هل تشتعل الحرب بين السعودية والحوثيين أم السياسة ستنتصر على الأيديولوجية؟

الخميس 30/أكتوبر/2014 - 04:40 م
طباعة هل تشتعل الحرب بين
 
فيما يبدو أن الحوار وطاولة المفاوضات ستكون بديلا عن البارود وصراع الأرض، فقد كشفت تقارير إعلامية عن لقاء جرى بين الأمير بندر بن سلطان مستشار الأمن للعاهل السعودي، والزعيم الحوثي عبد الملك الحوثي، وتفيد المعلومات بأن اللقاء تم برعاية عمانية مصرية، بعد سلسلة مشاورات أجراها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، قبل التمدد الحوثي في اليمن وسيطرتهم على صنعاء.

رأي سعودي بالحوار

رأي سعودي بالحوار
ورأى الأمير بندر خلال اجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن على السعودية الانفتاح على كل المكونات والقوى في اليمن، ومنها جماعة الحوثي، على قاعدة أن الشأن اليمني يخص اليمنيين فقط. 
وأضاف الأمير بندر: إننا يا "سيدي" ما زلنا على خارطة الدول المستهدفة بالتخريب والتدمير، كما حدث في أقطار عربية كثيرة، وعلينا العمل على حماية أنفسنا وعدم الركون إلى الولايات المتحدة التي لا تعير أي اهتمام لمصالحنا، وكنا نظن في السابق أننا قادرون على التأثير على القرار الأمريكي ولكن ثبت العكس لدينا، ويجب حوار كل القوى في اليمن واستثناء الشخصيات التي تخدم دولا أجنبية مثل اللواء محسن الأحمر، وحزب الإصلاح، ولا يجب تحويل الصراع في اليمن إلى سني وحوثي.

واسطة إماراتية

واسطة إماراتية
التقارير السابقة لم تخرج تقرير لصحيفة "الأولى" اليمنية في 21 يوليو 2014: إن الإمارات العربية المتحدة لعبت دور الوسيط بين المملكة السعودية و"أنصار الله" (الحوثيين)، للتقريب بين الطرفين، وإزالة القضايا العالقة في علاقاتهما المتوترة منذ العام ٢٠٠٧، حين تواجها في حرب عسكرية.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ"الأولى" أن الإمارات بدأت جهودها باستقبال علي البخيتي كموفد رسمي لـ"أنصار الله"، والذي عاد إلى صنعاء قبل يومين، بعد زيارة لأبوظبي استغرقت 3 أيام. وأجرى مسئولون إماراتيون مباحثات مع البخيتي، حول موضوع علاقة جماعته بالمملكة العربية السعودية.
وينتشر الحوثيون في مناطق على حدود طويلة بين اليمن والمملكة، وشهدت الحدود حالة هدوء دائمة منذ وضعت الحرب السعودية ضد الحوثيين أوزارها، حيث يُحكم مقاتلو الجماعة قبضتهم على الشريط الحدودي على الجانب اليمني والمناطق المحاذية له، واستطاعوا خلال السنوات الماضية الحد من حركة تهريب المخدرات والسلاح التي كانت نشطة في تلك المناطق.
الحوثيون يقدمون أنفسهم كحركة قادرة على تحمل مسئولية علاقات حسن الجوار مع المملكة، بما يشمل عدم السماح بأي أنشطة تمس الحدود الجنوبية للسعودية. ويقولون في خطابهم الإعلامي إن سنوات تواجدهم في المناطق المجاورة لم تشهد أي خرق أمني لحدود المملكة، لا من قبلهم ولا من قبل أي تنظيمات أخرى، خصوصا تنظيم القاعدة، وهو عكس ما يحدث في أماكن أخرى من الشريط الحدودي.
وتخشى الرياض نتائج فكي الكماشة اللذين تقع وسطهما: من الشمال تنظيم الدولة "داعش" الذي ينتشر على حدودها من العراق، ومن الجنوب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي ينتشر في اليمن، ونفذ مؤخرا عملية استهدفت مركزا حدوديا، إضافة لمخاوفها التقليدية ناحية الحوثيين الذين تتهمهم بالارتباط بخصمها الإقليمي: إيران، لكن الحوثيين تبنوا خلال العامين الأخيرين سياسات متزنة تجاه الرياض، حيث لم يصعدوا معها أية نبرة عدائية، رغم النتائج الكارثية للحرب السعودية ضدهم، وهي النتائج التي لا تزال ماثلة حتى الآن، وبرغم أيضا مرور العلاقات الصراعية بين الرياض وطهران، خلال هذه الأعوام، بمنعطفات بلغ الصراع فيها أحيانا ذروته، خصوصا بسبب الأزمة في سوريا.
وأدرجت المملكة السعودية، قبل شهرين، حركة الحوثيين ضمن قائمة "الإرهاب" التي أصدرتها وزارة داخليتها، وشملت حركات أخرى على رأسها جماعة "الإخوان المسلمين".
واكتفى عبد الملك الحوثي، زعيم "أنصار الله"، بتوجيه خطاب بدا أقرب إلى العتاب، ردا على الخطوة السعودية، وتساءل عما إذا كانت هذه الخطوة تأتي بدافع تلافي "الإحراج" الذي كان سيتسبب به للمملكة قيامها بتصنيف حركات سنية في قائمة الإرهاب، وعدم تصنيف حركات أخرى شيعية.
يشار إلى أن مساعي الوساطة الإماراتية تأتي في ظل تصاعد الأزمة على الطرف المقابل بين أبوظبي وجماعة الإخوان المسلمين، وهي نفس علاقة التوتر القائمة بين الرياض و"الإخوان" بشكل عام، لكنه توتر غير مؤثر بالنسبة لعلاقة السعودية مع "إخوان" اليمن بشكل خاص، حيث يرتبط الطرفان بتاريخ من العلاقات الخاصة، بحكم أن إخوان اليمن على قربٍ جغرافي لصيق بالمملكة، وبحكم عوامل أخرى.
بينما الحوثيون، من جهتهم، يعيشون حالة حرب مع "الإخوان"، وهي حرب تتنقل في أكثر من منطقة، وفيما انتهت إحدى جولاتها أخيرا بإسقاط محافظة ومدينة عمران في أيدي الحوثيين، فقد انتقلت حاليا إلى محافظة الجوف المتاخمة أيضا للحدود السعودية.
يشار أيضا إلى أن الرياض تبذل حاليا مساعي لإجبار الأطراف اليمنية في صنعاء على إجراء مصالحة وطنية، بعد 4 سنوات من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

تجربة 2010

تجربة 2010
الحوار جاء نتيجة قوية لتجربة مريرة خاضتها السعودية والحوثيون خلال 2010، فلم يكن عام 2010 عاما عاديا للسعوديين؛ ففيه خاضت الدولة حربين ضروسين لا تقل أولاهما شراسة عن الثانية؛ إحداهما انطوت فصولها، بينما الأخرى لا تزال قائمة، والخصمان في كلتيهما: «القاعدة» و«الحوثيون».
كانت فترة الحرب على الحوثيين، التي خاضتها القوات المسلحة، من أصعب الفترات التي مرت على السعوديين، لعوامل عدة؛ لعل من أهمها أنها أول حرب جبلية يخوضها الجيش السعودي في تاريخه.
معركة «تطهير الحدود»، كما يحلو للسعوديين إطلاق هذا الوصف عليها، وضعت العلاقات بين الرياض وطهران على المحك؛ فمقابل التأييد السياسي الدولي الذي حظيت به السعودية نتيجة حربها على المتمردين الحوثيين، كان الإيرانيون هم الوحيدين تقريبا الذين كانوا ينتقدون الرياض لشنها تلك الحرب.
تدهورت العلاقات السعودية- الإيرانية أيما تدهور. وخرج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ليعلن عدم أحقية الرياض في شن هذه الحرب. تصريحات نجاد دفعت الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، إلى الرد عليها، ليجيب بعد أن سألته «الشرق الأوسط» عن سر اهتمام نجاد بالحوثيين، بقوله: «كاد المريب أن يقول خذوني!!».
المناداة بوقف حرب الـ100 يوم جاءت بنداء من عبد الملك الحوثي، بعد أن فشل وأتباعه في مجاراة دفاع السعوديين عن أراضيهم.
تأكيدات الأمير خالد بن سلطان، مساعد وزير الدفاع والطيران للشئون العسكرية وقائد مسرح العمليات وقتها، كانت تصب بأن بلاده لن توقف المعركة إلا بعد تحقق 3 شروط، هي: إعادة الأسرى، انسحاب الحوثيين عشرات الكيلومترات داخل أراضيهم، انتشار الجيش اليمني على الحدود المتاخمة، وهو ما تم فعلا؛ حيث تسلمت السعودية عددا من جنودها الذين أسروا، وجثامين الذين لقوا حتفهم في تلك المعارك.
وجاء في مذكرة أمريكية نشرها موقع ويكيليكس، أن الجيش السعودي لجأ العام الماضي إلى "القوة المفرطة" ضد الحوثيين اليمنيين خلال حملة كانت "مربكة" للمملكة بسبب "طول امدها".  واوضحت الوثيقة التي أرسلتها السفارة الأمريكية في الرياض أن "القصف الجوي ليلا ونهارا وإطلاق القذائف المدفعية كانت الأسلحة الرئيسية لما اعتبره الجيش السعودي حملة مربكة بسبب طول امدها ضد الحوثيين".  وأشارت الوثيقة إلى أن العملية التي استمرت ثلاثة أشهر ضد المتمردين الحوثيين المسلحين بشكل خفيف في المناطق الحدودية مع اليمن كانت "سيئة التخطيط والتنفيذ" وأدت إلى "سقوط عدد أكبر من المتوقع من الضحايا السعوديين".  وأضافت الوثيقة الأمريكية التي تعود إلى ديسمبر 2009 "مع ذلك، اعتبر النزاع بأنه كفاح بطولي وتكلل بالنجاح من أجل حماية السيادة السعودية".  في أغسطس 2009، شن اليمن هجوما ضد المتمردين الحوثيين وواجه هؤلاء في ما بعد القوات السعودية حتى إعلان الهدنة في فبراير.  وكانت مذكرة سابقة نشرت قبل ستة أيام أفادت أن هذه الحرب "شكلت أهم اشتباكات يخوضها الجيش السعودي منذ المعارك التي قادها الملك عبد العزيز لتأسيس المملكة" في 1932.  وقد شعر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بالغضب لأن طرد المقاتلين الحوثيين احتاج إلى كل هذا الوقت وبسبب الخسائر السعودية و"كذلك من عدم برهنة الجيش على تحسن قدرته رغم المليارات التي دفعت لتحديثه في العقود الأخيرة".  وأوضحت البرقية التي تعود إلى 30 ديسمبر 2009 أن الرياض التفتت بعد ذلك إلى واشنطن للحصول على ذخائر وصور ومعلومات. وأضافت أن "العسكريين الأمريكيين تجاوبوا قدر الإمكان مع الطلب أولا بإرسال ذخائر للأسلحة الخفيفة والمدفعية عن طريق الجو".  لكنها ذكرت أن عددا من الطلبات رفض واشتكى السعوديون من أن الولايات المتحدة أخفقت في "دعم السعودية عندما كانت في أمس الحاجة إليها". 

حذر سعودي

حذر سعودي
ورغم وجود وساطة وحوار إلا أن هناك حذر سعودي من "تخيغر" الأوضاع على الحدود الجنوبية للمملكة، فقد نقلت مواقع يمنية عديدة عن شهود عيان على الحدود اليمنية السعودية بأنهم شاهدوا دبابات سعودية تصعد إلى أعلى جبل دخان الذي شنت منه القوات السعودية حرباً ضد الحوثيين عام 2009، مؤكدين أن هناك تحركات غير عادية على الحدود اليمنية السعودية وكأن حربا سابعة على الأبواب.
ومن ضمن هذه التحركات أيضا بحسب الشهود الذين ينتمون إلى تلك المناطق هو تحرك أرتال عسكرية سعودية إلى الجبال المحاذية لمديريات شدا ورازح والملاحيظ، وأنه يتم سماع تفجيرات كل يوم في الجبال وشق العديد من الطرقات في تلك المناطق، لتتحول تلك الجبال الحدودية إلى خلايا نحل تعمل في سرية تامة ولا أحد يفصح عن حقيقة ما يجري هناك.
يأتي ذلك مع السيطرة علي الحوثيين علي محافظات ومناطق أخرى، من بينها منفذ "الطوال" الحدودي في محافظة حجة على الحدود الشمالية لليمن مع السعودية. وذلك بعد سيطرتهم على منفذ "حرض" البري، وبدءوا في الترويج لخطاب معاد بشدة للرياض، رغم أنها ظهرت في موقف المحايد في الصراع بينهم وبين القبائل والجيش اليمني وحزب الإصلاح.
في الوقت نفسه، تواصل إيران جهودها لتوسيع نفوذها في تلك المنطقة الاستراتيجية خلال دعم وتسليح الحوثيين، بإرسال شحنات أسلحة إلى هؤلاء المتمردين.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن وحدة القدس إحدى أرقى الوحدات في قوات الحرس الثوري الإيراني تساعد المهربين الإيرانيين باستخدام السفن لنقل بنادق هجومية من طراز إيه- كيه 47، وقذائف صاروخية، إلى جانب أسلحة أخرى ثقيلة وخفيفة لتحل محل الأسلحة القديمة التي يستخدمها الحوثيون في اليمن.

المشهد الآن

المشهد الآن
في ظل الأوضاع المتغير في اليمن ومع تمدد الحوثيين وفي ظل سعي السعودية للحفاظ علي أمنها القومي وخاصة على الحدود مع تواجد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الحدود الشرقية، وفي ظل الأوضاع الغير مستقرة مع دخول الحوثيين في المعادلة اليمنية باعتبارهم قوة شريكة في السلطة، وليست جماعة متمردة كما كانت تصنف في الماضي في الداخل اليمني والإقليمي، فهل تشتعل الحرب بين السعودية والحوثيين أم السياسية ستنتصر على الأيديولوجية؟

شارك