الميليشيات الحوثية والتعذيب الوحشي لليمنيين في سجونها السرية

الأحد 10/مارس/2019 - 10:31 ص
طباعة الميليشيات الحوثية حسام الحداد
 
للمليشيات الحوثية في كل مديرية من مديريات ذمار سجن سري – منزل كبير تحوله المليشيات إلى مكان لاحتجاز المخطوفين مؤقتاً - إضافة إلى السجون الرسمية التابعة للداخلية وإدارات أمن المديريات.
ومن تلك السجون سجن "المردع" في مديرية الحدا، شرق مدينة ذمار، وهو سجن قديم ومشهور كان يتخذه الإمام احمد سجناً لردع القبائل فسمي بالمردع. ويشرف على سجن المردع قيادي حوثي يدعى أبو وليد الحلمي.
هذا ما جاء في احدث تقرير نشره موقع “المصدر اونلاين” وقد ذكر فيه عدد من السجون العامة والسرية في ذمار، والتي تحولت من منطقة عبور تربط جنوب ووسط اليمن بصنعاء، إلى مقر رئيسي لاعتقال واحتجاز أهم القيادات الحزبية والسياسية والمدنية، ومعامل للتعذيب الوحشي والقتل العمد، وأماكن لغسل عقول المخفيين قسراً، وإصابتهم بالأمراض الجسدية والنفسية، إضافة إلى ترويع ذويهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم.
ويقبع نحو ثلاثة آلاف من المخطوفين والمخفيين قسراً في سجون مليشيا الحوثي الانقلابية، في محافظة ذمار، بينهم 1668 مختطفاً من أبناء المحافظة ذاتها، حتى نهاية العام الماضي 2018، وفق تقارير صادرة عن منظمات محلية.
وتشير التقارير الحقوقية إلى أن محافظة ذمار، ثاني محافظة في عدد الاختطافات وجرائم الإخفاء القسري الذي تمارسه المليشيا الحوثية منذ انقلابها على الشرعية واجتياحها للعاصمة والمحافظات اليمنية  في 21 سبتمبر 2014م.
ومع تزايد جرائم الاختطاف والإخفاء القسري، وانتهاج المليشيات للاعتقال كوسيلة احترازية لردع خصومها، وانتقامية لمعاقبة المناوئين لانقلابها، إضافة إلى كون الاعتقال والخطف،  مصدر جيد للأموال الطائلة التي تدفع كفدية مقابل الافراج عن المعتقلين، تضخم عدد السجون التي استحدثتها المليشيات في المدينة إلى جانب اقسام الشرطة والمعتقلات الموجودة.
ورصد تقرير "المرصد أونلاين"  وجود أكثر من  55 سجناً سرياً وعاماً في مدينة ذمار وضواحيها، إضافة إلى المنازل – لا تتوفر احصائيات رسمية بعددها – التي أصبحت معتقلات سرية ومؤقتة لمناوئي المليشيات الحوثية، مع عشرات السجون والمباني العامة والخاصة في مديريات المحافظة التي حولتها الجماعة الانقلابية إلى أماكن لاحتجاز وتعذيب المخطوفين، وفقاً لإحصائية المركز الإعلامي بذمار.

وذكر التقرير أن نقاطاً أمنية تتمركز في الخط الرئيسي تابعة للمليشيات تحتجز مسافرين إلى مأرب وحضرموت تحت مبرر الاشتباه في أن لهم صلة بالشرعية والجيش الوطني، وتقتاد كثيراً ممن تستوقفهم بعد حجزهم لساعات في نقاط التفتيش شرق ذمار، إلى السجون التابعة لها في المدينة.
وتعتقل ما يزيد عن 30 مواطن يومياً، إضافة إلى عشرات العوائل التي تمنع المليشيا عبورها إلى المناطق المحررة وتجبرها على العودة إلى ذمار.
وأفاد التقرير أنه لا تتوفر إحصائيات رسمية عن عدد المخطوفين في ذمار من خارج المحافظة، فيما بلغ المخطوفين من أبنائها 1668 وفق لجنة حقوق الإنسان حتى نهاية 2018، ومنهم من تم إطلاق سراحه في تبادل أسرى أو بفدية مالية، إضافة إلى العشرات من المخفيين قسراً والمعتقلين الذين لم يتم رصد حالات اعتقالهم منذ بداية العام الجاري.
وأشار التقرير إلى عدد من السجون ، التي تتخذها المليشيا لتعذيب المختطفين وترتكب بحقهم أبشع الجرائم والانتهاكات، لافتاً إلى أن السجن المركزي (إصلاحية ذمار) بات خلال العامين الماضيين، أكثر السجون ازدحاماً بعد أن حولته المليشيا إلى معتقل رئيسي للمسافرين الذين يتم اختطافهم من نقاط التفتيش التابعة للجماعة المسلحة اثناء محاولتهم المرور من الخط العام باتجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بتهم مختلفة أبرزها الالتحاق بالجيش والمقاومة في مأرب، أو الانتماء للمناطق الجنوبية، ومحافظة تعز على وجه الخصوص.
وتشير الاحصائيات إلى اكتظاظ السجن بأربعة أضعاف قدرته الاستيعابية، جلّهم من الشباب، مخطوفين تم اعتقالهم في نقاط التفتيش، او مناوئين من أبناء المحافظة التي لفقت لهم المليشيا تهماً مختلفة ورمتهم بموجب التهم في السجن المركزي دون أي محاكمة.
ولا توجد أرقام ثابتة لعدد المخطوفين والمخفيين في السجن المركزي، حيث يستقبل السجن كل يوم العشرات من المخطوفين والمحجوزين، وفق أحد العاملين في السجن.
وأضاف أن السجن يضم مصحة نفسية للمختلين عقلياً، غدت اليوم أهم مركز للتعذيب النفسي للمخطوفين، حيث يتم حشر المئات من المخطوفين داخل ثلاث غرفة مخصصة للمختلين عقلياً، مع ندرة دورات المياه، وانعدام الغذاء وتلوث المياه، وتعرضهم لمعاملة قاسية، وإجبارهم على ترديد الصرخة الحوثية، أو الزج بهم في زنازين انفرادية.
وفي أواخر العام الماضي 2018 تم توسيع سجن الأحداث، ليتسع لمزيد من الأطفال، الذين يحاول الحوثيون غسل عقولهم وتعبئتهم بأفكار الجماعة الطائفية، ليتسنى له بعد ذلك إلحاق بعضهم بجبهات القتال.
ويعيش السجناء والمخطوفون في إصلاحية ذمار بشكل عام والمصحة العقلية والأحداث بشكل خاص، أوضاعاً مأساوية، محرومين من أبسط الحقوق الإنسانية الأساسية كالزيارة والخدمة الطبية، مما سهل انتشار الأمراض الجلدية والمعدية كالسل والجرب.
ووصف التقرير سجن الأمن السياسي الواقع في حي المنزل جنوب ذمار، بالمقبرة، كونه أحد أهم وأخطر  السجون التابعة للحوثيين في محافظة ذمار.
ويتعرض فيه المخطوفون والمخفيون قسراً لألوان من التعذيب الوحشي حيث يحوي العشرات من الذين يتعرضون لتعذيب وحشي، وإخفاء قسري، ومنع من الزيارات، وغالبية المخطوفين من القيادات العسكرية أو الحزبية أو السياسية التي لا تدين بالولاء للمليشيا الانقلابية.
كما يضم السجن عشرات المختطفين من المحافظات الأخرى، يتم ترحيلهم أسبوعياً، ولذلك لا توجد ارقام ثابتة لعدد المخطوفين والمخفيين في سجن الأمن السياسي.
وكان يقبع في السجن منتصف العام الماضي نحو 235 مختطفاً ومخفٍ قسراً وفق ما أفاد مصادر حقوقية.
وأشارت رئيسة رابطة امهات المخطوفين، إلى مرض السل «أخطر مرض يفتك بالمختطفين وعليه فإن رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً تحمل جماعة الحوثيين المسؤولية عن حياة فلذات أكبادنا».
وتحتجز المليشيا العشرات من المخطوفين والمسافرين، في سجن البحث الجنائي شرق المدينة على خط المدينة السكنية، ويتكون من هناجر إسمنتية ضيقة مكونة من عدة غرف أرضية، حيث يتم فيه تعذيب المخطوفين جسدياً، بالضرب بالعصي وبأعقاب البنادق، والكي بالنار، والتعليق في الجو والإيهام بالغرق.. إلى آخر وسائل التعذيب الجسدي.
وبعد عمليات تحقيق وتعذيب يرحل المخطوفون إلى سجون أخرى، حسب التصنيف الذي تضعه لهم المليشيا، فمنهم من يرحل إلى السجن المركزي، وآخرون إلى الأمن السياسي.
ويدير السجن القيادي الحوثي محمد الخطيب (أبو صخر، من إب) ويشرف عليه قيادي آخر من أبناء رصابة بجهران يدعى عبدالعزيز خيران (أبو نصر). ويشرف على عمليات تعذيب المخطوفين، قيادي حوثي من مديرية عنس يدعى حميد ناجي عمران، مسؤول التحريات بالبحث، ومدير مكافحة المخدرات المدعو جبر العصري (أبو عبدالملك).
إلى ذلك حولت المليشيا، أقسام وإدارات الشرطة في مدينة ذمار، إلى معتقلات للمختطفين والمخفيين قسراً، وأماكن للاحتجاز والتعذيب والنيل من خصومها.
وتستخدم المليشيا قسم شرطة الوحدة  الواقع شرق مدينة ذمار على خط مديرية الحدا، سجناً للمتاجرة بالمخطوفين والمعتقلين، خصوصاً من مناهضي الانقلاب سياسياً أو نشطاء وكتاب الرأي الرافضين لهيمنة المليشيا، وتمارس فيه أشد أنواع التعذيب النفسي على المخطوفين، وابتزاز ذويهم بمصير أبنائهم.
وتحدثت عدة تقارير إعلامية عن حالات متاجرة أخرى، بحرية وحياة المختطفين في سجن الوحدة، جنى مشرفو المليشيا منها ملايين الريالات، عبر إجبار ذوي المخطوف على دفعها عبر وساطات يقودها مشائخ في الغالب موالون للمليشيا الانقلابية، ويشرف على السجن حالياً القيادي الحوثي أبو صقر عامر وهو من مديرية جبل الشرق آنس.
كما يمثل قسم المنطقة الجنوبية، أحد أهم المعتقلات للمليشيا، والذي يقع جوار المعهد المهني، على شارع المنزل جنوب المدينة، حيث يتم فيه اعتقال المدانين بالجرائم الجنائية، والتحقيق معهم قبل أن يتم نقلهم إلى السجون الرئيسية.
ويختص القيادي الحوثي المشرف على السجن المدعو أبو طالب العنسي، بابتزاز المختطفين ليحصل على مبالغ مالية كبيرة، لإطلاق سراحهم.
كما يزج في السجن كل من يشتبه في مناهضته للجماعة الحوثية ومعتقداتها الطائفية، أو يسخر من قياداتها العسكرية والدينية ومرجعياتها في إيران ولبنان.
كما تتخذ المليشيا من سجن الغربية، غرب مدينة ذمار في حارة الغدراء جوار مسجد الإمام الشوكاني، معتقلاً لكوادر وأعضاء حزب الإصلاح من أبناء ذمار والعديد من الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في المجتمع وقيادات من حزب المؤتمر رغم أنهم لم يقدموا على ممارسات أو يظهروا أي مواقف معادية أو مناهضة للمليشيا، ويشرف على السجن قيادي حوثي يدعى محسن لقمان.
وحولت المليشيا قسم شرطة الغبراء الذي يقع شمال غرب مدينة ذمار، إلى معتقل للتعذيب النفسي والجسدي وانتهاك كرامة وحرمة المخطوفين ويشرف عليه القيادي الحوثي أبو يونس من أبناء وادي الحار في مغرب عنس.
واشتهر سجن الغبراء بإصابة المخطوفين فيه بالعديد من الأمراض النفسية كانفصام الشخصية والنوبات العصبية وأمراض الصرع الذي انتشر بشكل كبير.
وكشف مخطوفون محررون، عن تزايد تلك الأمراض في الفترة الأخيرة، مما اضطر إدارة السجن للاستعانة بالمخطوفين وآخرين من خارج السجن للسيطرة على الوضع.
في السياق تحدث العديد من الناشطين عن حالات وفاة لمختطفين تم رصدها في سجن الشرقية، وأجبرت المليشيا ذوي المخطوفين المتوفين على الصمت وعدم نشر تفاصيل ما تعرض له ذووهم في وسائل الإعلام فضلاً عن قيامها بطلب مبالغ مالية مقابل تسليم جثة أحد المخطوفين.
ويشرف على السجن القيادي الحوثي يوسف الوماس المكنى “أبو عاصم الوماس” وهو من ضوران آنس.
كما حولت المليشيا حديقة هران المكونة من عدة مباني إلى معتقلات وسجون سرية للمخطوفين، بعد قيامها بإغلاق ابواب الحديقة أمام الزوار مطلع عام 2015، والتي يقبع  فيها نحو 73 مختطفاً.
في غضون ذلك استحدثت المليشيا سجن الشونة أو الأمن الوقائي كما تسميه المليشيا، للنيل من خصومها الذين تصنفهم أكثر خطراً، حيث أن السجن عبارة عن مدافن “خزانات أرضية” للحبوب والبذور، في مدينة معبر يجاور إدارة أمن المدينة، كانت تستخدم في الماضي لحفظ كميات من المحاصيل الزراعية التي يتم تجميعها من المواطنين ضمن بند الزكاة.
ومنذ سيطرة المليشيا على ذمار، تحول إلى مسلخ بشري تمارس الجماعة فيه أقسى وسائل التعذيب والإذلال بحق المخطوفين والمخفيين قسراً، ويتكون من عدة هناجر أرضية (8 هناجر) ارتفاعها بين 3-4متر، سقفها من الإسمنت المسلح، وتوجد فيها فتحات تهوية صغيرة في الأعلى، ودورة مياه واحدة فقط لجميع الهناجر.
كما خصصت المليشيا كلية المجتمع للمخطوفين والمخفيين قسراً من أبناء تعز وإب والمحافظات الجنوبية، إضافة إلى مخطوفين من أبناء ذمار.
وتستخدم المليشيات الحوثية أدوات ومعامل الكلية في تعذيب المخطوفين والتمثيل بأجسادهم بالنار والمواد الحارقة كالأسيد، والاعتداء عليهم بالضرب والحرمان من النوم والطعام.
وتداولت وسائل إعلامية أواخر يناير الماضي خبراً عن انتشار مرض السل داخل سجن المليشيا في كلية المجتمع بذمار ووفاة سجين يدعى هلال الجرف، وتحتجز المليشيا 61  مختطفاً من أبناء محافظة تعز يحرمون من حقوقهم الإنسانية خاصة الرعاية الصحية.
كما حولت المليشيا الاستاد الرياضي والملعب الوحيد في مدينة ذمار، إلى مركز لعملياتها الحربية ومقر الإمداد البشري والعسكري للجبهات، إضافة إلى ذلك فإن المخازن الأرضية والغرف الواقعة تحت مدرجات الملعب، تكتظ بالمئات من المخطوفين والمخفيين.
إلى ذلك حولت المليشيا مستوصف عيشان خارج مدينة ذما باتجاه الغرب، إلى سجناً سرياً خاصاً بالمعارضين لها، من النشطاء السياسيين والمجتمعيين من أبناء المناطق الغربية للمديرية خصوصاً أبناء عتمة ووصابين.
كما استحدثت سجنا كبيراً في إحدى مزارع الأبقار وحولت هناجرها إلى معتقل سري للمتهمين من عناصرها بالخيانة، إضافة إلى عدد من المخطوفين والمخفيين قسراً.
وتحتجز المليشيا في بدرومات المجلس المحلي في مدينة ذمار المطل على شارع التعاون جوار مقبرة العمودي، العشرات من المواطنين الذين قادهم القدر والخلاف على أراضي وأملاك إلى الاحتكام إلى مشرفي الجماعة ومسؤوليها في المدينة.
كما بات معسكر التدريب الخاص بالحرس الجمهوري، غرب مدينة ذمار، مكاناً لاحتجاز وتعذيب العشرات من المخطوفين السياسيين وأصحاب الرأي من مختلف المحافظات، وتتخذ منهم دروعاً بشرية لحماية المعسكر من ضربات التحالف العربي، حيث سبق أن استهدف الطيران تجمعات للمليشيات وهناجر في المعسكر بداية عام 2017.
ووفقا للمعلومات فإن المليشيا ما زالت تستخدم المعسكر لتدريب عناصرها، كما تخزن فيه كميات من الأسلحة والذخيرة في هنجر ملاصق للهناجر التي يحتجز ويعذب داخلها المخطوفون بشكل مستمر.
ويوجد للمليشيا في كل مديرية من مديريات ذمار سجن سري  لاحتجاز المخطوفين مؤقتاً، إضافة إلى السجون الرسمية التابعة للداخلية وإدارات أمن المديريات.
ومن تلك السجون سجن “المردع” في مديرية الحدا، شرق مدينة ذمار، وهو سجن قديم ومشهور كان يتخذه الإمام احمد سجناً لردع القبائل فسمي بالمردع. ويشرف على سجن المردع قيادي حوثي يدعى أبو وليد الحلمي، وسجن ذي سحر غرب مدينة ذمار، وهو عبارة عن مبنى قديم للغاية ويقع غربي المدينة في قرية بمغرب عنس.
كما توجد سجون سرية في مديرية المحافظة، إضافة إلى السجون التابعة للشرطة والداخلية هناك، والتي اصبحت هي الأخرى مكان للمتاجرة بحياة وحرية المخطوفين، لكنها ليست بالدرجة نفسها كما يحصل في المدينة والسجون السرية فيها وبضواحيها.
يذكر أن عدة معسكرات ومبان حكومية، منها معسكر الأمن المركزي على خط صنعاء، والقاعدة الإدارية، ومدرسة الحرس الجمهوري، ومواقع أخرى، تشير المعلومات إلى استخدام المليشيا بعض المرافق فيها كسجون سرية أو أماكن للإخفاء القسري.

شارك