بين سيطرة الميليشيات ومساعي الحكومات.. حرب النفط تعمق الصراعات في ليبيا

الخميس 02/مايو/2019 - 02:44 م
طباعة بين سيطرة الميليشيات أميرة الشريف
 
يواصل الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، مساعيه لتطهير العاصمة الليبية طرابلس من قبضة الميليشيات المسلحة هناك، ومع جمود الموقف العسكري على جبهة القتال بدأ الطرفان المتنافسان يعملان على نقل المعركة إلى مواقع النفط والمال.
ووفق تقارير إعلامية، فإن خليفة حفتر، الذي يقود الجيش الوطني الليبي، يضغط على المؤسسة الوطنية للنفط الحكومية، وعملياتها في المناطق الخاضعة لسيطرته. 
من جانبها، تسعي حكومة الوفاق الذي يقودها فايز السراج وتقيم في طرابلس إلي عرقلة أى مساعي للجيش الليبي حيث قيدت قدراته على الحصول على العملة الصعبة، وهذه التحركات تشكل تحولا جديدا في الحرب.
وأطلق الجيش الليبي بقيادة حفتر معركة "طوفان الكرامة" في أوائل أبريل الماضي، لتطهير العاصمة، حيث شن حفتر، المتحالف مع الحكومة الموازية في شرق ليبيا، هجوما للسيطرة على طرابلس، ودخلت قواته عدة مدن محيطة بطرابلس دون قتال "صبراتة، صرمان، غريان، ترهونة"، فيما تدخلت  قوات حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج لمنع المشير خليفة حفتر من دخول العاصمة، ما أدي إلي حرب بين الطرفين أدت إلي سقوط عشرات الضحايا من الجانبيين.
وفي غضون ذلك تتزايد النفقات لجلب ذخائر وإمدادات أخرى من قاعدتهم في بنغازي، الواقعة على بعد ألف كيلومتر، وهو ما دفع حفتر لاستخدام النفط كإحدى الأدوات الاستراتيجية.
ويسيطر الأن الجيش الوطني على مناطق تحيط بمعظم البنية التحتية النفطية في البلاد، لكنه لا يستفيد بشكل مباشر من مبيعات النفط والغاز، التي تتجه من خلال المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس لإدارة أمور الحياة اليومية، فيما تحاول المؤسسة الوطنية للنفط أن تنأى بنفسها عن الصراع، لكنها تحول إيرادات الطاقة إلى البنك المركزي بطرابلس، الذي يعمل فقط مع رئيس الوزراء فائز السراج.
وكان، التقى حفتر مع اثنين من المسؤولين التنفيذيين بالمؤسسة الوطنية للنفط بشرق البلاد بمقره خارج بنغازي، وكان المسؤول الأول هو رئيس مجلس إدارة شركة "أجوكو"، وهي إحدى وحدات المؤسسة الوطنية للنفط، وتنتج ثلث إنتاج ليبيا من الخام، أما الثاني فهو جاد الله العوكلي، عضو مجلس إدارة المؤسسة.
ووفق وكالة رويترز، قال العوكلي إن عمليات النفط "تستفيد من الأمن الذي يوفره الجيش الوطني الليبي"، وهنأ الجيش على انتصاراته، كما أبدت شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز، إحدى وحدات المؤسسة الوطنية للنفط في شرق ليبيا، أيضا دعمها للهجوم على طرابلس عبر موقعها الإلكتروني.
وجاءت هذه الاجتماعات بعد أيام من قيام الجيش الوطني بإرسال سفينة حربية إلى ميناء رأس لانوف، وفي الوقت نفسه، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن جنودا دخلوا ميناء السدرة، وسيطروا على مدرج الطائرات. 
ويري محللون أن هذا التحرك يدل علي أن حفتر يريد أن يُذكر طرابلس بأنه يستطيع وقف صادرات النفط، كوسيلة للضغط على السراج، بهدف التوصل إلى اتفاق لاقتسام إيرادات النفط، إذا لم ينتصر في أرض المعركة.
وفيما أكد محللون أن حفتر يواجه ضغوطا مالية نظرا لأن طرابلس تحد من قدرته في الحصول على العملة الصعبة، وقالت مصادر دبلوماسية إن الجيش الوطني يحتاج إلى استيراد معدات من خلال تجار، موضحة أن قائد الجيش يحاول أن تكون له اليد الطولى في حرب طرابلس قبل بدء شهر رمضان الأسبوع القادم، حيث تتباطأ أنشطة الحياة، والجيش الوطني سيحتاج إلى ضمان خطوط إمداد مكلفة إذا استمر جمود الموقف لفترة طويلة.
ووفق تقارير إعلامية، قال محللون إن حفتر ربما يحاول دفع طرابلس إلى إبرام اتفاق من خلال وقف صادرات النفط، وهو ما يُنهي تمويل الحكومة، أو ربما يحاول بيع النفط مجددا، بعدما أوقفت واشنطن في السابق محاولات مماثلة، حينما اعترضت ناقلة أبحرت من ميناء كانت تسيطر عليه مجموعة مسلحة في 2014.
في سياق متصل، قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، إن القوات الجوية قصفت اليوم عدة أهداف للميليشيات المسلحة في طرابلس، بينما واصل الجيش التقدم.
كما دعا المسماري المسلحين في طرابلس إلى إلقاء السلاح، مؤكدا أن الجيش الوطني الليبي سيحمي المدنيين ومن يرفع الراية البيضاء في معركة طرابلس.
وقال المسماري: "قواتنا لديها عقيدة واحدة وهي الحفاظ على الوطن ووقف التدخلات الخارجية بشأن ليبيا.. لدينا خطة محكمة نتبعها في طرابلس".
وأشار المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي إلى أن العمليات تتركز في محور "اليرموك - صلاح الدين"، كما أشاد بتقدم ناجح للجيش من منطقة عين زارة.
 وأكد المسماري أن الجيش الليبي يقاتل ميليشيات من تحالف تنظيم القاعدة وتنظيم الإخوان الإرهابي في طربلس، وأن هذه القوات بدأت بالانهيار.
وكان عرض المسماري، مقطعا مصورا يوثق مشاركة مقاتلين أجانب مع ميليشيات طرابلس، في المعارك الدائرة حاليا قرب العاصمة الليبية، ويعد هذا الفيديو أحدث دليل على وجود دعم خارجي بالسلاح والعتاد والمرتزقة، للجماعات المتطرفة التي تقاتل الجيشي الليبي في طرابلس، إلا أنه ليس الأول من نوعه، إذ سبق للمسماري أن عرض مقطعا آخر قبل بضعة أيام يؤكد هذا الدعم.
وكان المسماري تحدث أكثر من مرة عن دعم قوى أجنبية للميليشيات في طرابلس، محددا تركيا وقطر بالاسم.
وعاشت العاصمة طرابلس، حالة من التوتر والحروب المستمرة، لم تشهد فيها هدوءا، حيث سادت فيها لغة الحرب، إذ أدت كثرة الكتائب المسلحة وبمسمياتها المختلفة، منها من داخل طرابلس ومنها من خارجها، إلى صدام بين الحين والآخر تسبب بتعكير صفو الحياة في المدينة.
وشهدت طرابلس في تلك الفترة حالة من الترقب بعد سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة وإعلان حكومة الإنقاذ المحسوبة علي جماعة الإخوان والتي ترأسها عمر الحاسي وتبعه في رئاستها خليفة الغويل، وتسببت تلك المرحلة بانقسام سياسي كاد أن يدخل البلاد في حرب أهلية دموية إلى أن أعلن في 17 من ديسمبر عام 2015 عن اتفاق الصخيرات وولادة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق التي حلت محل حكومة الإنقاذ التي بدورها لم تتراجع عن هدفها في السيطرة على الحكم ما أربك المشهد في تلك الفترة .
ويري مراقبون، أن معركة الجيش الليبي ستحقق نجاحات وبالأخص مع تقدم قواته داخل العاصمة وملاحقة الميلشيات المسلحة الممولة من قطر وتركيا لاستمرار الفوضي داخل ليبيا وتحقيق أغراضهم الدنيئة في نشر الخراب وبقاء الوضع الحالي كما هو، إلا أن الجيش الليبي سينجح في تحقيق أهدافه بتطهير البلاد من كافة العناصر الإجرامية التي تسعي لإسقاط ليبيا.

شارك