اعتذار عائض القرني.. والدور القطري والاخواني في انتاج اسلام متشدد

الخميس 09/مايو/2019 - 09:40 ص
طباعة عائض القرني عائض القرني حسام الحداد
 
تصريحات مثيرة أطلقها الداعية السعودي الشهير عائض القرني تراجع خلالها عن مواقفه وآرائه الفكرية والدينية السابقة.. تصريحاته تلك أثارت الكثير من الجدل خاصة بعد إعلانه دعمه "للإسلام الوسطي" الذي ينادي به ولي العهد محمد بن سلمان.
حيث أقر الدكتور عائض القرني بأن "الصحوة" حاربت الدولة في السعودية، وضيقت على المجتمع، واعتذر القرني قائلاً "بكل صراحة وشجاعة باسم الصحوة أعتذر للمجتمع عن الأخطاء التي خالفت الكتاب والسنة، وخالفت سماحة الإسلام، وخالفت الدين الوسطي المعتدل الذي نزل رحمة للعالمين".
جاء ذلك في حواره مع برنامج "الليوان" على قناة روتانا خليجية، حيث أكد أن علاقته مع قطر كانت ضمن العلاقات التي تربط السعودية بقطر حينها، وتوقف عن استكمال العلاقة بعد كشف التآمر، وعلى الفور ذهب للقيادة الحكيمة واعتذر لتقبل اعتذاره.
وأشار إلى أنه قابل أمير دولة قطر بدعوة منه، حينما كان موقوفاً قبل 20 عاماً، مشيراً إلى أن "هذه المؤامرة المستمرة إلى يومنا هذا (..) على المملكة في قطر".
وقال الدكتور القرني: "اتصل بي حينها الشيخ عبدالله بن خالد بن حمد آل ثاني، وزير الأوقاف القطري السابق، وقال إنه سيلتقي بي في الرياض رغم أني موقوف، نظير 9 قرارات ولمدة 10 سنوات، وعلمت حينها أنه سوف يقابل عبدالله الجلالي وهو كان عليه أيضاً إشكال وموقوف، كما سيقابل الشيخ سفر الحوالي وهو موقوف كذلك، وذهبت إلى مكتب الشيخ ابن باز وتحدثت معه عن الأمر، ليتحدث مع عبدالله بن خالد وانتهى الأمر حينها".
وتابع: "هذا موقف يمكن تفسيره بأشياء كثيرة، وأنا فسرته بأنه كان يستقطب ويرحب بالمعارضين، والدليل أنه جنّس بالفعل الكثير منهم، فكلما ابتعدت عن دولتنا فأنت محبب لديهم وأنت صيد ثمين لهم، فهم يعطون فللًا وسكنًا ومالًا لمن أراد التجنيس أو المعارضة، فهم يجسون نبض الشخص، ولو رأوا أن الشخص يسير معهم يبدأون معه".
وفسر مشاركته في قناة الجزيرة سابقاً قائلاً "لم يكن هناك خلاف بين الحكومة السعودية والقطرية، وحينها كانت هناك علاقات بين صناع القرار، وكل مشهور سعودي سافر إلى قطر سواء في مجال الفن أو الرياضة أو الدين، ولكن بعد انكشاف القناع علمت أننا مستهدفون لاستقطاب المشاهير وتجنيدهم".
وكشف القرني أن الموقف الثاني مع قطر عقب هجوم أسامة بن لادن على برجي التجارة العالمي في 11 سبتمبر: "عندها تمت دعوتي إلى قطر للحديث في برنامج الشريعة والحياة بدلًا عن يوسف القرضاوي، كنت أعتقد أنهم يريدون الحقيقة، ولكن في المساء اتصل بي حمد بن خليفة أمير قطر حينها، وكان في زيارة إلى أميركا، ورحّب بي وتعجبت من المكالمة، وعندما ظهرت على الهواء لم أعجبهم، لأني لم أقل أي شيء عن السعودية وعلاقة ابن لادن بالمملكة، وعلاقة الإرهاب بالسعودية".
وأردف: "أدنت في البرنامج الإرهاب باسم المملكة، وقلت إن السعودية أكثر دولة حاربت الإرهاب، وفي اليوم الثاني وجدت إمارة الرياض تتصل بي، وأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حين كان أميرًا للرياض يريدني وحضرت إليه، وشكرني على الموقف، وطلب مني كتابة خطاب يشفع لي عند الملك فهد لإعادتي إلى الدروس".
ووصف القرني إعلام الجزيرة بـ"مسيلمة الكذاب"، لأنها تدعو للحريات في كل دول العالم إلا في قطر، وقال إنها تخدم 5 نونات هي: نون طالبان، نون طهران، نون (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، نون الإخوان، نون حزب الشيطان، فالجزيرة القطرية تذهب إلى إيران الصفوية راعية الإرهاب، ويرون أنها كبيرة وخطيرة وشريفة وتترك السعودية دولة الإسلام، وكلما ابتعدت عن دولتك فأنت محبب لديهم، فأنت المن والسلوى لو كنت معارضاً".
وقال القرني ردًّا على سؤال حول أخذ راتب شهري من قطر: لم آخذ رواتب شهرية، بل أعمل مع مؤسسات قطرية، وهو مجرد عمل بعقود ومحاضرات بمعرفة الدولة وليس مجاناً، واعتذرت عن ذلك، وقبلت الدولة هذا الاعتذار، وهناك من يحصل على المال ولكن لن أذكر أسماء.
وتحدث في معرض حديثه: "من يردني بآية أو حديث فأنا معه، وأنا مع الإسلام الوسطي والمنفتح الذي نادى به الأمير محمد بن سلمان، الذي هو ديننا، وكذلك جعلناكم أمة وسطا، وأنا في مرحلة من التنفير إلى التبشير ومن التعسير إلى التيسير، ونقول للعالم تعالوا.. ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".
وأضاف: "هذا ما اكتشفته من النصوص ومن كلام علمائنا، وبعد زيارة 40 دولة، وقرأت آلاف الكتب وجالست المفكرين والعلماء، وفي النهاية ديننا دين سماحة ويسر، ولا بد من البعد عن التشدد".
وشدد الدكتور القرني في نقاشه: "إن مواجهة الدولة كانت خطأ استراتيجياً من الصحوة وتهميشهم للعلماء أدى إلى تفاقم هذه المشكلة، عن محاولات فرض الوصاية الصحوية على الدولة، فقد كنا نضغط بالشعب على الدولة، لكن كانت الدولة أقوى".
كما كشف بعض الأخطاء التي وقعت فيها الصحوة، وهي الاهتمام بالمظهر أكثر من المخبر، والوصاية على المجتمع وتقسيمه لملتزمين وغير ملتزمين، فخطاب الصحوة حرم على الناس مظاهر الفرح من باب الالتزام القوي والشدة، حتى في الزواجات استبدلوا الأناشيد والفرح بالوعظ، وبعدما كبرنا ونضجنا اكتشفنا هذه المآخذ.
وأكد القرني أن جماعة الإخوان المسلمين خالفت القرآن والسنة، ولا تدعو للتوحيد، وأهم الملاحظات على الجماعة هي ترك العلم الشرعي والانغماس في السياسة، فعدد كبير من علماء المملكة قالوا إن الإخوان لا يدعون للعقيدة الصحيحة أو السنة، ومنهم الألباني وابن باز والفوزان وابن عثيمين وغيرهم.
وأضاف: "هم جعلوا التوحيد للحاكمية بدل الألوهية، رغم أن الرسل بعثوا بالتوحيد، وهم مشغولون بالسياسة، ومن أخطائهم الانغماس بالحاكمية".
ودعا الجماعة إلى الاعتذار للشعوب التي سالت الدماء فيها، فالسعودية لا مكان للإخوان فيها، لأننا نبايع الملك وولي العهد بيعة شرعية، وحاورت هؤلاء في السجون بتكليف من الأمير نايف.
ردود الأفعال
وحول ردود الأفعال على حديث القرني أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، الأربعاء 8 مايو 2019، أهمية الاعتذار الذي تقدم به الشيخ السعودي عائض القرني، واصفاً إياه بالجريء.
وأضاف أن ما كشفه الشيخ السعودي عزز ما لدى الإمارات من معلومات عن قطر وسياسات الشيخ حمد بن خليفة.
وقال في تغريدة على حسابه على تويتر: الاعتذار الجريء للشيخ عائض القرني في مقابلته مع الإعلامي عبدالله المديفر في غاية الأهمية، وكما نغلق الباب على مرحلة التشدد وتوظيف الدين لأهداف سياسية، كذلك نغلق الباب على مرحلة تآمر قطر على جيرانها.
الإعتذار الجرئي للشيخ عائض القرني في مقابلته مع الإعلامي عبدالله المديفر في غاية الأهمية، وكما نغلق الباب على مرحلة التشدد وتوظيف الدين لأهداف سياسية، كذلك نغلق الباب على مرحلة تآمر قطر على جيرانها، حديث الشيخ عزّز ما نعرفه عن سياسات الشيخ حمد بن خليفة ودوره.
وتابع: "حديث الشيخ عزّز ما نعرفه عن سياسات الشيخ حمد بن خليفة ودوره".
وقد علق الفنان ناصر القصبي، أمس الثلاثاء 7 مايو 2019، على اعترافات القرني، وأكد أن الاعتذار لا يكفي، لأن الثمن كان باهظاً، بحسب تعبيره، كما طالب الممثل السعودي، القرني بالكشف عن كافة خبايا حركة الصحوة وتفاصيل مخططاتها.
وقال في تغريدة على حسابه على تويتر: "تقول بكل شجاعة أعتذر.. اعتذارك هذا لا يكفي، لأن الثمن كان باهظاً. اعتذارك الحقيقي يكمن في تقديمك كتابا ناقدا مفصلا من داخل هذه الحركة تكشف فيه بهدوء وعمق ووضوح أصولها ومع من ارتبطت وكيف نشأت وكل رموزها ونهجها وكواليسها ومخططاتها، هذه هي الشجاعة، وغيره استهلاك إعلامي".
أعتذارك الحقيقي يكمن في تقديمك كتاب ناقد مفصل من داخل  هذه الحركة تكشف فيه بهدوء وعمق و وضوح  أصولها  ومع من ارتبطت وكيف نشأت  وكل رموزها ونهجها وكواليسها و مخططاتها هذه هي الشجاعة وغيره استهلاك إعلامي.
فيما رحب مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية باعتذار الداعية السعودي "عائض القرني".
وأوضح المرصد في بيان الأربعاء 8 مايو 2019، أن شهادة القرني واعتذاره أثبت عددًا من المرتكزات الأساسية الداعمة للتطرف في المنطقة العربية، أبرزها الدعم الخارجي والتمويل المالي للمتطرفين الذي تقوم به دول في المنطقة وعلى رأسها قطر، حيث أكد القرني في حديثه على أن قطر تعمل على دعم أجندات الإخوان وطالبان وتركيا من خلال توجيه بوقها الإعلامي قناة الجزيرة لتحسين صورهم المشوهة وخطابهم الدموي.
وأضاف المرصد أن ما قدمه القرني من اعتذار وتراجع عن أفكار متشددة؛ يُعد شهادة للتاريخ عن الأطراف الداعمة لهذا الخطاب، فقد فضح مساعي دولة قطر في تدعيم هذا النمط المشوه من الأفكار الدينية المغلوطة عن الإسلام، فهي تسعى إلى استقطاب الدعاة المتشددين واستضافتهم ودفع رواتب لهم والترويج لأفكارهم وخطاباتهم، مع توظيفهم للترويج لأفكارها ومنهجها.
وأشار المرصد أن كلمة القرني أوضحت دور تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية في نشر الأفكار المتطرفة حيث أفاد الداعية أن منهج تنظيم الإخوان يتحمل مسئولية الدماء في المجتمعات العربية، وأن هذا المنهج هو منبع التشدد الذي تنهل منه الجماعات والتنظيمات الإرهابية أفكارها وخطاباتها.
ودعا المرصد إلى ضرورة تبني سياسة منفتحة في استيعاب نماذج المراجعات الفكرية لمن كان يتبنى أفكارًا متشددة، حيث تعتبر هذه النماذج فاضحة لسلوك هذا النمط من التفكير، مشيرًا إلى ضرورة تسليط الضوء عليها وتوضيح الخط الفكري لها وتطوره من التشدد إلى العودة لروح الدين التي تقدس المعاني الإنسانية وتحقق مراد الله في خلقه.
وذكر المرصد أنه يرحب بكل مبادرة أو مسعى شخصي أو جماعي لإحداث مراجعات حقيقية والتراجع عن التطرف والتشدد والعنف، مؤكدًا أن الدين الإسلامي دين سماحة وعفو ما لم يتورط أحدهم بإراقة دماء مباشرة. وأكد على أهمية المراجعة الشاملة والمستديمة، والاستفادة منها في تحصين الشباب والأجيال الجديدة من الوقوع في الأخطاء نفسها التي وقع فيها من سبقهم.
واختتم المرصد بأن توبة القرني واعتذاره المباشر دليل على نجاح المساعي الفكرية الإقليمية والدولية في محاصرة الأفكار المتطرفة، وكشف الأذرع الداعمة للتطرف والإرهاب في المنطقة، وهي من نتائج المواجهة الفكرية التي تقوم بها بعض الدول وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر في مواجهة التطرف والإرهاب.

شارك