النفط الإيراني.. بين سيطرة الحرس الثوري وذراع قطر الخفية

الجمعة 22/مارس/2019 - 04:14 م
طباعة النفط الإيراني.. أميرة الشريف
 
في مساعي منه، للاستحواذ علي ما تبقى من النفط الإيراني، بدأ الحرس الثوري الإيراني بذراع قطرية،  يخطط ليحل محل الشركات الغربية التي انسحبت من إيران عقب فرض العقوبات الأمريكية.
ودفعت الأزمة النفطية التي تواجهها إيران نتيجة الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في مايو 2018، إلى إخفاء طهران بياناتها النفطية، خاصة صادرات الخام عن المؤسسات الدولية الرسمية.
ونجحت الولايات المتحدة في تضييق الخناق على إيران وحرمانها من تصدير النفط، حيث انخفضت الصادرات بواقع مليون برميل يوميا، بعدما عزفت العديد من الدول والشركات العالمية عن التعامل مع النفط الإيراني.
يأتي ذلك ردا علي تمويل دولة الشر الإيرانية للإرهاب المستمر في كل أنحاء العالم، ومساعيها لتخريب الدول وزعزعة أمنها واستقرارها عن طريق مد الجماعات الإرهابية بالأسلحة والأموال الطائلة لتنفيذ أجندة إيران الإرهابية، والتي تسعي إليها للسيطرة علي العالم وإحكام قبضتها علي معظم الدول العربية.
وقال ديفيد بيمان، المدير العام للشؤون المالية والعقوبات في وزارة الخارجية الأميركية، إن واشنطن تعمل على منع تصدير النفط الإيراني لقطع شريان النظام لاستمرار تمويل الإرهاب وتسليح الميليشيات في الدول العربية.
وأكد بيمان وهو المسؤول الأميركي (إيراني الأصل) عن متابعة تنفيذ العقوبات في مقابلة مع شبكة "صوت أميركا VOA" أن هناك عدم رغبة في تفعيل القناة المالية "إينستكس" للتعامل التجاري مع إيران.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تصريحات لـ سعيد محمد، رئيس مقر "خاتم الأنبياء"، التابع للحرس الثوري الذي يمتلك مجموعة شركات تحت هذا الاسم، وتنفذ مشاريع الطاقة العملاقة في إيران، إن مجموعته مستعدة لتحل محل شركة "توتال الفرنسية" في تطوير المرحلة الحادية عشرة من حقل غاز بارس الجنوبي، بمساعدة قطر، في الخليج، وهو المشروع الرئيسي للهيدروكربونات في إيران، قائلا إن تكلفته بلغت 12 مليار دولار، لتصل بذلك طاقة الاستخراج إلى 600 مليون متر مكعب يوميا في الحقل الأغنى بالعالم.
 وأوضح خلال كلمة ألقاها عند إطلاق مشاريع جديدة في حقل بارس الجنوبي مؤخراً، أن الحرس الثوري يقف إلى جانب الحكومة المتفانية ضد هذه الحرب الاقتصادية الشرسة وهو في خط المواجهة لإحباط المؤامرات الاقتصادية.
وأشارت تقارير إعلامية، إلي أن الحرس الثوري الإيراني لجأ لحقول الغاز بمساعدة قطر للتعويض عن حظر صادرات النفط، وانسحاب الشركات الغربية الكبرى بعد إعادة فرض العقوبات الأمريكية.
وانخفضت صادرات النفط الإيراني في مارس إلى أدنى مستوى يومي لها هذا العام، بحسب بيانات لتتبع السفن ومصادر في قطاع النفط، حتى قبل أن تطلب واشنطن رسميا من الدول المستوردة خفض مشترياتها لتفادي انتهاك عقوبات أميركية.
وأظهرت بيانات من ريفينيتيف ايكون وثلاث شركات أخرى ترصد الصادرات الإيرانية، أن الشحنات بلغت في المتوسط مليون إلى 1.1 مليون برميل يوميا حتى الآن هذا الشهر. وهذا أقل من فبراير حين بلغت الشحنات 1.3 مليون برميل يوميا على الأقل.
ويري محللون أن الحرس الثوري يريد استغلال العقوبات كفرصة لتوسيع هيمنته على الاقتصاد عقب فشل مشاريع حكومة حسن روحاني في تحسين الاقتصاد والأزمة التي تواجهها إيران عقب انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي العام الماضي.
ويعود تاريخ العقوبات الأمريكية على إيران إلى عام 1979، عندما جمدت إدارة الرئيس جيمي كارتر الأصول الإيرانية ردا على أزمة الرهائن، التي احتجز فيها 52 أمريكيا لأكثر من عام داخل السفارة الأمريكية في طهران.
وتفاقم ضغط العقوبات نهاية التسعينيات وبداية الألفينات تحت سيطرة إدارتي كلينتون وبوش، ردا على مضي طهران في برنامجها النووي ودعمها لتنظيم حزب الله الإرهابي، وعندما وصل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى السلطة، رأى في العقوبات وسيلة لوضع حد للأمر، عبر الوصول بإيران إلى طاولة المفاوضات وإبرام اتفاق لتقليص عملياتها لتخصيب اليورانيوم والسماح بدخول المفتشين الدوليين، وهو ما لم تلتزم به إيران.
مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، أعلن انسحاب البلاد من الاتفاق النووي، وعودة فرض العقوبات على طهران التي فاقمت الأوضاع الاقتصادية للبلاد. 
وبدأ تنفيذ أول جولة للعقوبات في 7 أغسطس ، لتطال قطاعي الطيران والسيارات الإيراني، بالإضافة إلى تجارتها بالذهب والعملات، ثم الجولة الثانية في نوفمبر لتطال النظام المالي وقطاعي النفط والشحن.
ويفتخر قادة الحرس الثوري بالإمبراطورية المالية والتجارية الضخمة التي أنشأوها منذ حقبة التسعينات، لكن تم منعهم من التوسع في قطاع الطاقة بشكل رئيسي بجهود بيجان نامدار زنغنه، وزير النفط الحالي الذي تسلم هذا المنصب مرات عديدة، بالإضافة إلى وزارة الطاقة.
وبعد أن أبرمت طهران الصفقة النووية مع القوى العالمية في عام 2015، رفض زنغنة إعطاء الحرس أية مشاريع إضافية في مجال النفط والغاز، حيث أرادت الحكومة جذب الشركات الغربية الكبرى للمساعدة في توسيع الإنتاج وتنشيط البنية التحتية المتهالكة، واستطاعت الحكومة أن تحصل على عقد لتطوير حقل بارس الجنوبي في يوليو 2017، حيث وقعت مع شركة "توتال" صفقة بمليارات الدولارات لتطوير حقل الغاز العملاق، وهو أول عقد طاقة مهم لطهران مع شركة نفط أوروبية منذ أكثر من عقد، لكن بعد عام، أعلنت المجموعة الفرنسية انسحابها من البلاد بسبب العقوبات الأميركية.
وفق أرقام منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" الصادرة في وقت سابق، بلغ إنتاج إيران النفطي في نهاية مايو 2018 نحو 3.822 مليون برميل يوميا، وبدأ بالتراجع تدريجيا ليسجل 3.79 مليون برميل يوميا في يونيو الماضي.
واعتبارا من يونيو الماضي، بدأت شركات نفطية وغيرها عالمية، تتخارج تدريجيا من السوق الإيرانية، امتثالا للعقوبات الأمريكية، من بينها: توتال الفرنسية، وميرسك تانكرز الدنماركية، وجنرال إلكتريك وبيجو وسيمنز الألمانية.
ويتوقع محللون أن عقب العقوبات وإلغاء عقود الشركات الغربية التي انسحبت الواحدة تلو الأخرى ليس أمام وزير النفط الإيراني زنغنة خيار سوى إعادة النظر في سياسته، حيث هبطت صادرات النفط من ذروة بلغت نحو 2.8 مليون برميل يوميًا في مايو من العام الماضي إلى حوالي 1.3 مليون برميل يوميًا.
ونشأت ميليشيا الحرس بعد الثورة الإيرانية عام 1979 كقوة عسكرية تستهدف حماية نظام الملالي، الذي يقبع على قمته رجال الدين المتشددين، وعملت بالتوازي مع القوات المسلحة النظامية في البلاد، وتزايدت نفوذه وقوته خلال حرب العراق في الثمانينيات، وأدرت برنامج الصواريخ الباليستي في إيران، فضلا عن عمليات الاستخبارات الخاصة به وقوته الاستطلاعية، وفي أعقاب حرب الثمانينيات، سمحت السلطات الإيرانية للحرس بالتوسع في مؤسسات ومشروعات خاصة رغم طابعه العسكري، حيث تضطلع شركات ومؤسسات المليشيات حاليا بأعمال مثل تدشين الطرق، والموانئ، وإدارة شبكات الاتصالات.
وتمتلك المؤسسة العسكرية الإيرانية؛ لا سيما الحرس الثوري، حيازات اقتصادية واسعة في قطاعات البناء والطاقة والبنوك والتأمين والاتصالات في إيران، وفق تقارير دولية.

شارك