حركة "الشباب" الصومالية.. ذراع مثلث الشر في القرن الأفريقي

السبت 19/يناير/2019 - 01:52 م
طباعة حركة الشباب الصومالية.. فاطمة عبدالغني
 
لا تنفك الأدلة والقرائن تتواتر بشأن تقاطع الأدوار التركية -القطرية -الإيرانية، في دعم التنظيمات الإرهابية، على اختلاف مشاربها في القرن الأفريقي، حيث أضحت حركة الشباب الصومالية الإرهابية، ذراعًا توظفه هذه الدول الثلاث لتنفيذ مأربها.
يأتي هذا في إطار الكشف عن وثائق تؤكد الدعم التركي- القطري - الإيراني لحركة الشباب الصومالية، فبحسب تحقيق لموقع "نورديك مونيتور" السويدي، التابع لشبكة الشمال للأبحاث والرصد المتخصصة في تتبع الحركات المتطرفة، فإن الاستخبارات التركية سلمت مئات الألاف من الدولارات لحركة الشباب الإرهابية في الصومال وذلك عبر معتقل سابق في جوانتانامو يدعى إبراهيم سين – تركي الجنسية- لارتباطه بالقاعدة قبل أن يسلم إلى السلطات التركية التي اطلقت سراحه، وفي هذا الإطار طلبت واشنطن بفتح تحقيق في موضوع نقل هذا الوسيط مبلغ 600 ألف دولار إلى حركة الشباب عام 2012، لكن السلطات التركية ادعت حينها أنها لم تجد أي دليل يدعم وجود الصفقة المشبوهة.
قطر ثاني أضلع مثلث التخريب، فبحسب تقارير أمنيه أمريكية لم تبخل الدوحة بدعم مادي على حركة الشباب الإرهابية يدعم تلك التقارير ما كشفت عنه تسريبات سابقة لويكيليكس بشأن مطالبة السفيرة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة سوزان رايس في عام 2009 تركيا بالضغط على قطر لوقف دعم الحركة، وأضافت التقارير أن ممولين للإرهاب يعيشون في قطر لعبوا دورًا محوريًا في تمويل الحركة، وعلى رأس هؤلاء القطري عبدالرحمن بن عمير النعيمي الذي تربطه حسب تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية علاقة وثيقة بأحد قادة حركة الشباب حسن عويس.

أما ثالث أضلع مثلث الشر إيران، فلم تكن أقل همة في دعم حركة الشباب الصومالية الإرهابية من شريكتيها في الأهداف المريبة تركية وقطر، فقد كشف تقرير للجنة خبراء بالأمم المتحدة مد إيران لحركة الشباب بالسلاح مقابل تهريبها لشحنات اليورانيوم إلى طهران لمواصلة برنامجها النووي، وكشف التقرير الدولي أن التعاون الخفي طوال الأشهر الأخيرة بين الطرفين يتم عبر بوابة تجارة الفحم الصومالي.
وكانت حركة الشباب الإرهابية أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم المسلح الذي وقع الثلاثاء الماضي في العاصمة الكينية نيروبي، وأسفر عن مقتل 5 أشخاص.
وبحسب المراقبون فإن توافق المعلومات التي كشفها مركز أبحاث في السويد، مع تقارير أمنية أمريكية سابقة، وتقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة تدعم تمويل قطر، حليفة تركيا الأولى في المنطقة للمنظمات المتطرفة، ليكتمل بذلك المشهد الإرهابي في الصومال، البلد الإفريقي الغارق في الفوضى بسبب ممارسات أنقرة والدوحة المتحالفتين أيضا مع النظام الإيراني، في دعم المتطرفين.
وفي هذا الإطار تقول الدكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشؤون الإفريقية، إن تركيا تمول حركة الشباب في الصومال وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، ردا على الحصار الذي نجحت فيه فرنسا والنيجر ونيجيريا بتحجيم الجماعات والتنظيمات الإرهابية في الغرب الإفريقي.
وأضافت البشبيشي "وزير دفاع النيجر صرح منذ أيام قليلة بأن قواته حاصرت مسلحين تابعين لبوكو حرام وتم التعامل معهم وتصفيتهم على الحدود، حيث إن المواجهة المسلحة مع الجماعات الإرهابية في الغرب الإفريقي تعد ضمن الخطة الفرنسية الموضوعة للقضاء على المتطرفين في هذه المناطق".
وأوضحت كذلك "أن تركيا وقطر تريدان فرض نفوذهما على منطقة القرن الإفريقي من خلال الجماعات الإرهابية المتطرفة"، مؤكدة أن هذه الجماعات تسيطر حاليا على ممرات الإرهاب في دارفور وتشاد، وهو الأمر الذي تم التحذير منه كثيرا خلال السنوات الأخيرة.
وأشارت خبيرة الشؤون الأفريقية إلى أن النظام التركي يعتبر نظاما إرهابيا يدعم التنظيمات المتطرفة ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط، بل في إفريقيا أيضا، فهناك تعاون كبير بين جناحي تنظيم الإخوان الإرهابي في أنقرة ولندن لمحاولة استبدال تواجدهم في دول أخرى بديلة للتي خسروا فيها نفوذهم.
وعلى صعيد متصل أوضح الخبير الأمني في شؤون القرن الأفريقي سليمان محمد عبدالله أن تصاعد هجمات حركة الشباب يؤكد تلقيها دعماً داخلياً وخارجياً وحصولها على معلومات استخباراتية قوية.
وأضاف "أن الحركة باتت تسيطر على المشهد الأمني، بفعل تمكنها من زرع عملائها داخل الأجهزة الأمنية الرسمية".
وأوضح أن هذا الوضع سيفاقم من احتمالات انهيار الصومال أمنياً وتحوله لبؤرة تجميع الإرهابيين، وهو ما يقود إلى زعزعة الأمن في منطقة القرن الأفريقي.
وتابع "حركة الشباب أصبحت تتحرك بسهولة داخل النسيج القبلي المرتبط مع دول عدة، مثل كينيا وإثيوبيا, في حين تمثل الحكومة الصومالية الحالية بقيادة فرماجو أرضية خصبة لتنفيذ أجندة المتطرفين الموالين لقطر حتى باتت عاجزة عن مواجهة إرهاب حركة الشباب، بسبب الارتباطات العضوية وتغلغل أصحاب التوجهات الداعمة للإرهاب والنظام القطري الممول للإرهاب في مفاصل الأجهزة الأمنية".
وأكد الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية الصومالي حسن شيخ عبدي أن التغلغل القطري وتمدد الإرهابيين في المؤسسات الصومالية يفسر بطبيعة الحال تمدد حركة الشباب الإرهابية في نطاق واسع في الأقاليم الصومالية.
وقال الخبير الصومالي إنه لم يعد خافياً الارتباط العضوي بين حركة الشباب وأعضاء حكومة فرماجو، الذين يتعاونون مع الحركة الإرهابية بشكل وثيق، ويقومون بمدها بالمعلومات الحساسة عن الوضع الأمني.
واعتبر أن كل تلك المواقف تتم بالتنسيق مع أجهزة مخابرات تنظيم الحمدين، لتحويل الصومال إلى دولة راعية للإرهاب، وتمكين المتطرفين من حكم البلاد لنشر الإرهاب في أفريقيا، وزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.
 وبحسب المتابعون للشأن الصومالي إن انجرار الصومال خلف محور الشر القطري- التركي - الإيراني قاد إلى تعطيل مشاريع التنمية الاقتصادية، ومجهودات تدريب القوات المسلحة والأجهزة الشرطية، كما عطل تطوير خدمات الموانئ التي كانت تؤهل لتحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد.

شارك