رغم ضغوط باكستان.. طالبان "تراوغ" في التفاوض مع أفغانستان

الأحد 20/يناير/2019 - 02:28 م
طباعة رغم ضغوط باكستان.. أميرة الشريف
 
ما زالت حركة طالبان تراوغ في التفاوض مع الحكومة الأفغانية من أجل تحقيق السلام وإنهاء الحرب التي طال أمدها، وتحاول  باكستان زيادة الضغط على الحركة لقبول التفاوض بشكل مباشر مع الحكومة الأفغانية، وبالأخص بعد إلغاء الحركة لمحادثات السلام التي كانت مقررة مع مسؤولين أمريكيين، في قطر، بسبب إصرار واشنطن على ضرورة إشراك حكومة كابل في تلك المحادثات.
وكانت فشلت محاولات باكستان في إقناع طالبان بقبول الحكومة الأفغانية في عملية المصالحة، وما زالت باكستان تُصر بالضغط على الحركة بهدف استئناف عملية السلام.
وتوسطت الحكومة الباكستانية للجولة الأولى من المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان، في إسلام أباد عام 2015، إلا أن العملية انهارت بعد إعلان طالبان مقتل زعيمها الملا عمر، ما أثار نزاعًا مريرًا على السلطة داخل الحركة.
وتراجعت فرص استئناف عملية السلام المتوقفة بعد مقتل الملا منصور خليفة الملا عمر، في هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار العام الماضي في باكستان، بالقرب من الحدود الأفغانية.
وباءت جميع تلك المحاولات بالفشل، باستثناء بضع جولات من المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.
يشار إلى أن حركة طالبان كثفت من هجماتها على قوات الأمن الأفغانية والمنشآت الحكومية خلال الأشهر الماضية، كما كثفت القوات الأفغانية والأميركية من عملياتها ضد القادة الميدانيين لطالبان.
وترفض طالبان إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية التي تصفها بأنها “دمية” بيد قوى أجنبية، وتشترط الحركة خروج القوات الأجنبية وعلى رأسها أمريكا من أفغانستان، بالمقابل تطالب واشنطن طالبان بإجراء مباحثات مباشرة مع حكومة كابل.
ووفق تقارير إعلامية، قال مسؤول كبير في الجيش الباكستاني، "لم نيأس بعد رغم رفض طالبان التام (للتفاوض المباشر)، نحاول إيجاد حل وسط لاستئناف عملية السلام على الأقل.
وتحاول إسلام أباد ترتيب لقاء بين طالبان، والمبعوث الأمريكي للسلام في أفغانستان، زلماي خليل زاد، في مسعى منها لكسر الجمود والخروج من المأزق.
ويري مراقبون أنه على طالبان أن توافق على عقد اللقاء، حيث قالت إنها تحتاج بعض الوقت للتشاور مع مجلس الشورى كي تتخذ قرارًا بهذا الشأن.
ووصل مبعوث السلام الأمريكي إسلام أباد، الخميس الماضي وأجرى محادثات مع القيادة الباكستانية طالبًا مساعدتها في إحضار طالبان إلى طاولة المفاوضات.
وسبق أن أجّل المبعوث الأمريكي زيارته التي هي الخامسة من نوعها، في الأشهر القليلة الماضية، مرتين، ليتيح الفرصة لزعماء طالبان بالتشاور مع بعضهم البعض بشأن اللقاء المقترح بينه وبين الحركة.
من جانبه رفض المتحدّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، طلب واشنطن استئناف المحادثات متهمًا إياها بـ الابتعاد عن جدول الأعمال  وبـ إضافة مواضيع جديدة بشكل أحادي.
وردّ خليل زاد على هذا الموقف بالقول “إذا كان مسلحو طالبان يريدون التحدث، سنتحدث. إذا أرادوا القتال، سنقاتل. نأمل أن يكونوا يريدون إرساء السلام”.
وفي ديسمبر الماضي، أكدت باكستان أنها رتبت محادثات مباشرة نادرة بين واشنطن وطالبان تمهد الطريق لتسوية متفق عليها للنزاع الذي دخل عامه الثامن عشر.
ووفق تقارير، يري رحيم الله يوسف زاي، الخبير بالشؤون الأفغانية ومقره بيشاور(الباكستانية)، أن الضغوط على طالبان من الولايات المتحدة وإسلام أباد تتصاعد، والتي قد تجبرها على إجراء محادثات رمزية مع الحكومة الأفغانية، وأن اللقاء مع زلماي خليل زاد وارد جدًا. لكن المسألة الرئيسة هي إشراك الحكومة الأفغانية في عملية السلام، والتي يصعب على طالبان قبولها.
ومنذ ذلك الحين، تم القيام بمحاولات عديدة لاستئناف عملية السلام المتعثرة من قبل مجموعة تضم أربع دول هي: من باكستان وأفغانستان والولايات المتحدة والصين.
في سياق متصل، قال الرئيس الأفغاني، أشرف غني، إن حركة "طالبان" أصبحت أمام خيارين، إما تمثيل باكستان وغيرها من الدول، أو تمثيل الأفغان، مؤكدا أنه لن يقبل بحكومة مؤقتة.
وقال غني، في كلمة اليوم الأحد 20 يناير 2019، "لن نقبل بحكومة مؤقتة، لا اليوم ولا غدا ولا حتى بعد 100 عام"، مضيفا: "السلام غايتنا وطالبان أمام خيارين، إما أن يمثلوا باكستان وغيرها من الدول، أو يمثلوا الأفغان".
وكانت مفوضية الانتخابات الأفغانية قررت، في 30 ديسمبر الماضي، تأجيل الانتخابات الرئاسية 3 أشهر لتجري في يوليو ، بدلا من أبريل.
وجرت الانتخابات التشريعية الأفغانية في أكتوبر الماضي، وشهدت عمليات عنف واسعة النطاق خلفت عشرات القتلى والجرحى، وذلك بعدما أعلنت المجموعات المسلحة، وعلى رأسها حركة "طالبان" رفضها ما وصفته بـ "مسرحية الانتخابات"، وتوعدت باستهداف العاملين في هذا المجال.
وصاحبت عملية الاقتراع في الانتخابات التشريعية فوضى عارمة ومشكلات فنية مما تسبب في بقاء أبواب المحطات الانتخابية، التي كان من المقرر فتحها في السابعة صباحا، مغلقة لنحو 5 ساعات في عدد من المراكز بالعاصمة كابول وغيرها من المناطق، الأمر الذي دفع بمفوضية الانتخابات للإعلان في منتصف النهار، عن تمديد التصويت في الانتخابات ليوم آخر.
وتشير العمليات الأخيرة التي تقوم بها حركة طالبان في أفغانستان، إلي أن الحركة الإرهابية لا تسعي إلي  الجلوس علي طاولة المفاضاوت، ما يشير إلي أن الحركة مستمرة في التخريب والتدمير، وكان دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسى (ناتو) ينس ستولتنبرج حركة طالبان والجماعات المسلحة الأخرى إلى وقف الأعمال القتالية والانضمام إلى محادثات السلام.
وتعتبر حركة "طالبان" من أكبر الحركات الإسلامية التي حكمت أجزاء كبيرة من أفغانستان مطلع سبتمبر 1996، وقد أعلن الملا عمر منذ سيطرته على مساحات واسعة من أفغانستان، تأسيس إمارة إسلامية في أفغانستان.
ونشأت حركة "طالبان" في ولاية قندهار الواقعة جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994م، وقال الملا عمر إنه استهدف من إعلان أفغانستان إمارة إسلامية هو القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي، وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994م.

شارك