طالبان وداعش والصراع على شرق أفغانستان

الأحد 23/يونيو/2019 - 01:21 م
طباعة طالبان وداعش والصراع حسام الحداد
 
عمل تنظيم داعش على توسيع نطاق وجوده، وتجنيد مقاتلين جدد، والتخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، في الجبال المحظورة شمال شرقي أفغانستان، بعد أن فقد التنظيم أراضي الخلافة، التي أعلنها في العراق وسوريا،وفقا لمسؤولي أمن أميركيين وأفغان.
وبعد ما يقرب من عقدين على الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة، ينظر إلى التنظيم المتطرف على أنه أكبر تهديد من طالبان بسبب قدراته العسكرية المتطورة بشكل متزايد واستراتيجيته في استهداف المدنيين سواء في أفغانستان أو خارجها.
وتزداد المخاوف من أن كثيرين باتوا يرون في طالبان، التي سبق أن اشتبكت مع داعش، كشريك محتمل في احتوائها.
وصباح اليوم الأحد 23 يونيو 2019، قُتل وأصيب ثمانية مسلحين من تنظيم «داعش» في قصف بطائرة أميركية من دون طيار، استهدف مجموعة من عناصر «داعش» بإقليم ننكارهار شرق أفغانستان، طبقاً لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء.
وذكر «فيلق سلاب - رقم 201»، في بيان، أن القوات الأميركية نفَّذت الغارة الجوية صباح اليوم الأحد. وتابع البيان أن الغارة الجوية استهدفت مجموعة ضمت ثمانية مسلحين على الأقل من «داعش» في بلدة زاوي بمنطقة خوجياني.كما دمر القصف الجوي بعض الأسلحة والذخائر للجماعة الإرهابية.
وهناك ما يقدر بنحو 3 آلاف مقاتل تابعين لـ«داعش» في أفغانستان، غير أن أعدادهم المنخفضة نسبيا تتعارض مع شبكة الدعم المتنامية للموالين من أصحاب التحالفات غير الواضحة وقدرتهم على التحرك بكل سهولة وحرية بين أفغانستان وباكستان. وفي الشهور الأخيرة، ظهرت خلايا تنظيم داعش في محافظة قندوز الشمالية، فضلاً عن محافظة هيرات الغربية.
ولكن ليست هناك خلية تابعة لـ«داعش» في البلاد هي أكثر تهديداً على استقرار أفغانستان من تلك التي توجد في العاصمة كابل. وامتلكت الجماعات الموالية للتنظيم في البلاد مهارات كبيرة في تفادي الكشف عنها، وشنت هجمات عالية المستوى وأكثر تواتراً منذ عام 2016. وفي العام الماضي، نفذت تلك الجماعات ما يقدر بنحو 24 هجوماً في العاصمة كابل، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح.
فيما أفادت وكالة أنباء (خامة برس) الأفغانية السبت 22 يونيو 2019، وقوع اشتباكات عنيفة بين مسلحي حركة طالبان وتنظيم داعش الإرهابي في إقليم كونار، شرق أفغانستان. 
وقال مسؤول حكومي كبير في كونار إن الاشتباكات جارية الآن في منطقتي شابا دارا ومانوجي.
ولم يكشف المسؤول عن مزيد من التفاصيل بخصوص الاشتباكات أو عدد الخسائر في صفوف الحركة والتنظيم.
من ناحية أخرى أكد المسؤول أن القوات الأفغانية الخاصة قتلت خمسة قياديين من داعش في عملية بمنطقة نورجال داخل الإقليم، كما ألقت القبض على 14 مسلحا من التنظيم وصادرت أسلحة كانت بحوزتهم في نفس المنطقة.
وتدهور الوضع الأمني - على مدار السنوات الأخيرة - في كونار إذ ينشط مسلحون في بعض نواحيه بينما تجري القوات الأفغانية عمليات لدحرهم.
وعلى صعيد آخر أعلن المبعوث الأمريكي للمصالحة بين الأطراف الأفغانية، زلماي خليل زاد، مساء السبت، بدء الجولة المقبلة للمحادثات بين الجانب الأمريكي وحركة طالبان الأفغانية يوم التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
وتابع المبعوث الأمريكي أنه  "بناءً على زياراتي الأخيرة إلى أفغانستان وقطر، أعتقد أن جميع الأطراف تريد تقدمًا سريعًا بعملية السلام الأفغانية".
وكان الجيش الأفغاني أفاد منذ 3 أيام بأن عشرات من مسلحي "طالبان"، بينهم 16 قياديا، لقوا مصرعهم في حصيلة غير نهائية لعمليات القوات النظامية مدعومة بطائرات الناتو (حلف شمال الأطلسي) ضد المتمردين في ولاية بادغيس شمال غربي البلاد.
وأشار "الفيلق 209 شاهين" في الجيش الأفغاني، ببيان يوم الأربعاء الماضي، إلى أن "التقارير الاستخبارية الابتدائية تتحدث عن مقتل 70 إرهابيا من طالبان".
وتعاني أفغانستان من صدامات مسلحة متكررة ومعارك عنيفة بين القوات الأمنية الداخلية مدعومة بقوات أمريكية وبقوات أخرى من حلف شمال الأطلسي (ناتو) من جهة، وبين مسلحي حركة طالبان، في وقت يقوم فيه تنظيم داعش (الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول) بتقوية نفوذه باستمرار في هذه الدولة.
وقال مسؤول في المخابرات الأميركية في أفغانستان للأسوشيتد برس إن موجة الهجمات الأخيرة في العاصمة كابل هي "تمرين عملي" لشن هجمات أكبر في أوروبا والولايات المتحدة.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته حفاظا على أمنه الشخصي: "هذه الجماعة هي أكبر تهديد لأوطاننا من أفغانستان. إن التفويض الأساسي لداعش هو القيام بهجمات خارجية في الولايات المتحدة وأوروبا."
وأضاف "هذا هو هدفهم. إنها مسألة وقت فقط. إنه أمر مخيف للغاية".
ويرى مدير مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، بروس هوفمان، أن أفغانستان قاعدة جديدة محتملة لداعش الآن بعد أن تم طرده من العراق وسوريا.
وأضاف "لقد استثمر تنظيم داعش قدرا في الاهتمام والموارد في أفغانستان"، مشيرا إلى "تخزين ضخم للأسلحة" في شرقي البلاد.
وظهر تنظيم داعش في أفغانستان بعد فترة وجيزة من اجتياح المقاتلين الأساسيين للمجموعة مساحات واسعة من سوريا والعراق في صيف عام 2014، ونجحوا في إعلان الخلافة في حوالي ثلث كلا البلدين.
ويشير التنظيم إلى فرعه في أفغانستان باسم ولاية خراسان، وهو الاسم الذي كان يطلق على أجزاء من أفغانستان وإيران وآسيا الوسطى في العصور الوسطى.
في البداية، كان عدد ممن ينتسب إلى داعش بضع عشرات من المقاتلين معظمهم من طالبان الباكستانية، الذين طردوا من قواعدهم عبر الحدود وجذبتهم أيديولوجية داعش الأكثر تطرفا.
وبينما حصرت حركة طالبان كفاحها داخل أفغانستان فحسب، فإن مقاتلي داعش، بإعلانهم الولاء إلى زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، فإنهم اعتنقوا دعوته العالمية ضد غير المسلمين.
وداخل أفغانستان، شن تنظيم داعش هجمات واسعة النطاق على الأقلية الشيعية، وواجه التنظيم بعض العثرات المبكرة، حيث قتل قادته في غارات جوية أميركية. لكنه حصل على دعم كبير عندما انضمت "حركة أوزبكستان الإسلامية" إلى صفوفه عام 2015.
واليوم بات يقاتل تحت لواء التنظيم آلاف المقاتلين، كثير منهم جاءوا من آسيا الوسطى ودول عربية والشيشان، والهند وبنغلاديش، بالإضافة أقلية الأيغور من الصين.
ولطالما كان التنظيم متمركزا في ولاية نانغارهار شرقي البلاد، وهي منطقة وعرة على طول الحدود مع باكستان، لكن له وجود قوي في شمال أفغانستان، وتوسع مؤخرا في ولاية كونار المجاورة، حيث قد يكون من الصعب التخلص منه.
ووفرت الولاية الجبلية مأوى لأسامة بن لادن لمدة عام تقريبا، بعد الإطاحة بحكم طالبان، وكافحت القوات الأميركية لسنوات من أجل الاستيلاء على المواقع الأمامية المرتفعة هناك، وإسقاط طالبان بنهاية المطاف.

شارك