تناقضات عقائدية.. بكين تستضيف اجتماعات «طالبان» والحكومة الأفغانية

الجمعة 08/نوفمبر/2019 - 01:26 م
طباعة تناقضات عقائدية.. نهلة عبدالمنعم
 
أعلنت الحكومة الأفغانية، الأربعاء 6 نوفمبر 2019، الانتهاء من اللمسات الأخيرة لقائمة المشاركين في اجتماع السلام الأفغاني بالصين، والمقرر أن يحضره وفد رسمي من «طالبان» برئاسة الملا عبد الغني برادار.


إذ أشار المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، صديق صادق صديقي، إلى أن الرئيس أشرف غني قد اتفق من خلال محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي في 4 نوفمبر 2019، على عقد اجتماع في بكين ليكون مرتكزًا تمهيديًّا لطريق التفاوض بين الحكومة وطالبان؛ من أجل إرساء عملية سلام مستدامة وحقيقية بالمنطقة.



بينما لم يحدد صديقي موعدًا للاجتماع المرتقب، مؤكدًا أنه سُيعقد في أقرب وقت ممكن لتبادل النقاشات بين وفد الحكومة وطالبان حول إنهاء المعارك والاقتتال الداخلي، لافتًا إلى أن الحكومة الصينية ستعلن عن موعد الاجتماع بشكل محدد وقريب، وتجدر الإشارة إلى أن الاجتماع كان مقررًا انعقاده في الفترة بين 29 و 30 أكتوبر 2019 في بكين، ولكن الحكومة الأفغانية طلبت تأجيله دون إبداء أسباب.

خلافات داخلية

ويأتي هذا البيان في الوقت الذي تنتشر فيه الأقاويل الأفغانية حول وجود خلافات بشأن قائمة الأشخاص المقرر حضورها، إذ نشر موقع «طلوع نيوز» بعض التصريحات الخاصة بهذا الشأن، وقال المحلل السياسي أحمد الله علي الزاي: إن الحكومة والسياسيين عليهم طي خلافاتهم، والاتفاق على قائمة واحدة؛ لأن مثل هذه التوترات لن تجلب السلام الدائم للبلاد.

فيما لفت حاجي الدين محمد، زعيم حزب السلام والتنمية، إلى أن الساسة إذا كانوا يريدون إرساء قواعد سلام حقيقية في البلاد والتوصل إلى اتفاق حقيقي مع طالبان وحل مشاكلهم المشتركة، فعليهم اختيار من يدركون قضايا السلام ومفهومها، وإلا لن تكون هناك نتائج إيجابية للمناقشات.

على الرغم من إعلان حركة «طالبان» دعوتها للاجتماع بشكل رسمي من قبل الصين، فإن البيانات الرسمية التي أصدرتها الحركة خلال الأسبوع الأخير شهدت سيلًا من السخرية والتهكمات والاتهامات المصاغة للحكومة الأفغانية.

ففي 6 نوفمبر 2019 أصدرت طالبان بيانًا بعنوان «التفوه بما هو أكبر من قدر ومقام الشخص» وحمل البيان الكثير من السخرية لـ«النائب الثاني لمجلس الشيوخ بإدارة كابل»، آصف صديقي إذ طالب آصف الحكومة الأمريكية بأن تقيل مبعوثها الخاص للسلام الأفغاني زلماي خليل زاده من منصبه، وتعيين مبعوث آخر مكانه، لأن زاده –وفقًا لرأيه- يسعى لتحقيق أهدافه الشخصية بدلاً من متابعة عملية السلام.

وقالت الحركة إن الحكومة الأفغانية بالفعل هي دمية في يد واشنطن، فكيف لها أن تطلب من مستخدمها طلبًا كهذا؟، مؤكدين أن هذه التصريحات مجرد كلام لا يفيد في شيء، ولكنه فقط محاولة (واهية) من الحكومة لإثبات بعض من وجوده بشكل مغاير للحقيقة، فوفقًا لبيان الجماعة تكسبت الحكومة الكثير من المصالح الاقتصادية والأموال التي وصلت إلى ملايين الدولارات على حساب قضية المجتمع، كما تعاونت مع المحتل بدلاً من قتاله.

علاوة على ذلك، فإن طالبان لطالما رفضت الجلوس مع الحكومة الأفغانية على طاولة مفاوضات واحدة بدعوى أنها غير جديرة بالوجود السياسي في المشهد، وأنها مجرد وجه داخلي لواشنطن، حتى إن بعضًا من أسباب إنهاء التفاوض بين الجانب الأمريكي والحركة كان لرفض القادة المتطرفين وجود الحكومة كطرف في عملية المباحثات.

ومن الجهة الشرعية والفقهية، صرح حسن أبو طالب، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن الحركة لا تعير اهتمامًا إلا لقائدها، وتعتبر من لا يأتمر بأمره خارجًا عن التعاليم الصحيحة للدين، فالنظرة التكفيرية التي تتعايش بها قد لا تتوافق بشكل حقيقي مع التعاون مع الحكومة، إلا في حدود مصالح واضحة.

الدور الصيني

أما عن الدور الصيني في هذا الملف، فإن بكين لعبت دورًا كبيرًا لإتمام السلام بالمنطقة؛ حفاظًا على مصالحها الاقتصادية الخاصة والمتمثلة بشكل بارز في مشروع الحزام والطريق الذي يحتاج لاستتاب الحدود بين الصين وباكستان وأفغانستان، مع ضمانة عدم استغلال أيٍّ من الحركات المتطرفة لطائفة الإيغور في اضطرابات داخلية.

كما اجتمع مسؤولو الصين مع ممثلي حكومات الولايات المتحدة وباكستان وروسيا في 24 و25 أكتوبر 2019 بموسكو، للاتفاق على استضافة بكين لمحادثات جدية بين الحكومة الأفغانية وطالبان؛ تمهيدًا لبدء مفاوضات السلام مرة أخرى، بالإضافة إلى أن الصين كانت من الملاذات المهمة لطالبان بعد إعلان ترامب وقف المفاوضات.

شارك