بعد مبادرة "التوافق الوطني".. "إخوان" الجزائر يقررون المشاركة في الانتخابات الرئاسية

الأحد 27/يناير/2019 - 02:22 م
طباعة بعد مبادرة التوافق فاطمة عبدالغني
 
قرر حزب "حركة مجتمع السلم" حمس- ذراع الإخوان في الجزائر- المشاركة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في 18 أبريل 2019، عبر تقديم رئيسه عبد الرزاق مقري مرشحا له، وجاء هذا القرار بأغلبية ساحقة من قبل أعضاء "مجلس الشوري" في الحزب، حسب أحد مسؤوليه عبد الله بوعاجي.
يشار إلى أن ولاية بوتفليقة الذي يقود الجزائر منذ 1999، تنتهي في 28 أبريل 2019، إلا أن أنصاره يدعونه من جديد للترشح لولاية خامسة، وتنتهي مهلة تقديم الترشيحات في منتصف ليل 3 مارس، وكانت وزارة الداخلية الجزائرية نشرت الاثنين 20 يناير قائمة تضم 32 طلب ترشح لهذه الانتخابات، كل أصحابها من الرجال، وتسعة منها لرؤساء أحزاب سياسية.
وكان مقري قد عقد أمس مؤتمراً صحافياً بالعاصمة، بعد ساعات من نهاية اجتماع "مجلس شورى" الحزب، وبدا منتشياً بالتأييد الواسع الذي حصل عليه من طرف 300 قيادي، وقال مقري "إن الفوز بكرسي الرئاسة سيكون حليفنا إذا احترم النظام أصوات الناخبين".
للمزيد حول مقري .. رئيس "حمس" الإخوانية المرشح لرئاسة الجزائر.. اضغط هنا

أبو جرة سلطاني
أبو جرة سلطاني
ولكن مقابل ذلك وقبيل أن يفصل مجلس الشورى في أمر الانتخابات واسم المرشح، سارع رئيس الحركة السابق أبو جرة سلطاني  لإعلان انسحابه من السباق، وقال في بيان "لن أترشح بأي حال من الأحوال مهما كان قرار مجلس الشورى"، موضحا أنه استشار أكثر من 30 شخصية، بينهم أصحاب قرار وأنهم نصحوه بالانسحاب لأن الجزائر ليست جاهزة لترشح شخصية باسم حزب أو تحمل توجه إيديولوجي، لذا فضل عدم التزاحم وترك المجال للآخرين.
ورجحت بعض التقارير الصحفية ، أن يكون السلطاني انسحب لقناعته بأن الأمور محسومة سلفا، لصالح مقري، لذا فضل الإعلان عن الانسحاب حفظا لماء الوجه، كما اختار طوال انعقاد جلسة المجلس الجلوس في المقاعد الخلفية، وعدم الظهور في الصف الأول إلى جوار مقري وقياديين آخرين.

عبدالقادر بن قرينه
عبدالقادر بن قرينه
من ناحية أخرى أعلن رئيس حركة "البناء الوطني" عبدالقادر بن قرينه عن اعتزامه الترشح رسميًا لانتخابات 18 أبريل المقبل، جاء هذا في بيان نشرته الحركة الثلاثاء 22 يناير، وجاء في البيان إن المكتب التنفيذي الوطني للحزب قرر التقدم "لسحب مطبوعات الاكتتاب الفردية للترشح للانتخابات الرئاسية باسم رئيس حركة البناء الوطني الأستاذ عبدالقادر بن قرينة.
وأفاد البيان أن "حركة البناء  معنية بالانتخابات الرئاسية في كل الخيارات المطروحة أمام مجلس الشورى وعلى رأسها الدخول بمرشحها للتنافس وتقديم رؤية وبرنامج الحركة ضمن مقاربة الجزائر للجميع".
ودعا البيان إلى "اتخاذ الاجراءات الادارية للمنافسة الانتخابية ابتداء من سحب استمارات ملف الترشح للانتخابات الرئاسية، مع تفعيل عمل الهيئة الوطنية للحملة الانتخابية والهيئات الانتخابية المحلية للحركة، وعقد لقاء رؤساء الهياكل الولائية التنفيذية والشورية للشروع العملي في التعامل مع الانتخابات".
كما شدد بيان حركة البناء الوطني على "ضرورة استمرار الحوار والتواصل مع مختلف مكونات الساحة السياسية في ظل تطورات المشهد الانتخابي"، مجددًا دعوته للحكومة بتوفير "بيئة قانونية وإدارية تؤمن التنافس الشفاف والديمقراطي ودعوة الطبقة السياسية والقوى الحية إلى التعاون من أجل أخلقة التنافس الانتخابي".
في مقابل ذلك ، قرر حزب "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم حزب معارض، بعد اجتماع لكوادره دام يومين، عدم المشاركة في المعترك الانتخابي، حيث قالت قيادته للصحافة إن "الحد الأدنى من شروط انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة وشفافة، غير متوفرة"، مضيفة أنها «لن ترشح أحداً من الحزب للاستحقاق، ولن تدعم أي مرشح"، كما أوضحت قيادة الحزب أن مشاركة الحزب في الانتخاب "معناه أننا نعطي تزكية لاقتراع محسوم مسبقاً لممثل النظام، وعليه ندعو إلى مقاطعة هذا الاقتراع، لأن الأصوات لن تقدم ولن تؤخر شيئاً في النتيجة النهائية للسباق"، داعية في المقابل إلى مقاطعة فعلية مكثّفة وسلمية لعمليات الاقتراع.
وتعليقًا على قرار حزب "حركة مجتمع السلم" ترشيح مقري للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، قال المحلل السياسي ياسين إعمران: "يعلم الإسلاميون في حركة مجتمع السلم أن الانتخابات الرئاسية ليست محطّة للمنافسة النزيهة والشفافة، وأن سيناريو ديسمبر 1991 (فوز ساحق للإسلاميين في انتخابات البرلمان، وتدخل الجيش لإلغاء نتائجها) لن يتكرر أبداً. لكنهم يريدون التدافع، وهذا من حقهم ودورهم الحقيقي في نظري"
وتابع إعمران: "المؤكد أن الإسلاميين لن يحكموا غداً، لكن من الضروري أن يعملوا على التدافع بمشروعهم ضد المشروع العلماني، وحتى علي لغديري (لواء متقاعد مرشح للرئاسية) يعلم أنه لن يفوز، لكنه مصمم على المشاركة، على الأقل سيقدم نفسه أمام الرأي العام الداخلي والخارجي بديلاً مطروحاً، وانسحاب الإسلاميين كان سيخدمه لأن ذلك سيقدمه بديلاً وحيداً للنظام، وعلى المشروع الإسلامي رغم كل نقائصه وأمراضه أن يدافع عن حيّزه ومكانه، والتنافس لن يكون هذه المرة على الرئاسة بقدر ما سيكون تنافساً وجودياً... وهذا مطلوب".
وأضاف إعمران إن "مقري أمام امتحان حقيقي لشعبيته، لأن التقدم كمرشح رئاسي يعني مخاطبة الجزائريين بلغة تتجاوز سقف الانتماء الحزبي والآيديولوجي أيضاً، ولا يمكن الحكم عليه من خلال النسبة، التي نالها حزبه في التشريعيات الماضية (33 مقعداً بالبرلمان من أصل 462)، لأنه يمكن أن يكون للسياسي شعبية أكبر من حزبه، لهذا اعتبر أن المحطة الرئاسية هي فرصة ليقيس بها مقري شعبيته وسط الجزائريين".
ويرى المراقبون أن "حركة مجتمع السلم"- حمس، طوال مسيرتها منذ أن تأسست عام 1991 تنتهج سياسة المشاركة في الحكم وعقد التسويات مع النظام، حتى وإن تحركت قليلا تجاه معسكر المعارضة من وقت لآخر، ويرى البعض أن مقري أعلن عن خوضه الرئاسيات كحركة تكتيكية بحثا عن صفقة ما، إذ أنه يدرك جيدًا أن حظوظه في الوصول إلى الرئاسة ضئيلة، كما أن خيار المقاطعة لن يكون مجديًا، وقد سبق وخاضته الحركة وأثبت فشله، وبالتالي الحركة الآن تبحث عن فرص أفضل للمشاركة في السلطة عبر العودة إلى مربع منافسة مرشح النظام الذي قد لا يكون بالضرورة بوتفليقة، إذ لم يعلن حتى اللحظة عن خوضه للانتخابات. 
من ناحية أخرى تحدثت بعض الأوساط الجزائرية أنه لا يستبعد أن تكون مشاركة حزب "حركة مجتمع السلم" - حمس في الانتخابات جزء من صفقة أكبر، ربما هدفها المشاركة من أجل إضفاء الشرعية على انتخابات محسومة سلفا، مقابل الفوز بمكتسبات شعبية وسياسية لاحقًا. خاصة أن إعلان مقري الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية فاجأ الكثير من المراقبين، بعد أن سعت "حمس" في الأشهر الأخيرة إلى "تأجيل الانتخابات" من خلال مبادرة "التوافق الوطني" وهي مبادرة قدمها الحزب إلى الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى لاختيار مرشح رئاسي تتوافق عليه الأطياف المختلفة لخوض الانتخابات الرئاسية، معتبرًا أنها السبيل الوحيد "للتخلص من الحكم الحالي".

للمزيد حول الإخوان المسلمون في الجزائر اضغط هنا

شارك