علي وشك الإفلاس ..الحركة الإسلامية الكوردستانية تغلق كل "قنواتها "

الإثنين 11/مارس/2019 - 01:35 م
طباعة علي وشك الإفلاس روبير الفارس
 
ازمة طاحنة تمر بها  الحركة الاسلامية الكوردستانية حيث اغلقت جميع قنواتها الاعلامية في اقليم كوردستان العراق  جاءت الازمة متواكبه مع انعقاد المؤتمر السابع للحركة حيث عقدت الحركة اليوم الاثنين  11مارس 2019 مؤتمرها السابع في اربيل عاصمة اقليم كوردستان بمشاركة 380 عضوا من الحركة.وقال المرشد العام للحركة عرفان علي عبد العزيز في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر، إن "الحركة الاسلامية الكوردستانية تمر بأزمة مالية قاسية ".واضاف انه "تم اغلاق جميع القنوات الاعلامية، ومكاتب الحركة في اقليم كوردستان، ولا تستطيع ان تزاول اعمالها بسبب الازمة المالية".وشاركت الحركة في الانتخابات التشريعية على مستوى العراق واقليم كوردستان ولم تحصل على مقعد واحد فيهما.
والحركة الإسلامية في كرستان العراق هي حركة إسلامية كردية تأسست في عام 1987 على يد مجموعة من علماء الأكراد ابان حكم النظام العراقي برئاسة صدام حسين، وكان هدفهم مقاومة حزب البعث ونشر الفكر الإسلامي وتقوية الهوية الإسلامية للأكراد وأنتشرت الحركة وتوسعت بعد عام 1991 أي بعد الانتفاضة الكردية التي استطاع الأكراد فيها السيطرة على ثلاث محافظات في شمال العراق. وكان  الاتحاد الوطني الذي يترأسه جلال طالباني الرئيس الحالي للعراق في معارك مع الحركة من عام 1987 حتى عام 1997 وراح ضحيتها الكثير من كلا الجانبين. لقد كانت الحركة الإسلامية بمثابة الحركة الأم لمعظم الحركات الإسلامية الأخرى فقد أسست منها جماعتين انشقوا منها مثل جماعة الأنصار الإسلام الذي أسسه الملا كريكار والجماعة الإسلامية التي يترأسها علي بابير.
  ويقول الكاتب الكردستاني المقيم بكندا  حول اسلاميو كردستان  انهم ذات طموح  يعد  الأكثر جموحاً أثناء تحولات الربيع العربي هو تسمية الربيع العربي بـ “ربيع إسلامي” وذلك من خلال خطاب سياسي غامض تشوبه مواربات سياسية. لم يستخدم أي حزب إسلامي تسمية “الربيع الإسلامي” حينئذ، إنما كانت هناك تلويحات وممارسات يومية لذلك. و تلك المحاكاة السياسية للنموذج “الإخواني” المصري في مدينة السليمانية التي طالما تميزت بخصوصيتها الثقافية والاجتماعية، أدت إلى انسحاب بعض من المثقفين والناشطين الكُرد من الاحتجاجات.

كما فتحت احتجاجات ربيع ٢٠١١ باباً واسعاً للحديث حول هويات الأحزاب الدينية في كُردستان، وهي بمجملها أحزاب إسلامية-سنية تتراوح تواريخ نشوئها بين فترات تاريخية مختلفة، وتختلف فيما بينها على مسائل حركية  متعلقة بالجهاد والمشاركة في السلطة. تأثرت الحركة الإسلامية في كُردستان العراق التي تأسست عام ١٩٨٧ على يد المُلا عبد العزيز وتحتل مقعداً واحداً في البرلمان، بالنموذج الأفغاني وتبنت التكفير العلني لجميع المظاهر المدنية.

   واضاف قبل عامين من نهاية القرن العشرين، جمعت جبهة مؤقتة كل من الحركة الإسلامية وحركة النهضة اللتان كانتا تنطلقان من فكر جماعة الإخوان المسلمين أيضاً، وشكلتا حركة الوحدة. سرعان ما تفككت تلك الحركة إذ تم إعلان تأسيس أنصار الإسلام في كردستان الذي تشكل من تنظيم جند الإسلام وجمعية الإصلاح، وحركة حماس الكردية، وحركة التوحيد في شهر (ديسمبر) ٢٠٠١. كان تنظيم “أنصار الإسلام” واحداً من التنظيمات المتطرفة التي خرجت من رحم الحركة الإسلامية وأصبح هدف لغارات الجيش الأمريكي أثناء احتلال العراق عام ٢٠٠٣. وقد أرتكب جريمة على غرار ما يرتكبه تنظيم "داعش"، حيث ذبح في قرية (خيلي حمة) حوالي عشرون عنصراً من الموالين للاتحاد الوطني الكُردستاني في ستمبر عام ٢٠٠١.

في يوليو 2001، تم الإعلان عن تشكيل جند الإسلام وفي اليوم الأول من ذلك الشهر، أصدرت المجموعة بيانا يتهم الأحزاب الكردية العلمانية بالكفر والعمالة للجهات الأجنبية، وهو ما أدى إلى وفاة حركة الوحدة الإسلامية في كردستان قبل أن تولد.

    كانت كل تلك التحولات، بالإضافة إلى التصدع الذي شكلته للأحزاب القومية الكُردية، بمثابة صدمات متعاقبة للحركة الإسلامية ذاتها في كُردستان، لكن الحركة الإسلامية لقيت الصدمة الكبرى حين قرر أحد قياديها وهو على بابير الانشقاق عنها عام ٢٠٠١ وإعلان تشكيل (الجماعة الإسلامية). وقد خرج مع القيادي الشاب حينئذ، حوالي ٨٠٪ من الكوادر السياسية والعسكرية. بذلك ضعفت الحركة وأصبحت منذ ذلك الوقت أضعف حزب إسلامي في كُردستان.

أما الجماعة الإسلامية في كردستان التي يرأسها على بابير فهي امتداد للحركة ذاتها، يجدر الإشارة هنا إلى أن الحركات الإسلامية الكُردية باختلاف هوياتها السياسية، لا تختلف فيما بينها حول نظام الحكم. ولكن المَيل الباطني لحكم الشريعة من جانب وشراكتها مع الأحزاب القومية في المؤسسات السياسية والتشريعية، منعها من إبراز دور يمكن من خلاله استقطاب الشباب. وبالنظر إلى الأعداد الضخمة من الشباب الكردي الذي انضم إلى تنظيم "داعش" في مناطق مختلفة من كُردستان، يمكننا القول بأن الأحزاب الإسلامية الكُردية، حالها حال الأحزاب القومية، فشلت في تفريغ حمولة داعش الآيديولوجية، وتفسيرها للدين بطبيعة الحال.

 و  يختلف الاتحاد الإسلامي الكُردستاني، وهو فرع الإخوان المسلمين في كُردستان تأسس عام ١٩٩٤، عن باقي الأحزاب الإسلامية اختلافا طفيفاً فيما يخص رؤيته وتأسيس حكم الشريعة. وخلافا للحركة الإسلامية التي نشأت في إيران ولديها جناح عسكري، نشأ الاتحاد الإسلامي الكردستاني في كردستان العراق ولم يكن لديه جناح عسكري. ومع ذلك، يعتبر الاتحاد الإسلامي الكردستاني أقل ميلاً للوضوح السياسي حول المنهج الجهادي الذي اعتمدته الحركات. لقد كان الحزب قبل تاريخ تأسيسه، عبارة عن منظمة باسم (الإغاثة الإسلامية) حيث استطاع تأسيس الحاضنة الاجتماعية والثقافية والنفسية قبل الكشف عنه نفسه كحزب سياسي، وذلك من خلال العمل الخيري المتمثل بتوزيع الاحتياجات اليومية مثل الغذاء والملابس والنقود على الناس. كما عمل بين المؤسسات التربوية والصحية في القرى والمناطق البعيدة عن المراكز الحضرية. وقد استطاع من خلال سياسة “ليّنة” وغير عسكرية، تأسيس جيل جديد تكفل بتربيته الآيديولوجية والفكرية نهاية تسعينات القرن المنصرم والعقد الأول من الألفية الثانية، إيصال كوادره -بشكل خاص الكوادر النسائية- في مجالات الطب والتربية والهندسة والإعلام والعلوم الحديثة إلى غالبية المؤسسات في إقليم كُردستان. تتميز هوية سياسة الإخوان المسلمين في كُردستان كمثيلاتها في المنطقة والعالم، بخصوصية مدنية مرنة، تملك قدرة الامتصاص قبل الاصطدام، إنما لا تنفك سياسته عما يرسمه الإخوان المسلمون في المنطقة والعالم. قد تمكّن الاجتماعات الحالية القادة الإسلاميين من توحيد التيارات الثلاث، الاتحاد الإسلامي الكردستاني، والجماعة الإسلامية الكردستانية، والحركة الإسلامية الكردية. وبرغم مواقف سياسية إسلامية مختلفة تجاه سلوك وقسوة تنظيم “داعش” إنما يبقى اتخاذ موقف صريح وواضح بخصوص التفسيرات الدينية التي يعتمدها "داعش" للسبي والعبودية تجاه الديانة الإيزيدية وفرض الجزية على المسيحيين في سوريا والعراق مطلباً ملحاً آنياً ومستقبلياً. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأحزاب الإسلامية في حكومة كردستان اتخذت موقفا واضحا من تنظيم "داعش" حيث ينظر بعضها إلى التنظيم على انه غير إسلامي، بينما يرى أخرون انهم مجموعة من المسلمين الخوارج. 

شارك