حركة النهضة وصراع السلطة في تونس

الثلاثاء 23/يوليو/2019 - 03:07 م
طباعة حركة النهضة وصراع حسام الحداد
 
باتت الانتخابات التونسية تشغل الرأي العام ليس المحلي فقط بل العالمي أيضيا للتواجد القوي لحركة النهضة التونسية في هذه الانتخابات وخشية المواطن التونسي والعربي بعودة اخوان تونس للمشهد السياسي مرة أخرى خصوصا بعد اتهامهم بالارهاب وثبوت تعاملهم مع جماعات ارهابية عديدة سواء على المستوى الاقليمي او المستوى العالمي، وكذلك التدخل في الشأن الليبي وتقديم الدعم لبعض الجماعات الارهابية بمساعدة الجانب القطري والتركي، ومن بين محاولات الحركة لايجاد مكان لها في الانتخابات الرئاسية طالب محسن النويشي عضو المكتب التنفيذي المكلف بالانتخابات بحركة النهضة الاثنين 22 يوليو 2019، من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن تعتمد التعديلات الجديدة في القانون الانتخابي من الان، كما طالب  رئيس الجمهورية ومستشاريه بتجاوز هذا الاشكال بإمضاء القانون الانتخابي وما تضمنه من تعديلات، معللا ذلك بأن القانون الانتخابي الجديد الذي لم يمضيه رئيس الدولة  لم يتم اعادته في الاجال الى مجلس نواب الشعب وعليه فان هذه التعديلات يجب أن تدخل حيز النفاذ حسب تعبيره.
وردا على الخطوة التي من شأنها دفع “حركة النهضة” التونسية إلى رئاسة البرلمان، وإبعادها عن رئاسة “تونس”، أكد مستشار للرئيس التونسي، “الباجي قائد السبسي”، أمس الأول، أن الرئيس لم يوقع التعديلات الجديدة على القانون الانتخابي، الذي صادق عليها البرلمان قبل شهر.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية، عن “نورالدين بن نتيشة”، المستشار السياسي للرئيس التونسي، قوله إن الرئيس السبسي “لم يختم القانون الأساس؛ المتعلق بإتمام وتنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء، والذي كان مجلس نواب الشعب، (البرلمان)، قد صادق عليه في الثامن عشر من يونيو الماضي”.
وأوضح أن الرئيس لم يختم القانون؛ لأنه: “يرفض منطق الإقصاء ويرفض أن يمضي تعديلات قدمت على المقاس لجهات معينة”، مؤكدًا على أن الرئيس السبسي “هو الحامي لدستور كانون ثان/يناير 2014، والضامن لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة”.
وكشف أن الرئيس السبسي “سيتوجه بخطاب للشعب التونسي، خلال الأيام القليلة القادمة، وسيوضح كل النقاط الخاصة بموضوع ختم تعديلات قانون الانتخابات والاستفتاء ومواضيع أخرى”.
وحسب ما نشر على موقع كتابات حول هذا الموضوع فان “البرلمان التونسي” كان قد صادق، في الثامن عشر من يونيو الماضي، بأغلبية 128 صوتًا من أصل 217، على تعديلات جديدة تم إدخالها على القانون الانتخابي أثارت جدلًا كبيرًا باعتبارها تُقصي مُرشحين للانتخابات الرئاسية.
وتفرض تلك التعديلات على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، رفض ترشح “كل من يثبت لديها استخدامه لخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي ومباديء الدستور والتداول السلمي على السلطة، أو يدعو إلى العنف والتمييز والتباغض بين المواطنين، أو يمجد سياسات الديكتاتورية وممارسات إنتهاك حقوق الإنسان، أو يمجد الإرهاب، أو يهدد النظام الجمهوري ودعائم دولة القانون”.
وأثارت تلك التعديلات، التي تقدمت بها رئاسة الحكومة، جدلًا كبيرًا في البلاد، حيث وصفها البعض بأنها “إقصائية” وعملية تغيير لقواعد اللعبة الديمقراطية في آخر لحظة.
فيما ذهب البعض الآخر إلى القول إنها ضرورية لحماية المسار الديمقراطي.
وأعربت “حركة النهضة”، برئاسة؛ “راشد الغنوشي”، التي أيدت تلك التعديلات، عن “انشغالها لعدم ختم التعديلات المنقحة للقانون الانتخابي”.
ودعت الحركة، في بيان: “الكتل البرلمانية والأحزاب؛ إلى المسارعة بالاجتماع والتشاور من أجل معالجة تداعيات هذه الوضعية واقتراح الترتيبات المناسبة للخروج منها”.
يُشار إلى أن عدم توقيع الرئيس، “السبسي”، على تلك التعديلات، يعني أن الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ستتم وفقًا للقانون الانتخابي القديم، علمًا بأن “تونس” دخلت، الثلاثاء الماضي، رسميًا مربع الانتخابات التشريعية المُقرر تنظيمها، في السادس من أكتوبر القادم.
وحسب موقع كتابات فان  “حركة النهضة الإسلامية” أعلنت أنها رشحت رسميًا زعيمها، “راشد الغنوشي”، لخوض الانتخابات البرلمانية، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة للحصول على منصب قيادي كبير في البلاد.
وقال “عماد الخميري”، المتحدث باسم الحركة، لـ (رويترز): “قرار ترشيح، راشد الغنوشي، على رأس قائمة الحزب بدائرة (تونس1)؛ هدفه أيضًا أن يلعب زعماء الأحزاب دورًا رئيسًا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الانتقال الديمقراطي في البلاد”.
وعاش “الغنوشي”، (78 عامًا)، بالمنفى، في “لندن”، نحو 20 عامًا خلال فترة حكم الرئيس السابق، “زين العابدين بن علي”. ويلعب دورًا كبيرًا في البلاد، منذ ثورة 2011، لكنه لم يترشح لأي منصب رسمي أو للانتخابات.
وترشيح “الغنوشي”، للمنافسة على مقعد بالبرلمان في الانتخابات، يعزز التكهنات بأنه يسعى للعب دور أكبر في الفترة المقبلة، ربما كرئيس للوزراء أو رئيس للبرلمان في حال فوز حزبه بالانتخابات.
وبعد الانتخابات البرلمانية؛ ستجرى الانتخابات الرئاسية، في 17 نوفمبر 2019. وستكون هذه ثالث انتخابات حرة يصوت فيها التونسيون، عقب ثورة 2011، التي أنهت حكم “بن علي” الشمولي.
وذكرت وكالة (أ. ش. أ)، في تقرير لها؛ إن مسألة عدم ختم رئيس الجمهورية للقانون الأساس قد أثارت جدلًا كبيرًا، حيث تضاربت آراء المختصين في القانون والمُحللين السياسيين بخصوص الخطوات الواجب إتباعها في صورة عدم ختم هذا القانون بعد إقرار “الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين”، بدستورية هذا القانون وإحالته إلى رئيس الجمهورية.
وفي ظل تلك السيناريوهات؛ تبدأ “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات” اعتبارًا، من الإثنين 22 يوليو 2019؛ وحتى يوم 29 يوليو الجاري، في تلقي طلبات الترشح للانتخابات التشريعية التي ستجري، يوم 6 تشرين أول/أكتوبر القادم، بإعتماد أحكام القانون الحالي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وفق ما أكده نائب رئيس الهيئة، “فاروق بوعسكر”، الأحد.
وقال “بوعسكر”: “تقريبًا هناك شبه استحالة لتطبيق القانون الانتخابي المنقح في مرحلة قبول الترشحات”.. مشيرًا إلى أن الهيئة لم تورد الوثائق التي ينص عليها القانون الجديد ضمن الوثائق المطلوبة بالنسبة للمترشحين، وأن فرضية دخول القانون المنقح للقانون الأساس المتعلق بالانتخابات والاستفتاء بصفة متأخرة حيز النفاذ، يمكن أن ينطبق على باقي المسار الانتخابي مثلًا على الانتخابات الرئاسية؛ وكذلك على النتائج الأولية للانتخابات التشريعية.
وأضاف أنه: “بالنسبة للهيئة فإن الموعد الوحيد الذي لا يمكن تجاوزه هو تاريخ البت في الترشحات بالنسبة للانتخابات التشريعية، ولا يمكنها التراجع وإعتماد القانون الجديد فيما يتعلق بقبول الملفات”.. مشيرًا إلى أن القانون إذا دخل حيز النفاذ فإنه سيطبق في بقية المسار الانتخابي، في الانتخابات الرئاسية، وفي مرحلة الإعلان عن النتائج الأولية في الانتخابات التشريعية، والذي ستتم من 6 إلى 10 أكتوبر 2019.
وكان عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، “أنيس الجربوعي”، قد سبق وأن أكد أنّ الهيئة وجّهت تعليماتها إلى جميع هيئاتها الفرعية، تدعوها فيها إلى تطبيق القانون الحالي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء المُنقّح، سنة 2017، وذلك في صورة عدم ختم القانون الجديد من قِبل رئيس الجمهورية ونشره بالجريدة الرسمية.
ويرى أستاذ القانون الدستوري، “عبدالمجيد العبدلي”، أنّ الرئيس قد سبق أن قام بإصدار الأمر القاضي بدعوة الناخبين، وبالتالي فإن فرضية تأجيل الانتخابات غير واردة.. معتبرًا أنّ: “الأجدر كان البت في القانون الانتخابي؛ ثم دعوة الناخبين، وليس العكس”.
ومن بين الشروط الرئيسة، المتعلقة بالمترشح للانتخابات التشريعية، أن يكون بالغًا من العمر 23 سنة كاملة على الأٌقل في تاريخ تقديم الترشح، وأن يكون غير مشمول بأية صورة من صور الحرمان المنصوص عليها بالقانون؛ كأن لا يكون من العسكريين أو أن يكون قد صدر في حقه حكم بات بالإدانة من أجل الحصول على تمويل أجنبي للحملة الانتخابية أو حكم بات متضمن لعقوبة تكميلية تقضي بالحرمان من حق الإقتراع.
وبخصوص القائمات المترشحة؛ فإن القانون ينص على أن تتضمن عددًا من المترشحين مساويًا لعدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية المعنية، وأن تكون القائمة مكونة من مترشحين ومترشحات على أساس مبدأ التناصف وقاعدة التناوب بين النساء والرجال.
يُذكر أن 6 أغسطس 2019؛ هو آخر أجل للإعلان عن القائمات المقبولة أوليًا للانتخابات التشريعية، وتمتد فترة قبول الطعون في الترشحات للانتخابات لفترة أقصاها 22 يومًا تشمل العطل.
ورأى “منذر ثابت”، المحلل السياسي التونسي، إن ترشح “راشد الغنوشي”، رئيس “حركة النهضة”، للانتخابات البرلمانية، ورئاسته للكتلة البرلمانية للحركة، هدفه النهائي رئاسة المجلس.
وأضاف “ثابت” أن الحسابات الأولية لـ”النهضة”؛ كانت ترشيح “الغنوشي” لانتخابات الرئاسة، إلا أن هذه المراهنة كانت مبنية على حسابات التعديلات التي أدرجت على القانون الانتخابي، والتي كانت من شأنها إقصاء بعض التيارات في “تونس”، بما يضمن الأغلبية لـ”حركة النهضة”، إلا أنه بعد رفض الرئيس التونسي لمشروع القانون المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي أصبحت الحسابات غير مضمونة.
وتابع؛ أن “حركة النهضة”، وحليفها في الانتخابات، حزب “تحيا تونس”، لا يضمنان الحصول على النسبة الأكبر في الانتخابات المقبلة، ما يعني أن حسابات “النهضة”، بشأن ترشح “الغنوشي” لرئاسة البرلمان، قد تتراجع.
واستطرد “منذر ثابت” قائلاً: إن “ترشيح النهضة للغنوشي، لرئاسة البرلمان، يعني عزمها التحكم في التشريعات، وكذلك المحكمة الدستورية التي ينتخب البرلمان ثلث الأعضاء، البالغ عددهم 12 عضوًا، كما يؤثر مرور النهضة إلى رئاسة البرلمان على الأحزاب الناشئة، كما أن الأمر يعني السيطرة على المصالح الاقتصادية والتجارية، والتعليم والتعليم الخاص في تونس، خاصة فيما يتعلق بالتعليم الإسلامي”.

شارك