كواليس وأسرار تسليم «قاتل النائب العام» لمصر.. دراسات أمريكية ترصد: «العثمانية الجديدة» سبب تدهور العالم الإسلامي

السبت 09/فبراير/2019 - 11:32 ص
طباعة كواليس وأسرار تسليم هاني دانيال
 
تركيا تتخلى عن الإخوان.. كواليس وأسرار تسليم «قاتل النائب العام» لمصر.. دراسات أمريكية ترصد: «العثمانية الجديدة» سبب تدهور العالم الإسلامي 

أثار تسليم الإخوانى الهارب من العدالة محمد عبد الحفيظ من إسطنبول إلى القاهرة، دهشة كثير من المراكز البحثية الأجنبية، لمعرفة تداعيات هذه الخطوة على مستقبل جماعة الإخوان المسلمين، وهل تغيرت السياسة الخارجية لتركيا فيما يتعلق بجماعة الإخوان أم لا؟

ورصدت «ناشيونال إنترست» الصادرة عن مركز نيكسون، أحد أبرز مراكز التفكير بالولايات المتحدة تداعيات تسليم الإرهابى المتورط فى عملية اغتيال النائب العام إلى مصر قادما من إسطنبول، والتأكيد على أن سياسة أنقرة تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، جعل تركيا تجنح قليلا بعيدا عن مصالح واشنطن والاتحاد الأوروبي، ومحاولة إظهار الندية، حتى ظهرت بوادر تغيير ملامح السياسة التركية خارجيا مؤخرا.
واعتبرت المجلة أن هناك ضغوطا من خلف الكواليس وأسرار لم تكشف بعد بشأن تسليم إخوانى لمصر، والتأكيد على أن هناك ضغوطا من السعودية والولايات المتحدة على أردوغان لتغيير مواقفه تجاه احتضان عناصر جماعة الإخوان المسلمين، والإشارة إلى حاجة أنقرة للاستثمارات الأمريكية والخليجية، وهو ما أسفر عن هذه الخطوة، والتأكيد على حاجة أنقرة للمؤسسات الدولية مثل النقد الدولى والبنك الدولى لدعم الاقتصاد التركي، مع بعض المعدات العسكرية الأمريكية، وبدون موافقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ربما تتوقف كل محاولات إنعاش الاقتصاد التركى من كبوته، وعدم الحصول على ما يلزم من أسلحة.

أكدت المجلة أيضا أن جماعة الإخوان أصبحت تتمتع بشعبية فى الأوساط التركية أقل مما كانت عليه من قبل، حتى أن السياسيين الأتراك كشفوا مزاعم الجماعة، ولم تعد كما كانت تحصل على كل ما تريد، إلا أنها أشارت إلى أن الرئيس التركى بحاجة إلى الدعم المستمر من بعض الدول خلال الفترة الحالية لإنقاذ الاقتصاد التركي، وعدم خسارة السعودية.
استعرضت المجلة سبل التعاون بين جماعة الإخوان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، وكيف فاز بالانتخابات فى ٢٠٠٢، ليتصدر المشهد فى خطوة غير مألوفة لخلفيته الإسلامية فى تركيا العلمانية، وحينها تعمد الحزب عدم الظهور العلنى مع عناصر وقيادات الإخوان إلى جانب الظهور بأفكار تتماشى مع السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن تغير الموقف بعد انتخابات ٢٠٠٧، حيث بدأ الحزب فى احتضان الإخوان علنا، واعتبار الجماعة أداة مهمة بالشرق الأوسط، والدفاع عن القضية الفلسطينية، وتبنى صعود الإخوان للحكم فى ظل الربيع العربى الذى ضرب الشرق الأوسط، حتى وصول محمد مرسى للحكم فى مصر، وحينها شعر الأتراك بنشوة وقاموا بتوقيع ٢٤ اتفاقية تبادل تجارى ومنح، حتى الإطاحة بمرسى فى ٢٠١٣ وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى العام التالى بأغلبية المصريين.

تمت الإشارة إلى أن إسقاط الإخوان لم يرض الأتراك، وتوترت الأجواء المصرية التركية، فى ظل هجوم أنقرة على النظام المصرى فى المحافل الدولية، مع استمرار تبنى مواقف ضد السعودية، وهو ما برز فى دعم طهران للإخوان المسلمين أيضا، والتأكيد على أن استمرار دعم أنقرة لمواقف الإخوان لا يتناقض مع الطموح التركى بالمنطقة، وهو ما جعل من هذا التحالف أمرا مريحا.
ركزت المجلة فى تقريرها على أن تركيا فتحت أبوابها لعناصر الإخوان بعد انتخاب السيسى فى ٢٠١٤، وقدمت لهم الملاذ الآمن، موضحة على أن تسليم الإخوان محمد عبدالحفيظ مؤخرا إما يشير إلى انقلاب تركيا على الإخوان أو أن هناك لحظات نفعية تدفع أنقرة لاتخاذ هذه المواقف تحقيقا لمصالحها، والتأكيد على أنه إذا كانت أنقرة تتبنى سياسة جديدة على خلاف مع جماعة الإخوان، فإنها ستلاحق أعضاء الجماعة على أرضها وترحلهم، لذا بدأ عناصر جماعة الإخوان فى اتخاذ خطوات احترازية خشية انقلاب أنقرة عليهم وتسليمهم.
ولفهم سياسة تركيا الخارجية وصفتها المجلة بـ«العثمانية الجديدة»، حيث تتدخل بدرجات متفاوتة، فى جميع النزاعات الإقليمية، ففى سوريا تسعى إلى منع الحكم الذاتى الكردي، وفى اليمن تزعم قيامها دور الوسيط السياسى بين إيران ودول الخليج العربي.

بينما تتطابق علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين مع أفكار حزب العدالة والتنمية التى تعتبر أن نهاية الخلافة العثمانية السبب الرئيسى لتدهور العالم الإسلامي، لذا فإن الإخوان المسلمين يعتبرون قوة تركيا العسكرية وتاريخها وخطاب رئيسها هى نقطة جذب جذابة لدعم الإخوان.
اختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن تركيا الدولة المفضلة لهم، وهذا سلاح لن يهدره أردوغان بسهولة، بالرغم من الضغوط الغربية عليه لمنع تبنى الإخوان، ولكنه يواصل سياساته من أجل استمرار الحصول على شعبية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
نوهت إلى أنه بالرغم من عضوية أنقرة لحلف الناتو، وحليف مهم لواشنطن، إلا أنها أدارت ظهرها لعضوية الاتحاد الأوروبى وعدم تبنى السياسة الخارجية الأمريكية كاملة، والاكتفاء مؤقتا بالقيام بدور إقليمى أكبر، والتعامل مع الخلافات الإيرانية الخليجية بما يتماشى مع مصالحها الإقليمية، لذا لن تفرط بسهولة بالتخلى عن الإخوان باعتبار أن الجماعة عنصر ضاغط لتحقيق مصالحها الإقليمية، وربما تسليم إخوانى أو أكثر لا يغير من مصالحها.

شارك