التجارة بحقوق الانسان.. عندما سقطت الجماعة الإرهابية في "المصيدة"

الخميس 28/مارس/2019 - 12:32 م
طباعة التجارة بحقوق الانسان.. روبير الفارس
 
يمثل كتاب " المصيدة " كيف تسلل الاخوان لمنظمات حقوق الانسان ؟ للكاتب الصحفي  محمود بسيوني  رغم حجمه الصغير158 صفحة والصادر عن سلسلة كتاب الهلال  ثروة معلوماتية  وتوثيقة  مهمة حول اجندات الاستغلال للجماعة الارهابية التى تجيد توظيف كل المواقع  والمراكز  لتحقيق مصالحها فوق الدين والوطن .ولذلك ندع صفحات الكتاب تكشف جانب من الوجه القبيح للجماعة التى سقطت في المصيدة 
شكر واجب 
 فى 6 يونيو2012، وقبل أيام قليلة من جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية والمنافسة محتدمة بين الفريق أحمد شفيق ومحمد مرسى، وقف على عبد الفتاح القيادى الإخوانى ليشكر منظمات حقوق الإنسان على دعم العملية الديمقراطية.
ومضى القيادى يثنى على دور المنظمات فى مراقبة الانتخابات ومساعدة مرشح الإخوان محمد مرسى فى عرض برنامجه على الجمعيات الأهلية، مؤكدًا دعم الإخوان لهذه الجمعيات وحريتها فى تلقى تمويلاتها، وأن مرسى ينوى إصدار قانون للجمعيات الأهلية يرفع عنها وصاية الحكومة، ليكتب كلمة النهاية فى فصل مهم من فصول نجاح الإخوان فى السيطرة على العمل الحقوقى ونشطائه، وامتلاكهم ذراعًا دوليةً داعمةً لمشروعهم المتناقض فى الأساس مع مبادئ حقوق الإنسان.

كان تأثير الإخوان واضحًا فى وحدات التحكم والتأثير داخل المنظمات الحقوقية الدولية ومراكز الأبحاث والتفكير "Think Tank"، وبعضها لا يزال يساندهم وهو ما يثير مئات من علامات التعجب والاستفهام عن سر القوة التى يتمتع بها تنظيم إرهابى لدى منظمات تقول إنها تدافع عن حقوق الإنسان.

غطاء المفوضية السامية للإرهاب

ويقول بسيوني ربما يكمن السر فى التمويل القطرى والدعم التركى، وقبول دول كبرى مثل بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة بوجودهم على أراضيها نظير خدمات قدموها لأجهزتهم الاستخباراتية، لكن المعلومات المتوفّرة عن نشاطهم أبعد من فكرة الاستخدام المتعارف عليها فى العلاقة بين أجهزة الاستخبارات وعملائها، فنحن أمام إمبراطورية تجارية وحقوقية وإعلامية، وتواصُل عميق مع نشطاء وباحثين أكاديميين وإعلاميين تم تجنيدهم للدفاع عن الجماعة، إضافةً إلى البحث الدائم عن تخريجات تدعم أنشطتها وتبرر أخطاءها، وتُبعد عنها شبهة دعم الإرهاب، مثل تصريح الأمير الأردنى زيد بن رعد المفوض السامى لحقوق الإنسان بشأن أن حالة الطوارئ والتدابير الأمنية فى مصر هى السبب فى تصاعد الإرهاب وهى حيلة إخوانية بامتياز، تم تمريرها للعديد من المنظمات الحقوقية، ومنها شقت طريقها لكل مراكز الأبحاث فى العالم، التى تركت الإرهاب وتفرغت لإدانة الحكومات التى تحاول مكافحته.
الإخوان يبحثون عن مبرر للدموية بعد انهيار حكمهم فى مصر، وكان الغطاء هو اتهام النظام المصرى بالعنف المفرط، وترويج فكرة الإرهاب كرد فعل على العنف، وهم فى ذلك يستغلون جهل أو تجاهل أوساط غربية عديدة عن مسؤولية الأفكار التكفيرية وتمويل أنظمة وأجهزة استخبارات للعمليات الإرهابية فى مصر وغيرها من الدول.
يستخدم الإخوان العمل المدنى والحقوقى كمصيدة للأنظمة العربية، تبدأ بالانتقاد عبر البيانات والتقارير الحقوقية يعقبها إدانات دولية أو تحذيرات تبدأ بعدها حملة تشويهٍ إعلامى للدولة، تبرز فيها الميديا والمنظمات الإخوانية التى ترتدى قناعًا حقوقيًا زائفًا اكتسبه الإخوان من انتشارهم الخارجى المكثف عبر تنظيمهم الدولى والذى وفر لهم مهارات عديدة فى التعامل مع تلك الآليات، فضلا عن تغلغلهم فى الأوساط الأكاديمية والبحثية وهو ما ساعدهم فى تشويه صورة العديد من الأنظمة العربية ونقل صورة مغلوطة عنهم، وأسهم فى هروبهم المرة تلو الأخرى من مسؤوليتهم فى نشر الإرهاب والتطرف وزرعه فى أذهان أجيال من المهاجرين العرب والمسلمين عبر سيطرتهم المطلقة على المساجد والتجمعات الإسلامية والعربية فى المهجر.

مع الامريكان 

من أهم أركان الاستراتيجية الأمريكية الخارجية خلق الأدوات، وتقع أدوات نظرية الضرب فى أسفل الجدار التى ابتكرها "زبيجنيو بريجنسكى" مستشار كارتر لشؤون الأمن القومى، الذى له مكانته المرموقة فى مجموعة الأزمات الدولية الصهيونية، فى مقدمة العقل الذى يأخذ بأداة الطائفية والعرقية لتفكيك الشعوب وتفتيت الكتل الكبيرة، وإعادة تركيبها عرقيًا وطائفيًا، ومن ضمن تلك الأدوات التى اعتمدت عليها الولايات المتحدة فى تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط كان التعاون والتنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين، كان ذلك واضحًا فى إيصال الإخوان للحكم فى مصر، ودعم حزب (النهضة) فى تونس و(حزب العدالة والتنمية) فى المغرب، رغم علمها التام أن هذه الأحزاب تعيش مأزقًا حقيقيًا بين تصوراتها النظرية وبين شعاراتها اليومية (سياسية واجتماعية وإعلامية واقتصادية وأمنية وعسكرية وعلاقات إقليمية ودولية)، وبين متطلبات الحكم الحقيقة وإدارة ملفاته خاصة الأمنية حيث كان الإخوان على عداء مع كل الأجهزة الأمنية فضلًا عن رغبتهم فى التخلص من الجيوش، واستبدالها بمليشيات تابعة لها.
ويمكن اعتبار علاقتهم الخاصة مع الرئيسين الأمريكيين جيمى كارتر وباراك أوباما مؤشرًا على قوة وتشعب هذا التنظيم وقدرته "الحربائية" على التلون وتبديل الأقنعة وفق فقه "التقية" الذى يعنى "التظاهر بغير ما يعتقد خوفًا من البطش"، وعبر هذا المبدأ يخفى الإخوانى أفكاره ليتمكن من إقناع الآخرين بأنه حركة ديمقراطية أو إصلاحية وفق مفاهيم الغرب وإذا اقتضى الأمر أن تخفى انتماءك للإخوان فهذا أمر مشروع ومقبول داخل الجماعة، وأبلغ دليل على ذلك منظمة الإغاثة الإسلامية وهى أكبر المنظمات الإخوانية فى العالم، ولكنها تنفى بشكل قطعى انتماءها للإخوان حتى لا تخضع أعمالها للمراقبة أو الشك والتضييق، وهى من أنشط الجمعيات الإسلامية العاملة فى الولايات المتحدة ولها علاقات بالأمم المتحدة، ويظهر الرئيس كارتر كثيرا فى حفلات جمع التبرعات لصالحها فى الولايات الشمالية ذات الأغلبية الديمقراطية.
والحقيقة يمكن اعتبار علاقة كارتر وأوباما بالإخوان أمرًا معقدًا رغم الشواهد العديدة عليه. كارتر كان أول رئيس أمريكى يزور مكتب الإرشاد، وكانت مؤسسته العاملة فى مجال مراقبة الانتخابات من المؤسسات الداعمة بالبيانات لكل تحركات الإخوان السياسية.
فى شهر يناير 2012، أى قبل الانتخابات الرئاسية بمصر بثلاثة أشهر، زار كارتر مكتب الإرشاد بالمقطم، وقابل قيادات الإخوان، والتقى بمرشد الجماعة آنذاك محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ومحمد مرسى، كما التقى فى اجتماع حاشد بقادة وشباب الإخوان، لدعمهم ومساندتهم فى المرحلة القادمة من قبل منظمته.
لم يكتفِ كارتر باللقاء، بل قرر مخاطبة الرأى العام المصرى عبر لقاء تليفزيونى مع برنامج "العاشرة مساء" ، أكد فيه أن الإخوان المسلمين لديهم إحساس بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، ليس فقط فيما يخص حكم مصر، لكنهم بيّنوا للعالم أجمع أن الإسلام يتجه نحو السلام والحرية وحقوق الإنسان ورفع المعاناة. ثم فجر مفاجأة بحديثه عن موافقة الإخوان موافقون على معاهدة كامب ديفيد، وأنهم مع السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، حيث بدأ الدعم الفعلى للإخوان بعد الاتفاق مع ذلك اللقاء التليفزيونى.

فضح  كارتر 

وكان كارتر أول من وقف بمركزه ضد نتائج ثورة 30 يونيو، بل وحاول التشكيك فيها، وحاول توجيه ضربة لتجربة مصر الديمقراطية بعد التخلص من الإخوان عبر إغلاق مكتبها فى القاهرة فى ضوء ادّعاءات تتعلق بالتضييق على أنشطة المجتمع المدنى والأحزاب السياسية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، وهو ما دفع وزارة الخارجية للرد بعنف وكشف تخبط مؤسسة كارتر حيث قالت نصًا إن قرار الإغلاق يتناقض مع ما تم إخطار الوزارة به فى كتاب رسمى من المدير الإقليمى للمركز، الذى تقدم فيه بالشكر إلى السلطات المصرية على تعاونها مع المركز على مدار السنوات الثلاث الماضية، مما كان له بالغ الأثر فى تسهيل مهمته فى متابعة خمسة استحقاقات دستورية منذ ثورة يناير 2011، معللًا اتخاذ المركز هذه الخطوة فى إطار إعادة توجيه موارد المركز لمراقبة عمليات انتخابية فى دول أخرى دونما أى إشارة إلى الأوضاع السياسية فى البلاد. 
وأكدت الخارجية أن ما تضمنه بيان مركز كارتر الأخير حول مبررات غلق مكتب القاهرة يتضمن استنتاجات خطأ وتقييم غير موضوعى يفتقر للدقة، خصوصًا مع ما شهده استحقاقا خريطة الطريق سواءٌ الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات الرئاسية من شفافية ومتابعة كاملة لمنظمات حقوقية رسمية وغير رسمية محلية وإقليمية ودولية شهدت فى التقارير التى أصدرتها بنزاهتهما.
وتابعت الخارجية أن التشكيك فى إمكانية السماح لمركز كارتر وغيره من المنظمات الإقليمية والدولية بمتابعة الانتخابات البرلمانية القادمة وفقًا لما ورد فى بيان المركز، إنما يعد استباقًا للأحداث وليس هناك ما يبرره، حيث شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مشاركة غير مسبوقة من المنظمات الأجنبية وعلى رأسها الاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى ومنظمات الفرانكفونية و الكوميسا والساحل والصحراء وجامعة الدول العربية وغيرها فى ظل تسهيلات كبيرة قدمتها السلطات المصرية لتيسير مهامها .
وألمحت الخارجية إلى شكها فى سلوك المركز بقولها إن "ما صدر عن المركز مؤخرًا من مغالطات وادّعاءات فى المواقف وتناقضات فجة مع الواقع، إنما يثير الشكوك حول حقيقة توجهات المركز ودوافعه بل وأهدافه التى قد يزعجها مناخ الاستقرار الذى تتجه إليه البلاد يومًا بعد يوم مع قرب انتهاء المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات البرلمانية رغم أعمال العنف والإرهاب التى تشهدها البلاد".

المؤسسات الحقوقية الاخوانية  فى مصر

ويفرد الكتاب اجزاء وفصول مهمة للحديث عن منظمات حقوق الانسان التى تعاملت معها باعتبارها سلعة  والمنظمة شركة تقدم البيانات لمن يدفع فيقول الكاتب بسيوني ومن اهم من واقع بيانات المؤسسات الحقوقية المصرية، نرصد أول تعاون بين المنظمات المصرية ومؤسسة الكرامة القطرية فى مصر.
كان العام 2010 عبر بيان مُشترك بين الكرامة ومركز هشام مبارك للقانون، الذى كان يرأسه الناشط والحقوقى البارز أحمد سيف الإسلام حمد، والد الناشط "التويترى" علاء عبدالفتاح، أحد المتهمين بالتحريض ضد الجيش والشرطة والمتهم فى قضية إحراق مقر أحمد شفيق خلال الانتخابات الرئاسية الماضية.
البيان كان بعنوان "نحو إنهاء الاعتقال فى ظل قانون الطوارئ"، ضمن أنشطة حملة موسعة لتسجيل أسماء المعتقلين من خلال التواصل مع أسرهم عبر محامين فى القاهرة والمحافظات، واشترك فى هذه الحملة وقتها: "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وجمعية مساعدة السجناء، ومؤسسة الكرامة، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز هشام مبارك للقانون".
مثّل مؤسسة الكرامة وقتها المحامى أحمد مفرح، وكان التركيز على المعتقلين التابعين للحركات الإسلامية، وبينهم معتقلين على خلفية أعمال إرهابية مثل "خلية الزيتون"، وكذلك المقبوض عليهم فى تفجيرات طابا وجميعهم ينتمون لجماعات سلفية جهادية.
طعن هؤلاء المحامين وقتها على إجراءات المحاكمة ودستورية قانون الطوارئ أمام محكمة جنايات أمن الدولة العليا، وهى المحاكمة التى استمرت لمدة عامين من 2004 إلى 2006.
بحسب المعلومات المتوافرة عملت "الكرامة" كمؤسسة دولية فى مصر دون اتفاقية مع الحكومة المصرية، وكان محاميها أو ممثلها الدائم يعمل فى مكتب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذى كان يرأسه فى ذلك الوقت الناشط الحقوقى حسام بهجت.
فى عام 2011، ظهرت فى بيان مشترك مع المبادرة حول قضية تفجيرات كنيسة القديسين، صادر من جينيف، يدين الإجراءات التى قامت بها الحكومة وقتها من اعتقالات فى صفوف الإسلاميين، بحثًا عن مرتكبى الحادث.
شنت المؤسستان هجومًا ضاريًا على أجهزة الأمن المصرية، وتحدث فى البيان رشيد مصلى، مدير القسم القانونى فى مؤسسة الكرامة، قائلا: "إن انتهاكات الأجهزة الأمنية وصلت ذروتها بما تم الكشف عنه أخيرًا من اعتقالات عشوائية واحتجاز فى أماكن سرية، بل والتعذيب حتى الموت".
وركزت وقتها على قضية مقتل "السلفى" سيد بلال فى إحدى مقرات أمن الدولة، ما كان سببًا مُباشرًا فى حملات التشهير التى طالت جهاز أمن الدولة وانتهت باقتحامه الشهير عقب تنحى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.
وظهرت سلمى أشرف، ابنة القيادى الإخوانى أشرف عبدالغفار، بنفسها ضمن الفريق الذى عمل على أحداث مذبحة بورسعيد الثانية، والتى تمت فى عهد المعزول مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، و"هيومن رايتس ووتش"، وتحدثت فيه مؤكدة أن الشرطة فتحت النار فقتلت وجرحت عدد من المحتجين والمارة فى مدينة بورسعيد، على خلفية الحكم فى قضية مذبحة بورسعيد الأولى، وأكدت أن الشرطة استخدمت الطلقات الحية.
خاطبت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى "هيومن رايتس ووتش"، ضمن البيان، محمد مرسى بـ"أن يُقر علنًا أن حق الشرطة فى استخدام القوة المميتة ليس دون ضوابط، حتى إذا تعرضت للهجوم، وأن يأمر الشرطة بقصر استخدام أى نوع من القوة على حالات الضرورة القصوى".
وقالت: "إن غياب إصلاح الشرطة، وقوانين عهد مبارك التى تمنح الشرطة طلاقة يد فى استخدام القوة المميتة، وغياب المحاسبة، تعنى كلها أننا سنشهد مثل هذه الأحداث مرارًا وتكرارًا، وهو أمر بدا غريبًا"، لماذا تبحث المنظمة عن مبرر لمرسى بينما كانت تدين مبارك بعنف؟ ولماذا لم تحمّل الرئيس الإخوانى وحكومته المسؤولية كما تفعل الآن؟ بل حملت الأزمة برمتها للشرطة وقوانين عصر مبارك، كما دعت مرسى صراحة للتدخل من أجل إصلاح الشرطة وهو أمر يشير إلى دعم ومساندة تلك المنظمات لعملية أخونة الشرطة على الطريقة التركية عبر عملية أخونة طويلة للضباط والأفراد تحت غطاء الإصلاح المرضى عنه من المنظمات الحقوقية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شكك التقرير فى رواية الشرطة المصرية وقتها عن وجود 7 أشخاص ملثمين فتحوا النار على قوات الداخلية المتواجدة لحماية سجن بورسعيد العمومى، ما أدى إلى وفاة ضابط برتبة نقيب، فرد القوات بالنيران، حيث قال التقرير نصًا "إن شهادات الشهود الذين أجرت معهم المنظمات مقابلات لا تؤيد رواية الوزارة"، مؤكدة أن رجال الشرطة أطلقوا الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته.

أضاف ممثل منظمة الكرامة رشيد مسلى، المدير القانونى لمؤسسة الكرامة: "الشرطة المصرية لجأت إلى إجراءات متطرفة مثل استخدام الطلقات الحية فى مواجهة الاضطرابات العامة، بدلاً من الاستعانة بالممارسات الشرطية المتناسبة والمصممة لنزع فتيل الصراع والعنف مع الالتزام بالقانون وهو ما يعزز إدانتها دوليًا.
كانت من ضمن التوصيات اللافتة، مطالبة المنظمات بإلغاء مرسوم وزارة الداخلية رقم 156/1964 الذى يسمح باستخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، وإبداله بمرسوم يتفق مع المعايير الدولية للحفاظ على الأمن، تحظر هذه المعايير استخدام الأسلحة النارية والذخيرة الحية فى مواجهة المظاهرات والاضطرابات العامة، وتلزم الشرطة فى كافة المواقف الأخرى باستخدام القوة المميتة فقط بالقدر اللازم لحماية أرواحهم وأرواح الآخرين، وهو ما يعنى تقييد قدرة الشرطة على مواجهة أى تظاهرات جماهيرية كبيرة أو اعتصامات فى المستقبل باستخدام الذخيرة الحية، خاصة مع العلم أن هناك صعوبة كبيرة قد تواجه أجهزة الأمن عند محاولة إثبات إطلاق النار عليها كما حدث فى يناير.
كل تلك التفاصيل تشير إلى عمل ما كان يُدبر لوزارة الداخلية من قبل الإخوان عبر تلك المنظمات، فوجود الإخوان فى الحكم يعطيهم صلاحية اتخاذ القرارات والرضوخ لمطالب تلك المنظمات ومساومة قيادات الوزارة، إما الامتثال لأوامر مكتب الإرشاد أو المحاكمة والطرد من الخدمة، وفى المقابل تسيطر الجماعة على من يتعاون معها وتستكمل مسيرة الأخونة.
تمكنت مؤسسة الكرامة فى القاهرة، بقيادة الإخوانية سلمى، من التسلل لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذى أسسه بهى الدين حسن عقب خروجه من المنظمة المصرية عام 1993، واستمر يقوده لمدة تجاوزت العشرين عامًا، وظهر أول نشاط رسمى للكرامة ومركز القاهرة عبر لقاء مشترك بجنيف فى سبتمبر 2012 لمناقشة موضوع "استمرار الحرب على حقوق الإنسان فى منطقة الخليج العربى"، فى ضوء الحملة الشرسة التى تشنها تلك المنظامت على المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.
اللقاء نظمه مركز القاهرة بالتعاون مع مركز البحرين لحقوق الإنسان، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، ومنظمة "هيومان رايتس ووتش"، ضم اللقاء كل من خالد إبراهيم، نائب مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان، ونعومى كروتاز من مؤسسة الكرامة، وأحمد منصور، المدون والمدافع الحقوقى من الإمارات العربية المتحدة، والذى لم يتمكن من الحضور بنفسه لجنيف، بعد أن منعته السلطات من السفر منذ أبريل 2011، لذا شهد اللقاء استعراضًا لكلمة مسجلة له، وأدارت اللقاء مريم الخواجة الناشطة الحقوقية البحرينية والقائم بأعمال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان.
امتدت العلاقة بين مؤسسة الكرامة ومركز القاهرة، حيث عقدا دورة تدريبية مشتركة فى مارس 2013، حول استخدام الآليات الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، واستهدفت مجموعة من النشطاء الحقوقيين السوريين، بالتعاون مع الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان.
عقب ثورة 30 يونيو وبدء اعتصام الإخوان فى محيط "رابعة العدوية"، كانت مؤسسة الكرامة والمبادرة المصرية هما الأقرب للاعتصام، وكانت سلمى أشرف هى المحرك للبيانات التى هاجمت الحكومة المصرية عقب أحداث الحرس الجمهورى والدفاع عن سلمية الاعتصام، وكذلك نفى أى حالات تعذيب أو قتل خارج القانون أثناء الاعتصام، بعدما ظهرت حالات وفاة كثيرة بالقرب منها، حتى أن الناشط حسام بهجت، كتب عبر حسابة الشخصى على موقع "تويتر" أنه لا توجد أسلحة فى اعتصام رابعة وأنه اعتصام سلمى مع اقتراب التحرك الأمنى لفض الاعتصام.
بعد فض الاعتصام سافرت سلمى إلى الخارج لتلتحق بالكتيبة الإخوانية التى تحركت على عدة مسارات أهمها الهجوم الإعلامى على مصر بعد ثورة 30 يونيو، وتعزيز وصف ما حدث على أنه "انقلاب عسكرى" وليس ثورة.
كما اختارت موضوعًا حققت فيه إنجازًا وهو تقديم بلاغات وشكاوى ضد مصر لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ونجحت فى دفع المقرر الخاص بالاعتقال التعسفى فى إصدار أول تقرير دولى رسمى اعتبر أن اعتقال محمد مرسى وبعض أعضاء فريقه الرئاسى، يُعد خرقًا للقواعد الأساسية لحقوق الإنسان وطالب بالإفراج عنه.
كما تقدمت "سلمى" من خلال مؤسسة "إنسانية" بتقرير آخر بتاريخ 11 نوفمبر 2013 حول ما حدث أثناء وبعد فض اعتصامى رابعة والنهضة التى وصفتهم بـ"السلميين" وتضمن عدد من الأدلة، وشهادات.
"مؤسسة إنسانية"، مقرها مدينة اسطنبول التركية، وتحركها سلمى أشرف وقامت بإجراء العديد من المؤتمرات الصحفية فى إسطنبول للحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وعرض ما تزعم انه انتهاكات ضد معتقلى الإخوان وواصلت نفس الدور خلال الاشتباكات التى شهدتها الجامعات.
كما عرضت خلال إحدى المؤتمرات شهادة زوجة أسامة ياسين القيادى الإخوانى ووزير الشباب فى عهد مرسى، وتدعى شيرين عبر برنامج "سكايب" لتتحدث عن ظروف اعتقاله القاسية، كما كانت هى محرك الأخبار عن إضراب المعتقلين من الإخوان فى السجون المصرية واختراع ما سمى "بالاختفاء القسرى" للتغطية على أعضاء الجماعة المنضمين للجماعات الإرهابية.

شارك