موعد الانتخابات الرئاسية.. صفعة جديدة لإخوان الجزائر

السبت 19/يناير/2019 - 04:18 م
طباعة موعد الانتخابات الرئاسية.. أميرة الشريف
 
جاء قرار الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر، ليسدل الستار لأي تكهنات تحدثها جماعة الإخوان في البلاد، حيث وقَع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مرسوماً رئاسياً أمس الجمعة 18 يناير، يتضمن استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم 18 أبريل المقبل.
وسادت في الآونة الأخيرة حالة من الجدل والنقاشات التي أحدثت فجوة في الوسط السياسي الجزائري، حول موعد الانتخابات وهل ستؤجل أم ستنعقد في الموعد المحدد لها في أبريل المقبل،  وعلي مدار الأشهر الماضية، عملت حركة مجتمع السلم "حمس"، التابعة لجماعة الإخوان في الجزائر، على تبني سيناريوهات مختلفة، بهدف منع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من الترشح لولاية خامسة، كان من بين هذه المحاولات ما سمته بمبادرة "التوافق الوطني" التي باءت بالفشل، وآخرها مقترح تأجيل الانتخابات لمدة عام كامل، مع تمديد مشروط لـ"بوتفليقة"، إلا أن الرئاسة الجزائرية بددت كل محاولات الفتن التي تحاول إحداثها جماعة الإخوان، حيث أعلنت بشكل رسمي، أن الانتخابات الرئاسية في البلاد ستجري بعد نحو 3 أشهر من الآن.
 وجاء تحديد موعد الانتخابات ليغلق كافة الطرق أمام الإخوان الساعين إلى التحكم في المشهد السياسي بالجزائر، وينهي حالة الترقب والضبابية التي ميزت المشهد السياسي طيلة السنة الماضية.
وجاء البيان الرئاسي عقب أيام من الإعلان عن لقاء جمع بين شقيق بوتفليقة وعبدالرزاق مقري، رئيس حمس، إذ زعم مقري أن عائلة الرئيس تخشى على سلامتهم مما يمكن أن يسببه الانتقال المباغت للسلطة لجهة أخرى، وأن بوتفليقة غير مستعد لأن تنتقل صلاحيات رئاسية ضخمة منحها لنفسه أثناء قوته لشخص آخر، وأنه يرفض ذلك. 
 الأمر الذي فتح  بابا واسعا من التكهنات حول تمديد العهد الرئاسي لبوتفليقة سنتين أخريتين، بسبب عدم حصول توافق بين دوائر صنع القرار، بشأن مرشح السلطة، على اعتبار الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة التي قد "تمنعه" من خوض الانتخابات، وهو الذي استلم سدة الحكم عام 1999.
وحتي الأن لم يكشف بوتفليقة عن رغبتة في الترشح أم لا، لكن كل المعطيات تشير إلي الخيار الأول في ظل عدم وجود شخصية تلقى رضا "أصحاب الباب العالي"، وتقنع الناخبين، فيما تقدم "الصالونات السياسية" بعض الأسماء التي قد تكون بديلاً في حال عدم ترشح بوتفليقة في آخر لحظة.
وتأتي التوقعات، لاحتمالية ترشح  رئيس الحكومة الأسبق في نهاية الثمانينيات مولود حمروش، والذي يوصف بأنه رجل الإصلاحات، خاصة بعد التصريحات المطولة التي نشرها على صفحات جريدة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية منذ أيام، وقدر المتابعون أن المعني "يعرض خدماته" على دوائر صنع القرار، وبدرجة أقل يظهر إسم رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى، رغم التخوف الشعبي من سياساته التقشفية، كما يتم تقديم إسم عبد المجيد تبون، والذي شغل مناصب وزراية ثم رئيسا للوزراء
ووفق تقارير إعلامية، كشفت تفاصيل الاتصالات السرية التي أجرتها قيادة حركة مجتمع السلم الإخوانية، مع مسؤولين في رئاسة الجمهورية، عن وفاء الحركة للخط، القائم على ارتباط العضوي بالسلطة، رغم الزعم بتبنّي خطاب معارض خاصة منذ العام 2012.
وكان أشار رئيس حركة حمس عبدالرزاق مقري، بأصابع الاتهام إلي لجيش وجهاز الاستخبارات والإسلاميين، بالوقوف وراء إفشال مشروع مبادرة التوافق الوطني، التي أطلقتها حركة حمس خلال الأشهر الأخيرة، من أجل جمع المعارضة والسلطة على خارطة طريق تكفل انتقالا سياسيا واقتصاديا سلسا في البلاد.
ودعت المبادرة إلى تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية إلى عام 2020، على أن يتم خلال هذه الفترة فتح حوار بين السلطة والمعارضة، على خارطة طريق محددة، لإعادة الشرعية للمؤسسات المنتخبة، والذهاب إلى انتخابات رئاسية مفتوحة تجري دون ترشح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، أو أي مقرّب منه.
ويتمسك عبدالرزاق مقري، بالتوافق الوطني كخيار لإنقاذ البلاد من الأزمة التي تتخبط فيها، ولم يمانع في العودة إليها حتى بعد الانتخابات الرئاسية القادمة
وذكرت تقارير محلية، بأن الوثيقة الداخلية للحركة، كشفت عن اتصالات متكررة بين قيادة الحركة الإخوانية ومسؤولين سامين في رئاسة الجمهورية، بما يوحي أن خيار تأجيل الانتخابات الرئاسية كان واحدا من السيناريوهات المطروحة خلال الأسابيع الماضية، ويحظى بدعم جهات نافذة في السلطة.
وكان مقري، قد برر في تصريحاته الأخيرة، لقاءاته المتكررة مع شقيق الرئيس والمستشار الشخصي سعيد بوتفليقة، بما أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة، بكون الأمر يتعلق بشخصية عينها رئيس البلاد لاستقبالنا والحديث معنا في مؤسسة الرئاسة، ونحن لا نملك الحق في اختيار شريك الحوار. 
وألمحت وثيقة مقري، إلى أن المبادرة الموازية التي أطلقها رئيس حزب (تاج) عمار غول، الموالي للسلطة، والمنحدر من خلفية إخوانية قبل أن ينشق عنهم في 2012، والتي دعت إلى ندوة وطنية تستهدف تحقيق إجماع وطني بين جميع القوى والتيارات الوطنية، هي أحد أسباب فشل مشروع الحركة، وقد وصفتها بـ”السطو السياسي والتمييع، واعتبرتها منافسا غير شريف لجهودها في حلحلة الأزمة التي تتخبط فيها البلاد.
وتشير تقارير إعلامية إلي خطة الإخوان لإنقاذ السلطة من مأزق الانتخابات الرئاسية تعيد إلى الأذهان دور حركة حمس أيام مؤسسها الراحل محفوظ نحناح، الذي حاول أن يكون بديلا لإسلاميي جبهة الإنقاذ المنحلة، وساهم في تمرير أجندة السلطة في تسعينات القرن الماضي، لما كانت تتخبّط في أزمة أمنية وسياسية خطيرة، هددت أركان الجمهورية.
وقضى بوتفليقة قرابة 20 عامًا في القصر الرئاسي، وخلال انتخابات 2014 رفض التنحّي استجابةً لمطالب معارضيه، ويتعرض حاليًا لضغوط أخرى تخص مسألة إعادة الترشح، أمام غموضٍ يربك الأحزاب الموالية والمعارضة على حد سواء. 

شارك