النهضة التونسية فوق صفيح ساخن

الأحد 21/يوليو/2019 - 03:18 م
طباعة النهضة التونسية فوق حسام الحداد
 
أعلنت حركة النهضة الإسلامية في تونس الأحد 21 يوليو 2019، أنها رشحت رسميا زعيمها راشد الغنوشي لخوض الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2019، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة للحصول على منصب قيادي كبير في البلاد.
وقال عماد الخميري المتحدث باسم الحركة لرويترز: "قرار ترشيح راشد الغنوشي على رأس قائمة الحزب بدائرة تونس1 هدفه أيضا أن يلعب زعماء الأحزاب دورا رئيسيا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الانتقال الديمقراطي في البلاد".
وعاش الغنوشي (78 عاما) بالمنفى في لندن نحو 20 عاما خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. ويلعب دورا كبيرا في البلاد منذ ثورة 2011، لكنه لم يترشح لأي منصب رسمي أو للانتخابات.
وترشيح الغنوشي للمنافسة على مقعد بالبرلمان في الانتخابات، يعزز التكهنات بأنه يسعى للعب دور أكبر في الفترة المقبلة، ربما كرئيس للوزراء أو رئيس للبرلمان في حال فوز حزبه بالانتخابات.
ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات البرلمانية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول بينما تجرى الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني. وستكون هذه ثالث انتخابات حرة يصوت فيها التونسيون عقب ثورة 2011 التي أنهت حكم بن علي الشمولي.
وبعد الاعلان عن قرار ترشح الغنوشس مباشرة تصاعدت المعركة داخل حركة النهضة – إخوان تونس- بين راشد الغنوشى زعيم الحركة من جانب، والقيادات التاريخية من جانب آخر، وقد صعدت قيادات تاريخية بإخوان تونس انتقادها لراشد الغنوشى بعدما أطاح بهم من داخل التنظيم، واستبدل أسمائهم فى قوائم الانتخابات باسم شخصيات من خارج الحركة.
وطالبت قيادات التاريخية فى إخوان تونس ومشهورون بـ"صقور التنظيم" بعزل راشد الغنوشى ردا على تصرفاته الأخيرة وتسببه فى حدوث انشقاقات كبرى داخل التنظيم، مشيرين إلى أن راشد الغنوشى سيتسبب فى خراب التنظيم، على حد وصفهم.

وفى هذا السياق، وجه محمد الحبيب السلامي عضو المكتب التنفيذي للحركة و من صقور الحركة أي المتشددين فيها رسالة إلى راشد الغنوشى، حصل "اليوم السابع" على نسخة منها، جاء نصها كالتالى :"أنت تعلم أن تونس جربت في عهد استقلالها نظام الحزب الواحد الذي يتحكم فيه واحد، وكان الذي يتحكم في الشعب التونسي هو هذا الواحد، وأنت تعلم أن تونس بشعبها كانت قادرة على أن تتقدم أكثر وتبني أكثر لو أنها سارت في طريق الديمقراطية ولم تخضع لحكم واحد".
وأضاف "محمد الحبيب السلامي" فى رسالته لراشد الغنوشى :" أنت تعلم أن الأحزاب لا تكبر ولا تقوى إلا إذا حرصت قيادتها على الحرية بين كافة أفراد عائلتها وحرصت القيادة على القضاء والتحرر من الدكتاتورية والأنانية فيها واتخذت مبدأ الشورى فيها عملا وقولا، يا سيدي الشيخ أصارحك فأقول لك: لقد كانت هذه الشورى في حزب النهضة بشهادة من اقتربوا منه وشهادة من حضروا مؤتمراته، يا سيدي الشيخ أصارحك فأقول لك إن صحابتك المناضلين، ووسائل الإعلام تتحدث اليوم في تونس بكل صراحة عن شيطان حب الرئاسة والسيادة قد دخل حزب النهضة ووسوس لك كما وسوس إبليس لأدم وحواء ليخرجهما من الجنة".
وتابع :"يا سيدي الشيخ إن إبليس حل في صدرك ووسوس لك فتحركت فيك روح «الأنا»، وبدأت تولي وتعزل من تشاء ضاربا عرض الحائط بالشورى والديمقراطية وإنك بهذا سوف تقود حزب النهضة إلى التفكك والضعف، وهذا ما يضر تونس ودولة تونس التي تبحث عن أحزاب كبرى قوية إلى جانب حزب النهضة هذا يصدق فيه قول الله تعالى "يخربون بيوتهم بأيديهم" يا سيدي الشيخ اتق الله في تونس وشعب تونس والذين ناضلوا وعذبوا فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا من أجل تونس.
واختتم رسالته قائلا :" أعوذ بالله من شيطان السياسة وأستغفر لذنبك وحافظ مع صحبك على الأمانة حتى لا تلقى الله بكتاب الندامة لا بكتاب الأمانة بهذا أنصح وأسأل وأحب أن أفهم".
وتعيش حركة "النهضة" خلافات حادة مع بعض القياديات الغاضبة من تدخل المكتب التنفيذي في تعديل اللوائح التي سيخوض بها الانتخابات، واتهمت الغنوشي بـ”الانحياز” لدوائره المقربة، و”عدم احترام إرادة كبارة الناخبين”، فيما رأى الغنوشي أنه تصرف وفق الصلاحيات التي يجيزها له القانون الداخلي للحركة، حسب ما نقلت عنه بعض المواقع الالكترونية، ورفض كل من القيادي عبد اللطيف المكي وعبد الحميد الجلاصي الانصياع لقرارات المكتب التنفيذي بعد إزاحتهم من قوائم “تونس الكبرى” وتعيينهم في كل من دائرة الكاف ونابل، فيما كشفت رسالة مسربة للمكي، حجم الخلاف داخل النهضة، وما وصفه بـ”شعور الظلم” الذي يعتريه وقيادات من النساء والشباب في الحركة على ضوء قرارات المكتب التنفيذي. واعتذر المكي في الرسالة ذاتها عن عدم قبوله ترؤس القائمة التشريعية لدائرة محافظة الكاف، وهو الذي حقق فوزا ساحقا في دائرة “تونس 1″، خلال الانتخابات التمهيدية، مستغربا قرار نقله وموجها عبارات لوم قاسية لراشد الغنوشي، كما وصف ترؤس الأخير لقوائم “تونس1″ بـ”المرتجل”. وختم قائلا: “وإني أدعو بعض القيادات إلى أن يعينوا إخوانهم بالصمت إذا لم يستطيعوا رد المنكر وأدعو رئيس الحركة أن يتقي الله في حركتنا وشبابنا ونسائنا وإخوتنا”.  وغير بعيد عن مواقف الجلاصي والمكي الغاضبة، عبر زميلهم في الحركة محمد بن سالم عن رفضه للتغييرات التي أجراها المكتب التنفيذي بشأن أسماء المرشحين للتشريعية، خصوصا رؤساء القوائم، وتصدر ابن سالم قائمة دائرة زغوان خلال نتائج الانتخابات الداخلية للحركة ليجد نفسه مقصى من رئاسة القائمة، ومتذيلا المرتبة الثالثة، وهو ما وصفه بالإقصاء الممنهج لخيارات كبار الناخبين، وأعضاء مجلس شوراها المركزيين داخل المحافظات. وأضاف: “لا أريد التجني على الحركة ولا على رئيسها، لكن من غير المعقول أن أتباهى بانتخابات داخلية ديمقراطية غير مسبوقة يقوم بها حزب سياسي، ثم أرمي بنتائجها عرض الحائط”. تدوينات أخرى لقيادات من حركة النهضة لا تخلو بدورها من رسائل مباشرة ومبطنة، حيث كتب سمير ديلو: “الجوّ خانق .. أفكر جديا في الاعتزال”، في حين راجت أنباء عن تقديمه لاستقالته من الحركة نفاها لاحقا، كما رفض عضو مجلس شورى الحركة زبير الشهودي إزاحة المكتب التنفيذي للنساء من تصدر القوائم. وأجرت الحركة، في يونيو الماضي، انتخابات داخلية على مستوى المحافظات، اختار خلالها كبار الناخبين فيها (أعضاء المكاتب المحلية والجهوية والمستشارون البلديون التابعون للحركة) المرشحين المحتملين على قوائم الحركة للانتخابات التشريعية. جدير بالذكر أن حزب حركة “النهضة” هو الأكثر تمثيلا في البرلمان الحالي، بـ68 نائبا من أصل 217. وإضافة إلى الانتخابات التشريعية، تشهد تونس، في 17 نوفمبر المقبل، دورا أول من انتخابات رئاسية، وكانت “النهضة” قد أعلنت سابقا أن الغنوشي هو مرشحها الحالي للانتخابات الرئاسيّة، بمقتضى النظام الداخلي للحركة، وقالت في الوقت نفسه إن إمكانية اقتراح مرشح آخر من داخل الحركة أو خارجها “ما يزال واردا”.‎‎

شارك