مع تصاعد التوتر الإيراني ـ الأمريكي.. سنّة العراق يحذرون من جرّ البلاد للصراع

الجمعة 10/مايو/2019 - 02:38 م
طباعة مع تصاعد التوتر الإيراني أميرة الشريف
 
تشير كافة التوقعات إلي تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن وتفاقهم الأزمة بين الطرفين يوما بعد يوم، واعتبر خبراء أن "سقف الخطابات الإيرانية بات عالياً".
وكان الاتفاق النووي يهدف إلى الحد من طموح إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها، ولكن التوتر بين واشنطن وطهران ازداد حدة في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
وتساءل مراقبون عما إذا كان بداية مواجهة أمريكية مع إيران تلوح في الأفق، بينما رأى آخرون أن إيران ستكون "الخاسر الأكبر" في حال حدوث مواجهة، وأعلنت طهران تقليص بعضٍ من التزاماتها ضمن الاتفاق النووي، وأبلغت بذلك كلا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا.
ويري مراقبون أن واشنطن وجهت رسالة واضحة لنظام طهران بأن مخططات الاحتكاك غير المباشر عبر الوكلاء فقدت جدواها، وأنها ستتحمل مسؤولية أي فعل عدائي يقْدمون عليه ضد الولايات المتحدة أو ضد حلفائها في المنطقة".
في سياق متصل، دعا سياسيون سنّة الحكومة العراقية، برئاسة عادل عبد المهدي، إلى تجنيب العراق الدخول كطرف في الصراع الأمريكي ـ الإيراني، تزامناً مع تصاعدّ حدّة التوتر بين طهران وواشنطن، والرسالة التي حملها وزير الخارجية الولايات المتحدة، مايك بومبيو إلى بغداد، بضرورة حماية مصالح بلاده في العراق من التهديدات الإيرانية.
وحذرت، وحدة الجميلي النائبة عن محافظة الأنبار،غربي العراق، من "جرّ" العراق في الصراع الإيراني ـ الأمريكي بواسطة السياسيين والميليشيات التابعة لإيران في العراق، حسب تعبيرها.
وقالت في بيان لها: هناك الكثير من السياسيين في العملية السياسية يعملون ضمن أجندات إيرانية في العراق، وولائهم الأول والأخير لإيران، إضافة إلى الميليشيات التي تعمل لصالح إيران في العراق وبتمويل إيراني.
ودعت هؤلاء السياسيين والميليشيات التابعة لإيران إلى تغليب مصلحة العراق فوق المصالح الخارجية والمنافع الخاصة وعدم إدخال العراق في صراع مع أمريكا ودول المنطقة لصالح إيران بعد التصعيد الحاصل بين إيران وأمريكا. 
محافظ نينوى الأسبق، والقيادي في تحالف القرار، أثيل النجيفي، كتب علي صفحته بفيس بوك: من رسائل بومبيو للعراقيين: نحن نحترم السيادة العراقية ولكن أن لم تتمكنوا من كبح نفوذ وكلاء إيران وتهورهم، فلا تلوموا أحدا لتخليكم عن سيادة بلدكم.
وأضاف، في منشور آخر، أن رسالة بومبيو لرئيسي الوزراء والجمهورية، استثنت البرلمان، نقلت بحزم لا يتحمل التأويل: الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية المصالح الأمريكية في العراق، ومن أراد الاستمرار فعليه التهيؤ لما بعد النفوذ الإيراني بما فيه من فصائل مسلحة وأحزاب وشخصيات.
وعلق نعيم العبودي المتحدث الرسمي باسم حركة "عصائب أهل الحق"، علي زيارة بومبيو إلى بغداد: "إذا كان مجيء وزير الخارجية الأمريكي بهذه السرعة لغرض إيصال رسالة تهديد بشأن إجبار العراق على الالتزام بملف العقوبات الاقتصادية على إيران، فإننا ندعو الحكومة العراقية إلى أن تتعامل مع ملف العقوبات من موقع العراق القوي الذي لا ينظر للضغوط والتهديدات الأمريكية". 
الكاتب والباحث العراقي الدكتور هشام الهاشمي، ذكر تحت عنوان "التصعيد الامريكي على إيران.. وسيناريوهات العلاقة العراقية الأمريكية"، أبرز المصالح الأمريكية لدى العراق، وأيضاً مصالح العراق لدى الولايات المتحدة.
في الجانب الأول، كتب الهاشمي، على صفحته في فيسبوك: يمثل العراق للولايات المتحدة منطقة إدارة التوازن عن قرب بالنسبة لمـصالحها في المنطقة، والتي يتمثل أهمها، بحماية مصالحها ومصالح حلفائها في الشرق الأوسط إسرائيل والخليج العربي، وضمان التحكم بأسعار النفط للمستهلكين الأمريكيين والغربيين عامة.
ومن بين المصالح الأمريكية في العراق، حسب الهاشمي، قطع الطريق البري (طهران ـ بيروت) وحماية أمن إسرائيل، إضافة إلى تشجيع التطبيع العربي المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل، فضلاً عن ضمان بقاء القوات الأمريكية العسكرية وحلفائها في الناتو والغرب في منطقة (تعتبر مصدرا للتوتر الراديكالي المعادي للرأسمالية والعولمة وحكم القطب الواحد.
واعتبر أن من ضمن المصالح الأمريكية في العراق أيضاً ضمان التحكم بحرية العلاقات التجارية المفتوحة في الخليج العربي، وحث الحكومات العراقية للعودة الى العمق العربي، ناهيك عن العمل على فرض سلطة المحور الأمريكي على أدوات السلطة في العراق، وهو الأمر الذي يتطلب عرقلة نمو حلفاء المحور غير المنسجم مع المحور الأمريكي في المنطقة بعد أغسطس 2018.
ورأى أن من بين المصالح العراقية في تواجد النفوذ الأمريكي، هو المعونات الأمريكية العسكرية والأمنية والاقتصادية الكبيرة التي يتلقاها العراق من أمريكا وحلفائها، ويأتي العراق في صدارة الدول العربية التي تتلقى معونات أمريكية، فقد حصل على 5.28 مليار، 89 ٪ منها للمجال العسكري.
وفي التفاصيل، فقد تلقى العراق 4.8 مليار في الدعم الأمني والعسكري، و369 مليوناً للمساعدات الإنسانية الإغاثية منها 86 مليوناً للمساعدات الغذائية العاجلة، بينما حصلت النفقات الإدارية على دعم 10 ملايين.
وأضاف: الولايات المتحدة هي المصدر الأساسي لتسليح الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الاتحادية وتقنيات المراقبة والتجسس لدوائر المخابرات والاستخبارات والأمن الوطني، مبيناً أن التمويل العسكري وحلفاءه ساعد المعسكرات التدريبية للجيش العراقي في العراق وخارجه، حيث تم تدريب 54 لواءً من القوات المسلحة العراقية، بالإضافة الى العشرات من أسراب سلاح الجو وطيران الجيش العراقي، وإسناد العمليات المشتركة في الحرب على تنظيم داعش.
وبين أن العراق في حاجة إلى تعديل نظامه المالي من خلال مساعدات الولايات المتحدة في قضايا مصرفية على المستويين الإقليمي والدولي، كقضية إخراج العراق من البند السابع، والمساهمة في تحفيز البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الحليفة للمشاركة في برامج الإعمار والاستقرار، وكذلك حث الشركات الكبرى على الاستثمار داخل العراق.
وكانت، وافقت إيران عام 2015 على صفقة طويلة الأمد بشأن برنامجها النووي مع مجموعة القوى العالمية وهي كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، وجاء ذلك بعد سنوات من التوتر حول جهود إيران المزعومة لانتاج سلاح نووي.
وأبلغت إيران الدول الخمس الموقعة على الاتفاق، وهي فرنسا وألمانيا، وروسيا، والصين، وبريطانيا، بقرارها أول أمس الأربعاء.
وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن بلاده ستواصل تخصيب مخزون اليوارنيوم في الداخل، بدلا من بيعه إلى الخارج، وهدد أيضا باستئناف إنتاج يورانيوم عالي التخصيب خلال 60 يوما.
وفي أول تعليق له، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد مقابلة جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني إن إيران تعمدت الغموض" في قرارها مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستقرر الإجراء الذي يتعين اتخاذه بمجرد أن يصبح الموقف أكثر وضوحًا.
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن بلاده تتصرف ضمن صلاحياتها طبقا للاتفاق، مضيفا أن الأمر الآن متروك للقوى الأوروبية للتصرف.
ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن وزيرة الدفاع، فلورانس بارلي، قولها إن القوى الأوروبية تبذل ما في وسعها للإبقاء على الاتفاق حيا، ولكن ربما يكون هناك عواقب، وعقوبات محتملة إن لم يُلتزم بالاتفاق، وألقت الصين وروسيا باللوم في الوضع الحالي على انسحاب واشنطن من الاتفاق.

شارك