"بيرات البيرق".. أخطبوط تركيا الأول في الفساد والإرهاب

السبت 20/أبريل/2019 - 01:58 م
طباعة بيرات البيرق.. أخطبوط أميرة الشريف
 
نظرا لقربه من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يصنفه الكثيرون علي أنه ذراع الرئيس التركي الأول أو رجل أردوغان الأول، وخليفته في الإرهاب والفساد ، وكذلك يلقبه البعض بأنه "أخطبوط تركيا الأول".
 "بيرات البيرق"، صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولد في إسطنبول عام 1978، وبعد تخرجه في قسم إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية في جامعة إسطنبول، أكمل شهادة الماجستير في كلية "لوبن" لإدارة الأعمال في جامعة بيس نيويورك.
قربه من أردوغان
يري الكثير من المراقبين أن البيرق هو "الرجل الثاني" في تركيا، وربما يكون خليفة أردوغان مستقبلاً، وأحد الأشخاص الأوسع نفوذًا في البلاد، وهو متزوج من إسراء أردوغان، الابنة البكر للرئيس التركي، ويبلغ من العمر 40 عامًا وتولى في 2015 وزارة الطاقة. 
ويعرف عن أردوغان قربه من عائلة البيرق، وبخاصة صادق، والد بيرات، وهو صحافي سابق وسياسي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومن الأصدقاء المقربين للرئيس التركي.
ويحظى البيرق بثقة كبيرة جدًا من أردوغان، فهو يرافق الرئيس في تنقلاته المهمة، ويشارك في الاجتماعات الحساسة.
نفوذه في تركيا
عمل البيرق على تمرير قانون ضرائب صاغه زملاؤه في شركة تشاليك القابضة، وساعد الشركة على إدخال أموال جنتها من أعمالٍ خارج البلاد من دون أن تدفع عليها ضرائب تقريبًا.
 وبعد تعيينه في الحكومة، أصبح بيرات البيرق، يحظى بنفوذ كبير في السياسية التركية، فأردوغان غالبًا ما يقدمه للزعماء الأجانب الذين يزورون تركيا، ويشركه في معظم الاجتماعات.
ويحرص البيرق على التأكد من أن كل الوزراء وأعضاء الحزب، يعرفون علاقته المميزة بأردوغان، حتى إنه يضع يده على كتف الرئيس أحيانًا خلال الاجتماعات الوزارية، ويتحدث معه في الأمور العائلية أمام الوزراء. ووصل الأمر إلى حد أن البيرق يتصرف أحيانًا كرئيس، وينتقد سياسيين آخرين، ويعطي تعليمات للوزراء، ويخبرهم كيف يديرون أعمالهم، ومن يجب عليهم أن يوظفوا أو يطردوا.
محاولات اقصاء المقربين
مع تعاظم نفوذه داخل الحكم، حاول البيرق إقصاء رجال أردوغان عن المشهد السياسي، ففي عام 2016، كشفت تقارير إعلامية، أن البيرق وأخاه سيرحات، كانا وراء تقديم داود أوغلو، رئيس الحكومة التركية السابق، استقالته وإقصائه من المشهد السياسي التركي، وتنحيه عن رئاسة حزب العدالة والتنمية في 22 مايو من العام نفسه، حيث نظما هجومًا سياسيًا وإعلاميًا ضده، لأنه رأى أن خروجه من المشهد السياسي يفسح المجال أمام أردوغان لتعزيز سلطته، كما أنه سيفسح للأخير المجال للدفع به إلى الأضواء، بحسب تقرير نشرته “فايننشال تايمز” مايو 2016.
فساد البيرق
البيرق متورط في قضايا فساد كبرى، ففي العام الماضي كشفت محاكمة تجرى في إيران لرجال أعمال تورطوا في ملف فساد نفطي شارك فيها  أيضًا  رجل أعمال تركي يدعى رضا ضراب، ومسؤولون أتراك، أحداثًا مثيرة، إذ اتهمت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط استيلاء صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أموال النفط الإيرانية، وخلال إحدى جلسات المحاكمة في يوليو 2017 اتهم الممثل عن الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، مهدوي، صهر أردوغان بالاستيلاء على أموال النفط الإيرانية، بدلاً من إعادتها إلى خزانة الدولة، قائلاً: إن أموال النفط الإيرانية تمَّ إنفاقها في شراء مصنع للألمونيوم باسم سيدة، وشراء شركة نقل لصهر أردوغان.
وتعمد النظام التركي اعتقال الصحفيين الذين فضحوا فساد البيرق، ففي يوليو 2017، اعتقلت السلطات التركية الصحفي تونجا أوكرتان بعد نشره أخبارًا حول تسريبات المراسلات الإلكترونية للبيرق، قال الصحفي المعتقل آنذاك إن المحامي أخبره أن قرار احتجازه جاء بسبب نشره مقتطفات من مراسلات البيرق، ثم كشف أن مذكرة الاعتقال بحقه صدرت بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي.
واعتقال الصحفي التركي بسبب نشره خبرًا عن صهر أردوغان، لم تكن الواقعة الأولى، فقد اعتقل النظام أيضًا مراسلاً في تركيا دنيز يوجل بسبب مقالات كتبها حول اختراق البريد الإلكتروني الخاص بـبيرات البيرق، صهر أردوغان، بحسب تقرير لصحيفة “دي فيلت” الألمانية في فبراير 2017.
علاقته بإسرائيل
وفرت وزارة الطاقة فرصة للبيرق للتواصل مع الحكومات الأجنبية، ولا سيَّما روسيا وإسرائيل، اللتين تجري معهما تركيا مفاوضات حول مشاريع كبرى في مجال الطاقة، وفتح له ذلك المجال، للاضطلاع بدور كبير الدبلوماسيين في تركيا، وتوجت المصالحة التركية الإسرائيلية في 2016 بلقاء بين البيرق ووزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز.
والتقى البيرق، حين كان وزيرًا للطاقة التركي، نظيره الإسرائيلي للحديث عن المشاريع الضخمة لأنابيب الغاز بين تركيا وإسرائيل، وبحث الطرفان عن علاقة ربح – ربح، إسرائيل تجد سوقًا جديدة تصدّر إليها، وتصل أوروبا عبرها، وتركيا تنوّع من وارداتها من الغاز الطبيعي وتقلّل من الاعتماد على الغاز الروسي. كما أنه حتى خلال سنوات أزمة مرمرة، كان التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا ينمو سنويًا، من 2.4 مليار عام 2010م إلى 4.5 مليار عام 2014م، إلى 5.6 مليار عام 2015م، وقد تزايد الاعتماد التركي على إسرائيل خلال الأزمة السورية كترانزيت للبضائع التركية المصدّرة إلى الأردن والخليج.
وفي 8 يونيو 2016، صرّح وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، بأن إسرائيل لا يمكنها تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا قبل إعادة تحسين علاقتها مع تركيا، لم يكن قد مر سوى شهر واحد، أو أكثر قليلاً على تصريح وزير الطاقة الإسرائيلي، إلا ووقعت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا 15 يوليو 2016، التي اعترف أردوغان في لقاء على قناة الجزيرة الإخوانية، بأن صهره البيرق، هو أول من أخبره بمحاولة الانقلاب، وقبل المخابرات!.
بعد تصريح وزير الطاقة الإسرائيلي بشهرين، وبعد الانقلاب بشهر واحد، تم الصلح بين إسرائيل وتركيا، مما أوجد شكوكًا لدى مراقبين بأن المعلومة التي حصل عليها أردوغان عبر صهره، جاءت من إسرائيل، نظرًا لحماسة إسرائيل لتحسين علاقتها بتركيا من أجل الطاقة، وكان بيرات البيرق – وقتها – وزيرًا للطاقة، إذ تربطه علاقات قوية بمسؤولين إسرائيليين.
استطاعت إسرائيل من خلال تمرير المعلومة عن وجود انقلاب في تركيا لصهر أردوغان، بيرات البيرق، أن تضرب عصفورين بحجر واحد؛ فهي من جهة ضمنت ولاء البيرق لها، ومن جهة ثانية، رفعت من شأنه لدى أردوغان، إذ أصبح بيرات البيرق المقرب الأول من الرئيس التركي، الذي بات يثق به ثقة عمياء، ولم يفارقه فترة الانقلاب لحظة واحدة.
وذلك هو التفسير الوحيد لعدم تخلي أردوغان عنه، فقد سلّمه أخيرًا وزارة المالية والخزينة التركية، برغم أن الاقتصاد التركي المنهار بسبب العجز التجاري وارتفاع معدل التضخم وفقدان الليرة التركية 20% من قيمتها- يحتاج إلى رجل اقتصادي أكثر حنكة من بيرات؛ إذ انخفض على الفور من إعلان تسلمه للمالية، قيمة الليرة إلى مستوى قياسي جديد، بسبب عدم ثقة المستثمرين بقدراته.
علاقته بداعش
لم يكن البيرق جسر أردوغان للتواصل مع إسرائيل فقط، ففي الأزمة بين أنقرة وموسكو بعدما أسقطت الطائرات التركية مقاتلة روسية عند الحدود السورية في 2015، اتهمت روسيا الدائرة المقربة من البيرق وأردوغان، بالتورط مع داعش في عمليات تجارة النفط، وتمَّ تناسي كل ذلك بعد عودة العلاقات التركية الروسية إلى وضعها السابق، وظهر البيرق وتعلو وجهه ابتسامة كبيرة خلال توقيع اتفاق ثنائي لبناء خط أنابيب نقل الغاز ترك ستريم في أكتوبر 2016.
ووفق تقارير للإعلام الغربي ، فإن البيرق الذي لا يتخذ خطوة دون الرجوع إلى أردوغان، تكشفت  منذ فترة علاقته بتنظيم داعش الإرهابي؛ وهو ما يعني أن حديث تركيا عن مواجهة هذا التنظيم، ليس إلا كلامًا يتردد في الإعلام، والحقيقة أنها تدعم داعش عن طريق شراء النفط.
وكان كشف موقع ويكيليكس عن العلاقة بين بيرات البيرق وتنظيم داعش، لا سيما في مجال النفط، وكيف أن الحكومة التركية منحت استثناء لشركة پاورترانس من قرار حظر استيراد وتصدير ونقل النفط أو مشتقاته من داعش، ونشر الموقع 57934 رسالة تابعة لوزير الطاقة التركي وصهر أردوغان، توضح علاقته بالتنظيم الإرهابي.
وأدي دور البيرق في صفقات النفط من داعش إلى دعوات لملاحقته في الولايات المتحدة، ففي ديسمبر 2016، نشرت ويكيليكس 57.935 من الرسائل الإلكترونية الشخصية للبيرق، من عام 2000 حتى 2016، والتي أكدت أنها حصلت عليها عن طريق ردهاك تخص البيرق وداعش وتثبت علاقته بعمليات تهريب داعش للنفط إلى تركيا.
وقد أوضحت، "إندپندنت"،  بأن الرسائل الإلكترونية توضح أن البيرق كان على دراية تامة بقضايا التوظيف والرواتب في پاورترانس، الشركة التي أثارت جدلاً لاحتكارها نقل النفط برًا وعن طريق السكك الحديدية إلى البلاد من كردستان العراق.
 وأضافت أن وسائل الإعلام التركية، قد أفادت في 2014 و2015 بأن پاورترانس متهمة بخلط النفط الذي تنتجه داعش في سوريا المجاورة وأنها تضيفه للشحنات المحلية التي تصل في النهاية إلى تركيا.
فشل البيرق 
عقد البيرق، اجتماعاً مغلقاً  الأسبوع الماضي، مع مئات المستثمرين خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن الأسبوع الماضي، ووصف بعض من حضروا الاجتماع بأنه الأسوأ الذي يحضرونه على الإطلاق مع مسؤول حكومي رفيع المستوى، وفقاً لما نشره موقع "أكسيوس" Axios.
ونقل الموقع عن أحد مديري صناديق الأسواق الناشئة ممن حضروا الاجتماع قوله: "لقد تضمن الاجتماع عرضاً سيئاً للغاية"، إلا أنه غير مصرح له بالتعليق عليه علناً، فيما قال مستثمر آخر: "لم أرَ في حياتي قط شخصاً من إدارة ما غير مستعد بهذا الشكل".

شارك