهدت طرابلس في تلك الفترة حالة من الترقب بعد سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة وإعلان حكومة الإنقاذ المحسوبة علي جماعة الإخوان والتي ترأسها عمر الحاسي وتبعه في رئاستها خليفة الغويل، وتسببت تلك المرحلة بانقسام سياسي كاد أن يدخل البلاد في حرب أهلية دموية إلى أن أعلن في 17 من ديسمبر عام 2015 عن اتفاق الصخيرات وولادة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي حلت محل حكومة الإنقاذ التي بدورها لم تتراجع عن هدفها في السيطرة على الحكم ما أربك المشهد في تلك الفترة .
وفي فبراير 2017 تحالفت جُل الكتائب المسلحة في طرابلس والمحسوبة على حكومة الوفاق ضد التشكيلات التابعة لحكومة الإنقاذ كانت نتيجتها إخراج هذه المجموعات من طرابلس في مارس من ذات العام وإصابة رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل الذي خرج بحكومته من العاصمة ولم يعد إليها حتى اللحظة رغم محاولات عديدة من قبل مجموعات تابعة له الدخول إليها ونشبت بينها وبين كتائب طرابلس مناوشات باءت بالفشل.
كذلك شهد عام 2018 اشتباكات عديدة حيث شنت قوات اللواء السابع في سبتمبر هجوما مباغتا على مناطق جنوب طرابلس واحتدمت المعارك لمدة 30 يوما بينه وبين كتائب طرابلس التي أسمت نفسها في وقت سابق قوة حماية طرابلس، إلي أن عادت مجددا في الشهر الجاري وتحديدا في قصر بن غشير واسبيعة ورأس علاق بين قوة حماية طرابلس واللواء السابع.
وتتسع فجوة الصراعات يوما بعد يوم، مع انتشار الميليشيات المسلحة في عدة مناطق ليبية فإن الحرب الدائرة في ليبيا ستظل مستمرة بل وتتزايد مع تزايد عناصر التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من تلك المدن معقلا رئيسيا لها.

شارك