قطر وتمويل الإرهاب.. ومطلبات بالتصدي ومحاصرة خلايا تميم

الإثنين 15/يوليو/2019 - 03:14 م
طباعة قطر وتمويل الإرهاب.. حسام الحداد
 
كثيرة هي المطالبات التي تم توجيهها لإدارة ترامب بمحاصرة أفرع وأزرع جماعة الإخوان الإرهابية، ومنذ تولي ترامب السلطة، تبنت الإدارة الأميركية اتجاها بعدم التسامح مطلقًا مع أهداف السياسة الخارجية المدمرة لإيران، وشنت حملة على الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتطرفة التابعة له بالوكالة في غزة ولبنان واليمن وأماكن أخرى، جاء ذلك في مقال للباحثة الأميركية جولي لينارز بموقع "The J C" وتداولته العديد من المواقع الإخبارية نظرا لأهميته.
وتقول لينارز إنه يجب على البيت الأبيض أن يمارس ضغوطًا مماثلة لوقف روابط الإمارة المزعجة "قطر" بالإرهاب والجماعات المتطرفة.
وتتابع الباحثة أن سجل قطر في مجال تمويل ودعم الإرهاب واضح وضوح الشمس. فبحسب ما أشار إليه تحقيق تم نشره مؤخراً في صحيفة "وول ستريت جورنال" ثبت تورط العديد من أبرز مواطني قطر في مساعدة الجماعات الإرهابية الأجنبية، ويشتهر الممول خليفة السبيعي بصلته بشخصيات بارزة في تنظيم القاعدة، بمن فيهم خالد شيخ محمد، مهندس هجمات 11 سبتمبر 2001. وتم وضع الممول السبيعي لأول مرة على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب في عام 2008 لقيامه بتقديم مساعدات مالية للإرهابيين مراراً.
ومن الشخصيات القطرية التي ذكرها تحقيق "وول ستريت جورنال"، يأتي رئيس اتحاد كرة القدم القطري السابق عبد الرحمن بن عمير النعيمي، والممول عبد اللطيف بن عبد الله صالح محمد الكواري.
وتؤكد لينارز في مقالها، أن الدوحة منحت الضوء الأخضر لهؤلاء الأفراد كي يقوموا بتمويل جماعات التطرف، في الوقت الذي تعطي فيه الحكومة القطرية الوعود "بمراقبة" الأفراد المدرجين في القائمة السوداء، إلا أن الحكومة القطرية كانت في الواقع تساهم بشكل خطير في السماح للأموال بالوصول إلى حسابات مصرفية إرهابية دون عوائق.
ويذكر مقال الكاتبة الأميركية، أن خليفة السبيعي، تمكن على الرغم من سمعته في تمويل الإرهاب، من الحصول على ما يصل إلى 10 آلاف دولار شهريًا بحجة تدبير "الضروريات الأساسية" للحياة من الحسابات المجمدة داخل قطر.
وتضيف أنه "عندما تتعرض حياة الأبرياء للخطر، فإن تمكين مثل هؤلاء الأفراد من العمل بحرية يعد بمثابة تواطؤ إجرامي في الإرهاب".
وتتابع الباحثة في مقالها بالقول، قام المستفيدون من قطر في سوريا - أحرار الشام وحليفها جبهة الشام، الفرع السابق لتنظيم القاعدة - بتنفيذ عمليات انتحارية واغتيالات وخطف. في إبريل من عام 2017، دفعت الدوحة فدية بلغ إجماليها 275 مليون دولار على الأقل لإطلاق سراح 9 من أفراد الأسرة الحاكمة و16 من المواطنين القطريين.
وشملت قائمة المستفيدين من هذه الفدية الإيراني قاسم سليماني، قائد قوات الحرس الثوري وفيلق القدس وميليشيات كتائب حزب الله في العراق وجبهة الشام.
أيضًا على المستوى الدبلوماسي، لم تقم قطر بالكثير مما ينبغي لتخفيف الشكوك حول مدى التزامها بمكافحة الإرهاب. فعندما اجتمعت دول الخليج في قمم مكة، التي عقدت الشهر الماضي لمناقشة تزايد عدوانية السياسة الخارجية الإيرانية لإشاعة الدمار بالمنطقة، رفضت الدوحة الانضمام إلى جيرانها في إدانة العدوان، ويشكل هذا الموقف علامة مثيرة للقلق حول قبول قطر للنشاط الإيراني التخريبي وينبغي أن يكون جرس إنذار للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
وتضيف لينارز، في الوقت نفسه، كشفت تحقيقات صحفية أخرى مؤخرا عن وجود تمويل قطري منتظم لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء أوروبا. ومن خلال الدعوة إلى الإسلام الراديكالي، سعى الإخوان المسلمون إلى تقويض دور الإسلام المعتدل وقاموا بالترويج للتخلي عن مبدأ السلام مع غير المسلمين، وإنهاء التعاون مع الدول الغربية كحلفاء لا أعداء.
في إبريل الماضي، نشر الصحفيان الفرنسيان جورج مالبرونو وكريستيان تشيسنو كتاب "أوراق قطر"، وكشفا أن الدوحة قامت بتمويل أكثر من 140 مشروعًا تابعا لجماعة الإخوان المسلمين بدول الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، بمبالغ وصلت إلى نحو 80 مليون دولار.
وتتابع لينارز، تشمل قائمة الشخصيات المعروفة، التي شاركت في هذه المعاملات، حفيد مرشد الإخوان الأكاديمي طارق رمضان، المرتبط بالزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين يوسف القرضاوي.
تثبت نتائج الأبحاث الاستقصائية، المدعمة بالمستندات، التي أجراها مالبرونو وتشيسنو أن التمويل القطري للإرهاب ليس حكراً على عدد قليل من القطريين وإنما هي ممارسات تتم على المستوى الرسمي لدولة قطر وبمباركة من أعلى القيادات في الحكومة القطرية.
في منتصف الأسبوع، تم نشر لقطات مصورة لأمير قطر مبتسما بينما يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومما لا شك فيه أنه تعهد بالتزام بلاده الثابت بالحرب على الإرهاب، وربما عبر عن رغبته في تعاون أكبر مع الولايات المتحدة، وتطرق إلى المنافع المتبادلة، التي يمكن أن تتحقق نتيجة لشراكة استراتيجية بين البلدين. بل إنه ربما تحدث الشيخ تميم عن القيم المشتركة. وفي الأساس، هي ليست أكثر من مجرد كلمات فارغة، تتعارض تمامًا مع ما تقترفه قطر.
وتختتم الباحثة الأميركية المقال بالقول، "كان من الصواب فرض واشنطن لعقوبات على طهران في محاولة لمنع تمويلها للمنظمات الإرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
كما أنه من المهم حاليا أن تقوم الولايات المتحدة باتخاذ قرار صائب مرة أخرى من خلال الوقوف بحزم ضد النفاق القطري ورفض التعامل مع أولئك الذين يمولون التطرف. 
وعلى المستوى العربي يبدو أن مرحلة جديدة دخلتها قطر الداعم الرئيس للجماعة الظلامية، بعد الحرب على تنظيم الإخوان الإرهابي، بإعلان الكويت الجمعة  12 يوليو 2019، ضبط خلية إرهابية هاربة من مصر، الأمر الذي ستكون له تداعياته على التنظيم؛ سواء على الصعيد المحلي داخل الكويت أو على الصعيد العالمي. 
ورغم أن هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الكويت اعتقال عناصر إخوانية هاربة من مصر، فإنها المرة الأولى التي تكشف فيها صراحة عن انتماء العناصر المعتقلة لتنظيم الإخوان، وتعلن أن تحقيقاتها أكدت أنهم إرهابيون، في انتصار كبير لموقف دول الرباعي العربي "السعودية والإمارات والبحرين ومصر"، التي تصنف الإخوان تنظيما إرهابيا، وصفعة قوية لقطر الداعمة للتنظيم.
البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية الكويتية بشأن اعتقال الخلية حمل العديد من الرسائل الحازمة والقوية والقاطعة سواء لأفراد التنظيم أو من يدعمهم سواء كانوا دولا أم أفرادا.
وكان لافتا الإرباك الواضح الذي سببه البيان لقطر، والذي وضح بشكل جلي في تعامل ذراعها الإعلامية ممثلة في قناة الفتنة "الجزيرة" مع الخبر، بتجاهله ثم تناوله على استحياء عبر صياغة مشككة به.
أيضا تكتسب الضربة الأمنية الكويتية الاستباقية للخلية الإخوانية أهمية خاصة، كون أن الكويت لم تصنف حتى الآن الإخوان تنظيما إرهابيا، ويوجد فرع قوي للجماعة على أراضيها، وتلك الضربة بمثابة رسالة قوية لتنظيم الداخل حال ثبت تورطهم مع التنظيم العالمي في الإخلال بأمن بلادهم أو أمن دول شقيقة.
كذلك ينظر إلى هذا الإنجاز الأمني الكويتي في إطار الحرب العالمية على تنظيم الإخوان الإرهابي، والذي شهد خلال الفترة ضربات متلاحقة، من بينها ترحيل ماليزيا 5 إخوان فارين إلى مصر، وتواتر الجهود الأمريكية الأوروبية لإدراج الجماعة كتنظيم إرهابي. 
ويقول بيان وزارة الداخلية الكويتية إن أجهزتها الأمنية قامت "بضبط خلية إرهابية تتبع تنظيم الإخوان قد صدر بحقهم أحكام قضائية من قبل القضاء المصري وصلت إلى 15 عاما"، وهي رسالة واضحة لعناصر التنظيم الهاربين ألا مكان لهم في الكويت، وأن الكويت أخذت على عاتقها مساندة ودعم الجهود الأمنية المصرية في مطاردة تلك العناصر الإرهابية والصادر ضدهم أحكام قضائية، وهذا يشير إلى وجود تنسيق أمني عالي المستوى بين البلدين -سابق ولاحق ومستمر- في إطار الحرب على هذا التنظيم الإرهابي، كما ينبئ بجهد خليجي وعربي أكبر في إطار الحرب الدائرة على هذا التنظيم.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها الكويت عناصر إخوانية، فسبق أن أعلنت الكويت في أغسطس 2013 ترحيل 9 مصريين تظاهروا دعما للرئيس المعزول محمد مرسي، وفي عام ٢٠١٤ اعتقلت الكويت القيادي الإخواني محمد القابوطي المتهم بحرق مركز شرطة في بورسعيد وسلمته لمصر، وفي أغسطس 2017 قام الإنتربول المصري باستعادة عنصرين إخوانيين هاربين لدولة الكويت لاتهامهما بحرق كنيسة ماري جرجس بسوهاج، والقيام بأعمال شغب وعنف في أعقاب فض اعتصامي "رابعة والنهضة".
أيضا يقول البيان إن "الجهات المختصة في وزارة الداخلية الكويتية رصدت مؤشرات قادت إلى الكشف عن وجود الخلية"، وهي إشارة واضحة لمحاولة تلك الخلية القيام بأنشطة خلال وجودهم في الكويت، وهو الأمر الذي ستكشف عنه التحقيقات التي أعلن البيان أنها لا تزال جارية معهم، وهذا يدل أيضا على عدم احترام تلك الجماعة -أو من يؤويها ويدعمها- حرمة وأمن الدول التي تعيش فيها.
النقطة الأهم في البيان التي قالت فيها الداخلية الكويتية إنه "وبعد إجراء التحقيقات الأولية معهم أقروا بقيامهم بعمليات إرهابية والإخلال بالأمن في أماكن مختلفة داخل الأراضي المصرية"، وهذا انتصار واضح للموقف الأمني المصري ومن خلفه دول الرباعي العربي الذي سبق أن صنفت الإخوان تنظيما إرهابيا، فتحقيقات أمنية خارج نطاق تلك الدول، وداخل دولة لا تصنف الجماعة كتنظيم إرهابي، أثبتت أن تلك العناصر ارتكبت أعمالا إرهابية.
وبعد انتصارها لموقف مصر ودول الرباعي العربي، يتضمن البيان رسائل قوية وحازمة وتحذيرات شديدة اللهجة لداعمي تلك الجماعة سواء دولا أو أفرادا، حيث يقول البيان إنه "ولا تزال التحقيقات جارية للكشف عمّن مكنهم من التواري وأسهم في التستر عليهم والتوصل لكل من تعاون معهم.. ووزارة الداخلية تحذر من أنها لن تتهاون مع كل من يثبت تعاونه أو ارتباطه مع هذه الخلية أو مع أي خلايا أو تنظيمات إرهابية تحاول الإخلال بالأمن، وأنها ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن الكويت".
وهي رسائل قوية واضحة لا تحتاج لتفسير، إلا أن الأطراف الموجهة لهم تلك الرسائل عليهم أن يعوا جيدا أنهم ليسوا بعيدين عن أيدي السلطات.
أيضا الرسائل نفسها موجهة للدول الداعمة لهم خصوصا تركيا وقطر وعناصر التنظيم الفارة، بأن الكويت لن تسمح أن تكون أراضيها ساحة للعبث بأمنها وأمن الدول الشقيقة.
وكان لافتا ظهور حالة الإرباك الواضحة على قطر، حتى إن قناة الجزيرة أصيبت بالخرس تجاه الخبر وتجاهلته فترة من الوقت، قبل أن تعود في وقت متأخر وتتناوله على استحياء وخجل وبصياغة مشككة فيه، تعكس حالة الصدمة التي تعيشها.
أيضا تضمن الخبر رسالة واضحة لأفراد التنظيم الهاربين ألا مكان لهم في الكويت، وأنها تقف إلى جانب مصر قلبا وقالبا في حربها على الإرهاب.
وقبل شهرين أعلن البيت الأبيض أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نهاية أبريل الماضي تعمل على إدراج جماعة الإخوان المسلمين على القائمة الأمريكية الخاصة بـ"الجماعات الإرهابية الأجنبية".
وقبل أيام، قال تقرير لهيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ألمانيا إنها تضع جماعة الإخوان الإرهابية تحت رقابتها بسبب التهديد الذي تمثله للديمقراطية والنظام في البلاد.
وسبق أن أعلنت الاستخبارات الألمانية الداخلية أن تنظيم الإخوان "أخطر على البلاد والديمقراطية من تنظيم داعش الإرهابي".
أيضا شهدت فرنسا قبل أسابيع تحركات برلمانية لدعوة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إدراج تنظيم الإخوان في قائمة الإرهاب وحل المنظمات المرتبطة به في البلاد.
كما تشمل التحركات كذلك العمل على وقف التمويل القطري في البلاد، وذلك بعدما كشف كتاب "أوراق قطر" للصحفيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، عن الشبكة القطرية الإخوانية في أوروبا.
كل هذا يؤشر إلى أن الخناق أصبح يضيق على التنظيم بشكل كبير، ويجعل العناصر الفارة تحاصر داخل قطر وتركيا، وينذر بنهاية قريبة للتنظيم.

شارك