تحت شعار "الدخول السلمي".. حفتر يتهيأ لدخول طرابلس

السبت 02/مارس/2019 - 02:33 م
طباعة تحت شعار الدخول السلمي.. أميرة الشريف
 
ما زالت مساعي الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، لتطهير الجنوب الليبي مستمرة في ظل العملية التي أطلقها يناير الماضي، حيث يتسمك الشعب الليبي بدور الجيش الوطني في تطهير البلاد من قبضة الإرهابيين وبسط سيادة الدولة على كافة المدن، خاصة الواقعة بالمنطقة الشرقية التي عانت منذ اندلاع ثورة 17 فبراير من عمليات إرهابية وتفجيرات راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين والعسكريين.
وتتعالي الأصوات في المدن الليبية بضرورة دخول الجيش الوطني إلى العاصمة طرابلس، إلا أن حفتر يرفض تنفيذ ذلك بقوة السلاح، رافعًا شعار "الدخول السلمي بدعم قبلي وشعبي".
ويري خبراء أن إمكانية الجيش الوطني على دخول طرابلس ستكون من الحدود الجنوبية لها، في ظل تحركات إقليمية ودولية تقودها فرنسا لدعم عملياته، التي ستساهم بشكل كبير في تسهيل مهمة القوات المسلحة في القضاء على الجماعات الإرهابية.
وتسعي الميليشيات المسلحة المسيطرة على طرابلس التنصل من الترتيبات الأمنية الأخيرة فى العاصمة عبر بث شائعات ضد تحرك الجيش الوطنى الليبى لدخول طرابلس، وفي نهاية ديسمبر الماضي أصدرت بيان تحذيرى من أى تصعيد عسكرى يقوده حفتر فى طرابلس، وتعهدت ميليشيات النواصى وكتيبة ثوار طرابلس، وقوة الردع وكتيبة باب تاجوراء، بالحفاظ على أمن العاصمة طرابلس وتوفير الأمن للبعثات الدبلوماسية.

وفي مطلع فبراير الماضي، كانت قوات حفتر قد أعلنت عن وجودها الرسمي بمدينة صرمان (70 كلم غرب طرابلس)، من خلال فيديو بثته فصائل موالية له، أظهر مجموعات مسلحة تجوب أرجاء المدينة معلنة عن ولائها لحفتر.
وكانت شهدت مدينة الزاوية، الواقعة على بعد 30 كيلومترا غرب العاصمة الليبية طرابلس، مظاهرات شعبية حاشدة، تعبيراً عن رفض وجود قوات حفتر بعد قيام مجموعة مسلحة موالية له بالسيطرة على معسكر بالمدينة.
ومنذ أسابيع، شهدت المدينة حديثا متزايدا عن رغبة حفتر في دخولها، بعد إعلان أفراد من قبيلة أولاد صقر، الأسبوع قبل الماضي، تأييدهم لحراكه في جنوب ليبيا، وتزايد التوتر الأمني بقيام مجموعة مسلحة بالسيطرة على معسكر السلعة، قبل أن تتمكن مجموعات مسلحة رافضة للواء المتقاعد من طرد مجموعات حفتر منه، مساء أمس الأربعاء.
وكان أطلق حفتر عملية عسكرية فتحت "الكرامة"، منتصف 2014، حيث نجح خلالها في ضم مساحات شاسعة من البلاد، بعد مواجهات عنيفة مع الإرهابيين الذين ينفذون عمليات اغتيال ممنهجة ضد العسكريين.
وتحاول بعض الأطراف الليبية المرتبطة بعلاقات مشبوهة مع تركيا وقطر، بث الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب الليبي، وخاصة في طرابلس، بالإضافة إلى الترويج لخطاب مضلل حول نية الجيش دخول العاصمة بقوة السلاح، وهو ما ثبت عكسه بعد دخول غالبية مدن الجنوب بتأييد ودعم شعبي.
ووفق تقارير إعلامية بدأت المشاورات بين الكتائب المسلحة الداعمة للجيش الليبي في التواصل مع القوى المسيطرة على طرابلس؛ لبحث دخول القوات دون إراقة دماء أو حرب بين الأطراف، وهي مشاورات تسير على قدم وساق، منذ عدة أسابيع.
وفي الوقت الذي يرفض فيه البعض دخول الجيش الليبي للعاصمة طرابلس، يؤيد تيار كبير دخول قوات الجيش في إطار معركته الشاملة ضد الإرهاب وبسط السيادة شريطة ألا تنجرف الأمور نحو مواجهة عسكرية مع القوى المسيطرة على مدن المنطقة الغربية، وهو ما يحتاج إلى مزيد من رسائل الطمأنة من القائد العام للقوات المسلحة الليبية.
ويتوقع مراقبون دخول قوات الجيش الوطني الليبي إلى طرابلس، خلال عدة أشهر، حال نجحت تحركات باريس الداعمة للمؤسسة العسكرية، وتوحيد الصف الأوروبي نحو رؤية واستراتيجية موحدة، خاصة بين فرنسا وإيطاليا حول مناطق نفوذ البلدين.
وتخشي الأطراف الليبية من تدخل قوى إقليمية معادية للجيش الوطني الليبي، مثل تركيا وقطر لخلط الأوراق في العاصمة طرابلس، عبر تحريك بعض قادة الميليشيات المسلحة المقربين من البلدين، خاصة المنتمين إلى تنظيمي القاعدة والإخوان الإرهابيين، كأحد أخطر التحركات التي يمكن أن تدفع طرابلس نحو مواجهة عسكرية شاملة لا يحمد عقباها.
وذكرت تقارير إعلامية أن حفتر حسم قراره بدخول العاصمة طرابلس لتحريرها من قبضة الميليشيات المسلحة، مشيرة إلى التحركات الأخيرة والاجتماعات التى يقوم بها حفتر مع شيوخ وأعيان قبائل الغرب الليبى.
ويرى مراقبون أن أى خطوة لدخول حفتر إلى العاصمة الليبية طرابلس قد تتسبب فى إطالة أمد الأزمة بشكل كبير، فضلا عن عواقبها الوخيمة التى تتمثل فى إحتمالية اندلاع حرب أهلية فى الغرب الليبى، وذلك لعدة اعتبارات فى تلك المدن أهمها رفض أهالى تلك المنطقة الحل العسكرى، فضلا عن الكثافة السكانية الكبيرة التى تتمركز فى الغرب الليبى بشكل عام وطرابلس بشكل خاص.
وفي وقت سابق، ذكرت تقارير إعلامية، أن الخطوات التى يقوم بها حفتر حول طرابلس ما هى إلا تحرك فى إطار الضغط خلال عملية التفاوض مع الأطراف الليبية الآخرى، ورغبته فى التلويح بقدرته العسكرية على تحرير العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات، فضلا عن صعوبة العملية التى قد تستغرق سنوات وتشتت جهوده بين مدن الشرق والغرب والجنوب الليبى.
وتنقسم ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، بين عدة حكومات، أدت إلي انبثاق عدد لا يحصى من الفصائل.
وعاشت العاصمة طرابلس منذ ذلك الحين، حالة من التوتر والحروب المستمرة، لم تشهد فيها هدوءا، حيث سادت فيها لغة الحرب، إذ أدت كثرة الكتائب المسلحة وبمسمياتها المختلفة، منها من داخل طرابلس ومنها من خارجها، إلى صدام بين الحين والآخر تسبب بتعكير صفو الحياة في المدينة.
ومن أبرز المعارك والاشتباكات التي عاشتها طرابلس كانت بدايتها في 15 نوفمبر عام 2013، حين خرجت مظاهرة سلمية بعد صلاة الجمعة واتجهت إلى منطقة غرغور مطالبة بخروج التشكيلات المسلحة منها لتواجه تلك المسيرة برماية مسلحة مجهولة أدت إلى تفاقم الوضع وسقوط العشرات من الضحايا والمئات من الجرحى.
كما اندلعت بعدها أحداث "فجر ليبيا" التي كانت شرارتها في 13 يوليو عام 2014 وجاءت على خلفية انتخاب مجلس النواب وحل المؤتمر الوطني العام الذي تسيطر عليه مجموعة من المحسوبين على الإسلام السياسي، وبدأت الأحداث بالاستيلاء على مطار طرابلس العالمي في أكبر المعارك التي عاشتها طرابلس بين عدد من التشكيلات المسلحة المحسوبة على تيارات إسلامية متحالفة مع مجموعات من بينها درع الوسطى وكتيبة ثوار ليبيا ضد كتائب القعقاع والصواعق، وكان من أبرز قادة تلك المعركة الدامية صلاح بادي الذي ظهر في فيديو يعلن فيه احتراق مطار طرابلس.
وشهدت طرابلس في تلك الفترة حالة من الترقب بعد سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة وإعلان حكومة الإنقاذ المحسوبة علي جماعة الإخوان والتي ترأسها عمر الحاسي وتبعه في رئاستها خليفة الغويل، وتسببت تلك المرحلة بانقسام سياسي كاد أن يدخل البلاد في حرب أهلية دموية إلى أن أعلن في 17 من ديسمبر عام 2015 عن اتفاق الصخيرات وولادة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي حلت محل حكومة الإنقاذ التي بدورها لم تتراجع عن هدفها في السيطرة على الحكم ما أربك المشهد في تلك الفترة .

شارك