تركيا ومحاولات تحويل ليبيا موطن بديل لداعش

الإثنين 08/يوليو/2019 - 12:11 م
طباعة تركيا ومحاولات تحويل حسام الحداد
 
كشف تنظيم داعش عن وجوده مجدّدا في ليبيا، من خلال مقطع فيديو ظهر فيه عشرات المقاتلين المسلحين يبايعون زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ويتوعدون الجيش بعمليات انتقامية.
وفي الفيديو الذي بثته الأذرع الإعلامية لتنظيم داعش، السبت 6 يونيو 2019، جدّد مقاتلو التنظيم مبايعتهم لأمير التنظيم البغدادي، كما أكدوا على استمرار قتالهم ضد قوات الجيش الليبي، وهدّدوا بشن المزيد من الهجمات.
وظهر في الفيديو الذي تم تصويره في منطقة صحراوية، يرجّح أنها في جنوب ليبيا، عشرات المسلحين التابعين للتنظيم يرتدي أغلبهم لباسا عسكريا، يتزعمهم "أبو مصعب الليبي"، ويعتقد أنه محمود البرعصي، مؤسس تنظيم داعش في بنغازي، والمُلاحق من قبل مكتب النائب العام.
كما بيّن المقطع الإمكانيات اللوجستية الكبيرة التي يمتلكها التنظيم، على غرار سيارات رباعية الدفع، وأنواع مختلفة من الأسلحة والرشاشات و"قذائف آر بي جي".
وصدر هذا الفيديو بعد حوالي شهرين، على دعوة زعيم داعش لأتباعه بحرب استنزاف ضد قوات الجيش الليبي وضربه في كل مكان، وبعد أقل من شهر على نجاح الجيش في تصفية 12 عنصرا من التنظيم في جبال الهروج بمدينة الفقهاء جنوب البلاد.
وأفاد المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، بصحة الفيديو الأخير الذي نشره تنظيم داعش الإرهابي، مشيرا إلى أن الفيديو يظهر أن التنظيم بدأ يتلاشى.
وصرح المسماري بأن داعش بايع زعيما جديدا له في ليبيا "وهنا الخطورة"، لافتا إلى أن داعش بدأ يقوم بعمليات خلفية ورحّب به المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، بحسب موقع قناة العربية.
الدور التركي:
وكانت قد أكدت أمس صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، على الدور المشبوه الذي تلعبه تركيا في ليبيا، عبر انحيازها السافر لحكومة فايز السراج المدعومة من الميليشيات المتطرفة المُسيطرة على العاصمة طرابلس، وذلك في إطار محاولات نظام الرئيس رجب طيب أردوغان لاستخدام الأزمة الليبية كورقةٍ في إطار صراعاته مع خصومه في منطقة الشرق الأوسط. 
وحذرت الصحيفة، من أن التورط التركي في هذه الأزمة -والذي يشمل تقديم أسلحةٍ ومعداتٍ عسكريةٍ إلى قوات السراج- فتح على أنقرة «جبهةً جديدةً فتاكةً» في الصراعات الناشبة بينها وبين القوى المناوئة لها على الصعيد الإقليمي، بفعل السياسات التي ينتهجها نظام أردوغان. 
وأشارت، في تقريرٍ إخباريٍ مطولٍ، إلى أن الدور المثير للجدل الذي يضطلع به النظام التركي حيال الأزمة الليبية «فُضِحَ قبل أيام، عندما أعلنت القوات التابعة للمشير خليفة حفتر.. أنها دمرت طائرةً مُسيّرةً تركية الصنع قرب طرابلس»، وهو ما لم تُعقب عليه الحكومة في أنقرة على الإطلاق. 
وشدد التقرير، على أن تورط نظام أردوغان في دعم محاولات ميليشيات طرابلس لوقف تقدم قوات الجيش الوطني الليبي صوب العاصمة شكّل «تصعيداً دراماتيكياً» في أعمال العنف المرتبطة بالصراعات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مُشيراً في هذا الصدد إلى تاريخ الرهانات التركية الخاطئة في هذا الشأن.
وأوضحت الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار، أن خطورة تورط تركيا في المستنقع الليبي، في ما أصبح يشكل «حرباً بالوكالة» هناك، يعود إلى أن ليبيا صارت تمثل الساحة الأكثر دموية للصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط. وألمحت إلى أن ما تقوم به أنقرة على هذا الصعيد أدى إلى وصول «المحنة التي يشهدها هذا البلد العربي إلى إحدى أسوأ مراحلها، منذ إطاحة نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011».
وأشارت، إلى أن السلاح التركي ما يزال يتدفق على ليبيا «رغم الحظر الدولي المفروض على ذلك»، وهو ما أدى إلى مقتل أكثر من 700 شخص، خلال الشهور الثلاثة الماضية، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وقالت «وول ستريت جورنال» في تقريرها، إن النظام التركي، الذي طالما اعتبر ليبيا الممزقة بالحروب مجرد «سوقٍ مربحةٍ لأنشطة إعادة الإعمار»، حوّل توجهاته بغتةً إزاء الأزمة الراهنة هناك، وأرسل مساعداتٍ عسكريةً لحكومة السراج، كرد فعلٍ على مسارعة موفدين عن هذه الحكومة بزيارة أنقرة في أبريل الماضي، من أجل طلب الدعم العاجل بعد أيامٍ قليلةٍ من إطلاق المشير حفتر حملته لتحرير طرابلس. 
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أتراك -طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم- قولهم إن الأسلحة التي تم إمداد حكومة السراج بها، شملت في بادئ الأمر عرباتٍ مدرعةً، قبل أن يتسع نطاق تلك الإمدادات، وتشمل طائراتٍ مُسيّرةً وأنواعاً أخرى من العتاد العسكري.
وأقرت «وول ستريت جورنال»، في التقرير، بأن الأسلحة التركية لعبت الدور الأبرز في سيطرة ميليشيات حكومة السراج على مدينة غريان، الواقعة على بعد نحو 75 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، والتي كانت تشكل قاعدة إمداداتٍ لقوات الجيش الوطني الليبي في زحفها نحو العاصمة.
وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أن أردوغان نفسه أقر بالدعم السافر، الذي يقدمه نظامه إلى السراج وحكومته، عندما قال -خلال إحاطةٍ قدمها للصحفيين في مدينة إسطنبول، الشهر الماضي- إن بوسع هذه الحكومة «الاعتماد على الحصول على دعمٍ أكبر من أنقرة». وأشار إلى أن «على مسؤولي حكومة السراج أن يعلموا أنه أياً كانت احتياجاتهم، فإننا سنعقد محادثاتٍ واجتماعاتٍ لاتخاذ الخطوات اللازمة»، لمنحها لهم. 
وانتقدت «وول ستريت جورنال»، في تقريرها، عدم اتخاذ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، موقفاً واضحاً حيال تطورات الأزمة الليبية، وهو الانتقاد الذي يأتي في ظل مطالباتٍ من قبل محللين سياسيين في واشنطن، بضرورة فرض عقوباتٍ على تركيا، بسبب دعمها العسكري لحكومة فايز السراج، باعتبار أن هذا الدعم سيؤدي إلى تحويل ليبيا بأسرها إلى «ملاذٍ للمتطرفين والإرهابيين».
تأكيدات أممية:
وحول انتشار تنظيم "دتعش في الجنوب الليبي قال المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، الثلاثاء 21 مايو 2019، إن تنظيم داعش الإرهابي بدأ بالظهور مجددا في ليبيا، وإن رايات داعش عادت ترفرف في جنوب ليبيا.
وشدد غسان سلامة خلال تقديمه إحاطة لمجلس الأمن بشأن تطورات الوضع في ليبيا أنه على الأمم المتحدة أن تضع حدا للنزاع الدموي في ليبيا، مشيرا إلى أن النسيج الاجتماعي في هذا البلد يتدهور والكراهية تزداد، ما يهدد بحرب أهلية شاملة، منوها إلى أن العنف في طرابلس هو بداية لحرب طويلة ودامية على سواحل المتوسط.
وطالب الأمم المتحدة أن تضع حدا لتهريب السلاح إلى ليبيا، مفيدا بأن أسلحة حديثة محظورة دوليا وصلت إلى كافة الأطراف في ليبيا، كما أن أشخاصا مطلوبين دوليا يشاركون مع جميع الأطراف في القتال الدائر.
وذكر المبعوث الأممي إلى أن منتدى غدامس كان كفيلا بإنهاء الفوضى والعنف في ليبيا، لافتا إلى أن أكثر من 75 ألف ليبي أجبروا على ترك منازلهم، مشددا في الوقت ذاته أن مرتكبي الجرائم في ليبيا لن يفلتوا من العقاب.
وقال سلامة في معرض حديثه إنه يحاول التوصل إلى توافق سياسي بين مختلف الأطراف، وإن البعثة الأممية باقية في ليبيا لكن تمثيلها انخفض، مؤكدا أنه لا حل عسكريا في ليبيا وهذا واقع.
وأشار المتحدث إلى أن هناك محاولات من قبل بعض الجماعات للاستيلاء على المؤسسة الوطنية للنفط.
يذكر أن الجيش الليبي يخوض قتالاً منذ الرابع من إبريل الماضي 2019، ضد قوات حكومة الوفاق في محيط طرابلس لتطهيرها من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية.
ووفقاً لأحدث أرقام الأمم المتحدة، فإن الاشتباكات أدت إلى فرار نحو 75 ألف شخص من ديارهم ومقتل 126 مدنياً.
هذا وغيره يؤكد على محاولات داعش المستمرة في السيطرة على الجنوب الليبي بالتعاون مع حكومة الوفاق الوطني الليبي ومن بين اشهر الحوادث التي تؤكد على هذا تلك الحادثة التي وقعت صباح السبت 18 مايو 2019، بمنطقة زلة أقصى الجنوب الليبي، والتي ذبح فيها شخصين على الأقل، وخطف 4 أشخاص جراء الهجوم الإرهابي الذي استهدف بوابة حقل زلة النفطي التابع لشركة الزويتينة جنوب غربي البلاد، طرحت العديد من الأسئلة حول فرص عودة تنظيم داعش الإرهابي وما إن كانت هناك بعض الأطراف المحلية أو الدولية تدعم عودته مرة أخرى.
وبحسب الخبراء والمسؤولين في ليبيا، يسعى التنظيم للظهور مجددا في ليبيا الفترة المقبلة، خاصة في ظل العمليات الدائرة في طرابلس.

شارك