تركيا تنفث سموم الإرهاب والتطرف في ألمانيا

الجمعة 12/أبريل/2019 - 12:27 م
طباعة تركيا تنفث سموم الإرهاب فاطمة عبدالغني
 
يبدو أن هناك حالة من الإفاقة انتابت ألمانيا ودول الغرب الأوروبي مؤخرًا، إذ انتفضت الاستخبارات الألمانية والغربية في مواجهة تغلغل الإسلام السياسي القادم من تركيا في المجتمع الألماني، باعتباره السبب الأساسي في نشر التطرف والإسلام المتشدد والإرهاب في البلاد.
يأتي هذا في أعقاب تأكيد التقارير الرسمية المخاوف من تبعية الأئمة والمؤسسات الدينية للاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا أو ما يعرف بـ"ديتيب"، فضلاً عن ارتباط تنظيم الإخوان الإرهابي بـ"ديتيب" داخل ألمانيا، أخذًا في الاعتبار أن حزب "العدالة والتنمية" الإخواني في تركيا ورئيسه أردوغان يعتمدون بشكل واضح على المساجد التابعة لتركيا في ألمانيا للتأثير على المسلمين وبث خطاب سياسي إسلامي متشدد يدعو إلى الفوضى والتطرف وكراهية الآخر.
ولعل موجة الانتقادات الحادة التي طالت الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في ألمانيا، المعروف اختصارًا بـ"ديتيب"، وذلك على أثر إشراكه ممثلين من جماعة "الإخوان" الارهابية ممن تعتبرهم الاستخبارات الألمانية متطرفين، في فعالية المؤتمر الثاني للمسلمين الأوروبيين في مدينة كولونيا بشكل غير معلن على مدار 3 أيام خلال الأسبوع الأول من يناير الماضي، كما  كان من بين المنظمين للمؤتمر دائرة الشؤون الدينية الحكومية التابعة للدولة التركية، وشارك في الاجتماع نحو 100 شخصية إسلامية من داخل ألمانيا وخارجها، فيما شارك كذلك ممثلون عن إدارات نحو 900 مسجد في ألمانيا يرتبطون بنوع من الشراكة أو التبعية للاتحاد التركي المثير للجدل. 
إشراك ممثلين من جماعة "الإخوان" الارهابية في فعالية المؤتمر غير المعلن، أشعل غضب الحكومة الألمانية، حيث بدا الأمر كأنه تواطؤ من جانب كيان تركي مع جماعة ترى برلين أن لها أذرعاً إرهابية عدة، وذلك حسب صحيفة «دي فيلت» الألمانية.
 وفي هذا الإطار أعلن مدير فرع الاستخبارات الداخلية، بوركهارد فرايير، في ولاية نوردراين فيسفالين، أن الإقبال على مراكز إسلامية ومساجد تابعة للإخوان أصبح ملموسًا، ناهيك عن اختراق الجماعة للمجلس الأعلى للمسلمين (الاتحاد التركي)، حتى أصبح واجهة الإخوان الرئيسة في ألمانيا.
ومن ناحية أخرى كشفت الكاتبة النمساوية “غوديولا فالترسكرشن”، في مقال نشرته، بصحيفة دي برس يوم الإثنين الماضي: إن"تنظيم الإخوان الإرهابي وحلفاءهم من الجماعات التركية المقربة من نظام رجب طيب أردوغان يمثلون خطرا كبيرا على أوروبا، ويهددون تماسك واستقرار مجتمعاتها".
وقالت الكاتبة: إن "الاجتماع السري الذي عقد في المسجد الكبير في كولونيا، غربي ألمانيا يناير الماضي، بحضور ممثلين عن تنظيم الإخوان الإرهابي، والجماعات المقربة من أردوغان، مثل دتيب تنشط في ألمانيا، وايتيب تنشط في النمسا، و١٧ دولة أوروبية، كان مفخخًا".
وأشارت إلى أن "عدم حديث السياسيين والإعلام في النمسا عن ذلك الاجتماع، إلا على استحياء غير مفهوم، لأنه شهد حضور أشخاص ينشطون على الأراضي النمساوية، وقدم رؤي تشكل خطرا كبيرا على أوروبا".
وتابعت فالترسكرشن أن الورقة المنبثقة عن الاجتماع، الذي نشرها الموقع الإلكتروني لجماعة دتيب التركية، تشكل تهديدا حقيقيا للديمقراطية وتماسك واستقرار المجتمعات الأوروبية، وتهدف بالأساس لفرض نموذج الدولة القائم على أساس الرؤية الضيقة لهذه الجماعات للإسلام".
وأوضحت أن الورقة المنبثقة عن الاجتماع بدا واضحا أن أردوغان هو من يملك السيطرة عليها وعلى المجتمعين ويقودهما، حيث وضعت الورقة تنظيمات داعش وبوكو حرام وبي كاكا وغيرها من المنظمات الكردية على قدم المساواة، ووصفتها جميعا بالمنظمات الإرهابية".
ومضت قائلة: "إن الورقة تحول صراحة دون اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية وتشجع على إقامة مجتمعات موازية، ما يهدد تماسك واستقرار دول القارة، لافتة إلى نصها على “ضرورة” الحفاظ على تفرد المسلمين وحماية الشباب من الاستغلال وسوء التوجيه.
وأشارت تقارير صحفية إلى أنه بخلاف الورقة التي انبثقت عن الاجتماع، توصل المجتمعون الذين بلغ عددهم ١٠٠ شخص ممثلين لـ ١٧ دولة، إلى تشكيل مجلس تنسيقي لضمان التواصل الفعال والسريع بين المسلمين في هذه الدول.
وفي إطار الإجراءات التي اتخذتها السلطات الألمانية ضد الجماعات المتطرفة، من أجل رفع الوعي الشعبي والسياسي بخطر هذه التنظيمات، واحتواء نفوذها، وإعادتها لموقعها الطبيعي كـ"خطر أمني وتهديد للنظام الديمقراطي"، 
وضعت هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" خلال السنوات الثلاث الماضية مؤسسات وقيادات الإخوان البالغ عددهم 1600 شخص، في كل ولايات البلاد الـ16، تحت رقابتها، حسب ما نقلته مجلة فوكس الألمانية الخاصة عن تقارير لأفرع الهيئة في فبراير الماضي.
كما بدأت الهيئة في عدة ولايات أبرزها ساكسونيا، جنوبي البلاد، تنظيم محاضرات وورش عمل تهدف لمنع انتشار أيديولوجية الإخوان.
وفي هذا الإطار، قال لورينزو فيدينو، الذي يعد أهم باحث غربي في شؤون الإخوان "خسر تنظيم الإخوان كثيرا من نفوذه في أوروبا خلال الأعوام الماضية، وبالتحديد منذ بداية تركيز الحكومات على دوره وخطره على الديمقراطية"، مضيفا "كما أن المواطنين الأوروبيين بات لديهم وعي بدور التنظيم المسبب للمشاكل"، تابع: "تنظيم الإخوان يعمل كجماعة سرية مغلقة، ويتبنى أفكارا معادية للديمقراطية، وهذه هي سماته منذ تأسيسه".
وفيما يتعلق بالحركات السلفية المتطرفة، فإن هيئة حماية الدستور تراقب 1900 شخص في كل أنحاء البلاد تصنفهم سلفيين خطرين أمنيا، أي يتوقع تنفيذهم هجمات إرهابية، حسب تقرير للإذاعة الألمانية نشر في نوفمبر الماضي.
والثلاثاء الماضي، شنت الشرطة الألمانية حملة مداهمات في عدة ولايات ضد منظمتي "أنصار الدولية" و"المقاومة العالمية.. غوث"، على خلفية تمويلها حركة حماس الفلسطينية، وارتباطها بتنظيمي جبهة النصرة والقاعدة، في ضربة للتيار السلفي المتطرف في البلاد.
ونقلت صحيفة تاغس شبيجل الألمانية الخاصة عن مصادر في وزارة الداخلية قولها: إن "الوزير هورست زيهوفر يخطط لحظر المنظمتين بسبب دعمهما الإرهاب ماليا ودعائيا".
يذكر أنه تقرير ألماني، نشره موقع "جنيرال انتسايجر" السبت الماضي، حذر من تنامي الأنشطة  الإرهابية لتنظيم الإخوان  في مدينة بون الألمانية ، مشيرًا إلى أن السلطات تراقب هذه الأعمال والتحركات بدقة.
وذكر التقرير، الذي أن "تنظيم الإخوان الإرهابي يسعى لتوسعة نفوذه في مدينة بون للسيطرة على المسلمين في المدينة الواقعة غربي ألمانيا".
وتابع "سلطات الأمن تضع مسجد المهاجرين شمال بون تحت رقابتها، لأن عناصر قيادية في التنظيم الإرهابي تتردد عليه، وبعض مؤسسي المسجد أعضاء في الهيئة الإدارية لمنظمة المجتمع الإسلامي أبرز تنظيمات الإخوان في ألمانيا".
وأضاف التقرير إلى أن "إبراهيم الزيات، أهم قيادي للتنظيم الإرهابي في ألمانيا، شارك في عدة ندوات بمسجد المهاجرين خلال ٢٠١٨، وكذلك خالد حنفي رئيس لجنة الفتوى التابعة للجماعة يلقي ندوات في المسجد بشكل دائم".
ولفت التقرير، إلى أن "المسؤول عن مسجد المهاجرين هو محمود الخراط لا يرى أي مشكلة في وجود علاقة بين المسجد والتنظيم الإرهابي".
وأشار التقرير الصحفي إلى أن بلدية المدينة التي دعمت تأسيس المسجد قبل سنوات تعلم بتردد مسؤولي التنظيم الإرهابي بكثافة عليه في الفترة الأخيرة، وأنه بات مركزا لأنشطته، لذلك تراقب السلطات الأمنية المسجد بدقة". 
وتحدث التقرير عن أن مدينة بون كانت بعيدة لسنوات طويلة عن تأثير التنظيم الإرهابي، لكن التنظيم يسعى في الفترة الحالية لتوسيع نفوذها في المدينة.

شارك