"مؤتمر وارسو".. تحالف جديد لكبح نفوذ "الملالي" في المنطقة

الثلاثاء 12/فبراير/2019 - 01:17 م
طباعة مؤتمر وارسو.. تحالف أميرة الشريف
 
بالتزامن مع انعقاد مؤتمر وراسو حول الشرق الأوسط، أعلن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن إطلاق تجمع للجاليات الإيرانية في أوروبا بالعاصمة البولندية وارسو، من أجل إلقاء الضوء على انتهاكات النظام الإيراني والأعمال الإرهابية التي يرعاها في أوروبا.
وقال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في بيان له، إن التجمع الكبير الذي سيعقد في ستاد نوردواي بالعاصمة، سيحظى بمشاركة فعالة من شخصيات دولية كبيرة، من بينهم عمدة نيويورك السابق والمستشار القانوني الحالي للرئيس الأميركي رودي جولياني، وعدد من أعضاء البرلمان البولندي ومجلس الشيوخ.
ووفق تقارير إعلامية، قال عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار إن التجمع الذي يعقد على هامش مؤتمر وارسو يهدف إلى إلقاء الضوء على الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني في أوروبا، خاصة مع تزايد وعي الأوروبيين بشأن هذه المسألة بعد عدد من العمليات الإرهابية التي ثبت ضلوع مخابرات النظام الإيراني فيها.
ودعا أفشار المجتمعين في مؤتمر وارسو إلى الاعتراف بحق مقاومة الشعب الإيراني في إسقاط نظام "الإرهاب الحاكم"، وإدراج كيانات هذا النظام على لوائح الإرهاب، قائلا: إنه في الوقت الذي تمر فيه 40 سنة على استيلاء الملالي على الحكم في إيران بعدما اختطفوا ثورة الشعب ضد نظام الشاه، فإنه يتعين على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات ضد هذا النظام الفاقد للشرعية وإحالة ملف انتهاك حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن الدولي.
وفي أول يناير الماضي، بدأت الولايات المتحدة الحشد لمؤتمر دولي ينعقد في العاصمة البولندية وارسو، من أجل مناقشة السياسات الإيرانية العدوانية في المنطقة بصورة رئيسية، ضمن عدد من الملفات المُهمة المرتبطة بأمن واستقرار المنطقة، والتي يناقشها المؤتمر، في تصعيدٍ أمريكي ضد إيران وصفته الأخيرة بأنه "عمل عدائي" يُمارس تجاهها.
وتستضيف العاصمة البولندية وارسو المؤتمر غدًا الأربعاء وبعد غد الخميس، لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط، تحديداً ملف إيران وسبل كبح نفوذها المتسع إقليمياً من سورية إلى العراق ولبنان وحتى اليمن، فضلاً عن التوقعات باستغلال أمريكا للمؤتمر لبدء الترويج لخطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة باسم "صفقة القرن"، بدا واضحاً حجم التحشيد المتبادل بين الأميركيين والإيرانيين، والذي انخرط فيها بشكل مباشر المسؤولون السياسيون والعسكريون. 
وشهدت العلاقات الأمريكية الإيرانية تأزماً واضحاً مع تولي الرئيس الأمريكي ترامب، فبعد أن وقعت طهران مع الدول الكبرى اتفاقاً حول برنامجها النووي (في 14 يوليو 2015) بعد 21 شهراً من المفاوضات الصعبة، أقرّ ترامب – الذي تعهد منذ حملته الانتخابية بسياسات صارمة ضد إيران - إلغاء الاتفاق.
وواصلت الإدارة الأمريكية التصعيد ضد إيران بشكل عملي، وطبقت عقوبات "الحزمة الأولى" في 7 من أغسطس 2018، على القطاعات المالية والتجارية والصناعية، وشملت حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، بخاصة الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني، أو سندات حكومية إيرانية، وغير ذلك.
وفي 3 نوفمبر 2018 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات على إيران، وضمت تلك الحزمة عقوبات على أكثر من 600 شخص وشركة في إيران، إضافة إلى عقوبات أشد، تشمل صادرات النفط الإيراني.
وبدأ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، جولة أوروبية بهدف إنجاح المؤتمر البولندي وزيادة الضغط على إيران، لا سيما بعدما نأى وزراء خارجية الدول الأوروبية الرئيسية فضلاً عن مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، وروسيا، عن المؤتمر الذي يحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزراء خارجية عرب، كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يصوب على المؤتمر والولايات المتحدة من العاصمة اللبنانية بيروت، التي أعلن وزير الخارجية فيها جبران باسيل مقاطعة المؤتمر.
وقال مسؤولون بالإدارة الأمريكية إن بومبيو يسعى خلال جولته تعويض نقص الوجود الأمريكى الذى فتح الطريق أمام قدر أكبر من النفوذ الصينى والروسى فى وسط أوروبا.
وتأمل واشنطن فى كسب دعم لزيادة الضغط على إيران كى تنهى ما تصفه بسلوك هدام فى الشرق الأوسط وإنهاء برامجها النووية والصاروخية.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد انسحب العام الماضى من اتفاق أبرم فى 2015 من أجل الحد من نشاط إيران النووى ولكن الاتحاد الأوروبى مصمم على التمسك بالاتفاق.
ولم يتضح طبيعة الوفود التى سترسلها العواصم الأوروبية إلى ما وصفه وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف بأنه "سيرك يائس مناهض لإيران".
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد استدعت الشهر الماضى القائم بالأعمال البولندى فى طهران وأبلغته أن إيران تعتبر قرار استضافة الاجتماع "عملا عدائيا لإيران" وحذرت من أن طهران قد ترد بالمثل وذلك حسبما قالت الوكالة الإيرانية.
وأضافت الوكالة أن القائم بالأعمال البولندى "قدم إيضاحات حول المؤتمر وأكد أنه لا يناصب إيران العداء". 
وقال إسحاق جهانجيرى نائب الرئيس الإيرانى إن سبب عقد هذا الاجتماع هو فشل العقوبات الأمريكية فى تركيع إيران.

وتدخل الولايات المتحدة وإيران في مواجهة مفتوحة خلال الأيام المقبلة، استمرارا لانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران الذي بدأ في مايو الماضي، ومن ثم إعادة فرض العقوبات على دفعتين على طهران. 
وأطلق الإيرانيون في الذكرى الـ40 للثورة الإيرانية، سلسلة مواقف مضادة للأميركيين والإسرائيليين على حدّ سواء، وزعم الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن "المؤامرة الأميركية" ضد بلاده "مصيرها الفشل". 
وبعدما دان "مؤامرة الولايات المتحدة والصهاينة والدول الرجعية في الشرق الأوسط" ضد بلده، قال روحاني إن "وجود الشعب في كل شوارع جمهورية إيران الإسلامية يعني أن العدو لن يحقق أهدافه الشيطانية"، وندد في ميدان آزادي "الحرية" بما وصفها بـ"الجهود الأميركية لعزل إيران"، مضيفاً أن "العقوبات الأميركية لن تقصم ظهر الجمهورية الإسلامية".
ورأى تقرير صحيفة كيهان بنسختها اللندنية، أن مؤتمر وارسو في هذا التوقيت الذي يشهد زيادة غير مسبوقة من الضغوط السياسية والاقتصادية على نظام طهران سيُصعد التوتر في الداخل الإيراني لا سيما مع تأزم الموقف مع الجانب الأوروبي، مضيفا أن إعلان الولايات المتحدة انسحاب قواتها تدريجيًا من سوريا وتحركاتها في العراق وتأكد فتح طهران قناة اتصال مع تنظيم طالبان بأفغانستان، يؤكد مضي واشنطن قدمًا في تحجيم النفوذ الإيراني بالمنطقة.
وتابع أن المسؤولين الأمريكيين يركزون جهودهم في المرحلة الراهنة على فرض ضغوط ضد إيران بشكل قانوني، مستشهدًا بإعلان السيناتور البارز توم كوتن اعتزامه سنّ قانون حول احتجاز الرهائن في إيران بعد الكشف مؤخرًا عن واقعة احتجاز طهران لمواطن أمريكي
ويأتي المؤتمر، في الوقت الذي يواصل نظام الملالي سياساته العدوانية في المنطقة وتدخلاته المختلفة في شؤون دولها منطلقاً من هدفه الرئيسي المتمثّل باستعادة الماضي الإمبراطوري وفرض الهيمنة على المنطقة.
ووفق باحثون في الشأن الإيراني، فإن مؤتمر وارسو يمثل كابوساً مرعباً للنظام الإيراني، فهم يستعيدون إلى الذاكرة مؤتمر غوادلوب، علاوة أن مؤتمر بولندا يعني بدء العد التنازلي لتحييد إيران وكسر شوكتها وإيقاف تمددها وفرض عزلة إقليمية كبيرة؛ فالمؤتمر قمة دولية الهدف منها إيقاف النهج التدميري الإيراني، على أساس أن العالم قد تشبع من الإرهاب الذي تمارسه طهران.
وفي 5 يناير 1979 انعقد مؤتمر "غوادلوب" بدعوة من الرئيس الفرنسي في حينه، وحضرته قيادات أربع دول كبرى "الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا وألمانيا الغربية"، وناقش الاجتماع ضمن محاوره الرئيسية مصير إيران ونظام الشاه.

كما أن التصريحات الإيرانية الأخيرة للنظام الإيراني والتي تهدد وتتوعّد المشاركين في المؤتمر بما فيهم البلد المستضيف تؤكد أن المؤتمر ليس مجرد مناورة تقودها الولايات المتحدة وإنما خطوات جادة لتوحيد الجهود الدولية من أجل فرض مزيد من الضغوط على النظام الإيراني وممارساته التوسعية.

شارك