السلام الضائع.. طالبان وداعش واغتيال فرحة الأفغان

الأحد 18/أغسطس/2019 - 01:42 م
طباعة السلام الضائع.. طالبان حسام الحداد
 
فجر انتحاري نفسه في ساعة متأخرة من يوم السبت 18 أغسطس 2019،  في قاعة أفراح مكتظة بالمدعوين وقال مسؤولون إن عددا كبيرا من القتلى من النساء والأطفال وإن 182 شخصا أصيبوا بجروح. مما أغضب الكثيرين من الأفغان، وشككوا  في جدوى التفاوض مع طالبان بهدف إخراج القوات الأمريكية من البلاد وإنهاء الحرب. وقالت رادا أكبا في تغريدة على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي "سلام مع من؟ مع من يفجرون أفراحنا ومدارسنا وجامعاتنا ومكاتبنا ومنازلنا؟"وأضافت "بيع هذا الوطن وشعبه لهؤلاء القتلة مقزز ولا إنساني.ولن ينسى التاريخ ذلك". وقد نفت حركة طالبان مسؤوليتها عن التفجير الذي استهدف قاعة أفراح في غرب كابول في أحد أحياء الأقلية الشيعية ونددت به. وينشط مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان وسبق أن شنوا هجمات دامية في مدن استهدف بعض الشيعة. وقالت الصحفية سناء صافي إن لديها شكوكا في نفي طالبان. وتساءلت "من غيرهم يقدر على ارتكاب مثل هذا العمل الوحشي؟" وتابعت "إذاً، لن ينهي ’اتفاق السلام’ مع طالبان سفك دماء الأفغان العاديين؟" وقال تواب غورزانج المستشار بوزارة النقل إن المفاوضات مع طالبان منحت الحركة الشرعية. وكتب على فيسبوك يقول "إذا اكتسبت طالبان الشرعية آلاف المرات على منصة محادثات السلام فستستمر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها".
وتحاول حركة طالبان والولايات المتحدة التفاوض على اتفاق لسحب القوات الأمريكية مقابل التزام من طالبان بإجراء محادثات لتحقيق الأمن والسلام مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة. وأفاد الجانبان بتحقيق تقدم بعد ثماني دورات من المحادثات منذ أواخر العام الماضي. وقال الجانبان إن الاتفاق المتوقع يقضي بانسحاب تدريجي للقوات الأمريكية على أن تضمن حركة طالبان ألا تصبح أفغانستان ملاذا للمتشددين لتوسيع نطاق عملياتهم والتخطيط لهجمات جديدة.
ولا تشارك الحكومة الأفغانية في المفاوضات إذ ترفض الحركة الحوار معها لأنها تعتبرها ألعوبة في يد الولايات المتحدة لكن من المتوقع أن تتعهد الحركة ببدء محادثات لاقتسام السلطة والاتفاق على وقف إطلاق النار. وتصر الحكومة على ضرورة أن يكون وقف إطلاق النار جزءا من أي اتفاق. كما شكك الصحفي الأفغاني تابيش فروغ في نفي طالبان مسؤوليتها عن التفجير. وكتب يقول "هم مسؤولون في نظر الأفغان. فقد حولوا بلدا سكانه 30 مليون نسمة إلى مجزر...يجب ألا نستسلم لإرهاب طالبان".
وأدانت بعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان التفجير وقالت إن من يقفون وراءه "أعداء الإنسانية". ويأتي التفجير في أعقاب انفجار قنبلة في مسجد بباكستان يوم
الجمعة سقط فيه أربعة قتلى أحدهم شقيق زعيم حركة طالبان هيبة الله أخونزادة وأصيب حوالي 20 شخصا. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن ذلك التفجير.
الرئيس الأفغاني واتهام طالبان:
اعتبر الرئيس الأفغاني أشرف غني اليوم الأحد أن حركة طالبان لا يمكنها إعفاء نفسها من اللوم على الهجوم الدموي الذي استهدف عرسا بالعاصمة كابل وأسفر عن مقتل 63 شخصا وإصابة 182 آخرين.
ونفت حركة طالبان أي صلة لها بالانفجار الذي استهدف صالة الأعراس ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة 63 شخاصا وجرح أكثر من 180 آخرين واستهدف عرسا غربي العاصمة كابل.
وكانت المنطقة ذاتها قد شهدت قبل أكثر من أسبوع هجوما بسيارة مفخخة استهدف مركزا للشرطة الأفغانية ونفذته طالبان، عن مقتل 14 شخصا وإصابة 145 معظمهم من المدنيين.
داعش تعلن مسئوليتها:
وقد أعلن تنظيم داعش "الإرهابي" مسؤوليته عن الهجوم على قاعة الأفراح والذي وقع ليل أمس السبت وأسفر عن مقتل 63 شخصا، وإصابة 182 آخرين.
ونقل تلفزيون العربية عن بيان للتنظيم أن "تنظيم داعش يتبنى تفجير قاعة الأفراح في العاصمة الأفغانية كابول".
مخاوف أمريكية:
ويثير اتفاق السلام في أفغانستان الذي يبدو أن الولايات المتحدة اقتربت من إبرامه مع حركة طالبان مخاوف من أن تؤدي رغبة الرئيس دونالد ترامب في سحب القوات الأميركية سريعا من هذا البلد المضطرب إلى اندلاع حرب أهلية.
وأعرب ترامب الجمعة عن ارتياحه إزاء تطور المباحثات بخصوص إنهاء الحرب، بعد 18 عاما من أحداث 11 سبتمبر 2001، الهجمات التي دفعت واشنطن في شكل رئيسي لغزو أفغانستان.
وخلال الأيام الأخيرة، كشف مسؤولون أميركيون أنّ اتفاقا قد يكون وشيكا في المباحثات مع ممثلي طالبان في قطر.
ومن المتوقع أن يعود المفاوض الأميركي زلماي خليل زاد إلى المنطقة قريبا على أمل إنهاء اتفاق مع الحركة الافغانية الجهادية المسلحة.
وأثار مثل هذا الاتفاق التاريخي المحتمل غضب مجموعة كبيرة من معارضيه في واشنطن، من محافظين جدد إلى مسؤولين في الإدارة الديمقراطية السابقة و الأبطال العسكريين السابقين.
وفي تغريدات ومقابلات ومقالات رأي في صحف عدة، يحذّرون من إعادة 14 ألف جندي أميركي في أفغانستان سريعا إلى ديارهم.
وهم يدعون ترامب للتعاطي مع هذه الحرب كما تعامل مع ملف كوريا الشمالية واسلحتها النووية حين أصر على الخروج بلا اتفاق عوضا عن إبرام اتفاق سيء.
وحذّر الجنرال ديفيد بتريوس الذي قاد القوات الأميركية في العراق في مقال في صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" أنّه "تحت أي ظرف لا ينبغي أن تكرر إدارة أميركية الخطأ الذي ارتكبته الإدارة السابقة لها في العراق والموافقة على سحب كامل للقوات القتالية من أفغانستان".
وكان بتريوس يشير إلى إدارة باراك أوباما وكيف ساهم انسحاب القوات الأميركية من العراق في إشعال النزاع الطائفي بين السنة والشيعة الذي أدى لبزوغ تنظيم الدولة الإسلامية لاحقا كقوة على الأرض.
والنقاط الرئيسية محل التفاوض مع طالبان هي انسحاب القوات الأميركية في مقابل تعهد من الحركة الجهادية بعدم السماح لتنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية بالعمل في الاراضي التي تسيطر عليها طالبان.
ويتضمن الاتفاق المقترح وقف إطلاق نار فوري وبدء مباحثات سلام بين طالبان والحكومة الافغانية، لكنّ الحركة الجهادية ترفض أي حوار داخلي حتى الآن.
وسحب القوات الأميركية من أفغانستان مطلب شعبي في الولايات المتحدة وعد به ترامب أيضا ومن النقاط المطروحة من قبل عدة ديموقراطيين يطمحون للترشح للانتخابات الرئاسية. لكنّ الخطر هو أنّ يؤدي الانسحاب إلى إشعال الحرب في أفغانستان.
وقالت لاوريل ميلر المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية المكلفة ملفي أفغانستان وباكستان إنّ ذلك "سوف يعتمد على التفاصيل".
لكنّ هناك كثير من تكهنات حول ما قد تتضمنه هذه التفاصيل.على سبيل المثال، يبدو أن طالبان مستعدة لوقف إطلاق نار مع القوات الأميركية لكنّ ليس مع الجيش الأفغاني.
ولم تستبعد الإدارة الأميركية على الإطلاق انسحابا كاملا ومطلقا وهو خيار مطروح على طاولة الحوار مع طالبان.
وقال السناتور ليندساي غراهام لمحطة "فوكس نيوز" إنه "إذا غادرنا أفغانستان بدون (إبقاء) قوة لمكافحة الإرهاب ومن دون أمكانيات جمع معلومات استخباراتية، فإنّ تنظيم الدولة الإسلامية سيظهر من جديد وتنظيم القاعدة سوف يعود، سيضربون وطننا وسيلاحقوننا في ارجاء العالم".
وأصر غراهام الذي ينسب له الفضل في إقناع ترامب بإبقاء بعض القوات في سوريا بعد إعلانه انسحابا كاملا، أنّ أفغانستان بحاجة إلى "تواجد اميركي متواصل" وأن بلاده نحتاج إلى "قوة مجدية لمكافحة الارهاب" هناك.
ووعد ترامب فقط بتواجد قوي لجمع المعلومات الاستخباراتية. ويريد البعض في إدارته أن يتم إطلاق أي عمليات مستقبلية لمكافحة الإرهاب من بلدان أخرى.
وكتب بترايوس في مقال مشترك مع الخبير في شؤون أفغانستان فانس سيرشوك أن "عمليات مكافحة الإرهاب الفعالة في أفغانستان، وعلى نفس القدر من الأهمية في المناطق القبلية المجاورة لباكستان، ستثبت أنها شبه مستحيلة في غياب بصمة أميركية دائمة على الأراضي الأفغانية".
والقضية الأخرى الملّحة هي الجدول الزمني لانسحاب القوات الأميركية.
ويريد ترامب الذي يسعى للفوز بولاية حكم ثانية، الإعلان عن الانسحاب قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
لكن بعض المؤشرات في الأيام الأخيرة توحي بأن الانسحاب قد يتم فعليا في وقت قريب من موعد الانتخابات.
وكتبت ميلر في مجلة السياسة الدولية أنّ وضع جدول زمني الآن "يعني أن طالبان ستدخل محادثات لاحقة مع الأفغان وقد حققوا بالفعل هدفهم الرئيسي مع تعزيز مكانتهم وقدرتهم على المساومة".
وقالت إنه "يجب أن يكون هناك انسحاب أميركي مرحلي مرتبط بتقدم محدد في عملية السلام الأفغانية مثل تبني دستور منقح ينص على تقاسم السلطة وانتخابات لاحقة".
وقالت النائبة الجمهورية ليز تشيني إنّه بدون تعهد واضح من طالبان بالتنصل من تنظيم القاعدة واحترام حقوق المرأة ضمن أمور مهمة أخرى/ وبدون آليات للتحقق من تنفيذ تعهداتها "لن ننتهي من الحرب".
وقال مصدر عسكريّ في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اشترط عدم ذكر اسمه إنها "حرب قبيحة وفوضوية وبلا نهاية. قد يكون الخروج (من أفغانستان) فوضويا".

شارك