استراتيجية الأزهر لمعالجة الانحراف الفكري بمؤتمر في الصومال

الأربعاء 01/مايو/2019 - 12:11 م
طباعة استراتيجية الأزهر حسام الحداد
 
انطلقت منذ يومين في 29  أبريل 2019، بالعاصمة الصومالية مقديشو، أعمال المؤتمر الدولي حول الأمن الفكري ومكافحة التطرف، الذي تنظمه منظمة التعاون الإسلامي ممثلة في مركز صوت الحكمة، بالتعاون مع حكومة جمهورية الصومال الفيدرالية، وهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على مكامن الضعف والقوة في حصانة المجتمعات المسلمة بغية التركيز عليها في وضع استراتيجيات الأمن الفكرية وتعزيز الحوار حول قضايا التطرف والإرهاب وسبل تحصين المجتمعات من التيارات والتوجهات المتطرفة، وتحديد منهجية عمل لاستراتيجية تعمل على ترسيخ الأمن الفكري في دول العالم الاسلامي وتحصينها فكريا وعقديا وفقهياً.
وأوضحت الأمانة العامة في الكلمة التي ألقاها مدير وحدة الأمن والسلم في المنظمة، السفير عسكر موسينوف، أن إقامة هذا المؤتمر الدولي تأتي تنفيذا لقرار مجلس وزراء الخارجية في دورته الأخيرة في أبو ظبي، وسعياً من المنظمة للوقوف صفاً واحداً مع مسار التنمية والبناء الذي تنتهجه الحكومة الصومالية، إذ لا يخفى عن أحد التقدم الكبير الذي أحرزته في قطاع التسهيلات الخدمية، وتحسين مداخيل الدولة، وبسط الأمن، وتقليل مظاهر التسلح في الصومال .
وتطرقت الكلمة لمركزية رسالة المنظمة في مكافحة العنف وصون الدين الإسلامي وحماية المسلمين من التطرف والغلو، و"نحن نركز باستمرار على دعم أي جهد يسعى لمكافحة التطرف والإرهاب ، ويدعو إلى التسامح والأمن والسلام، وأن موضوع الأمن الفكري يعد الحجر الأساس في هذا المسعى ، فالأمن الفكري من شأنه أن يحفظ مكتسبات الأمن والاستقرار من شر الاختراقات الفكرية الهدامة التي تدعو إلى العنف وفك أواصر التكافل والتضامن والتراحم بين أفراد المجتمع الواحد وبين الثقافة الواحدة والثقافات الأخرى المغايرة لها.
واستعرض المؤتمر حزمة متنوعة من محاور النقاش على غرار مفهوم الأمن الفكري في الإسلام والأسباب السياسية والفكرية والدينية والاقتصادية التي ساهمت في تضرره، وعلاقة الأمن الفكري بالتطرف والإرهاب وسبل تعزيز دور المؤسسات المعنية في مواجهة التطرف والعنف والإرهاب عبر مراجعة شاملة للاستراتيجيات والمقاربات والتجارب والدارسات والخطط العملية.
كما بحث المؤتمر تجسيد جملة من المخرجات العملية، لا سيما تحديد الأسس القانونية والإدارية لحماية الأمن الفكري في المجتمعات المسلمة ووضع استراتيجية عمل موحدة على نطاق العالم الاسلامي وبناء شبكة علاقات بين المشاركين بغية التواصل المستمر بشأن تظافر الجهود الرامية لترسيخ الأمن الفكري ونبذ التطرف والوصول بمركز صوت الحكمة التابع لمنظمة التعاون الإسلامي إلى قلب المعادلة الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب.
استراتيجية الأزهر
قال الدكتور طارق شعبان، مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن الناظر إلى مجتمعاتنا العربية والإسلامية يجد أنها مجتمعات شابة، يشكل فيها الشباب دون سن الـ25 نسبة قد تصل إلى أكثر من النصف، مضيفًا أن رغم تميز مجتمعاتنا بهذه النسبة الجيدة من الشباب إلا أنَّها تشكل تحديًْا كبيرًا لحماية هؤلاء الشباب من الوقوع في براثن الأفكار المتطرفة. 
وشدد الدكتور شعبان خلال كلمته، على أنه ينبغي أن تأخذ مكافحة الانحراف الفكري طابع الشمول، وأن ذلك لن يتم إلا من خلال استراتيجية تبحث عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الوباء، موضحًا أن العمل على تلك المجابهة يستلزم عدم التغافل عن الجانب الفكري والعلمي. 
وأكد مدير مرصد الأزهر، ضرورة توافر عدد من الخطوات التي ينبغي العمل عليها لمكافحة الفكر المتطرف، من بينها: إدخال المفردات الخاصة بالتسامح والتعددية واحترام الرأي الآخر والحوار الفعال في المناهج الدراسية، وبيان تصورات عن الأفكار المنحرفة والتيارات الهدامة التي تستهدف العقول والمعتقدات الدينية الراسخة؛ لتحصين الأمن العقائدي والفكري لدى أفراد المجتمع. 
وأضاف الدكتور شعبان أن من بين تلك الخطوات ضرورة التحذير من السيل الفكري القادم عبر الإنترنت والقنوات الفضائية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة التي تعمل على ترويج أفكار المتطرفين، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد الفرص أمام تعزيز مفاهيم المواطنة والتعايش السلمي في مجالات العمل التطوعي في إطار قيم المجتمع الدينية والإنسانية.
واستعرض مدير مرصد الأزهر خلال المؤتمر تجربة الأزهر الشريف لمكافحة الفكر المتطرف من خلال الاستراتيجيات التي استحدثتها تلك المؤسسة العريقة، والتي من بينها مرصد الأزهر العالمي لمكافحة التطرف، حيث قّدم عرضًا شاملًا لآلية العمل في المرصد وإصداراته المختلفة وأنشطة المرصد المحلية والإقليمية والعالمية.
وأشار الدكتور شعبان إلى أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، كان صاحب المبادرة على المستويين المحلي والعالمي في توقيع بروتوكول تعاون بين مشيخة الأزهر وعدد من الهيئات والوزارات والجهات المعنية، مبينًا دور المؤسسة البارز تجاه قضايا التطرف والإرهاب
وفي نهاية كلمته طالب مدير مرصد الأزهر باتخاذ خطوات عملية بين الهيئات الممثلة في المؤتمر بالشراكة مع الأزهر الشريف الذي يُعد محورًا يمكن الانطلاق من خلاله للبدء في مشروعات تهدف إلى تعزيز قيم الأمن الفكري.

شارك